عزيزي القارئ.. الرياضة وأسئلة التقدم

عزيزي القارئ.. الرياضة وأسئلة التقدم

ما اجتمع اثنان في حديث على مقهى إلا وكانت الرياضة ثالثهما، صحيحٌ أن كرة القدم تستأثر بنصيب الأسد وتهيمن على مملكة الغابة الرياضية، إلا أن رياضات أخرى تأخذ مكانها بين حين وآخر، في عبارة هنا، أو خبر هناك، أو قضية تشتعل، أو جدل يصطخب.

ومن الطريف أن من يرى انشغالنا يكاد يظن أننا شعوب رياضية، نبدأ الصباح بممارسة رياضتنا المفضلة، ونمضي النهار نتداول تاريخها، ونخصص الموارد لبناها التحتية، ونحصد الكؤوس والميداليات في المنافسات العالمية!

والحق أن ثقافة الرياضة لدينا قد تتوقف عند مرمى الكلام، وهو ما يثيره حديث الشهر لرئيس التحرير الذي يتناول أبعادًا أخرى في الشأن الرياضي، تتجاوز ذلك البعد الجدلي الضيق، إلى آفاق التنمية، ودروب الاقتصاد، وملاعب السياسة، وهو يضعنا أمام تساؤل وتحد: هل تطور الرياضة الجنس البشري، وترتفع بمستوى لياقته الذهنية، أم أنها ستصبح نقمة على البشرية تؤثر سلبًا في الاقتصاد والسياسة، وترسخ قيمًا عكس التي أنشئت من أجلها؟

سؤال التقدم في «العربي» هذا الشهر لا يطال الرياضة وحدها، بل يدرس المفهوم في سياقه التاريخي، ويضع التراث على محك في سؤال عن دوره التقدمي بين الشرق والغرب، ويتساءل عن مواجهة السوبر حداثة وفلسفات الغد، مثلما يقرأ نبوءات الفلاسفة التي لم تتحقق، عندما قالوا قبل قرن إن الدين سيختفي، وقد اختفوا هم وظل الدين حيا، بقضاياه، مؤرقا بأسئلته، قويا بمؤمنيه.

في رحلة «العربي» لهذا العدد نبحث عمن لايزال يؤذن في مالطا، تلك الجزيرة التي بردت من أطرافها مخالب حادة لتعلم الغزاة أنها صعبة المنال، فتنادت إليها الأرواح المتعبة تطلب السكون طيرا وبشرا وأزهارًا، فرغم النأي والتحصن خلف أمواج البحر الأبيض المتوسط، تعاقب الغزاة عليها فارضين على حياتها الطابع الحربي لتتحول مالطا إلى وطن يعيش داخل قلعة كبيرة، وعزفا على الرياضة فإن المحرر يربط بينها وبين دك المنتخبات الأوربية الكروية القوية لمرمى فريق مالطا الوطني بنصف «درزن» وأكثر من الأهداف.

تستطلع «العربي» قلاعًا أخرى في العلوم، والآداب، والفنون، في أرجاء عربية وغربية، قد تفرقها المشارب، ولكن تجمعها تلك الحدود الإنسانية المشتركة، التي تدفع القارئ لاكتشافها.

 

 

 

المحرر