إذا أردت أن تعرف أحدث معلومات وإحصائيات وبيانات أساسية عن أي دولة في العالم، مثل: اسم العاصمة، نوع الحكومة، الدخل القومي، الوضع الاقتصادي والاجتماعي، نسبة الأمية، والعلم بألوانه ورموزه، وغير ذلك.. فإلى أي مرجع سريع تعود؟.

ربما يقول البعض يمكن الرجوع إلى مصادر مختلفة لإيجاد الأجوبة عن الأسئلة السابقة وما شابهها، ولكن ثمة مرجعا واحدا وهو موضوع هذا العرض يستطيع أن يغنيك عن الرجوع إلى العديد من المصادر لإيجاد المعلومات والإحصائيات الأساسية التي تريدها يوما ما، في عملك. إنه كتاب "الألمناك" العالمي 1994، والأسئلة التي تتبادر إلى الذهن الآن ربما هي: ما معنى "الألمناك"؟ ما هي طبيعة هذا الكتاب؟ أي جهة تصدره؟ ما الطريقة المتبعة في تصنيفه؟ وما المميزات والسمات الرئيسية لهذا الكتاب؟ ومن يمكن أن يستفيد منه؟.

كلمة "ألمناك" Almanac في قاموس "وبستر" العالمي للعام 1991، يحددها لنا بالقول: إنها مطبوعة منتظمة تضم معلومات عامة ذات طابع تثقيفي "إعلامي" وإحصائي، ويضيف: إنها "تقويم" سنوي يشتمل على معلومات وبيانات حول الشمس والقمر والنجوم والرياح والأعياد العامة.. وغير ذلك.

والجدير بالذكر هنا أن أصل الكلمة "ألمناك" عربي، دخلت إلى اللغة الإنجليزية في العام 1391 للميلاد، من اللغة الإسبانية، التي أخذتها بدورها من اللغة العربية، وذلك إبان العهد العربي المزدهر في الأندلس، والذي انتهى قبل أكثر من 500 سنة. ثم إن كلمة "ألمانا" الفرنسية ربما أخذت من العربية "المناخ" أيضا.

المناخ في اللغة العربية

أما المناخ - في اللغة العربية - طبقا لقاموس "المنجد" للعام 1988 فتعني في الوقت الحاضر "لائحة أو كراسة تحتوي على جداول الأيام والأشهر، مع بيان زمان طلوع الشمس والقمر وغروبهما، وأوقات الأعياد". وأما مولدو العرب فكانوا يسمونه تارة بالتقويم وتارة بالمطبوخ. ويقصد بالتقويم الآن "سجل يشمل ويبن أيام السنة، موزعة على شهورها، مع ذكر أيام العطلات والأعياد وأوقات الصلاة والملاحظات النجومية والفلكية"، والتقويم في الجغرافيا يعني طول البلاد وعرضها، كما يعني في الفلك، حساب الأوقات وتوزيع السنة، أشهرا وأياما، ونقول مثلا "التقويم الميلادي" و "التقويم الهجري"، وحسب ما ورد في "المعجم العربي الأساسي" لعام 1989.

مما تقدم يتضح أن لفظة "الألمناك" مأخوذة من الكلمة العربية "المناخ" عبر اللغة الإسبانية، وتعني، حاليا التقويم، الروزنامة، ويبدو لنا أن "التقويم" هو أفضل ترجمة للفظة الإنجليزية "الألمناك".

126 عاما من عمر "الألمناك"

في العام الماضي 1993 احتفلت دار نشر "ألمناك" بالذكرى الـ 125 لهذا التقويم العالمي، وكانت الطبعة الأولى قد صدرت في العام 1868، مؤلفة من 108 صفحات، بالإضافة إلى 112 صفحة من الإعلانات وضم الفهرس العام 7 أقسام، أو رءوس موضوعات، مثل: الفلك، السياسة، إعادة الإعمار "الولايات المتحدة"، إحصائيات ونتائج الانتخابات الأمريكية.

وفي طبعة عام 1893، ضم التقويم 460 صفحة، بما فيها الإعلانات، وفي طبعة العام 1943، قفز عدد الصفحات إلى 960، بالإضافة إلى صفحات الإعلانات وصدرت طبعة الذكرى المئوية الأولى، أي طبعة 1968 بـ 912 صفحة، وطبعة العام 1994 في 976 صفحة. وكان الألمناك قد توقف عن الصدور في العام 1876 ثم أعاد إصداره في عام 1886، جوزيف بولتزر، بهدف جعله "خلاصة وافية للمعرفة العالمية الشاملة والجامعة"، ومنذ ذلك العام لا يزال يصدر سنويا بلا انقطاع. والجدير بالذكر أن "الألمناك" العالمي كان أكثر المطبوعات مبيعا من نوعه في العام 1993، وكذلك الحال في السنوات السابقة لذلك العام في الولايات المتحدة. والكتاب من الحجم المتوسط، كما أن حجم أحرف طباعته صغير، ولذا نجد أن عدد الأسطر في الصفحة الواحدة قد يتراوح في المتوسط ما بين 80 و100 سطر، وأن عدد الكلمات يتراوح ما بين 1400 و1600 كلمة في الصفحة الواحدة، وعليه فإن عدد الكلمات في هذا المجلد قد يصل إلى حوالي مليون ونصف المليون كلمة، وهذا بلا شك رقم قياسي للغاية في مطبوعة بهذا الحجم.

6 آلاف عام من التاريخ

يحتوي الكتاب على أي شيء قد يخطر في بال أي إنسان معاصر، سواء حدث في أواخر العام الماضي، أو قبل أكثر من 6000 عام من التاريخ البشري، أي أنه سجل حافل أو مركز معلومات للولايات المتحدة بوجه خاص وللعالم بوجه عام عبر التاريخ الإنساني المدون. وعليه فإن جميع مواده تندرج تحت حوالي 3330 رأس موضوع، فما معنى ذلك؟ إن "رأس الموضوع" كما تستعمل في قاموس علم المكتبات، تعني موضوعا رئيسيا، يتفرع عنه أكثر من موضوع فرعي، وقد يكون رأس الموضوع حدثا، منظورا أو غير منظور، جغرافيا أو تاريخيا أو اجتماعيا، وما شابه ذلك، وقد يكون اسم قارة، أو دولة، أو اسم شخص، أو منظمة، أو هيئة، أو نظرية، أو مدينة، أو شهر وما شابه ذلك.

فلنضرب بعض الأمثلة البسيطة، فالولايات المتحدة رأس موضوع، وكذلك الحال بالنسبة لأي دولة في العالم، ويندرج تحت الولايات المتحدة 135 موضوعا فرعيا، والأمم المتحدة رأس موضوع، تندرج تحته ستة مواضيع فرعية، والحروب رأس موضوع، ولها أربعون موضوعا فرعيا، أي مختلف أنواع الحروب التي نشبت في العالم.

ومن رءوس الموضوعات الواردة في الكتاب، نذكر - على سبيل المثال - البيئة، التربية، جائزة نوبل، الطاقة، النفط، الرياضة، المخدرات، علوم وتكنولوجيا، الزلازل، الفيضانات الشخصيات المشهورة، وغير ذلك.

تصنيف الكتاب

وأما الطريقة المتبعة في تصنيف الأحداث والمواد وعرضها في "الألمناك" فهي كالآتي:

1 - عرض أحداث العام 92 - 1993: يبدأ، أولا، بعرض أحداث الفترة الماضية، من 1 / 11 / 1992 إلى 15 / 10 / 1993، حسب أهميتها للقارئ الأمريكي، وكان أكبر حدث من بين عشرة أحداث، في الفترة المذكورة، تولي الرئيس الأمريكي بيل كلينتون السلطة في 20/ 1/ 1993، ثم يعالج أبرز ثلاثة أحداث في مقالات بقلم كبار الكتاب. وبعدها يعرض أحداث الفترة الماضية حسب التسلسل الزمني، في اثني عشر شهرا، ابتداء من 1/ 11/ 1992 إلى 15/ 10/ 1993، ويسمي أحداث الولايات المتحدة التي تأتي أولا بالقومية، وأحداث بقية العالم التي تأتي ثانيا "الدولية"، والأحداث المتنوعة "العامة". والأحداث "العامة" تشمل الإنجازات العلمية والتكنولوجية، وانعقاد المؤتمرات المهمة، مثل مؤتمر"الإيدز" وزيارة البابا للولايات المتحدة الأمريكية وسواها.

2 - خلفيات تاريخية لأهم الأحداث: ولا يكتفي هذا المرجع العالمي بتقديم أحداث العالم في العام 1993 فحسب، بل يقوم بنشر خلفيات تاريخية للمواضيع والقضايا التي تحتاج إلى خلفيات فعلى سبيل المثال ينشر علي الصفحة 77 لمحة موجزة عن العلماء والشخصيات الذين فازوا بجائزة نوبل في العام 1993، ثم يعود وينشر قائمة كاملة بجميع العلماء والشخصيات الذين نالوا جائزة نوبل منذ بدء منحها في العام 1901 وحتى 1992 على الصفحات 300 - 302، وما يطبق على جائزة نوبل يطبق أيضا على العديد من المواضيع التي تحتاج إلى تقديم خلفيات تاريخية لها. وفي هذا المرجع العالمي، هناك العديد من السمات المميزة، ولعل أبرزها:

1 - حداثة المعلومات المنشورة: لعل أول ما يلفت نظر القارئ في هذا التقويم، حداثة المعلومات التي جرت في العام 1993، تصور مثلا أن الكتاب وصل إلى الكويت في أواخر شهر ديسمبر / كانون الأول 1993، متضمنا الأحداث التي جرت في 15/ 10/ 1993، وحين تكون أمام مطبوعة تتكون من حوالي ألف صفحة، وحوالي مليون ونصف المليون كلمة، فهذا يدل على مدى التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل الذي وصلت إليه صناعة الطباعة في الولايات المتحدة.

2 - أبسط الأمور وأطرفها: وبالإضافة إلى أن المرجع الراهن يتناول عرض الأحداث المهمة في الوقت الحاضر، وعبر التاريخ أيضا، إلا أنه لا يخفى عليه أن يسجل بين الحين والآخر، أبسط الأمور وأطرفها، فلنضرب مثلا على ذلك: ينقل الكتاب عن مصدر بيئي أمريكي متخصص كمية المياه التي يستهلكها المقيم في أمريكا في السنة، فهو يستخدم 107 آلاف غالون في السنة، أي بمعدل 168 غالونا في اليوم الواحد، وبالتحديد، يستهلك الأمريكي لأخذ حمام سريع "دوش" ما بين 25 و 50 غالونا، ولغسل الصحون باليد 20 غالونا، مقابل 10 غالونات لغسلها بغسالة الصحون الكهربائية، أما ما يستهلكه من المياه لتنظيف أسنانه "مياه جارية" فيبلغ غالونين، ولحلاقة ذقنة ما بين 10 و15 غالونا من المياه "ص 176".

التقويم.. والاستفادة منه

وبعد كل ما تقدم نطرح السؤال: من يمكن أن يستفيد من هذا المرجع السنوي العالمي؟ في الواقع، هناك العديد من الفئات المثقفة يمكن أن تستفيد من هذا التقويم للحصول على معلومات وإحصائيات سريعة، وخاصة عن الولايات المتحدة الأمريكية، سواء كانت قديمة أم معاصرة، فهذا التقويم السنوي ضروري، مثلا، لرجال الصحافة والإعلام، والباحثين وأساتذة الجامعات وطلابها، وتلاميذ المدارس، والكتاب، والمؤلفين، والأدباء، والمفكرين، والدبلوماسيين، بالإضافة - طبعا - للمسئولين عن قسم المراجع في المكتبات على أنواعها. وفي الختام نتمنى جميعا أن يكون لدينا، في الوطن العربي، تقويم سنوي متواصل، مماثل لهذا التقويم الأمريكي.