عملية جراحية لتلسكوب الفضاء سعد شعبان

عملية جراحية لتلسكوب الفضاء

تمت أخطر العمليات الفضائية، لإصلاح عين في عدسات الرؤية لأول تلسكوب فلكي فضائي، وكان قد سبق إطلاقه في أوائل عام 1990، ليحلق على ارتفاع يقرب من 600 كيلومتر، ولكن الصورة التي التقطت على الأرض أتت مشوهة، لذلك صممت وكالة الفضاء الأمريكية على إجراء عملية جراحية لهذه العيون الفضائية.

كان العـزم قد استقر علي إطلاق تلسكـوب الفضـاء الأمريكي "هوبل " في عام 1986 ، غير أن كارثة احتراق المكوك "تشالنجر" التي وقعت في يناير من العـام نفسه، عطلت عملية الإطلاق، وكان تصميـم هذا المرصد الفلكـي الفضائي قد بدأ قبل ذلك بعشر سنـوات وأدخلت عليـه عـدة تعـديلات، وعنـدما عاود المكـوك رحلاته تحدد لإطلاق التلسكوب شهر مارس 1990 ثم تأجل الموعد شهرا، ولقد اختير للتلسكـوب اسم " هوبل " تخليدا لاسم الفلكي الأمريكي "أدوين ب. هوبل " الذي كـانت له بحوث عن حركة المجـرات في عقد العشرينيات.

وخلال المدة بين 1986 و1990 اضطرت وكـالة الفضـاء الأمريكيـة إلى القيام بعملية تخزين- غير مسبوقة- للتلسكـوب، ليكون في منأى عن المؤثرات الجوية وخـاصة الرطوبـة، وعوامل التلـوث البيئية خصوصا الغبـار والتراب والدخان، ومن عجب أن احتياطات التخـزين هـذه تكلفت أكثر من ثلث تكاليف أجهزة التلسكوب نفسه.

ولقـد تم رفع التلسكـوب بـواسطـة المكـوك "ديسكفري " في رحلتـه التي تمت في شهر أبـريل 1990، حتى ارتفاع 593 كيلـومترا، وعندمـا ابتعد المكوك عن التلسكوب بمسـافة 70 كيلومترا، بدأت محطـات التحكم الأرضيـة بتعـديل أوضـاعـه في الفضاء، وقـد مثلت عملية إطلاق هـذا التلسكوب آنـذاك المرحلـة الأولى من خطـة أمريكيـة طموح لاستكشاف 97% من مساحـة الكـون الذي يقـدر العلماء بأننـا لم نعـرف أكثـر من 3% من أجرامـه، وبطريقة تقريبية ، ولذلك صممت مرايـا وعدسات هذا التلسكوب، لتغوص من هذا الارتفاع الكبير في أعماق الفضاء بقدرة تفوق المراصد الفلكية الأرضية " 50" مـرة على الأقل، فهي تستطيع أن تتغلغل إلى مسافة تعادل 14 بليون سنة ضوئية، أي حوالي 140 بليون بليـون كيلومتر تقريبا، الأمر الـذي يمكن تشبيهه بـأنه يستطيع أن يصور ذرة غبار على مسـافة " 100 " كيلومتر، أو يوضح أرقام لوحـة سيارة على مسافـة " 200" كيلومتر، أو قطعـة نقود على مسـافة " 500 " كيلومـتر، ومن ثم فقد كان الأمل أن "هوبل " سيكشف ملايين النجوم الجديدة التي تحويها آلاف المجرات التي لم تعرف من قبل، اعتمادا على قدرتـه على التقـاط الضـوء الخافت الـذي يصـدر من هذه النجوم مهما يكن ضعيفا.

أخف من الريشة

التلسكـوب الفضائي لـه شكل أسطواني ويبلغ طولـه 13 مترا، وأهم مكوناته هى مـرآته الرئيسية التي يبلغ قطرها 4 ر 2 متر، وبه مرآة أخرى مساعدة قطرها 30 سنتيمترا، ويستمد الطاقة اللازمة لتشغيل أجهزتـه من آلاف الخلايـا الكهرو- ضوئية التي وضعت على جناحين يمتد كل منهما لمسافة 12 مترا.

وهـذا الحجم الضخم الـذي يقـرب من حجم أوتوبيس، ويبلغ وزنه على الأرض " 12 " طنا، لكن لا وزن لـه في الفضاء، تحت حـالـة انعدام الجاذبية، ولذلك فإن محاولة إصلاح بعض أجزائه وخـاصة مراياه وكاميراته، لها محاذيرها وطرقها الخاصة بواسطة رواد المكوك.

ولقد كـان تقدير العلماء أن التلسكـوب سيظل مزروعا في الفضاء لمدة خمسة عشر عاما، ولـذلك صممت أجهزته بطرق تستطيع الصمود لإشعاعات وظروف الفضاء الخارجـي طوال هذه المدة، ولهذا أتت تكـاليفه بـاهظة حتى بلغت 5 ر1 مليـار دولار، وتكونت أجزاؤه من آلات وأجهزة دقيقة، هي:

- كاميرا تصوير ذات مجال واسع.

- كاميرا تصوير الأجرام ذات الضوء الضعيف.

- جهاز تحليل الطيف من الأجرام ضعيفة الضوء.

- جهاز الطيف بمعامل تحليل عال.

- جهاز قياس شدة الإضاءة بسرعة عالية.

ولقـد روعي في تصميم التلسكـوب أن تكـون مكونات هذه الأجزاء الرئيسية مقسمة داخل أدراج، حتى يمكن استبدالها إذا ما تطلـب الأمر ذلك عند تعطل أي منها بواسطة رواد المكوك.

ولقد روعي في التصميم أن يقوم جهاز التصـوير ذو المجال الواسع والذي وضع في مركز التلسكوب، بتصوير النجوم ذات الإضاءة الخافتة، وذلك بإعادة تكثيف هذه الأضـواء بـوسائل أليكزونية ، حتى يمكن ظهورها بوضوح يزيـد بنسبة 20% على أكبر التلسكوبات الأرضية.

ولا شك أن ذلك كـان سيفتـح نـافـذة على أعماق الكون، لم يمكن التطلع إليها من قبل، وسيعمل على إزاحة الستار عن أسرار "الثقوب السوداء ".

كـما أن الغـرض من جهاز تحليل الطيف لأجـرام خـافتة الإضـاءة، بقياس شـدة الأشعة فـوق البنفسجية، يعـزى إليها إحـداث ثقوب في طبقـة الأوزون، والتي يـرجع إليهـا حـدوث كثير من المتغيرات التي تؤثر على البيئـة، ومنها ارتفاع درجة الحرارة في الغلاف الجوي والتي هي السبب المباشر في انتشار كثير من الأمراض، ومنها سرطان الجلـد والمياه البيضاء المعروفـة باسم الكـاتاراكت، وذلك فضـلا عن التأثير على بعض الكـائنات الحية مثل الأسماك والحيوانات الـبرية.

كـما سيعمل نفس الجهـاز على تحليل ديناميكيـة مصـادر الضـوء الخافت كـالشهـب والمذنبـات والمجرات البعيدة.

أما جهـاز قياس شـدة الإضاءة، فسيتـابع حركة النجـوم ويحدد اتجاهـاتها وقياس المسـافـات بينهـا، وكذلك الكشف عن الخصائص الفيزيائية للمجرات المتفجرة، وإمداد التلسكوب بالمعلومات اللازمة من كثافـة الضوء وتغيراته، وهي أمور لازمة لتحـديد مصدر الضوء الصادر عن المجرات.

الإصلاح بذراع وكرسي

بعـد إطـلاق تلسكـوب هـوبل بعـدة شهـور، استقبلت صوره على الأرض فوجـدها العلماء مهتزة وخافتـة، وتيقن المختصـون أن مرآته الرئيسيـة، قد تعرضت لمصـاعب فنيـة تحول دون أدائها الأمثل، ولأن الإصلاح مستحيل بتحكم من الأرض، فقـد استقر العـزم على القيام بهذه المهمـة بواسطـة رواد المكوك.

والمرآة الـرئيسية في التلسكـوب والتي صممت الـرحلة لإصلاح ما فسد من أمرهـا فريـدة في صناعتها، ولم يسبق أن أجريت عمليات تكنولوجية معقدة على مثلها من قبل، فهي فضلا عن كبر قطرها الـذي يبلـغ " 4 ر 2" ، متر فقـد تم صقلهـا وتلميعهـا بطرق معقـدة بلغت "26" عملية كـما شيدت غـرفة تجارب خـاصة لإجراء الاختبارات اللازمة عليها على الأرض لمحـاكـاة ظروف انعـدام الجاذبية في الفضـاء داخل هذه الغرفـة، كـما اتخذت احتياطات خاصة لحـماية المرآة من الكسر والخدش وتغير القدرة على عكس الضـوء، وذلك بكسـوتها بطبقـة من الألومنيـوم اللامع وفوقها طبقة أخرى من فلـوريد المغنسيوم.

وتتم عمليـة الإصلاح بـوقـوف رائدين من رواد المكـوك فوق مـؤخرة الـذرع التلسكوبي للمكـوك، والذي يمكن أن يمتد من مقدمته حتى مسـافة تبلغ 15 مترا، ويتكـون الـذراع من ثـلاث وصـلات تلسكوبية ، تتداخل كل منها في الأخرى، ويربط كل منهـا بـالأخـرى مفصل مـرن، بينما تنتهي الـوصلـة الأخـيرة بمخلب يمكنه الإمساك بالأجسام السابحة في الفضاء، ولقد صمم هذا الذراع التلسكوبي ليكون بمثابة محاكاة لذراع الإنسان- مع الفارق- طبعا.

وقـد تـم تصنيعـه في زمن مبكـر من الثمانينيات بواسطـة بعض العلماء الكنديين، فأتى معجزة من معجـزات التكنولـوجيـا، لأنه يعمل بأشعة الليزر ويتحكم في حركته حاسب أليكتروني داخل المكوك، وقـد تمت تجربتـه في عام 1984 وكـانت الـدكتورة سالي رايـد أول رائدة فضاء أمـريكيـة وراء نجـاح استخدامه في التقاط حمولة ألقيت في الفضاء متمثلة في صنـدوق دوائي كبير، فأمكن للـذراع التقاطها بنجـاح، وتـوالى بعد ذلك استخدامه في عمليات إصلاح والتقاط أقمار صناعية معطـوبة في الفضاء بمخلب الـذرل ووضعت في مخزن الحمـولات في المكوك.

ولقـد تحققت عمليات إصلاح الأقمار الصناعية المعطوبة في الفضاء عدة مرات، بفضل مـا توخاه العلماء من تصميم أجـزاء الأقمار وسفن الفضـاء في صورة أدراج يمكن نزع كل منها واستبـداله بـآخر، وكذلك كـان الشأن بالنسبة لتلسكـوب الفضاء، وفي بعض الحالات التي تعذر فيها الإصلاح في الفضاء، استخدم الذراع في وضع القمر المعطوب داخل مخزن الحمولات في المكـوك، ليعـود بـه إلى الأرض حيث يجري الفنيون إصلاحاتهم.

ولقد تضافر على توفـير مرونة حركة رواد الفضاء أثناء سباحتهم خارج المكـوك، مع الذراع التسلكوبي ما أطلق عليـه اسم "المقعد النفاث "، وهو كـرسي يجلس عليه رائد الفضاء ويسبح وهو عليه في الفضاء مبتعدا عـن المكوك، وهو كرسي ثمين يتجـاوز ثمنه عشرة ملايين دولار، لأنه يحكم حركة السباحـة خـارج المكـوك، لـلابتعاد عنـه أو الاقـتراب منه، ويتمثل التحكم في خروج غاز النيتروجـين المضغوط من 24 فتحة نفث ضيقة موزعة في "6" مجموعات بحيث يـؤدي خروجها بسرعـة عالية إلى حدوث رد فعل يـدفع الكـرسي وفـوقـه رائد الفضاء في الاتجاه المطلوب بالنسبة للمكوك الذي يكون بمثابة السفينة الأم.

ويستمد الغاز المضغوط من مستـودع ، يمثل ظهر الكرسي الذي يستند عليه رائد الفضاء أثناء جلوسه ، ويمكنـه التحكم في سرعة خروج الغـاز بـالضغط على أزرار، على ذراعي الكرسي، وفي أماكن متفرقة من الكرسي توجد أجهزة وحواكـم وبطاريـات ومصـابيح ضـوئيـة تستخدم حسب الحاجة.

ولقد أمكن في رحـلات المكوك المختلفـة أن يسبح رائد فضـاء بـاستخدام هذا الكرسي النفاث، لمدة ست ساعات متصلـة لإجراء إصـلاحـات في أقـمار صنـاعيـة معطوبة، كـما أمكن الابتعاد به عن المكـوك مسـافـات تـدرجت حتى بلغت خمسـة كيلـومترات، ولأنـه مـزود بثـلاثـة من أجهـزة الجـيروسكـوب، فإنـه مهما تكن المسافة بين الكـرسي والمكوك، فإنه يظل يتابع حركـة المكوك في دورانه دون تدخل من رائد الفضاء.

ولـذلك فإن عملية إصـلاح تلسكـوب الفضـاء تتمثل في فتح بـاب موجود فى الجزء الأسفل منه، وذلك لجذب كـاميرا التصوير التي يبلغ وزنها 270 كيلوجراما، ثم إحلال أخرى بدلا منها.

هذا بالإضافة إلى عمليات إصلاح أخـرى لعلاج عيوب التشـوه التي أصابت مـراته الـرئيسيـة، واستبدال ألواح الخلايا الشمسيـة المثبتة على جناحيه بأخرى صالحة.

خطة البحث عن أسرار الكون

منذ صنع العالم الإيطالي جـاليليو "المنظار المقرب " أو "التلسكـوب " عـام 1610، أصبح هـو العماد الأسـاسي للعلماء في الكشف عـن أجـرام الكـون القريبة والبعيدة في المراصد الفلكية، ومع تقدم العلم والصناعة أخـذت أقطار العدسات والمرايـا العاكسة في هذه المراصد تزداد كـبرا في أقطارهـا، وتدخل عـوامل التطوير على صناعتها، ولكي ندرك مبلغ الـدقة في صنـاعة العـدسات في الفضاء، فإن العالم الفلكي "هرشل " ظل يصقل إحدى هذه العدسات ما يقرب من عشرين سنة دون أن يكتمل عمله، ثم قـامت الحرب العـالمية وخـاف عليها من القصف الجوي، فأخفاها داخل كهف في أحد الجبـال حتى وضعت الحرب أوزارها فعـاود جهـوده لسنوات أخرى.

وكان علماء الفلك يتابعون حركة أجـرام الكون، ويرصدون تفاصيلها من خـلال "النافذة الضـوئية" التي يرون منها هذه الأجرام ويصورونها بسبب ما ينعكس عليهـا من ضـوء الشمس مثل الكـواكب والأقمار التي حولها، أو بما يصدر عنها من أضواء كـما هو الحال بالنسبة للنجوم.

ولـذلك كـانوا يقيمون المراصد الفلكيـة فـوق الأماكن المرتفعة، بعيدا عن المدن للابتعاد عما يصدر عنها من أضواء أثناء الليل.

وكان يحد من أداء هذه المراصد الفلكية الأرضية ويقلل من كفاءتها، أنها لا تعمل إلا خـلال الظلام الحالك، كـما أنها تتأثـر ببعض العـوامل الجويـة مثل السحب أو انتشار الغبار، فضـلا عن أن الصور التي تصل إليهـا تتعـرض لعـوامل طبيعية، في الغلاف الجوي المحيط بـالأرض، مثل الانكسـار والحيـود والتشتت.

ولقـد ظلت نافـذة الرؤيـة الفلكية البصريـة هي الوحيدة التي يستمد منها علماء الكونيات معلوماتهم حتى مطبع عام 1930، إذ انفتحـت آنـذاك نـافـذة أخرى مع بـدء التعرف على التموجات الـلاسلكية التي تصل من الفضـاء الخارجـي، وبـدأ علم "الفك الراديوي " الذي يلتقط هـذه الإذاعات عبر هوائيات مستديرة طبقية الشكل، ورغم إقبال كثـير من الدول والمراكـز البحثية على إقـامة هذه الهوائيات فإن ما تلتقطـه من إذاعات حتى الآن، مـا زال بلا مدلول اللهم إلا الإشـارة إلى الصـور، دون الإفصاح عن معنى أو مضمون، ومـا زالت شفرة هـذه الإذاعات مستعصيـة الحل على الحواسب الأليكترونيـة حتى اليوم.

ومن خلال هاتـين النافـذتين البصرية والراديوية لم تزد المعلومات الكـونية زيـادة كبيرة بل مـا زالت بعض الظـواهر الكـونية مغلفة بـالأسرار، ويتخبط العلماء في تفسير أسبابها.

ولكن مع بزوغ عصر الفضـاء، وتوالي إطلاق آلاف من الأقـمار الصناعية ومئات من سفن الفضاء، فقـد صعـدت آمال العلماء إلى التحليق في الفضـاء، للتخلص من سلبيـات الغلاف الجوي وتصـوير الأجـرام الكونيـة بعيدا عنـه، والاقـتراب إلى حد مـا منهـا رغم مسافـاتها الشاسعة البعـد، ومن هنا بـدأ التفكير في تصـويـر سطـوح القمـر والكـواكب بكاميرات توضع على متن سفن الفضاء، فأفصحت هذه الصـور عن تفاصيل عجزت المراصـد الأرضية عن تبينها على مدى مئـات السنين، ولذلك اختمرت فكـرة التلسكـوب الفضـائي منـذ أكثـر من عشر سنوات ولكن شجع على ظهورها إلى عالم الوجود مرونـة الحركة التي توافـرت لرواد مكـوك الفضاء، بالسباحـة خـارجـه، بـامتطـاء ذراع التلسكـوب وبواسطة المقعد النفاث، كـما أسلفنا.

ومنـذ أوائل الثمانينيـات وضعت وكالـة الفضاء الأمـريكية "نـاسا" خطة لاستجلاء المجهـول في الكون، ذات خمس مراحل.

وقد بـدأ أولها عام 1983 بإطلاق أول تلسكوب يعمل على التقـاط الأشعة تحت الحمراء الصادر عن أجـرام الكـون البعيدة على القمر المسمى "إيراس""nfra Red Astro Satellite I . R. A . S " وتمثلـت المرحلـة الثانيـة في إطلاق تلسكـوب "هوبل " الـذي تأجل إطلاقـه من عام 1986 حتى عام 1990، وكان ذلك سببا في تأجيل المرحلة الثالثة وهي إطلاق مرصد فضائي يعمل بأشعة "جاما"، والمرحلة الرابعة وهـي إطلاق مرصد آخر يعمـل بالأشعة السينية "إكس " كـما تأجلـت المرحلة الخامسة وهي إطلاق المحطة المدارية "الحرية" (Freedom) من عام 1990 حتى عـام 1995، والتي سيتم من فـوقها التحكم في توجيه هـذه المراصد الأربعـة وتجميع صورها.

ثورة في علم الفلك

لا شك أن إطلاق هذه السلسلة من التلسكوبات سيضع أمـام العلماء ثروة علمية ضخمة، ستكـون بمثابة نوافـذ جـديدة على كـون مغلف بكثير من الأسرار.

ويقدر المختصون أن كم المعلومات التي يمكن أن تبث من التلسكـوب الفضائي "هوبل " إلى الأرض تكفي لملء موسوعة مكـونة من "30" جزءا خلال أربعين دقيقة فقط.

فرقعة المجموعة الشمسية المحيطة لشمسنا لا تزيد كواكبها المعروفة لنا على ثـمانية كـواكب غير أرضنا، ومنذ عام 1930 لم يكتشف أي كوكب جديد بعد "بلوتو" وما زال العلماء عاما بعد آخـر يرددون بين سنة وأخرى أن هناك كـوكبا عاشرا، ولكن لم يستطع أي منهم أن يجزم بـوجـوده، والحقيقة الخفيـة أن الوسائل الفلكية المتاحة حاليا أقصر، حتى أنهم نعتوا الكوكب الأخير "بلوتو" باسم الكوكب الآبق، لأن بعده عن الشمس يقرب من 6000 مليون كيلومتر، وذلك لأنهم لم يستطيعوا أن يتبينوا عدد ما حوله من أقـمار، أو يقيسوا مدة دورانه حول نفسه لفرط بعده عنا.

وإذا كان هذا القصور سائدا في "رقعة المنظـومة الشمسية" القريبة منا، فإن الأمر أكثر صعـوبة فيما بعدها من نجوم، وجزر نجمية وسدم.

وما زالت هناك ظواهر فلكية غامضة لا يعرف الفلكيون أسبابا واضحة لها، منها المذنبات، والنجوم النابضـة، والنجوم المنفجرة، والثقوب السـوداء، والأمل معقود على هذا التلسكـوب الفضائي الجديد وسلسلة إخـوته في أن يعـرف عن هذه الظـواهر الكثير، لتوضع النقط فوق الحروف بالنسبة لتكهنات لم يستطع العلماء أن يحددوا مقـدارهـا مثل سرعـة اتساع الكـون وتمدده، ومقدار التباعد بين المجرات واتجاهاته.

غير أن أهم ما يعول علماء الفلك على معرفته، هو تحديد عمر الكون والذي تضاربت القياسات في تحديده، اعتمادا على افـتراضات مازال حولها كثير من الجدل.

والوسيلة إلى ذلك أن التلسكوب الفلكي "هوبل " بالإضافـة إلى أنه سيقوم بتصوير الأجرام الكونية في الضـوء العـادي ، فإن أجهزته ستقوم بإجراء هذا التصوير في مجالات ضوئيـة واسعة لالتقاط الأضواء الضعيفة والخافتة، وإجراء تحليل طيفي للضوء الـذي يصل من الأجسام البراقة ، وتصوير الأجرام المتحـركة بسرعات عالية، كـما ستتمكن أجهزته من اصطيـاد الموجـات الكهـرومغنـاطيسيـة الميكـرومترية أو مـا يسميـه علماء الكونيات " الخلفية الإشعاعية" التي تعني السباحة ضـد الزمن أو العودة إلى الماضي.

ولذلك فإن التلسكوب يحوي إلى جانـب كاميرات التصـوير المتنوعة رتلا من أجهزة القياس والتحليل والتسجيل والإرسال والاستقبال الأليكتروني ليمكـن التراسل مـع محطـات التحكم الأرضي بمعـدل تنظمه الحواسب الأليكـزونية بقدرة بالغة الحجم والسرعة.

لـذلك فـالمتوقع أنه بعد أن تـرى المعلومات من رصـدات التلسكوب الفضائي، ويبدأ العلماء في تحليلها، أن تحدث ثورة في علم الفلك تغير كثيرا من المفاهيم التى استقرت في الأذهان والكتب عبر مئات السنوات وربما يكشف عن عوالم باهرة لم تعرف من قبل.

 

سعد شعبان

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




مرآة التلسكوب





امتطاء ذراع المكوك





عملية إصلاح التلسكوب





تلسكوب الفضاء