العودة إلى الدين.. د. أحمد أبوزيد

العودة إلى الدين.. د. أحمد أبوزيد

في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، تنبأ عدد من كبار الفلاسفة والمفكرين الاجتماعيين في أوربا بأن الدين سوف يختفي تماما من حياة البشر، إلا إذا أُدخلت عليه تعديلات جذرية تتناول بعض تعاليمه وأحكامه وتصوراته عن الإنسان وعلاقته بالكون، بحيث يتلاءم بقدر الإمكان مع التغيرات المستمرة في أساليب التفكير وأنماط الحياة الحديثة، وتقدم وازدهار التفكير العلمي الوضعي ومع الاتجاهات العلمانية التي أخذت تفرض نفسها بقوة كنتيجة طبيعية للأوضاع المتغيرة في المجتمع الغربي بوجه عام.

وقد ازداد اتساع نطاق حركات التشكيك في جدوى الدين وفاعلية الدور الذي يستطيع أن يقوم به في عصر تحكمه نتائج البحوث العلمية الدقيقة والإنجازات التكنولوية المذهلة، وبخاصة في مجال الهندسة الوراثية وارتياد الفضاء التي أثارت كثيرا من التساؤلات حول بعض المسلمات الدينية الراسخة واعتبارها في نظر الكثيرين من العلماء - مجرد أوهام وأمورا لاعقلانية، كما حدث مثلا بالنسبة لفكرة الخلق بعد ظهور نظرية داروين التطورية ثم أخيرا بعد اكتشاف الشفرة الوراثية وإمكان تطبيق عملية الاستنساخ على البشر وتغيير كثير من المقومات المتصلة بطبيعة الفرد وسلوكياته والتحكم في مسيرة التطور البشري، بل وإمكان (صنع) إنسان في المعامل والمختبرات وهكذا. وكانت مثل هذه الشكوك قد أثيرت على نطاق واسع في سلسلة المحاضرات الشهيرة التي قدمتها بالإذاعة البريطانية في الخمسينيات أستاذة الفلسفة مارجرت نايت Margaret Knight تحت عنوان رئيس هو «أخلاق بغير دين» Morals Without Religion، عرضت فيها وجهة نظرها حول تراجع الدين والأخلاق في المجتمعات الغربية الحديثة وإمكان قيام أخلاق وضعية تحكم سلوك الناس وتوجه سير الحياة دون حاجة إلى الاسترشاد بالمبادئ والقواعد والأحكام الدينية والخضوع لتعاليم الكنيسة. ولكن على الرغم من الجدل الواسع والعنيف الذي أثارته تلك المحاضرات في ذلك الوقت والاستنكار الواسع الذي قوبلت به فقد كانت في بعض أبعادها مؤشرا على فداحة الأخطار التي تهدد المجتمع نتيجة الانصراف عن الدين كمصدر للأخلاق. ويعترف الكثيرون الآن بأن المجتمع الغربى يعيش في مرحلة يصفونها بأنها مرحلة مابعد المسيحية Post-Christian حيث لايرتبط معظم الناس بأي عقيدة دينية سماوية. كما يسلّم الكثيرون في أوربا بالذات بأن كل الأديان تعانى من التراجع باستثناء الإسلام الذي يشهد تمددا وانتشارا خارج الحدود الجغرافية التي ارتبط بها دائما على مايقولون.

الحركات الإحيائية

ولكن هناك على الجانب الآخر من ينكر- اعتمادا أيضا على الواقع المشاهد - أن الدين بالمعنى الواسع للكلمة الذي يشمل كل المعتقدات، بما فيها العقائد غير السماوية يعاني من حالة الانصراف عنه بدرجة تهدد وجوده، ويرون أن العكس هو الصحيح. إذ الملاحظ بوجه عام أنه في الوقت الذي تسود فيه النزعات الوضعية في مجتمعات الغرب «العلملتية» فإن الدين كمفهوم وإحساس ومشاعر لايزال قائما في وجه كل التحديات. وإذا كان نيتشه أعلن منذ أكثر من قرن عن «موت الإله» فإن ثمة حركات إحيائية قوية للدين واتجاها واضحا نحو العودة إليه في مجتمعات الغرب ذاتها. وإذا كان فرويد اعتبر الدين مجرد وهم وأن على العالم أن يتجه بقوة نحو العلمانية فإن ثمة من المفكرين المعاصرين من يرى أن الدين لايمر بمرحلة تراجع أو انكماش تهدد وجوده، وأن كل مايحدث هو عملية مراجعة لإعادة تشكيل بعض الجوانب التي ترتبط بالظروف المتغيرة دون مساس بالثوابت وأن هذه الحركات الإحيائية تهدد العلمانية التي لاتلبي حاجات الإنسان الطبيعية مثلما يفعل الدين، وإن الدول الشيوعية السابقة تشهد الآن عودة إلى الدين الذي لم يندثر تماما في أى وقت من الأوقات أو تحت أي ظروف مناوئة. ففي عام 2006 وبعد خمس عشرة سنة من سقوط الاتحاد السوفييتي تبين أن أربعة وثمانين في المائة من سكان روسيا كانوا يؤمنون دائما بالله، بينما لم يعترف سوى ستة عشر في المائة فقط بأنهم لادينيون. كذلك يلاحظ أن التيارات الدينية تستحوذ الآن بطريقة متزايدة على الحكم في كثير من دول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة حيث يتمتع اليمين الديني المحافظ بوجود سياسي قوى. كما أن حركات الإحياء الدينى امتدت إلى الشعوب والمجتمعات القبلية التي فقدت دياناتها الوطنية وتحولت إلى المسيحية تحت وطأة الاستعمار وتأثير الإرساليات والكنائس الغربية في إفريقيا بالذات وما ترتب على ذلك من ضياع الهوية الثقافية وفقدان القيم الأخلاقية الأصيلة.

التمرد على الموروث

ويذهب بعض علماء الأنثروولوجيا إلى أن هناك في الوقت الحالي حوالي مائة ألف ديانة وعقيدة وعبادة تتفاوت فيما بينها من حيث الحداثة والقدم ومدى الانتشار وقوة التأثير وتعقد الطقوس والممارسات أو بساطتها والارتباط بالحياة الواقعية وأحداثها أو التباعد عن الأمور الدنيوية. وعلى الرغم من كل التغيرات وحركات التمرد على الموروث فإن ثمة مايشير إلى وجود نزعة قوية حتى بين الشباب في العالم الغربى إلى العودة إلى الدين. فكثير من القيم المتوارثة التي كانت تعتبر مرجعا للسلوك بدأت تتوارى ولذا يرى الكثيرون في الدين مصدرا للسلوك والأخلاق يساعد على تماسك المجتمع. وعلى العموم فإن الأجيال السابقة تنعى على الأجيال الحالية عدم التمسك بالدين، بحيث أصبح المجتمع الغربى يوصف بأنه مجتمع لايعرف طريقه إلى الله Agodless society.

وترجع تلك النزعة إلى العودة إلى الدين من بعض الوجوه إلى الشعور بالحاجة إلى االارتباط أو الانتماء إلى شيء أكبر وأكثر دواما من الواقع المحسوس المتغير بكل تقلباته ومفاجآته غير المحسوبة التي لا يشعر الإنسان إزاءها بالأمان والاستقرار. وهو شعور طبيعي وغريزي يتحقق بأفضل صورة من خلال الانتماء إلى الدين. وهذا أمر واضح حتى في حالات الانتماء إلى ديانات غير سماوية بل وإلى المعتقدات السائدة في المجتمعات البدائية والممارسات الشعائرية الشعبية أو التقليدية كما يبين علماء الأنثروبولويا. ولا يتعارض ذلك الانتماء مع الاهتمام بشئون العالم المرئي المحسوس ولا بالحياة، على مايقول جوناثان بثنول Jonathan Bethnall أستاذ الأنثروولويا الاجتماعية في كلية الجامعة بلندن في كتابه الذي صدر عام 2008 بعنوان العودة إلى الدين Return to Religion وله عنوان فرعي يكشف عن مدى تهديد الإيمان للنزعة العلمانية هو Why a Secular Age is Haunted by Faith.

وثمة عبارة متداولة في كثير من الكتابات الحديثة تذهب إلى أنه بدلا من أن نقول إننا أصبحنا متدينين لأننا كائنات اجتماعية فإن الأحرى أن نقول إننا أصبحنا كائنات اجتماعية، لأننا متدينون بالفطرة، وهذه مقولة يدافع عنها بشدة نيكولاس ويد Nicolas Wade في كتابه الطريف عن غريزة الإيمان The Faith Instinct الذي صدر عام 2009 وفيه يتكلم عن وجود «جينات الدين» لدى الجنس البشري، ولذا فالإنسان متدين بالفطرة، وهذه خاصية لازمته خلال كل مراحل تاريخه الطويل، إذ كان الدين دائما بمختلف أشكاله وصوره وتعاليمه أداة للتماسك الاجتماعي، كما كانت محاولات المحافظة على الجماعة الدينية وتماسكها هي أساس الصراع من أجل البقاء عن طريق البحث عن مصادر القوت والغذاء، وعلى ذلك فإن الانتخاب الطبيعي يصدق على الجماعة مثلما يصدق على الأفراد. وهذا معناه أن من الخطأ الاعتقاد أو القول إن الدين يتراجع بالرغم من كل المظاهر التي قد تشير إلى ذلك لأن الدين (مغروس) في الينوم البشري، وأنه إلى جانب دوره في إعطاء معنى ومغزى للحياة والوجود فهو شيء غريزى ناجم أصلا عن ذلك «الجين الديني».

ضد العلماء

وقد ترتب على هذه النظرة إلى الدين كعنصر أساسي وفطري في التكوين البشري، ظهور حركة متنامية الآن ضد العلماء والمفكرين العلمانيين الذين يوصفون في بعض الكتابات بالعلماء «الملحدين» من أمثال ريتشارد دوكينزDawkins ودانييل دينت Dennett وكريستوفر هيتشنز Hitchens الذين يعتبرون الدين مجرد «وهم سيئ وضار». ويرتكز ذلك الهجوم والرقص على أن النزوع إلى الدين يساعد على تنظيم الحياة وإعلاء الكرامة الإنسانية وتماسك المجتمع والانتماء إلى رابطة أعلى وأسمى من العلاقة بين الأفراد وأكثر تجريدا من التنظيمات الدنيوية التي يتولى الإنسان صنعها وصياغتها لخدمة أغراضه المحسوسة الجزئية، ومن هنا كانت تلك الصحوة الدينية المشاهدة الآن والتى يمكن رصدها بسهولة حتى في أشد المجتمعات تمسكا بالعلمانية. وبدلا من الحديث الذي كان يسيطر على جانب كبير من الأوساط الثقافية والفكرية في العالم عن ضرورة تحديث الدين بدأت تظهر دعوة قوية إلى تديين الحداثة.

وتعتمد حركة العودة إلى الدين على أساليب وطرق متطورة وحديثة لنشر دعوتها على أوسع نطاق مثل الالتجاء إلى البرامج الدينية التي تبثها كثير من القنوات التليفزيونية والإذاعات حتى في دول الغرب وإنشاء صحف ومجلات ودوريات دينية متخصصة، أو تعطى مساحة كبيرة من اهتمامها للشئون الدينية بل والإقبال الشديد على إنشاء كليات جامعية ذات طابع ديني، كما هو الحال في الولايات المتحدة على وجه الخصوص واستخدام الإنترنت وقيام أحزاب سياسية ذات توجهات دينية فضلا عن الجماعات والمؤسسات الدينية الأهلية الكثيرة. وقد ترتب على ذلك أن ظهر على السطح تعبير قد يحتمل أكثر من تأويل وهو «مقاولو الدين» Pastorpreneurs ويقصد به رجال الدين والدعاة المحترفون. وقد صاغ هذا التعبير عالم الاجتماع والاقتصاد يتر دروكر Drucker للإشارة إلى رجال الدين الذين يسلكون في نشر الدعوة أسلوبا دعائيا يشبه الأساليب والطرق التي يلجأ إليها رجال الأعمال «لتسويق بضاعتهم» مما قد يؤدى إلى نتائج عكسية. فقد أصبح هناك مايشبه التنافس على جذب «الزبائن والعملاء» وهو مايؤدي في كثير من الأحوال إلى التنازع والصراع بين مختلف الكنائس والمذاهب الدينية بدلا من التعاون لنشر رسالة الدين السامية المجردة. ويتضح ذلك بشكل خاص في الولايات المتحدة، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن أربعين في المائة من السكان قد غيروا انتماءاتهم الكنسية والمذهبية مرة واحدة على الأقل أثناء حياتهم، نتيجة الدعاية والإعلان عن اتجاهات تلك الكنائس على صفحات الجرائد والإنترنت. وهو أمر قليلا ما يحدث في المجتمعات العريقة التقليدية، حيث يتمسك الفرد في العادة بالدين الذي نشأ فيه. فالانتقاء والاختيار والتنقل في المجتمع الأمريكى بين الكنائس أمر شائع باسم حرية التفكير والعقيدة.

وعلى أي حال فقد بدأ كثير من العلمانيين يراجعون في السنوات الأخيرة مواقفهم من الدين ودوره في الحياة، وإن يكن هناك في الوقت ذاته كثير من التعصب الناجم عن الرغبة في المحافظة على الهوية الاجتماعية والثقافية التي يمثل الدين جزءا جوهريا فيها، وهذا في حد ذاته دليل على الاعتراف العام القوي بأهمية الدين بالرغم من دعاوى العلمنة والاتجاهات الفكرية الوضعية.

إلا أن السؤال الذي تثيره بعض الكتابات الأخيرة حول الموضوع هو: هل تغير الصحوة الدينية والإيمانية الراهنة العالم في المستقبل؟ وما مدى توافق الدين مع متطلبات الحداثة ودعاواها؟

الإحياء العالمي للأديان

في كتاب حديث بعنوان God Is Back (أبريل 2009) - وله عنوان فرعي هو: الإحياء العالمى للإيمان يغير العالم - يذهب المؤلفان آدريان ولدريدج Wooldridge وجون مايكل ثويت Micklethwaite وهما من هيئة تحرير مجلة الإيكونوميست The Economist البريطانية - إلى أن الدين يتلاءم تماما مع التحديث والحداثة بكل أشكالها وصورها وأبعادها ويستطيع التعايش مع متطلباتها واتجاهاتها العديدة والمعقدة.

وكان من الطبيعى أن تثير هذه الأحكام القاطعة حفيظة وغضب ومعارضة عدد من الكتاب «العقلانيين» الذين يرفضون الدين لأنه يدخل في رأيهم في باب الغيبيات والأوهام ويرتبط بطفولة البشرية، وأنه كلما اقترب المجتمع من الحداثة ضاقت المساحة التي يشغلها الدين كعقيدة وممارسة ويرفعون شعار «إذا أردت أن تكون حديثا modern فعليك أن تقول وداعا للدين». ولكن المؤلفين يريان على العكس من ذلك أن الحداثة وازدياد التوجه نحو الدين يسيران جنبا إلى جنب. وليس أدل على ذلك مما يحدث في المجتمع الأمريكى الذي يمثل قمة الحداثة، ولكنه يشهد في الوقت نفسه ازديادا في قوة وفاعلية المسيحية في الحياة اليومية والسياسية إلى جانب ظهور عدد كبير جدا من النزعات والاتجاهات والدعاوى والحركات الدينية أو شبه الدينية والروحانية التي تعبر في بعض أبعادها على الأقل عن التمرد على الأوضاع المادية التي تميز الحضارة الغربية الحديثة. وما يحدث في أمريكا له شبيه في بعض مجتمعات جنوب شرق آسيا بدياناتها غير السماوية التي ترتكز على أية حال على مبادئ أخلاقية صارمة.

وترتبط هذه المشكلة بقضية العلاقة بين الدين والعلم في ضوء التغيرات والكشوف العلمية الحديثة في ميادين البيولويا والبحوث الأنثروبولوجية عن الدين في مختلف الثقافات والاكتشافات الأركيولوجية التي قد تلقي ظلالا من الشك على بعض المعتقدات الدينية. ولكن النظرة الآن إلى العلاقة بينهما تميل إلى اعتبارهما طريقتين مختلفتين ولكنهما متكاملتان في النظر إلى الأشياء، وأن الأمر يتعلق في المحل الأول بما يحب الإنسان أن يعرفه ونوع التساؤلات التي تصدر عنه لأن اختلاف الأسئلة هو الذي يؤدي إلى اختلاف المداخل وأساليب ومناهج التعلم، وعلى ذلك فإنه من الخطأ النظر إلى الدين والعلم على أنهما متعارضان أو متنافسان لأن الاثنين مطلوبان لمتابعة التساؤلات المختلفة في طبيعتها ونوعيتها، وأنهما يشاركان معا في تحديد المستقبل، بل وقد يمكن أن يقوم بينهما نوع من التعاون في النظر إلى الأشياء والوصول إلى درجة أعمق من الفهم. وهناك في بعض الجامعات في الخارج من يجمع بين الدراسات اللاهوتية والعلوم البيولوجية. وفى استطلاع أجرته مجلة The New Statesman البريطانية في أبريل 2004 عن موقف الأجيال الحديثة من الدين تبين أنه مع ازدياد التوجه نحو العلمانية هناك ازدياد في الميل نحو الإعلاء من شأن الدين، وهذا ما تؤكده أيضا بعض بحوث الرأي العام في أمريكا ذاتها. والمعروف على أية حال أن التعارض بين الاتجاهين ليس جديدا تماما فقد ارتفعت حدته في عصر التنوير، ولكن يبدو أن المخاطر التي نجمت عن ذلك الفصل القاطع تدفع الآن إلى التفكير في إمكان مد الجسور بين الاثنين من جديد.

وقد تكون هناك أرضية واسعة مشتركة بين جميع الأديان والعقائد كأنساق من القيم والمبادئ السامية التي تحرص على الإعلاء من شأن الإنسان بوجه عام. ولكن ذلك لايعني بالضرورة إمكان قيام دين واحد وموحد على مستوى كوكب الأرض على مايتوقع بعض المستقبليين حدوثه بعد خمسين سنة معتمدين في ذلك على الجهود التي تبذل من أجل التقريب بين الثقافات المختلفة، وإرساء قواعد التفاهم والتسامح والقضاء على النعرات الدينية المتطرفة. فقيام دين واحد لكافة البشر معناه القضاء على الهويات الخاصة بالشعوب وهو أمر شديد الصعوبة. وهناك بالمثل شكوك عميقة حول إمكان قيام دين وضعي يرتكز على العقل والأساليب والمناهج العلمية في البحث، كما يتنبأ بذاك بعض المستقبليين لأن مثل هذا الدين يغفل ويتناسى الشعور الفردي لدى الإنسان العادى بالانتماء إلى مجتمع وثقافة بل وإلى عالم خاص به داخل إطار ثقافة محددة، فضلا عن افتقاده الجوانب الروحية التي توفرها الأديان السماوية ولذا فإن عبارة «عولمة الدين» هى مجرد دعوة مثالية يصعب تحقيقها على أرض الواقع، وإن كان الدين بالمعنى المتعارف عليه - سوف يظل عاملاً مهماً في تشكيل المستقبل، مثلما كان دائما عاملا في تشكيل التاريخ.

 

 

 

أحمد أبوزيد