قراءةٌ في كفَِّ حبيبتي
شعر: علي طه النوباني
لا الوجدُ يُغْفِلني ولا نَتَسـاوَرُ
شوكي وَوَرْدُكِ موطنٌ ومُسافِرُ
لا القمحُ أفضى بالحكاية للمدى
لا الخيلُ قالت مُهرتي ستغادرُ
لكنَّ كَفَّكِ أشــعلتْ في الرؤى
فرأيتنا في خلوة نَتَحــاورُ
عَرَفَ الصباحُ لَظاكِ تُوقِدُ أدمُعي
فَمَضى كَخَطَّيْ يَديْكِ يُغامــرُ
وعرَّافتي شهِدَتْ عُيونَكِ في دَمي
َطَناً، وقالت: أَيهذا الحـــائرُ
العشـقُ مَنْزِلَةٌ إذا بُلِّغْتَهــا
آنَسْـتَ نوراً فوقَ روحِكَ يُمْطِرُ
ولقد عرفتُ العمر يمشي مسرعاً
لكنَّ قلبي في هــواك مُـقامرُ
وَرَأَيتُني بين المعابد أصطـلي
نار الهوى ومرافئي تَتَشـاجرُ
بعضي حِكايةُ عاشِقٍ بعضي رؤىً
لكنَّ كُلّي في مَدارِكِ حـــائرُ
ليتَ الدروبَ إذا خَلتْ أرجـاؤها
من طيف نورِك تَمَّحي وتُغَـبَّـرُ
ليتَ الهُمـومَ إذا أَتَتْكِ حبيبتي
تَنْسَـلُّ من روحِ الحَياةِ وَتَضْمُرُ
يا مَنْ نِداؤكِ يَسْـتَبيحُ جَوانِحي
أنتِ المدى وأنا لصـوتك زائرُ
أما من يدٍ عربية بيضاء?
شعر: تركي حسن الحمش التركاوي - الكويت.
ذبِلَتْ عيونكَ والمحاسنُ تذبلُ
ظمآنَ تُحرِمُ في المساءِ لطيفها
وبقيتَ فرداً لا تُقيم بساحةٍ
قهراً تناوشكَ الليالي صبوةً
يا فارساً شاكي السلاحِ ودرعهُ
ويئستَ مما قد أملتَ وتأملُ
خَلِّ المعارك والتفتْ لخريدةٍ
إلا هويناً ريثما تتحوّلُ
جنيّةٌ إمّا وردْتَ غديرها
دمعٌ، وعن أسيافهِ لا يَسألُ
فكأنّ حالك في الغرام وحالها
تسقيكَ من شهدِ الرضابِ فتَنهَلُ
أذكتْ فؤادَكَ بالهيام تشبّهُ
ألفيتها فيما عَلِمْتَ وتجهلُ
غزَلَتْ خيوطاً حول قلبك وانثنتْ
شرقٌ وغربٌ سائحٌ متبدّلُ
وتلفّعَتْ بعباءةٍ من حُسنها
هيفاءُ تعبثُ بالقلوب وتَشغلُ
حتى إذا تَبَلَتْ فؤادكَ بالهوى
صلَفاً لتفعلَ بالحشى ما تفعلُ
نَحَلتْكَ قيداً كالأسير موثّقاً
فحريرُها-مِنْ لُطفها-والمخملُ
وغدوتَ في نار الغرام تَقَلْقَلُ
وإذا أطلَّ هلالُها تتحلّلُ
فاصبر على قيدٍ به تتغزّلُ
راحتْ كما راح الرعيلُ الأولُّ
***
ما للهمومِ وللرجالِ وصحوةٍ
من بعد سكرٍ ليته لا يرحلُ
فأرى اللواقحَ غادياتٍ أخصبتْ
أو مُمرعاتٍ في الربوع تَمهّلُ
وأظل في حال الهيامِ تعودني
تلك الضروعُ اللابناتُ الحُفّلُ
أعمى البصيرةَ والبصائرَ حالُنا
ونزا على الشاةِ الذئابُ الهُمّلُ
من كل عادٍ ليس يُعرَفُ شِربُهُ
وغدٍ يُحَرِّمُ ما يرى ويُحَلّلُ
ملكَ الحياةَ بقضّها وقضيضها
حتى تدنّسَ بالنزولِ المَنزِلُ
مستبشراً أنَّ العبيدَ عبيدُه
ومفاخراً أنَّ الفحولَ تَذلّلُ
فغدت به خضرُ السهوب بلاقعاً
تبكي بها ريحُ الخرابِ وتعْوِلُ
***
يا دارُ هل لي في الزمانِ تَعِلّةٌ
يَغنى بها بعد الشقاءِ المُرمِلُ
فلقد تغيرتِ الوجوهُ ولا أرى
حولي سوى راعٍ لُكاعٍ يبْهَلُ
ظنَّ الرعيّةَ كالسوامِ يحزّها
حدُّ الشفارِ إذا تعالى المفصلُ
ذربِ اللسان وإن تقوّلَ كاذباً
نادى ألا إني نبيٌ مُرسَلُ
الأمر أمري والحوادثُ فعلتي
فقفوا عليَّ اليوم حتى تُسألوا
ويلٌ لكم إني أدبّرُ شأنكم
الرزق عندي فارفضوا أو فاقبلوا
ربٌ أنا والحكمُ بعض فضائلي
والخصب مني والسحابُ المُنزَلُ
فأنا البداية والنهاية بينكم
هذا كتابي يا ضعافُ فرتّلوا
***
معبودتي، يا زهرةً في خندقٍ
محبوسةً، فيها المعاولُ تعملُ
يا طفلةً غَزَتِ المواعظُ شَعرَها
سرَطانكِ المجنونُ كم يستفحلُ
داءٌ عضالٌ لا يهون علاجهُ
الكيُّ خانكِ والطبيبُ مكبلُّ
ضربتْ كلابَهَمُ بلحمِكِ تُخمةٌ
والطفلُ عندكِ لاغبٌ لا يأكلُ
فإلى متى نحدوا قوافل قد مضت
وخيولنا عند المعارك تَجفلُ
أنظلُّ نبكي ما تشاءُ ظلالُهمْ
ونظلُّ نُنثَرُ كالطحينِ ونُنخلُ؟
تاريخنا راحت به أيامُهمْ
والحاضرُ المذبوحُ سَترٌ مُسْدَلُ
والقادمُ المجهول بحرٌ طائشٌ
يغوي المراكبَ بالقتالِ فتُقتَلُ
***
(كنّا) و(بتنا) من (نواقص) فعلنا
(يا ليتنا) زمنَ النواقصِ نُكملُ
ولعلنا بعد التفرقُ نلتقي
يا دارُ كي لا يُستحَدَّ المنجلُ
فيحشَّنا حَشَّ السنابلِ غُدوةً
كالعصْفِ تذروه الرياحُ ويُهمَلُ
يا دارُ غصَّتْ بالمواجعِ أضلعي
وغسلتُها سبعاً فأنّى تُغسلُ
ما دام تُربُكِ لا يُزيلُ سخامَها
فتيمُّمي طُهْرَ الصعيدِ سيبطلُ
عن العربي
اتصل بنا
قصص على الهواء
