إلي أن نلتقي

إلى أن نلتقي

حاتم طئ وحصانه و.. أحفاده

حاتم طئ ذبح فرسه كي يطعم ضيفه، هذا ما تعلمناه في طفولتنا، وتعلمنا أيضا أن الكريم العربي لا يوفر أغلى ما يملك، وهو الحصان أو الفرس من أجل إكرام الضيف.

وعلى ما يبدو فإن أحفاد حاتم طىء قرروا تحويل تراث جدهم إلى وكالة تجارية لبيع لحوم الخيول معلبة.. وبأرخص الأسعار لإكرام.. الزبائن.

هذا ما طالعتنا به تصريحات أحد أو بعض المسئولين في الجمعيات التعاونية في الكويت، الشهر الماضي، عندما تم الإعلان عن أن إحدى الشركات الخليجية تقوم بتعليب لحوم الخيول وبيعها في أسواق الكويت والخليج باعتبارها عجولا وأبقارا وثيرانا.

ووفق سيناريو فيلم "ذئاب لا تأكل اللحم" فقد توقف أكلة اللحوم عن اشتهاء المعلبات، وتحول بعضهم إلى.. نباتيين، مع أنه كان يفترض أن يحدث العكس، خاصة أنه من المعروف في فرنسا أن وجبة لحوم الخيول المعلبة تقتصر على أهل النخبة من القادرين على ابتياعها واستهلاكها بسبب ارتفاع ثمنها، أما في دول شرقي آسيا فإن لحوم الخيول هي في ندرة الكافيار الإيراني، وكانت إحدى التهم الموجهة إلى إيميلدا ماركوس زوجة ديكتاتور الفلبين السابق هي أنها كانت تلتهم مع زوجها حصانا كاملا كل أسبوع (!).

.. ومع ذلك فإن جماهيرنا تفضل لحوم العجول والأبقار والثيران والأغنام بل والتيوس على.. الخيول، وهذه ظاهرة "نفسية" تستحق الدرس، فالعرف الاجتماعي يتعامل مع الحصان أو الفرس، كما يتعامل الهندوس مع البقرة، وفي الأمثال الشعبية الكثير مما يفيد هذا المعنى من نوع "لسانك حصانك إن صنته صانك"، هذا من ناحية، كما أن كثيرين من أبناء الخليج العربي يدفعون ملايين الدولارات من أجل حصان عربي يرمح في السباقات، وهذا الحصان العربي عندما يتقاعد عن الجري والسباق فإنه بالتأكيد لا يذبح بل يتم استغلاله في عمليات "تجويد وتحسين" النسل، فيؤتى إليه بالأفراس لتلقيحها، وقد أخبرني "مَضمّر" بريطاني أن صاحب أحد الخيول العربية الأصيلة كان يتقاضى مبلغ 15 ألف جنيه عن كل "وثبة" لتحسين نسل السلالات البريطانية.

وأخيرا فإن هذا الاستنكار الشعبي لتحويل الخيول إلى معلبات هو دليل عافية، فالخيل المعقود في نواصيها الخير يصعب تعليبها، كما يصعب تعليب الفرسان (!).

 

أنور الياسين

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات