مهرجان القرين 16.. منارات تضيء على مدار العام

مهرجان القرين 16.. منارات تضيء على مدار العام
        

          مهرجان القرين الـ 16 استكمل جهود دولة الكويت في دعم مسيرة التعاون الخليجي الذي عززته في استضافتها لاجتماع القمة الخليجية الثلاثين على أرضها، فقد رأت اللجنة المنظمة لمهرجان القرين الثقافي أهمية إدخال مساهمة خليجية تؤطر النشاط الثقافي الخليجي وتضفي عليه سمة الوحدة والتكامل الخليجي، وجسدته بحضور لافت وفعال لدولة الإمارات العربية المتحدة.

أعلام تتعانق في افتتاح مهرجان القرين

          برعاية سمو الشيخ ناصر المحمد الجابر الصباح رئيس مجلس الوزراء افتتح على مسرح الدسمة مهرجان القرين الثقافي الـ 16 وسط حضور إعلامي خليجي لافت، أبدى فيه وزيرالإعلام الكويتي من خلال كلمته إعجابه بقدرة المهرجان التجديدية في تطوير برامجه وآلياته التي توجت هذا العام باستضافة دولة الامارات العربية المتحدة. حيث شهد المهرجان مشاركات ثقافية فاعلة من وفد دولة الامارات الذي ترأسه وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع عبدالرحمن العويس وفي كلمة له عن مهرجان القرين قال: «اصبح علامة مضيئة في الساحة الخليجية وفضاء للابداع الانساني من خلال برامجه وتواصله مع الثقافة العربية والعالمية»، معربا عن شكره لاختيار الامارات كضيف شرف في المهرجان الذي يعبر عن متانة الروابط الثقافية بين الدولتين.

          وكما جرت العادة، تضمن حفل الافتتاح تكريم الفائزين بجوائز الدولة التقديرية والفائزين بالجوائز التشجيعية، وفي فيلم تسجيلي استعرضت كلمات للفائزين بجائزة الدولة التقديرية الذين أعربوا عن امتنانهم لحرص الدولة على دعم جهودهم التي بذلوها على مدى سنوات طويلة في تطوير الحياة الفكرية والثقافية والعلمية لدولة الكويت. والمكرمون هم الدكتور سليمان العسكري رئيس تحرير مجلة العربي، الدكتور محمد الرميحي رئيس تحرير جريدة أوان، والاستاذ أحمد عبدالعال. أما الجوائز التشجيعية فكانت للفنان حميد خزعل في مجال النحت والحفر والخزف عن عمله «مشروع بورتريه» وشاركه بها الفنان علي عوض بعمله «حوار خزفي». وفاز بجائزة الإخراج السينمائي مناصفة المخرج حبيب حسين عن فيلم «قصيد سيمفوني»، والمخرج حسن عبدال عن فيلم «فرصة أخرى»، وفي الترجمة إلى اللغة العربية نالت الدكتورة ليلى الموسوي جائزة عن عملها «جنوسة الدماغ» الصادر ضمن سلسلة عالم المعرفة بالمجلس الوطني، أما جائزة العلوم الاجتماعية والإنسانية (علم النفس) ففاز بها الدكتور عثمان محمود الخضر عن عمله «الكفاءات القيادية كما يراها القادة ومرؤوسوهم في القطاعين الحكومي والخاص». وفي مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية (جائزة الاقتصاد)، فاز الدكتور رمضان علي الشراح بالجائزة التشجيعية عن عمله «الاقتصاد الكويتي: التطور الإداري واستشراف المستقبل»، أما جائزة العلوم السياسية، ففاز بها الدكتور فهد يوسف الفضالة عن عمله «خطاب الإصلاح والتنمية في فكر صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.. رؤية تحليلية استشرافية للإصلاح».

          في حفل الافتتاح التقت نخبة من فناني دولة الامارات في أوبريت غناني حمل اسم «جسر المحبة» قدم فيه عدة لوحات فنية مثلت محطات تاريخية بارزة في العلاقات التاريخية بين الكويت والامارات في صورة حية برز فيها حكام وقادة واكبوا مسيرة التآخي والتعاون الخليجي ومنهم الشيخ الراحل عبدالله السالم الصباح، صباح السالم الصباح، وكذلك الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عكست الرؤية التي ينظر من خلالها الإنسان في البلدين إلى الإنجازات الحضارية التي تتزاحم على أرضيهما ويسير على نهجهما صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وأخوه صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت. وصدح صوت الفنان الإماراتي حسين الجسمي بمعاني الوحدة والتلاحم بين الأشقاء الخليجيين بالإضافة إلى نخبة من ممثلي وفناني دولة الإمارات العربية المتحدة كسميرة أحمد وفايز السعيد وأحمد الجسمي وبمشاركة الفرقة الوطنية الإماراتية للفنون الشعبية.

          وأقام وفد دولة الإمارات بالتعاون مع منظمي المهرجان معرضا للفن التشكيلي في مجمع الأفينيوز التجاري وفيه قدمت جائزة البردة التي تقدمها دولة الامارات كل عام منذ 2004 احتفالا بذكرى مولد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، ومن الكويت حصل مشرف الخط العربي والزخرفة في جامعة الكويت الخطاط علي البداح، على احدى الجوائز الخمس الأولى في مسابقة «جائزة البردة العالمية». وقدمت محاضرة حول «الجذور التاريخية للعلاقات الثقافية بين الامارات والكويت» على مسرح رابطة الأدباء بمنطقة العديلية ألقى فيها الدكتور عبدالله عبدالخالق أستاذ العلوم السياسية في جامعة الامارات الضوء على عمق العلاقات الكويتية - الاماراتية ومتانتها في مواجهة التحديات والأخطار التي تعصف بالمنطقة. كما استمتع عشاق الفن الشعبي الإماراتي على مدى ثلاثة أيام بنغمات اليوله والشيلة الإماراتية الأصيلة والنهمة البحرية الخليجية، بعروض قدمتها الفرقة الوطنية الإماراتية للفنون الشعبية في أماكن ومجمعات تجارية متفرقة.

          سينمائيا، استضاف نادي الكويت للسينما عرض اربعة افلام سينمائية اماراتية قصيرة استهل العروض فيلم «الباب» تأليف أحمد سالمين وإخراج وليد الشحي، وهو الفيلم الذي جمع بين الشعر والفن والفلسفة وقدم صورة راقية للعمل السينمائي المتقن. تلاه فيلم «تنباك» تأليف محمد حسن وإخراج عبدالله حسن أحمد وفيه تنطلق محاكاة بين المتناقضات سواء باللون «الابيض والأسود» الذي فرق بين الصديقين أو بالمشاعر كالحب والكراهية والارادة والضعف. ويذكر ان فيلم «تنباك» حصد العديد من الجوائز منها جائزة التنويه الخاصة بمهرجان الفيلم العربي بسان فرانسيسكو، وجائزة البانوش الذهبي بمهرجان الريف بالبحرين. كما عرض أيضا فيلم «بنت مريم» إخراج سعيد المري والذي حصد العديد من الجوائز منها جائزة أفضل فيلم في مهرجان سينما إيطاليا، جائزة البانوش البرونزي في مهرجان الريف السينمائي، الجائزة الفضية في مهرجان روتردام للفيلم العربي بهولندا. وآخر الأفلام القصيرة كان فيلم «عصافير القيظ» الذي كتبه وأخرجه عبدالله حسن وتميز ببطولة مجموعة كبيرة من الأطفال تتمحور قصتهم حول علاقة حب جميلة تجمع أحد الأطفال الصغار بعصفور.

          واختتم نادي السينما فعالياته مع الوفد الإماراتي بندوة شارك فيها محمد حسن أحمد والمخرج عبدالله حسن أحمد وأدارها مدير نادي السينما عماد النويري حول واقع السينما في دولة الامارات العربية المتحدة، وتطلعات المستقبل حول تقنية واخراج الافلام السينمائية القصيرة. ودعما للجهود السينمائية الإماراتية وخاصة أن أغلب الأفلام تجسدت بتأليف الكاتب محمد حسن أحمد فقد قام الامين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بتكريمه في ختام الندوة.

          في الشعر اختتم الوفد الاماراتي مشاركاته بأمسيات شعرية أقيمت بأماكن متفرقة لشعراء إماراتيين، منهم سالم الرمز وعبدالكريم المرزوقي والشاعرة خلود الملا. أقيمت الأمسيات على مدار يومي 10 و11 من يناير على مسرح الشامية وفي رابطة الادباء بمنطقة العديلية. وتنوعت القصائد الشعرية بين التغني في حب الوطن والغزل.

منارات قرينية تخلد من رحلوا

          إن استطاع الموت ان يغيب جسد أحد أعلام الفن الكويتي فإنه لم يستطع أن يمحو ما تركه من بصمات فنية وثقافية في الوسط الإعلامي الكويتي. لذلك حرصت اللجنة المنظمة لمهرجان القرين لهذا العام على أن تستكمل تميزها في إضاءة منارات لرواد الحركة الثقافية بالكويت وإن كانوا ممن رحلوا عنا. وكان الحدث على مسرح المعهد العالي للفنون المسرحية حيث أشعلت «منارة» الفنان الراحل علي المفيدي وسط حشد كبير من أساتذة المعهد وفناني الكويت ومنهم الفنان عبدالحسين عبدالرضا الذي استذكر مقتطفات عن التزام علي المفيدي وحرصه الدائم على تصفية الاجواء الفنية من أية خلافات بين زملائه الفنانين. كما أثنى الفنان سعد الفرج على دور المفيدي الداعم للحركة الفنية بالكويت منذ انطلاقتها وتمثل ذلك في مشاركته بولادة أول عمل سينمائي كويتي «بس يابحر». وأشاد عدد من الإعلاميين بمساهماته الإذاعية في التمثيل والإخراج الإذاعي وكما لقب بـ «شيخ المخرجين الإذاعيين».

          وفي ختام «منارة» الفنان علي المفيدي، ناشد الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب جميع الإعلاميين الكويتيين توثيق آرائهم عن الراحل علي المفيدي في كتيبات تبقى للأجيال القادمة من الفنانين. وأهدى المجلس الوطني درعا تذكارية لأبناء الفقيد.

          في الفن التشكيلي، أحيا عدد من الفنانيين التشكيليين والمهتمين بالحركة الأدبية بالكويت ذكرى الفنان التشكيلي الراحل عبدالله القصار، وقد احتضن مسرح أحمد العدواني تلك الاحتفالية وفيها ذكر معاصرو الراحل ومنهم الباحث الدكتور محمد المهدي كيفية تأثر القصار بالمدرسة التعبيرية واهتمامه بالبيئة الكويتية القديمة وامتد ذلك إلى تأثره بتصوير الحياة الشعبية المصرية البسيطة، كما كان للقصار دور في تثقيف طلبة المدارس فنيا كما أكدت ذلك الباحثة شيخة سنان التي أثنت على اهتمام الراحل بالمشاركة في المعارض المدرسية وتقديم دروس الرسم. وحول عشقه للسريالية رددت سنان مقولته «الفن السريالي فن عالمي يستطيع فيه الفنان أن يعبر عن نفسه بحرية من خلال تشكيلات خيالية فالسريالية هي منبع الخيال».

          الفنان عبدالله القصار هو من رواد الحركة الفنية في الكويت حصل على جائزة الدولة التشجيعية في الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية والانسانية العام 2002، كما نال جائزة الرسم الاول في مرسم الأقصر في مصر واشترك في أكثر من 55 معرضا في الدول العربية والأوربية.

معرض مقتنيات الألف الأول قبل الميلاد

          أعادنا مهرجان القرين الـ 16 إلى العصر الهيلينسي (330 - 150 ق.م). بتنظيمه لمعرض مقتنيات الالف الاول قبل الميلاد في متحف الكويت الوطني وضم اكتشافات عديدة تعود إلى تلك الحقبة كأدوات برونزية من رؤوس سهام وخواتم وعقود اضافة لفخاريات من أوانٍ وصحون وجرار. وتحدث رئيس قسم الآثار والمتاحف في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب طلال الساعي عن خطط المجلس في ترميم الآثار المكتشفة والاستمرار في عمليات المسح في مواقع محددة بجزيرة فيلكا من خلال الاتفاق مع بعثات ايطالية.

          وامتزجت الأغاني التراثية البحرية مع المقتنيات التاريخية القديمة في حفل أقيم خصيصا لافتتاح «متحف التراث البحري» الذي يؤرخ مسيرة بناء وطن لم يكن لأبنائه مصدر للرزق سوى البحر وما فيه. وكان هذا حرصا من منظمي المهرجان على إبراز جزء مهم من تاريخ دولة الكويت حيث ارتبط أهل الكويت ارتباطا كليا مع محيطهم البحري مما نتج عنه ثقافة تجذرت فيهم جيلا بعد جيل. وقد حرص الأمين العام للمجلس الوطني بدر الرفاعي على تكريم كل من أسهم في تنفيذ المتحف البحري ومنهم د.يعقوب يوسف الحجي، وحسين علي البزاز، والمهندس مكي سالم القلاف. كما افتتح معرض «معرض مهرجان القرين الشامل للفنون التشكيلية» بمشاركة 80 فنان وفنانة من دولة الكويت من جميع الأجيال المعاصرة للفن القديم والحديثة، ومن مختلف المدارس التشكيلية. ويعد هذا المعرض الأكبر على مستوى الكويت ويسعى الجميع للمشاركة لما فيه من تعزيز للوحدة الوطنية وتبادل الخبرات خاصة بتواجد عدد من رواد الحركة التشكيلية من أمثال أيوب حسين،كما يشيع جو من التنافس والابتكار بين التشكيلين الجدد. وفي المعرض كرم الامين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدر الرفاعي الفائزين بجائزة عيسى صقر الابداعية وهم الفنانون عبدالوهاب العوضي وعنبر وليد وبشرى الظفيري وسمر الرشيد البدر وعادل الخلف وسوزان بوشناق ومحمد الشيباني وعبدالكريم عبدالله ويوسف المليفي.

          وأدرجت فعالية سينمائية في إطار الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية وذلك بعرض الفيلم الفلسطيني «تذكرة إلى القدس» للمخرج رشيد مشهراوي ومحاضرة عن القدس في السينما تحدث فيها الناقد السينمائي عماد النويري.

أنغام الختام

          وعلى نغمات الأغاني الخليجية كان مسك الختام بمشاركة مجموعة من فناني الكويت من أمثال صالح الحريبي ومحمد البلوشي وسليمان الملا والفنان البحريني أحمد الجميري بالإضافة على نخبة من المغنين الشباب الذي قدموا باقة من أغنيات الفنان عبدالمحسن المهنا الذي حظي بتكريم لافت من أسرة المهرجان تقديرا لجهوده الفنية في ستينيات القرن الماضي.

الكويت: هذايل الحوقل

  • شخصيات

رحيل الروائى المصرى محمد جلال

          عن ثمانين عاما رحل فى القاهرة الروائى والكاتب الصحفى المصرى محمد جلال، رئيس تحرير مجلة «الإذاعة والتليفزيون» الأسبق، الذى كان واحداً ممن تعرفت عليهم فى بداية حياتى الصحفية، فى منتصف السبعينيات من القرن الماضى، وقت أن هجر العمل الصحفى وقرر أن يتفرغ لإبداعه الروائى الذى قطع فيه شوطاً. وكان عندئذ قد أصدر رواياته: «الرصيف، و«القضبان»، و«الكهف»، و«الوهم»، و«حارة الطيب»، و«الأنثى فى مناورة»، و«محاكمة فى منتصف الليل» و«الملعونة»، و«لعبة القرية»، وكذالك «حب فى كوبنهاجن»، التى جمع فيها بين الرواية وخبرة السفر إلى أوربا والرغبة فى محاورة الآخر، حيث كان قد اعتاد أن يمضى شهور إجازته السنوية فى لندن فى زيارة شقيقته الصغرى عفاف جلال، المذيعة بالقسم العربى بهيئة الإذاعة البريطانية، وكان يتحرك من لندن إلى العديد من العواصم الأوربية.

          وقد سافرت معه فى أوائل الثمانينيات إلى روما عدة مرات، بدعوة من صديقنا المشترك الفنان فاروق حسنى، وزير الثقافة المصرى،وقت أن كان مديراً للأكاديمية المصرية للفنون فى العاصمة الإيطالية، وكان يحرص على استضافة المبدعين المصريين لتأمل المنجز الثقافى الغربى والتفاعل معه.

          وقد عشنا أياماً رائعة هناك بعد أن انضم إلينا: الدكتور سمير سرحان، وزوجته الكاتبة نهاد جاد، والفنان التشكيلى آدم حنين، وزوجته عفاف الديب،والدكتورة يسرية عبدالعزيز، قبل أن تتجه إلى دراسة الآثار، وكان الفن يجمعنا، فتارة نتحدث عن لوحات فاروق حسنى ونزوعه إلى التجريد وافتتانه بالموسيقى والشعر، وأخرى نتطلع إلى تمثال الفنان جمال السجينى لأمير الشعراء أحمد شوقى الذى نمر عليه يومياً ونحن نسير فى حدائق بورجيزي، أو نشاهد أعمال مايكل أنجلو فى سان بترو فى الفاتيكان، أو نزور جاليرى فنان إيطالى كبير مثل: جنتلينى أو دى كريكو, أو نفتتح معرضاً للوحات منير كنعان أو حامد ندا، أو نجلس لنناقش عالم محمد جلال الروائى وكيف يرسم فى أدبه صوراً معادلة لواقع الحارة المصرية فى حى المنيرة الشعبى، المواجه لجاردن سيتى الأرستقراطى، أو نتحدث عن رشاد رشدى وظاهرة النقاد الذين تصدروا فجأة ساحة الكتابة المسرحية فى مصر: محمد عنانى، وفوزى فهمى، وعبدالعزيز حمودة، وسمير سرحان، طبعا، ليزيحوا كيانات راسخة مثل: ألفريد فرج، ويوسف إدريس، وميخائيل رومان، وسعد الدين وهبة، ونعمان عاشور، ومحمود دياب، ونجيب سرور..بل وتوفيق الحكيم نفسه.

          فى هذا الجو توطدت علاقتى بالراحل محمد جلال، الذى كان يحرص على أن يؤكد لى فى عير مناسبة، أنه لا يكتب إلا إذا غمس ريشته فى نبض الواقع، لذا لم يكن يفضل أن يعيش خارج حى المنيرة الذى كتب عنه روايات شهيرة تحولت إلى دراما تليفزيونية أو أفلام سينمائية مثل «قهوة المواردى» و«عطفة خوخة».

          وآخر ما حرص محمد جلال على أن يبثه إليّ قبل رحيله هو أنه يشعر بالمرارة لأنه بسبب اقترابه من فاروق حسنى وصداقته الطويلة له لم يحصل على جائزة الدولة التقديرية، التى يرى أن الكثيرين ممن هم دونه قد نالوها، وهو الذى يعتبر نفسه قد خرج من جلباب نجيب محفوظ، فكتب فى الواقعية وفى تيار الشعور وفى الكثير من الأشكال الروائية الحديثة.

          وكان محمد جلال يشعر دائماً بأنه ظُلم على المستوى النقدى، وباستثناء ما كتبه عنه الناقد الراحل جلال العشري، الذى كان زميلاً له فى مجلة الإذاعة والتلفزيون، أو الدكتور سمير سرحان، أو الدكتور على شلش، لم ينل حظه من الاهتمام النقدى سواء على المستوى الصحفي أو المستوى الأكاديمي.

          وقد كان محمد جلال يعتز كثيراً بما كتبه سمير سرحان حوله، حتى أنه صدّر به طبعة أعماله الكاملة التى نشرتها الهيئة المصرية العامة للكتاب فى عام 1987، وفيه يقول: «بعد أن أنجز محمد جلال، حتى الآن، 16 رواية، وقضى سنوات طويلة في التفانى الشديد لفن الرواية، يقف الآن فى مقدمة الروائيين العرب المعاصرين الذين ساروا بفن الرواية العربية إلى آفاق رحيبة من الفكر الناضج والفن الرفيع.

          ورحلة محمد جلال مع الرواية تبدأ بهذه المجموعة الأولى من رواياته، التى تقدمها هيئة الكتاب فى إطار مشروعها لنشر الأعمال الكاملة لجيل ما بعد نجيب محفوظ، اعترافاً بمكانته البارزة كروائى مصري عربي معاصر من هذا الجيل.

          وهذه الروايات الثلاث تمثل الخط الفكرى والفنى للمرحلة الأولى من تطور الكاتب، وفيها كان الكاتب ابناً مخلصاً للمدرسة الواقعية الاشتراكية، دون اغفال الأعماق الرمزية والدلالات الإنسانية للواقع الاجتماعى الذى يصوره. وبداية محمد جلال الفنية كما تظهر فى هذه المجموعة، كانت في أساسها تعبيراً عن الخط الفكري الذى التزم به الكاتب إلى جانب البسطاء والمقهورين، وضد القهر والاستغلال الواقع على الطبقات الكادحة في المجتمع. وقد ألزمه هذا الخط في البداية أن يستخدم إطار الواقعية الاشتراكية للتعبير عن رؤيته الاجتماعية. ولكنه مع تطوره إلى النضج في الرؤية الفكرية والأدوات الفنية معاً أصبح ينظر إلى فكرة القهر الواقع (وهو موضوعه الأثير) نظرة أعمق وأكثر شمولاً، فاتسع عنده هذا المفهوم الخاص بطبقة بعينها ليشمل الإنسان المعاصر عموماً.

          ومحمد جلال من الروائيين القلائل في الأدب المصرى الذين آمنوا بدور الرواية في تصوير حركة المجتمع، وهو فنان ظل يعمل في جد ومثابرة وإخلاص شديد لفنه حتى استطاع في النهاية أن يحقق شيئاً كبيراً.

القاهرة: مصطفى عبدالله

  • جائزة

مؤسّسة الفكر العربي تكرم الإبداع

          تحدد نهاية الشهر القادم (يونيو/ حزيران 2010) موعدًا ختاميا لتلقي ترشيحات الوزارات والجامعات والمؤسّسات البحثية والأكاديمية والاقتصادية والإعلامية والدوريات الأدبية والثقافية واتحادات الكتاب العربية والأندية والتجمعات الثقافية في شتى أنحاء الوطن العربي للمتقدمين لنيل مؤسّسة الفكر العربي كل عام جائزة للإبداع العربي في سبعة مجالات هي: المجال العلمي، المجال التقني، المجال الاقتصادي، المجال الإعلامي، المجال الأدبي، المجال الفني. وتبلغ المكافأة المالية للجائزة 50 ألف دولار لكل فائز.

          الأمين العام لمؤسّسة الفكر العربي الدكتور سليمان عبدالمنعم أكد أن جائزة الإبداع العربي تأتي في إطار سعي مؤسّسة الفكر العربي لتحفيز مناخ الإبداع وتشجيع المبدعين، وهو الهدف الذي أعلن عنه صاحب السموّ الملكي الأمير خالد الفيصل رئيس مؤسّسة الفكر العربي منذ أن أطلق فكرة المؤسّسة في بيروت في العام 2001.

          وقال عبدالمنعم: ولعلّ أهم ما يميّز جائزة الإبداع العربي في دورتها الثالثة للعام 2010 أنها لا تُمنح فقط لأفراد بل أيضاً لمؤسّسات أو مشاريع، على غرار قرية بلعين في فلسطين المحتلة التي فازت بجائزة الإبداع المجتمعي في العام 2009، وساقية عبد المنعم الصاوي التي حصلت على جائزة الإبداع الفني أيضاً...إلخ. مؤكداً حرص المؤسّسة على وضع معايير دقيقة في اختيار المبدعين كل عام.

          وستعلن أسماء الفائزين في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2010 وتوزع الجوائز خلال احتفال خاص في نهاية أعمال مؤتمر «فكر 9» ديسمبر / كانون الأول في بيروت.

          تجدر الإشارة إلى أن جائزة الإبداع العربي مُنحت في دورتها الثالثة للعام 2009 لمبدعين أفراد ومؤسّسات في المجالات التالية: مؤسّسة الكويت للتقدم العلمي في الإبداع العلمي، البروفسور إلياس الزرهوني في الإبداع التقني، رياض سلامة ومصرف لبنان في الإبداع الاقتصادي، قرية بلعين في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الإبداع المجتمعي، الصحفي سلامة أحمد سلامة في الإبداع الإعلامي، الروائية المغربية زهرة المنصوري في الإبداع الأدبي، ساقية عبد المنعم الصاوي (محمد الصاوي) في الإبداع الفني.

  • ذكرى

احتفالات مئوية كتاب الريحانيات

          يصادف العام 2010 ذكرى مرور مائة عام على صدور كتاب الريحانيات لأمين الريحاني. وبالمناسبة أصدر قسم التوثيق والدراسات في متحف أمين الريحاني بياناً جاء فيه: بلغت طبعات كتاب الريحانيات 16 طبعة حتى الآن، وتُرجِم الكتاب إلى عدد وفير من اللغات الحية منها: الروسية، والصينية (الماندرين)، والبلغارية. وسوف تصدر الترجمة الإنجليزية للكتاب خلال الذكرى المئوية في مطلع ربيع العام 2010. وخلال الأعوام المائة الأولى من عمر الكتاب تُرجِمَت فصول مختارة منه إلى لغات عدة منها الفرنسية، والإنجليزية، والإسبانية، والبرتغالية، والإيطالية، والألمانية، والدنماركية، والتشيكية، والسلافية، والأرمنية، والأوكرانية،والجورجية، وسواها...

          ومن المعروف أن الريحاني أطلق في مطلع هذا الكتاب شعاره الشهير «قلْ كلمتك وامشِ». كما أن الريحاني شرح فيه أبرز آرائه الفلسفية ومبادئه الاجتماعية التي شاعت في سائر مؤلفاته لاحقاً. وقد وردت تلك المبادئ في مقالات الكتاب، ومنها: مَن أنا، التساهل الديني، مِن على جسر بروكلين، المدينة العُظمى، روح هذا الزمان، روح اللغة، دولة المستقبل، في ربيع اليأس، وادي الفريكة، في العزلة، الأخلاق، قيمة الحياة، مناهج الحياة، حبل التفاؤل، الحقيقة المبعثرة، الحكمة المثلثة، الرسول الأسمى... 

          وقد قام الآباء اليسوعيون بحملة عنيفة ومركّزة على كتاب الريحانيات وصاحبه طوال النصف الأول من القرن العشرين. وبدأت هذه الحملة تتحول لتأخذ مساراً موضوعياً خلال النصف الثاني من القرن حتى قال الأب ميشال آلار، رئيس معهد الآداب الشرقية، في منتصف الستينيات أنه «إذا تأملنا أقوال الريحاني في ضوء المحيط الذي عاش فيه في الولايات المتحدة، والحرية الدينية التي عرفها هناك، نفهم أن حملة الريحاني ليست على الدين الصحيح، إنما على التعصب الديني الذي كان يسود آنذاك في الشرق».

          ورأى شبلي الشميّل أن الريحانيات فيها «أفكار جديدة، وأسلوب خاص، ومقالات بديعة في الوصف والنقد...» (القاهرة، 1910)، كما اعتبر اسماعيل باشا صبري أن «الريحانيات من حسنات الآداب في زماننا». (القاهرة، 1910)، وكتب أنطون الجميّل قائلاً: «أنت يا صاحب الريحانيات بفضل العلم تنشر رايته، وبفضل الإخاء تعم آيته... فكن دليلاً من أدلاء القافلة السائرة إلى الواحة وسط الصحراء». (الأهرام، القاهرة، 21 فبراير 1922). حتى جاء المستشرق الروسي إغناطيوس كراتشكوفسكي ليعلن من موسكو عند غياب فيلسوف الفريكة عام 1940 أن «الريحاني أكبر كاتب عربي في هذا الزمان». 

          ومن الاحتفالات الأدبية والثقافية التي ستقام بالمناسبة خلال العام 2010:

          * صدور الترجمة الإنجليزية لكتاب الريحانيات بعنوان The Rihani Essays  في الأول من فبراير 2010 عن دار بلاتفورم إنترناشونال Platform International في واشنطن.  قامت بالترجمة السيدة رُلى بعلبكي من الجامعة الأميركية في بيروت.

          * زرع شجرة أرز في حديقة متحف الريحاني في الفريكة في 20 فبراير، 2010.

          * افتتاح معرض «الريحانيات في مائة عام» في 6 مارس 2010 من هذه السنة في قاعات متحف أمين الريحاني في الفريكة، لبنان. ويستمر المعرض حتى 30 سبتمبر 2010.

          * أمسية موسيقية أدبية ضمن سلسلة عباقرة العالم الرومانسيين، «أمين الريحاني شاعر النثر»، تقدمها ماريا نيكولاييفا وهيلانه دراجندا، مكتبة بوريس باسترناك، موسكو، 26 مارس 2010.

          * صدور كتاب  سياسة وشاعرية أمين الريحاني: المعتقد الإنساني لمثقّف وناشط عربي - أمريكي.

  • ترجمة

حكاية سودانية شعبية إلى الفرنسية

          في قاعة مدينة يينا الألمانية ينظم شاب سوداني اسمه حسن حميدة معرضا للوحاته، لم يأت حسن إلى المدينة رساما ولكنه طالب دكتوراه في مجال العلوم، غير أن عشقه للفن جعله يرسم وعشقه للأدب جعله يعيد على مسامع الحضور قصصا يستقيها من الحكايات الشعبية السودانية. ومثلما يعد في أطروحته العلمية مشروعًا حول استخدام الأغذية المعدلة وراثيا في السودان، تراه يحاول أن يقدم حكايات بلغة فصيحة معدلة لغويا من تلك التي استمع إليها صبيا.

          تعتبره الجامعة ـ بفضل نشاطه وتواصله مع الثقافات الأخرى سفيرًا اجتماعيا وثقافيا بعيد النظر للإنسانية وحقوق الإنسان والحرية والمساواة والمشاركة في وطنه افريقيا ، وكذلك هنا. انه مثل الوسيط بين الثقافات والأديان. وهو مسلم بالإضافة إلى كونه عضوًا نشطا في الجماعة البروتستانتية للطلاب. وقد انضم حسن حميدة لتلك الأنشطة بشغف ونشاط شديدين باعتباره المشرف على المعرض الدولي للأزياء والمنظم لعروض مسرحية كتبها بنفسه، فضلا عن برنامج القراءات الدولية، كما قرأ قصائده الخاصة في الجامعة. وكانت المرة الأولى التي يتعرف إلى أدبه في الوطن العربي عبر القصص الشعبية التي نشرتها له مجلة «العربي الصغير»، وهو ما دفعه إلى البدء في مشروعات خارج الحدود لنشر تلك القصص فقدم إحدى القصص الشعبية بالعربية مترجمة إلى الفرنسية في إصدار ثنائي اللغة برع الفنان السوداني الكبير حسن موسى في نقله إلى الجمهور الفرنسي عبر دار نشر فرنسية متخصصة في أدب الطفل. أنهى حسن حميدة دراسته الثانوية في الخرطوم، وقد انتقل إلى ألمانيا لاستكمال دراسته العليا فبدأ في تعلم مبادئ اللغة الألمانية في مركز تعليم الكبار بأولدنبورج ومهارات اللغة الألمانية في جامعة أولدنبورج. وأتم دراسة الطب في جامعة فورتسبورغ سنة 2000، قبل أن يتجه لدراسة فرص ومخاطر الهندسة الوراثية في البلدان النامية السودان نموذجًا ـ في جامعة يينا. يقول حسن إن الهدف من دراسته هو وصف التاريخ الإكلينيكي وطفيليات الملاريا في المرضى الذين يعانون من داء السكري، والتحقيق في تأثير العقاقير المضادة للملاريا على تنظيم السكر في الدم، وتحقيق الاستقرار في مستويات السكر في الدم خلال نوبات الملاريا، وصياغة توصيات لتقديم العلاج والتغذية من المرضى المصابين. ويشمل هذا العمل والبحوث الميدانية في السودان، وتنفيذ الطرق الحديثة والمختبرات التحليلية لتقييم البيانات السريرية. عمل برئاسة الدكتور محمد كروينكل (معهد التغذية ومستشفى الأطفال في جامعة جيسن) والدكتور احمد وستيتش (معهد الطب الاستوائي ، البعثة الطبية مستشفى فورزبورج).

  • مدينة

أيسن.. عاصمة لأوربا الثقافية 2010

          هل باتت الصناعة والمتاحف التقنية والاشغال اليدوية في أوربا مرتبطة بالثقافة والفنون؟ هل هناك علاقة بين الثقافة والصناعة؟ هي أسئلة منطقية في عالم أوربا 2010، على الفور تتبدد الحيرة في الجواب على هذا السؤال بالتمعن في أسباب اختيار مدينة «ايسن» الألمانية كعاصمة للثقافة الأوربية لعام 2010، فالمدينة نموذج للمدن الأوربية الحديثة التي جمعت بين تداخل النهج الصناعي الحديث واختلاطه بالنهج الثقافي التاريخي القديم للمدن، تشتهر المدينة بأنها أحد القلاع الصناعية الألمانية وبها الكثير من الشواهد الصناعية كالمصانع القديمة ومناجم الفحم والقصور والمتاحف التقنية التي دخلت الثقافة من بوابة الصناعة في هذه المدينة وساعدت بشكل رئيسي في اختيارها عاصمة لأوربا الثقافية 2010.

          إن زيارة قصر عائلة «كروب» الصناعية الشهيرة في ايسن هو دليل على ذلك، فالقصر تحول إلى متحف يحكي قصة صناعة الصلب واستخراج الفحم في «ايسن»، عائلة كروب هي إحدى أشهر العائلات الألمانية التي تخصصت في صناعة الصلب، ترجع جذورها إلى اكثر من 400 عام مضت حيث اشتهرت بإنتاج الصلب وصناعة الذخيرة والدروع، واليوم هي واحدة من أهم الشركات الألمانية والعالمية في صناعة الصلب في العالم.

          هكذا هو واقع الحال في ألمانيا ومدنها الصناعية العملاقة، لايمكن أن تفصل تفوقها الصناعي عن شأنها الثقافي، لذلك فإن التجول في مدينة ايسن يرسخ هذا الانطباع فالمدينة مليئة بمناجم الفحم وصناعة التعدين، بعض مناجم الفحم المهجورة فيها والتي نضب فيها الفحم تحولت إلى متاحف مفتوحة يذهب إليها السياح ويتجولون فيها للتعرف على كيفية استخراج الفحم وحياة العاملين في هذا القطاع يمكن أيضا النزول في المنجم إلى أسفل ورؤيته تحت الأعماق والتعرف على حياة العمال والظروف التي كانوا يعملون فيها، يدرك المرء هنا أن هذه المناجم أثرت بشكل كبير على ثقافة الناس وأصبحت جزءا لا يتجزأ من الإرث الثقافي العالمي. تجدر الإشارة إلى أن تسليط الضوء على ايسن كعاصمة للثقافة الأوربية لن يقتصر على مناجم الفحم والصناعات بل سيشمل كل الجوانب الثقافية الأخرى حتى أن هناك مشروعات وخططا ثقافية ستشمل أكثر من 2500 فعالية ثقافية طيلة سنة 2010 تتنوع فيما بين إقامة المعارض والتبادل الثقافي بين ايسن والمدن الأوربية الأخرى وإقامة المهرجانات والندوات وإلقاء المحاضرات.

ألمانيا: صلاح سليمان





معالي الشيخ أحمد العبدالله الأحمد الصباح وزير النفط ووزير الإعلام يتوسط المكرمين في الدورة 16 لمهرجان القرين





جانب من حضور أوبريت جسر المحبة





الفنون الشعبية الاماراتية وعروض متواصلة على مدى 3 أيام





الفنان المكرم عبد المحسن المهنا يتوسط أحمد الجميري وصالح الحريبي





محمد جلال مع نزار قباني ود. سعاد الصباح ود. سمير سرحان، ود. سعد الدين إبراهيم في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته العشرين





أمين الريحاني





درع الجائزة





حسن حميدة في حقل البحث





غلاف الترجمة بريشة حسن موسى





تحويل آلات المنجم القديمة إلى فنون