عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

مواجهات

عزيزي القارئ..

لا شك أن أفضل طرق المعرفـة، تكمن في المواجهة لا الاختباء من احتمالات الحقيقة، بحلوهـا ومرها، لكننا نضيف أن السوية في المواجهة، هي الضمان الحقيقي للاحتفاظ بالود مهما كانت القضية، فكل شيء يمكن أن يقال بشكل لا يجرح، وهذا يتوقف على طريقة القول. والسخرية فن من فنون القول، لكنه فن للكبار، ليس فقط بالقـدرة على إبداعه، بل أيضا بـالقدرة على استيعابـه وفهمه، لأن ذلك يتطلب درجة متقدمة من الوعي بالـذات، والتمييز، والمحـاكمة العقلية. إن السخـرية تفريج يرد على الإحباط ويلغي التشنج، وسـلاح للنقد يواجـه الواقع المرير بالوقـوف فوقه، ولقـد اشتهرت شعوب كثيرة بـروح السخرية هذه وخاصـة في أوقات الحروب والنكبات ولكن هنـاك خيطا رفيعا يفصل بين إثارة الفكـاهة والتندر على العيوب وبين جلـد الذات. وهذا هو المصير الذي تعاني منه السخرية العربية الآن ويعـاني منه ساخروها. فقد اكتسبت الطرفة طابع الأزمة العربية، مريرة وكابوسية، كوميديا سوداء كـما يقولون. وليس هناك أكثر من مسئـولية الكتاب للخروج بنا من هذا النفق المظلم. وهذه المواجهة يحتفل بها هذا العدد، عندما يستضيف ساخرا مصريا كبيرا هو الأستاذ محمود السعدني، يسـأله ساخر كـويتي كبير هو الأستـاذ محمد مسـاعد الصالح في باب "وجهـا لوجه " ، أما أبوابنا الأخرى، فإن روح المواجهة تسري فيهـا وتنبض، فعلى عكس الظن الشائع، تقتحم استطلاعاتنا نقاطـا ساخنة أو حرجـة لتستجلي الحقائق، في الجزائر: "بلـد يبحث عن هوية"، وفي بنـدر عباس "إجابـة جديـدة عن سؤال قديم "، ولا تكف- في عددنا- المواجهات، بـداية من افتتاحية رئيس التحرير عن مصير الكتاب "وخير جليس في الزمان شريط " والسؤال الذي يطرحه المقال. هل سيبقى الكتاب حقا خير جليس. أم أن عوامل التقدم والتقنية الحديثة سوف تنزع عنه هذه الصفة؟. واستمرارا في مقال الدكتور فهمي جدعان "من نقد العقل إلى نقد الفعل" ، وكذا مقالة منح الصلح عن الوحدة العربية واللبيراليـة يضيفان بعدا ثريا للعقول العـربية عندما يواجهان بعض القضايا القديمة بأسلحة جديدة تثبت أن الفرسان القدامى مازالوا قادرين على المصاولة، وربما يلاحظ القارئ ذلك التجديد الذي يشمل منتدى العربي. فهو لم يعد يقتصر على قضية واحدة أساسية. ولكنه يحمل دعوة للحوار والاختلاف مع الآخرين وهي دعـوة لا نفتأ نكررها على صفحات مجلة العربي. ولا تكف المواجهات في عددنا، حتى في العلم الذي يبحث عن "آفاق جـديدة" والطب الذي يكشف "الجديد في القرحة الهضمية".

عزيزي القارئ، لنبحث عن الحقائق في المواجهات، لكن.. دعنا نطمح إلى مواجهـات حضارية، نأمل أن تظل محتفظة في كل قضاياها بالود. كل الود.

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات