هل هناك خصوصية للطفل الكويتي؟ عبدالتواب يوسف

هل هناك خصوصية للطفل الكويتي؟

هل هناك خصوصية للطفل الكويتي عن غيره من أطفال العالم، وهل غيّرت الأزمة التي عصفت بالكويت من مفردات هذه الخصوصية؟

بالمصادفة صحبت أسرة كويتية فيها طفلان في جولة في أورلندو.. واستمتعت بالصحبة، وعالم ديزني أيما استمتاع بوجودهما، فقد أثريا الزيارة بتعليقاتهما وحيويتهما، وأضافا لي الكثير، وأضفيا على أيامي الثلاثة التي قضيتها هناك بهجة ما بعدها بهجة، بلهوهما البريء وملاحظاتهما الذكية. وأطفال الكويت فوق زيارتهم للعالم، استطاعت الكويت أن تجلب العالم إليهم داخل بلدهم، ولا أظن أن هناك أطفالا استمتعوا بأحدث لعب الأطفال، وآخر مبتكراتها، كما حدث لهم، كما أنهم حتى في ثيابهم يحظون بأحدث الأزياء العالمية، دون التخلي عن "الدشداشة".. فضلا عن أفلام التلفزيون.. إنهم يواكبون الشاشة العالمية بأفلامها الحديثة..

قد تفوت الطفل الكويتي بعض الأمور ذات الطابع الغربي.. لكنها تعرض عليه ويحرم منها الكثيرون، كما أنه يستمتع بحياة أسرية فيها من الترابط أكثر مما لدى الطفل العالمي، ومناهجه الدراسية وكتبه تقترب مما عنده، لكنه لا يحظى بمعلمين من نفس المستوى، على أن محاولات جادة تبذل لكي يصبح طفلا عصريا، بكل ما تعنيه الكلمة.. ونستطيع أن نقول إنه أقرب إلى أوربا من طفل المغرب الذي لا يفصله عنها غير مضيق جبل طارق!.

طفل أكثر عالمية

ولا شك أن الأزمة الأخيرة - بعد 2 أغسطس 90 - قد جعلت هذا الطفل أكثر عالمية، كانت عالميته فيما مضى مجاراة لما يحدث في دنيانا.. أما هذه الأزمة، فقد جعلته يعيش هذه العالمية بكل أبعادها، إذ طغت قضيته على ما عداها من قضايا، ودخلت قاموسه كلمات وعبارات، مثل: الأمم المتحدة، مجلس الأمن، القوات المتحالفة، وما إلى ذلك.. بل وأسماء أخرى غير ميكي ماوس، ودونالد دك، ووالت ديزني، مثل: الربيعان، وجنرال باول، وشوارسكوف، وبوش، وبيكر، وما إلى ذلك، وقد تعلق بأصحابها، وأعجب بهم، أنهم المنقذون له ولبلده، والذين سيعودون به إليها، وهم سبيله لكي يسترجع كل شيء: الديار، والدار، واللعبة، وقد تابع الصغار في الداخل وفي الخارج طيلة الأزمة ما يجري على الساحة العالمية، بل إن "سي. إن. إن" قد أصبحت على ألسنتهم، وفي أفواههم.. ولقد نزلت عصا غليظة فوق أم رءوسهم - المساكين - فأصابتهم بدوار، ما زالوا غير قادرين على تفسيره، أو استيعابه، أو تجاوزه.. ولا يمكن أن نكتفي بالانتظار، لعل الزمن يعينه على التناسي، فما نظنه ينسى، والكبار محقون في التذكر والتذكير، ونحن نعالج أمورنا بالعواطف، لا بالعلم والعقل، وليت درس الغرب في تجاوز الأطفال الحرب العالمية الثانية يكون حاضرا فقد أتوا بالألمانية الهاربة إلى أمريكا جيلا ليبمان لتقيم أواصر صداقة بين الأجيال الجديدة، فأقامت في ميونيخ أعظم مكتبة عالمية للأطفال والناشئين، حاولت أن تجعلها جسرا كي يعبروا عليه إلى السلام والصداقة ونفض الحقد والعداء، إنه نموذج للتفكير البناء، لا أكثر.

فهو مولود داخل بيت، ترتفع في جنباته تلاوة القرآن الكريم، وتحتفظ الأسرة بالمصحف الشريف في صدر الدار، وأفرادها يؤدون فروضهم، ومنذ سن مبكرة، والطفل يفرد السجادة، ويقلد أباه في أداء الصلاة، وتفعل لابنة نفس الشيء، وربما أضافت وضع الطرحة البيضاء فوق رأسها.. وفي شهر رمضان يصوم الجميع، ويسود جو من الروحانية، بجانب تلك المظاهر الشعبية التي تصاحب الشهر الكريم.. مثل "القرقيعان" وما إلى ذلك من تقاليد توارثوها عبر قرون طويلة.. وطيلة اليوم تتردد كلمات: بسم الله الرحمن الرحيم، إن شاء الله، بإذن الله، وحرما: جمعا، ويا رب.. والأسماء التي تتردد داخل البيوت: خالد، وعمر، وعلي، وأسامة، وعبدالله، و.. كلها أسماء لقادة من العرب والمسلمين، هم قدوة.. تتحدث عنهم المدرسة، وأجهزة الإعلام، وتروي سيرهم العطرة، ومن قبلهم سيرة نبينا محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، وقد استضافت الكويت، ذلك البلد الصغير مساحة، مؤتمرات إسلامية وعربية شهدها رؤساء وملوك عشرات الدول، يتحدثون عن عظمة الإسلام وحضارة العرب.

أطفالنا والإسلام

علينا أن نعلم أبناءنا الثوابت، وأن ندع لهم التصرف في المتغيرات، وفق ما غرسنا فيهم من قيم شريفة، وما زرعنا في أنفسهم من أخلاقيات إسلامنا، ونحن نردد لهم: المسلم أخو المسلم، والمؤمن أخو المؤمن، وإذا اشتكى عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، لكن ماذا إذا حاول هذا المسلم أن يسلبني حريتي؟ ماذا إذا أصر على أن يكبت رأيي، وألا يسمح لي أن أعبرّ عن نفسي؟.. ماذا إذا أضر بي وآذاني؟!.

ومما لا شك فيه أن "الحب" من الثوابت، وأننا في مسيس الحاجة - دائما - إلى تنقية أنفسنا مما قد يتسلل إليها من سلبيات كالبغضاء والحقد، خاصة إذا كانت شديدة، وكان دفينا، وقد رفعت شعارات مثل نتسامح، ولا ننسى، ولنقتبس لأنفسنا بعضا من قبس نور الله الغفور الغفار، ورويدا رويدا سوف يندمل الجرح، ويقينا ستكون هناك ندوب تذكرنا بالماضي، لكن الأطراف الأخرى سوف تبذل جهودها وتتحمل مسئوليتها، لكي يستعيد طفلنا الحبيب الثقة في الإنسان العربي، ويستعيد الثقة في نفسه، ويشق طريقه إلى التألق من جديد، إذ لن يتكرر أبدا شيء مما حدث، وستعود المياه إلى مجاريها، وتشفى النفوس هنا وهناك، مما علق نتيجة أخطاء للبعض، وإن كنا جميعا مسئولين عنها، وحين نتعلم أن هناك الرأي، والرأي الآخر، وأن وجودهما ضرورة، وأن الحل لهما ليس السلاح، بل السلام، والقناعة، والزمن.

أما الطفل الكويتي، كإنسان "عربي"، فيحتاج لوقفة يجب أن تطول. إنه كأي طفل عربي شديد الاعتزاز بعروبته يغني لها وينشد، إنه هي، وهي هو، إن صح التعبير.. إنه يتكلمها وينطق بها، ويرددها حديثا، ويرتديها ثيابا، ويجترها تاريخا، ويراها ماضيه وحاضره ومستقبله.. إنها قبيلته الكبيرة.. هو يعرف أن هناك مسلمين، ليسوا عربا ولا ينطقون العربية، يعرف ذلك من وقت مبكر، ويعرف أن هناك عالميا إنجليزا وأمريكيين وفرنسيين.. وما إلى ذلك.. لكن القوم الذين ينتمي إليهم وينتمون إليه، هم: العرب.. يسمع ذلك من أبيه وأمه، ويأتيه من خلال الإذاعة المسموعة والمرئية، ويردده نشيدا في طابور الصباح وهو يحيي علم بلاده.. وهو يقرأ هذا في كتاب المدرسة، وفي المجلة، والصحيفة.. ويدرك في أعماقه أنه قطعة من العروبة، لا ينفصل عنها ولا ينفصم.. وهو فخور بذلك معتز، وما من شيء في الدنيا يهز هذا اليقين لديه. وفجأة وقعت الواقعة وزلزلت الأرض زلزالها.. جاره العربي يجتاحه، يستبيحه.

الكبار لم يستطيعوا استيعاب الموقف، لم يتمكنوا من فهم أبعاده، بل في البداية لم يصدقوه حين صك آذانهم، هل يمكن أن يحدث هذا؟ كيف؟!.. ربما أدركه الكبار بعد حين: شهوة تطيح بالعقل، ومصلحة تجرف في طريقها كل شيء، بما في ذلك الأخوة، والقيم المتعارف عليها، لكن كيف السبيل لكي يدرك الصغار هذا الذي حدث؟!.. وحوربت الهوية كلها بسبب خطأ من طرف، وإذا بمحاولات دءوب لكي يرفع الصغير شعارا جديدا، فهو لا يمكن أن ينتمي لقوم منهم هذا الذي أخرجه من دياره وداره.. لقد اهتز مفهوم "العروبة" لديه، وأصبحنا بحاجة - لكي يسترد ثقته فيها - أن نزحزح جبالا من الأحزان، جثمت فوق صدره الصغير، وأن ننتزع من داخله ذلك الرعب والخوف، فما من أمان، ولا اطمئنان بعد اليوم، لعروبة أو لعربي!! ويحاول العقلاء الكبار والكبار العقلاء أن يخففوا من وقع ما حدث، وهم غير قادرين على أن يفعلوا ذلك بأنفسهم، ولقد تعاطف الأطفال العرب في كل مكان مع الطفل الكويتي: وقفوا بجانبه، ساندوه، ومضى إخوتهم من الشباب ليقاتلوا من أجله، لكن كل ذلك لم يشفع للعروبة، ولم يخفف من وطأة الخطأ القاتل، وطفلنا الكويتي ثروة قومية، نرفض أن نبددها، فهو أصيل، وإذا فقدته أمته فقدت الكثير، لذلك نحن بحاجة إلى أن نعض على النواجذ، احتفاظا، وصيانة له، لا نفرط فيه، ونجعله لا يفرط فينا، إنها قضية أساسية، فإن الوجدان إذا تزعزع فمن الصعوبة بمكان أن نعيده إلى ما كان عليه، اللهم إلا بالإتيان بالخوارق، ونحن بحمد الله قادرون عليها في مثل هذا الموقف الصعب، بل البالغ الصعوبة. ولسنا نريد أن نخوض في الأمر، إذ هناك من أساتذة علم النفس وعلم الاجتماع، من هم أقدر منا على تناول التفاصيل والولوج إليها بالعلم، والزمن كفيل بأن يجعلهم قادرين على أن تصفو النفوس رويدا رويدا، وصولا بها إلى صفاء لا تكدره شائبة.

الطفل الكويتي، كخليجي؟!

يفتح الطفل الكويتي عينيه على مياه الخليج، كما يفتحهما على والديه، وإذا كان "العربي" هو أخاه الذي "حسده" على النعمة، فإن الخليجي هو شقيقه الذي يغبطه على الظروف التي يحياها، إن أشقاءه في الشقيقة الكبرى - السعودية - وفي قطر والبحرين والإمارات وعمان، يدركون أنه طفل محظوظ، وأن الطريق معبدأمامه لكي يتقدم أكثر.. إذ بدأ المسيرة قبلهم، واستطاع أن يستثمر جانبا من ماله في مجال التعليم والتربية، ووظف الكثير لكي يشب هذا الصغير سويا سليما، واستقدم إلى بلاده خبراء العالم من أجل هذه المهمة الجليلة، كما أنه استعار من أرجاء مختلفة من وطنه العربي أساتذة قادرين على أن يحققوا لهذا الطفل مستوى رفيعا من العلم والخلق.. وهم بحق لم يبخلوا قط عليه بالترويح، جنبا إلى جنب التنشئة فهو جزء منها.. والإنسان الخليجي - بعد البترول - اختلف عنه قبلها، إيجابا وسلبا، وصار يلهث ليلحق بحضارة الدنيا، أحيانا أغراه بعض ظاهرها وزخرفها، فاندفع نحوه، ثم سرعان ما تبين له الزيف، فيرجع كالبرق إلى أصالته وعروبته.

قل الرعي، في الخليج، قبل النفط، وندرت الزراعة، وكان البحر مصدر الثروة صيدا، وتجارة، ومغامرة.. ثم أصبح المجتمع في غالبيته رجال أعمال ومال، وقد وظفوا خبراتهم القديمة في مجال التجارة لصالح الظروف الجديدة، ونجحوا كثيرا، وإن أخفق البعض أحيانا، لكن المجتمع تقدم لأن الأغلبية وفقت، وخير الله كان عميما، لذلك صار الخليج بقعة جذب لمن يريد أن يعمل بأجر معقول، بل ومرتفع، واعتمد البعض على هؤلاء، وبخاصة في البيوت، داخل الأسر، الأمر الذي تنبه الجميع لخطورتهم على مستقبل الأبناء، وجرت دراسات واسعة حول الموضوع، وحول الدور الأساسي للأم، في المنطقة.. تلك الأم التي حمت الوطن والأبناء أيام الصيد.. ولا بد لها أن تعود لدورها بإصرار.. والطفل الخليجي، تتردد على مسامعه من خلال أجهزة الإعلام، كما يقرأ كثيرا عن دول مجلس "التعاون".. والتعاون قيمة إنسانية رفيعة المستوى، وهي من الأسس الراسخة في ديننا الحنيف، إذ أمرنا به على البر والتقوى، ونهينا عن أن نمارسه على الإثم والعدوان.. وقد كان الإنسان العربي عبر تاريخه مقدرا لهذه القيمة الرائعة، بل نظن أن الحركة التعاونية العالمية قد استفادت الكثير مما جاء به الإسلام في هذا الصدد، وعلينا أن نواصل التبشير به والتعاون على غرسه في نفوس الصغار، حتى لا يشبوا فرديين، لا تهمهم غير صوالحهم الخاصة، ولكي يدركوا أن المال مال الله، وأنهم مستخلفون فيه، وأنه امتحان لهم واختبار، وبقدر ما يحسنون التصرف فيه يكون الكسب والفوز، وليكونوا على يقين من أن المعنويات كانت وستظل قيمة عليا فوق الماديات، بهذا قال ديننا الحنيف، وتقاليدنا الموروثة، ولن يكون هناك نجاح وفلاح بالمال وحده، فبالعلم معه يبني الناس ملكهمو، فما بني ملك على جهل وإملاق - كما قال شاعرنا الكبير.. إن الخليج ودوله تجربة رائعة نثبت بها أن المال عبد للإنسان، وأن العكس غير صحيح!.

الطفل الكويتي، ككويتي..

ورغم ما تثيره العبارة في نفسي، فإنني مضطر لها، وأتسـاءل: كيف يتسنى أن يصحو هذا الصغير ذات صباح ليجـد نفسه بلا ديار ولا دار؟! ما ذنبه يسمع هذا الهدير وذلك الزئير، بدلا من أغنية ناعمة حلوة؟ لماذا يحرم اللعبة ومقعد الدراسة وشاشة التلفزيون، ومجلة "العربي الصغير" ؟ و"افتح يا سمسم"؟ إنه بدلا منها ينفتح عليه بركان من نيران تلسعه وتحرقه، وتبقى صرخاته مكتومة.. إنه "شهيد"!.

هذا المجتمع - كما تقول أمي وأستاذتي د. سهير القلماوي - أقامته المرأة، إذ كان الرجل يغيب طويلا في البحر، من أجل اللؤلؤ والصيد، وتظلل الأم بأجنحتها على أطفالها، وتزققهم، وترعاهم، وتنشئهم في غيبة الآباء، وإذا بهم يشّبون، وادعين على البر، شجعانا في البحر، وأعطاهم الله من فضله، تعويضا عما عانوه، ورفل الصغار في الديباج والحرير، وإن انشغل الرجال بالأعمال وظلت الأمهات تظللهن بحب عريق عميق.. وفجأة يضيع كل شيء! أهو الحسد الذي يتمنى زوال النعمة؟ أهو الاسترخاء الذي مكن الآخرين منه؟! أم ترانا نلقي على الطرف الآخر كل المسئولية، فهو الشر كل الشر ولا شيء غير الشر.. لقد ظل شعارنا "نسالم من يسالمنا ونعادي من يعادينا" هو السائد، ولست أنسى الأم الكويتية التي جاءتني تشكو كراهية طفلها للمدرسة، لاعتداء الأطفال عليه، وإذا بها تعترف لي بأنها تريده طيبا ومسالما، وأنها أمرته ألا يمد يده على أحد.. وسألتها: حتى لو مد هذا يده إليه وضربه؟!.. قالت: نعم.. قلت لها: سيدتي علمي طفلك ألا يعتدي وعلميه أيضا أن يرد العدوان بقوة وعنف، إن الآخرين قد أعجبهم ضعفه واستخذاؤه واستسلامه، فجعلوه تسليتهم.. هذا أغراهم بالعدوان عليه.. عين بعين، وسن بسن!.. وأذكر أن السيدة قد استجابت للنصيحة، وأن الأمور قد استقامت مع صغيرها بعد حين. ولقد تعلم الصغير الكويتي أن كل شيء سهل ويسير، وعليه أن يدرك أن هناك الكثير يحتاج للجهد والعرق، وهو أحيانا يشعر بالقوة الناجمة عما لديه، وعما أعطاه الله، وقد يدير هذا رأسه بعض الوقت، لكننا مطالبون بأن ننبهه بأن القوة الناجمة عن المال وحده قد تكون غاشمة، وأن الإنسان في تواضعه أكبر منه في صلفه، وأن الحياة وإن احتاجات للثقة في النفس، فهي لا تريدها - أي الثقة - أقل مما يجب، ولا أكبر مما هو مطلوب.

المحافظة على التقاليد

وكما حافظ الكويتي على ثيابه التقليدية، يرتديها باعتزاز كبير بها، عليه أن يحافظ عما تحتها سليما قويا نقيا، وبالذات لابد وأن يستبقي عقله تحت عقاله، ناضجا، لماحا، ذكيا، كما كان، فلا يجنح به إلى آفاق بعيدة، ولديهم في الكويت مثل يقول: "اللي مو من دينك ما يعينك".. وإذا أعانك - بالثمن مرة - فهو لن يفعل إلا إذا تقاضاه أضعافا مضاعفة.

قد يرى البعض أننا نقحم أنفسنا في أمر لا يحق لنا أن نتطرق إليه، أو نناقشه، لكننا في الواقع لا نفرض أنفسنا عليه، أو عليهم.. نحن نفكر معهم، ولهم.. لا أكثر ولا أقل.. إذ نحن نشاركهم في ستين بالمائة من هذه الخصوصية، فنحن بشر، ومسلمون، وعرب، مثلهم، وذلك يفرض علينا أن نشارك، حتى لو لم نكن على صواب في وجهة نظرنا، لأنه من الطرح ذاته إذا كان سليما تقبلوه، وإلا فإن معارضته من جانبهم واجبة، إنه "أرضية" للتفكير، لا أكثر ولا أقل، ومنهج، قد يعترض عليه البعض، وقد يتقبلونه، وهو في الحالين يحمل قدرا من الاجتهاد، إذا أصاب صاحبه فله أجران، وإذا لم يوفق فله ثواب الطرح والمناقشة، خاصة وهو يقدم ذلك بأمانة وإخلاص شديدين، ولا يهدف من وراء هذا غير صالح الطفل الكويتي، الذي هو ابننا، ونريد أن يتجاوز ما حدث ليستكمل الطريق مع رفاقه، انطلاقا إلى آفاق أبعد، ومستقبل أفضل.. حين نتخلص حاكمين ومحكومين من ضلال الفكر المستبد، والدكتاتورية الحمقاء، وليكن أمرنا شورى بيننا، ولا نولي علينا شرارنا، بل أن نتدرب من خلال الديمقراطية على التخلص سلميا ممن يعوقون المسيرة، ويعطلوننا عن التقدم المستمر، وصولا إلى أهدافنا النبيلة.

 

عبدالتواب يوسف

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




هل هناك خصوصية للطفل الكويتي؟