زمن الرواية

زمن الرواية

من المكتبة العربية

يسعى هذا الكتاب لتفسير ظاهرة الرواية وأسباب إقبال الكتاب عليها وتهليل النقاد لها وسعي القراء وراءها. يمكننا في البداية أن نعدِّ كتاب (زمن الرواية) أشبه بخارطة عريضة، بانورامية، للرواية والروائيين في الوطن العربي، وإن كان جل اهتمامه ينصب على تفسير هيمنة النوع الروائي في زمننا (الآن) (في هذه اللحظة من بدايات الألفية الثالثة) و(هنا) (في مدار الكون الشاسع)، فضلاً عن محاولات المؤلف جمع الدلائل والعلامات ـ وربما القوانين الخفية ـ التي تبرر أسباب هذا الذيوع اللافت وذاك الاحتفاء المتزايد قطرياً وعالمياً، يوماً بعد يوم.

لعل من يقرأ كتب ودراسات جابر عصفور، من بدايتها حتى الآن، يدرك أن ثمة تحولا كبيراً ينتقل بفعل الكتابة من دائرة معرفية إلى أخرى، فالبداية كانت مع البلاغة العربية القديمة (الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي)، (مفهوم الشعر)، ثم (قراءة التراث النقدي)، ثم (المرايا المتجاورة: دراسة في نقد طه حسين). بعد ذلك كانت النقلة أكثر نوعية من سابقتها، حيث الاهتمام بالثقافي العام بعيداً عن هموم وإشكالات التقني والأكاديمي، وسط ثقافة عربية يتصارع فيها العقلي والنقلي، الإبداعي والاتباعي (أنوار العقل)، (هوامش على دفتر التنوير)، ثم تنتقل دائرة الكتابة مرة ثانية من فضاء هموم الوطن إلى فضاء الكون الفسيح، حيث إشكالات النظرية النقدية المعاصرة تنبئ عن أفق جديد للعصر (آفاق العصر)، (نظريات معاصرة)، والأمر الذي لا يجعلنا نتعجب حين نجد من يطلق على زمننا اسم (زمن الرواية) أو (عصر الرواية)، أو (الرواية الآن)، أو (الرواية اليوم)، إلى آخر ذلك من مسميات تسرق من فن الرواية روائيته ـ الوجه الآخر لـ (الأدبية) عند ياكوبسون ـ لتضفيها على عصر بأكمله، بكل ما يكتنفه من تغيرات، وتحولات ونماذج إرشادية Paradigm متباينة تستبدل رحابة منظور المعرفة البينية Interdisciplinary بضيق الدراسة التخصصية التي لا ترى غير تفصيلات ـ وإشكالات ـ العلم الواحد، بعيداً عن تواشجه وعلوم أخرى قد تبدو بعيدة الصلة عنه.

شهادة الدنيا الحديثة

يستهل المؤلف مفتتح كتابه بعبارة لنجيب محفوظ نشرتها مجلة (الرسالة) القاهرية في سبتمبر 1945، مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، عن هيمنة فن جديد هو فن الرواية (أو القصة)، يوائم العصر، وكأنه (شعر الدنيا الحديثة)، فهو فن يواكب عصر العلم والصناعة والحقائق، ويوفق بين شغف الإنسان الحديث بالحقائق وحنانه القديم إلى الخيال. ولا أدل على ذلك من بزوغ نصوص قصصية مبكرة مثل (تخليص الإبريز) للطهطاوي (1834) و(غابة الحق) لفرنسيس فتح الله المراش (1865)، وكلاهما دافع عن عقل الاستنارة في بحثه عن قيم الحرية والعدالة والتقدم، الأمر الذي وصل بين نشأة الرواية العربية الحديثة ونشأة الاتجاه العقلاني في الثقافة العربية. من هنان يوجد زمن الرواية ـ كما يلح المؤلف ـ حين يصبح التمرد على الأنساق المغلقة ضرورة لا فكاك منها (ص13)، حيث يصبح زمن الرواية هو زمن الاستنارة التي تعني أولوية العقل على النقل في إدراك المعرفة، وتحرر الفكر من كل ما هو جامد، وطرح الأسئلة الجذرية التي تصب في بنية العقل العربي، كل ذلك يجعلنا نصف الرواية بأنها (ملحمة العرب المحدثين) (ص19)، في بحثهم عن القيمة والمعنى وسط عالم اضطرب فيه كل شيء، وتفككت فيه الأنساق المغلقة، وانحلت التكتلات الضيقة بتحول الكون إلى قرية واحدة يتصل شرقها بغربها، ويطلع الجنوب فيها على ما يدور في الشمال.

الرواية والمقامة

يتناول المؤلف أطروحة الكتاب الرئيسية عن مقولة (زمن الرواية)، إذ يبدأ من البحث عن دلالات جائزة نوبل للآداب التي منحت لنجيب محفوظ عام 1988، مقارناً الاحتفاء بنجيب محفوظ بمثيله أحمد شوقي أمير الشعراء في عام 1927، تحت رعاية الديوان الملكي في دار الأوبرا بالقاهرة. وهذا أمر يؤكد توجه جائزة نوبل نحو كتّاب الرواية كثيراً، في الآونة الأخيرة، فضلاً عن منحها لروائي عربي، وليس شاعراً، على الرغم من كون الشعر هو فنّ العربية الأول (ص26)، وهذا أمر يؤكد مقولة على الراعي من أن الرواية (ديوان العرب المحدثين). فالرواية العربية هي ملحمة الطبقة الوسطى، ولكن في البحث عن هوية لها داخل مجتمع ينقسم على نفسه، ويتأرجح بين ماضيه وحاضره. لذلك أصبح شكل الرواية العربية جامعاً بين التراثي الأصيل والوافد الجديد، وأصبح النوع الأدبي مزيجاً من (الرواية) و(المقامة) في سياق أنتج فيه المويلحي (1868 ـ 1930) (حديث عيسى بن هشام)، وترجم الطهطاوي (1801 ـ 1873) (مواقع الأفلاك في وقائع تليماك)، وغير ذلك من علامات ودلائل ونصوص.

وإذا كانت الرواية فن الطبقة الوسطى التي تمور بالتغير والحراك، فإنها ـ من ناحية ثانية ـ فن المدينة العربية الحديثة، حيث عصر الآلة والصناعة وتعقد العلاقات بين البشر (ص43)، ففي المدينة تخلقت الرواية، وتشكل النوع الروائي، وفي الرواية أصبحت المدينة فضاء للسرد، يحوي الأشخاص والأحداث، ويجمع الأصوات المتعددة، والمتناقضة، في صور روائية كنائية دالة (ص65).

ربما تفسر تلك العلامات السابقة هيمنة النوع الروائي على فضاء الكتابة الإبداعية والنقدية الآن، فضلاً عن جمهور المتلقين العريض، من مختلف شرائح المجتمع. فالرواية تسود في عصور المفارقات، حيث المدن تكتظ بالسكان والأجناس والأعراق والأديان، في إيماءة إلى ذلك النوع الأدبي القادر على التقاط النغمات المتباعدة لإيقاع العصر، وحيث الكرنفال ـ كما كان يقول ميخائيل باختين (1895 ـ 1975) ـ يجمع ويوحد بين السامي والوضيع، المقدس والمدنس، الفقيه والمهرج، السادة والعبيد، في صيغة حوارية، بوليفونية، لا تستجيب لأحادية الصوت، أو مونولوجيته، مستعيضة عن ذلك كله بحوارية ديمقراطية، تؤسس لشعرية مفارقة، هي شعرية النوع الروائي (ص 50، 53، 54، 55، 60). ولكن : هل نعيش حقاً زمن الرواية الآن؟، أم نحن في زمن السرد بصفة عامة؟

منزلة القصة

لقد ارتبطت ظاهرة الرواية، في بداية نشأتها، بظاهرة القص وموقف الثقافة العربية منها، من حيث هي ظاهرة تهتم بأنواع أدبية هامشية قياساً إلى النوع الرئيسي (الشعر)، بوصفه فن العربية الذي لا يبارى، هذا (الموقف من القص) هو ما دفع محمد حسين هيكل إلى استخدام عبارة (مناظر وأخلاق ريفية، بقلم مصري فلاح) بدلاً من (رواية لمحمد حسين هيكل)، وكأن مجرد الإفصاح عن النوع الروائي في سياق مبكر ـ في القاهرة سنة 1914 غالباً ـ أشبه بلعنة تجلب الازدراء والتدني لصاحبها. لكن ثورة 1919 لم تكن محض ثورة ارتبطت بقيم سياسية واجتماعية، بل وصل الأمر إلى صعود قيم ثقافية أكثر مرونة في التعامل مع الأنواع الأدبية، فظهرت نصوص مثل (الأيام) و(دعاء الكروان) (1934)، و (أديب) (1935) لطه حسين، وللمازني (إبراهيم الكاتب) (1931)، وللحكيم (عودة الروح) (1933) و(يوميات نائب في الأرياف) (1937) و(عصفور من الشرق) (1938) ولطاهر لاشين (حواء بلا آدم) (1934)، وللعقاد الذي هاجم القص والرواية (سارة) (1938). ولم يكن من قبيل المصادفة أن تحدث رواية (زينب) كل هذا الدوي، فقد كانت رواية تتخذ من الريف المصري فضاء لها، تكشف من خلاله عن بؤس أوضاعه، وتردي البشر فيه، جنباً إلى جنب تعريتها بعض نماذج الجمال مثل (زينب) نموذج الفلاحة المصرية آنذاك.

لقد أثار العقاد ضجة كبرى بكتابه (في بيتي) (1945) حين قال :( إن نصيب القصصي لو نقص من مكتبته لما أحس، لأنه ـ فيما يصارح صاحبه ـ لا يقرأ قصة حيث يسعه أن يقرأ كتاباً أو ديوان شعر، وليس يحسبها من خيرة ثمار العقول) (ص154). وهو إذ يفعل ذلك يشير إلى تراثه الشعري التقليدي محتقراً الرواية والروائيين، مستبدلاً مبدأ (التركيز) في الشعر بمبدأ (الإطناب) في الرواية، دون تفرقة حقيقية بين جوهر الأنواع الأدبية، ووظيفة كل منها التي لا يمكن معها الاكتفاء بنوع دون آخر. لكن نجيب محفوظ، بوصفه ممثل فن القصّ (القصة القصيرة والرواية) آنذاك، يرد على العقاد مقولته، في مجلة الرسالة (سبتمبر 1945) بمقال تحت عنوان (القصة عند العقاد)، ليصبح مقاله أشبه ببيان محدث يكتبه واحد من أبناء الجيل الجديد الذين يدافعون عن الفن الواعد الذي أخذ يستقطب اهتمام القراء والمبدعين على السواء.

وعلاقة الرواية بالسيرة الذاتية بعد آخر من أبعاد كتاب (زمن الرواية)، إذ إن كتابة السيرة الذاتية ـ كما يقول المؤلف ـ هي (فن الذاكرة الأول الذي تجتلي فيه الأنا حياتها) (ص195). والعلاقة بين الوعي والذاكرة، في هذا السياق، علاقة بين الذات والموضوع، الحاضر والماضي، أو كما قال الدكتور جونسون من أنه (لا يوجد من هو أقدر على كتابة حياة المرء من نفسه).

ودلالات صفة (الذاتية) التي نقرنها بكلمة (السيرة) تصل القص بالتاريخ، أو الأدبي (النوعي) بالتاريخي (المرجعي)، وبذلك يشبه كاتب السيرة المؤرخ بمعنى من المعاني، إذ الأول يؤرخ لذات الفرد، في حين يؤرخ الثاني لتاريخ الجماعة، للحقيقة والأحداث.

لكن تنامي صفة الروائية (السردية) يقترب بكتابة السيرة من (رواية السيرة الذاتية) في نماذج كثيرة تتمثلها النصوص العربية: (عودة الروح) للحكيم، (إبراهيم الكاتب) للمازني، (قنديل أم هاشم) ليحيى حقي، (التجليات) للغيطاني، (رامة والتنين) لإدوار الخراط، (أيام الإنسان السبعة) لعبدالحكيم قاسم، (وكالة عطية) لخيري شلبي، (الخبز الحافي) لمحمد شكري،.. إلخ. ولعل ما يحدد جنس السيرة الذاتية، سواء كانت مروية بضمير المتكلم المباشر أو ضمير الغائب الذي يتحول إلى نوع من التجريد لضمير المتكلم، كما في نص (الأيام) لطه حسين (انظر ص222). وذيوع رواية السيرة الذاتية، من حيث هي رواية تنطوي على حياة مؤلفها، يحيل إلى ارتباط كتابة السيرة الذاتية بالرواية من حيث هي جنس تخييلي يكشف عن مساحة المسكوت عنه في حياة الفرد (المبدع) والجماعة (المتلقين)، ويصل استجابة المبدع إلى البوح والاعتراف، والتحليق في فضاء المتخيل، باستجابة القراء إلى التلقي والإنصات إلى ملابسات وإشكالات وهموم فرد لا يفارق الجماعة في أحلامها أو هواجس رغباتها، فالكلُّ في واحد. وليس الأمر ببعيد، في هذا السياق، عن نص لويس عوض (أوراق العمر) (1986)، حين نقرنه بنص (الأيام) لأستاذه طه حسين، أو حين نصله ـ من ناحية ثانية ـ بنص (الخطوط الفاصلة) أو (يوميات القلب المفتوح) لجمال الغيطاني، حيث تتعاقب موجات الذاكرة في حركة بندولية بين الحاضر والماضي، في خمس عشرة مقطوعة يستعيد بها وقائع رحلته العلاجية إلى مدينة كليفلاند بالولايات المتحدة الأمريكية.

حدود الإبداع

إن مقولة الكتاب الأساسية عن (زمن الرواية) موجودة في كل الفصول تقريباً، وكأن كل فصل أو باب يناقش مدخلاً بعينه يؤكد هذه المقولة أو يدعمها أو يؤصل لها، من حيث هي ظاهرة ترتبط بعصرنا الحديث. لكن ثمة مقالات أخرى بالكتاب تبتعد، نوعاً ما، عن هذه المقولة، وتناقش فكرة قد تبدو بعيدة الصلة عن كتاب يناقش (زمن الرواية)، كأن يخوض المؤلف مثلا في تفصيلات تتصل بسيرة لويس عوض ووظائفه المتعددة، سواء من حيث هو كاتب، أو من حيث دوره في الحياة الثقافية في مصر الخمسينيات وما بعدها (ص263 ـ 292)، أو أن يسرد المؤلف خواطره الاحتفالية عن إدوار الخراط حين حصل على جائزة العويس، ويتأمل علاقته ـ بوصفه كاتباً روائيا بالدرجة الأولى ـ بعدلي رزق الله بوصفه أحد رواد الإبداع الحداثي للفن المصري المعاصر، فكلاهما يتجاوز الحدود الفاصلة بين الأنواع، سواء في الإبداع الأدبي أو الإبداع الفني.

واللافت للنظر في كتاب (زمن الرواية) اهتمام المؤلف بالمعلومات التاريخية وأسماء الكتاب وعناوين نصوصهم، وتواريخ نشرها، والسياقات التي أنتجت تلك النصوص، فضلاً عن استدعاء المؤلف جملاً، أو عبارات، بعينها لكتاب، بطريقة تجعل الكتابة أحياناً ـ تحيل إلى هذه الجملة، أو تلك العبارة، من آن لآخر، وكأن بنية المقال تدور حول مدلول تلك الجملة، أو تبرهن على صحة هذه العبارة (ص293 ـ 303). ومع ذلك، فثمة جمل متكررة في ثنايا الكتاب تتصل بفهم المؤلف العميق ـ والقديم ـ وتمثله لمفاهيم بلاغية كالتشبيه والاستعارة والكناية (ص56، 157، 166، 369)، أو تمثله شعراً لأحد الشعراء المحدثين أو شعراء الإحياء، أو الإلحاح على ضرورة الانتقال بالمجتمع من مستوى الضرورة إلى مستوى الحرية، أو التعامل مع كثير من الظواهر من خلال فكرة (المرآة) وعلاقة الأصل بالصورة، أو الوجه بالوجه الآخر، أو الغياب بالحضور، وكلها تقنيات كتابة مارسها المؤلف، من قبل واختبرها جيداً في كتبه السابقة عن (الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي) أو دراساته عن شعراء الإحياء أو كتابه عن (المرايا المتجاورة) أو غيرها.

ولكن لنعد إلى التساؤل الأساسي: هل نحن حقا نعيش (زمن الرواية)؟

إذا نظرنا إلى كتاب جابر عصفور (زمن الرواية) وتأملنا مقالاته، ومقولاته، وجدنا عدداً كبيراً من الإحصاءات والظواهر الدالة التي تدعم الرأي القائل إننا في زمن الرواية حقاً. لكن من الناحية الشكلية أيضاً، يوجد فصلان ـ أو بابان بكتاب (زمن الرواية) يتحدث أولهما عن (الانحياز إلى القص) ويفهم القص من حيث كونه يجمع القصة القصيرة إلى جوار الرواية، ويتحدث الآخر عن (السيرة الذاتية) من حيث هي جنس يعتمد على الرواية بالأساس. لكننا، من ناحية أخرى، يمكن أن نرى في العنوان (زمن الرواية) شيئاً مختلفاً، فهل المقصود بزمن (الرواية) زمن ذلك النوع الأدبي الذي يسمى (رواية) Novel? أم هو زمن فعل الرواية (أو فعل الحكاية Narrating Act? وأنا على الأقل أميل إلى الرأي الثاني، أقصد إلى (فعل الرواية)، أو فعل السرد، أو فعل الحكي، الأمر الذي يخرج بنا من ضيق النوع الواحد إلى رحابة الأنواع المتعددة التي تشترك في (فعل الرواية): الرواية، القصة القصيرة، السيرة الذاتية، رواية السيرة الذاتية، قصيدة النثر، الفيلم السينمائي.. إلخ.

مثل هذا الفهم لمقولة (زمن الرواية) يؤدي بنا إلى حل إشكاليتين: تتمثل أولاهما في نقض التراتب بين الأنواع الأدبية، وتفسير الارتباط الوثيق بين (نظرية الرواية) وتقنياتها وتنامي النظرية الأدبية المعاصرة ومناهجها المتعددة، نظراً لتنامي الأشكال السردية التي قد تحوي بداخلها (الشعري) (قصيدة النثر) أو البصري (الفيلم). وتتمثل ثانيتهما في حل إشكالية: هل نحن في (زمن الرواية) أم (حضارة الصورة)؟

من هنا، نشأت علاقة الرواية بالسينما، واتصلت حضارة الكلمة بحضارة الصورة، هو تفاعل يؤكد هيمنة ـ أو سلطة ـ الرواية على عصرنا الآن، شريطة أن نفهم (الرواية) فهماً أوسع يجاوز حدود النوع الأدبي الضيق (انظر ص 113، 161).

هكذا، يصبح (عصر الرواية)، أو (زمن الرواية)، هو عصر الصورة أو زمنها، وعصر العلم والمعرفة البينية ومنجزاتهما، فضلاً عن أنه عصر النماذج الإرشادية (الباراديجم) المتحولة التي تحدث عنها توماس كون في كتابه (بنية الثورات العلمية)، حتى فيما يتصل بالكتابة والإبداع وبالنفس البشرية، فالإنسان واحد، والعلم والخيال متصلان، فالكل في واحد.

 

شحات محمد عبدالمجيد

 
 




غلاف الكتاب