الروماتيزم . . هل يشفى

 الروماتيزم . . هل يشفى

في الحقيقة هناك أكثر من مائة نوع، البعض منها شائع وقد يشخص بنظرة واحدة إلى المريض، والبعض الآخر يحتاج تشخيصه إلى تقنية مخبرية متطورة، ولكن درجت العامة على اعتبار كل ألم عضلي أو مفصلي مهما كان منشأه هو: الروماتيزم.

أنواع واسعة الانتشار

الحمى الرئوية من أشهر أمراض الروماتيزم والمتهمة البريئة في أغلب الأحيان حين وجود أعراض آلام مفصلية أو عضلية، وهي مرض التهابي يتظاهر سريريا بحرارة، التهاب مفاصل متعدد ومتنقل، والتهاب العضلة القلبية، ويسبق عادة بحدوث والتهاب البلعوم بالجراثيم العقدية الحالة للدم. وقد تظهر أعراض جلدية وعصبية في بعض الأحيان، ويمكن القول إن هذا المرض قد تراجع بشكل واضح في الدول المتقدمة بنتيجة التطور في الظروف الاجتماعية والصحية بدرجة أولى وبنتيجة استعمال الصادات الحيوية على نطاق واسع، وبشكل عام بعد حدوث الهجمة الأولى فإن العلاج الصحيح والوقائي لفترة طويلة يضمن عدم عودة المرض، ويؤكد ذلك دراسة شملت 560 مريضا حيث أظهرت النتائج عدم عودة أية هجمة أخرى لدى 558 مريضا.

وهذا المرض شائع وقديم، وقد كتب عنه هيبوقريط في القرن الخامس قبل الميلاد، ولكن لم يعرف عنه سوى القليل حتى نهاية القرن الثامن عشر، ومظاهر هذا المرض (دون أي علاج) تكون على الشكل التالي: ارتفاع في نسبة تركيز المصل من حمض اليوريك، (يعرف بين العامة بزيادة الأملاح في الدم)، هجمات متكررة وذو نموذج وصفي من التهاب المفاصل الحاد، توضعات بللورات يوريت الصوديوم حول مفاصل الأطراف مما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى حدوث إعاقة شديدة مع تشوهات، أذية كلوية بمختلف درجاتها، وأخيرا حصيات كلوية مكونة من بللورات حمض اليوريك.

وأطلق عليه اسم ملك الأمراض وأيضا مرض الملوك، لكونه قد أصاب بعض الملوك المذكورين تاريخيا، كما لوحظ أن هناك تناسبا ايجابيا بين ارتفاع نسبة تركيز حمض اليوريك في الدم وبين زيادة الوزن، وارتفاع مستوى الحياة المادية، وارتفاع معدل الذكاء، ارتفاع نشاط الفرد وطموحه، وارتفاع مستوى التعليم.

تشخيص هذا المرض يتم دون أي صعوبات، وعلاجه الصحيح في بداية الإصابة، يضمن الشفاء والوقاية من الهجمات الحادة في المستقبل.

داء النقرس يندرج تحت تصنيف: Crystal - Induced Arthirtis أي التهاب المفاصل المحرض بالبللورات، إذ إنه تبين وجود أنواع مختلفة من البللورات في السائل المفصلي، ولكن لا تؤدي كلها إلى التهاب مفاصل حاد، فقط هناك نوعان: أحدهما يؤدي إلى داء النقرس، والآخر إلى داء النقرس الكاذب.

التهاب المفاصل الرثياني :

هذا المرض يمتاز بأهمية كبيرة من وجهة نظر الدارسين والباحثين في حقل أمراض المفاصل وأمراض المناعة نظرا لانتشاره الواسع في أرجاء العالم بحيث يمكن إجراء الدراسات المتنوعة والاحصاءات المهمة عليه، ولكون بعض الأبحاث التي تمت عليه تشير بأصابع الاتهام إلى سبب فيروسي أو جرثومي كمحرض لحدوثه ولكن لا شيء مؤكدا حتى الآن.

هذا المرض يظهر على شكل التهاب مفاصل مزمن بشكل متناظر في الطرفين ودون أي سبب محدد، وقد يترافق بأعراض جهازية أيضا: العقد الرثوية، التهاب الشرايين، اعتلال عصبي، ضخامة عقد لمفاوية، إصابة رئوية... وغيرها. العلاج قد يستغرق فترة طويلة ويتم على مراحل متعددة، ويجب أن يكون بإشراف أخصائي، أما الشفاء فتوضحه لنا إحدى الدراسات المهمة التي أظهرت ما يلي:

25% من الحالات المصابة تتماثل إلى الشفاء التام، 25% تشفى مع وجود بقايا طفيفة، 40% من المرضى يعانون من استمرار نشاط المرض وتطوره، وأخيرا 10% يتطور المرض إلى إعاقة جزئية أو تامة.

هناك مجموعة من أمراض الروماتيزم لها بعض الصفات المتشابهة أطلق عليها اسم: (SERONEGATIVE SPONDARTHRITIDES) : أذكر منها على سبيل المثال: متلازمة رايتر.

عبارة عن ثلاثية مؤلفة من التهاب مفاصل قليلة في الطرف السفلي، التهاب ملتحمة العين، التهاب الإحليل ويوجد شكلان لها: الأول ـ الشكل التناسلي ـ الذي يحدث بعد الخمج التناسلي وخاصة بعد العلاقات غير المشروعة والثاني ـ الشكل المعوي ـ يحدث بعد الخمج المعوي.

هذا المرض في غالبيته محدود ذاتيا والعلاج الصحيح يقي من الهجمات المستقبلية.

غيض من فيض

مجموعة أخرى مهمة جدا من أمراض الروماتيزم هي مجموعة أمراض النسيج الضام (CONNECTIVE TISSUE DISEASES) قد يكون أهمها على الإطلاق مرض: (SYSTEMIC LUPUS ERYTHEMATOSUS) الذأب الحمامي المجموعي، أو كما ترجم سابقا: الذئبة الحمامية الجهازية، نسبة إلى الطفح الذي يصيب الوجه ويشبه منظر الإصابة التي تسببها ذئبة جائعة ولكونه يصيب عددا كبيرا من أجهزة الجسم، وهو عبارة عن مرض التهابي مزمن، مجهول المنشأ، مظاهره السريرية متنوعة ومتعددة وتبدي ما يلي: حرارة، طفح حمامي، التهاب مفاصل، التهاب الأغشية المصلية في الجسم (ذات الجنب مثلا) فقر دم، نقص صفيحات، اضطرابات كلوية، عصبية وقلبية. الرؤية الحديثة لهذا المرض اختلفت إلى حد كبير عن السابق، فبعد ما كان يصنف من الأمراض المرعبة إلى حد ما، تبين الآن وجود حالات طفيفة وسيرها سليم حتى الحالات الشديدة يمكن السيطرة عليها بالعلاج الصحيح والمراقبة المستمرة. إن ما ذكرته لهو غيض من فيض، فلست أرمي إلى سرد لمحة عن كل مرض على حدة، وإنما لأورد بعض الأمثلة عن بعض الأمراض ودرجة شفائها.

وهكذا نرى أن أمراض الروماتيزم متعددة ومختلفة في أسبابها، طريقة علاجها، ودرجة شفائها وحين توجد أي شكاية روماتيزمية، يجب في البداية تحديد هوية المرض بالضبط، ومن ثم البدء بالعلاج المناسب، والمراقبة المستمرة إلى أن يتم الشفاء أو السيطرة على المرض بشكل جيد.

لكن قبل كل شيء علينا أن نجعل الإيمان بالله والتفاؤل بالخير يغمران نفوسنا، فالحالة النفسية الجيدة لها أثر كبير (كما بينت الدراسات) في تسريع عملية الشفاء وفي الوقاية حتى من بعض الأمراض، وكم هي جميلة تلك الكلمات التي تقول: (تفاءلوا بالخير تجدوه).

 

إكرام عجم أوغلي