إلى أن نلتقي

 إلى أن نلتقي

ليلة الجمعة

صحونا في هذه الحياة ونحن نرى فعل «أفضل» أو «الأفضل» يحيط بنا وبكل الأشياء. وفي كل الأحوال، حتى لدى الخالق العظيم سبحانه وتعالى، فشهر رمضان المبارك هو «أفضل» الشهور، وليلة القدر هي «أفضل» لياليه.. وهكذا.

إذن لا مفر من وجود «الأحسن» أو «الأكمل»، أو أي فعل ينمّ عن ذلك.

وهنا قد نقفز على الإجابة عن السؤال المطروح في هذا المحور، وفق المفهوم المشار إليه أعلاه.

- يعني ليلة ويوم الجمعة، «أفضل» أيام وليالي الأسبوع.

- نعم.. هي أغلى الليالي، وأحلاها..! وأكثرها بركة عند الله وكذلك يومها، إذ جاء ذلك بالتحديد والتخصيص و«الاسم» في الآية الكريمة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، ولأن الموضوع عن «ليلة الجمعة» لا «يومها»، فأود أيضاً الإشارة إلى إشكالية زمنية لتحديد موقع «ليلة الجمعة» نفسها، فهي عند البعض مساء يوم الجمعة أي أن اسم نهار اليوم ينسحب على مسائه وليله، فالبعض يطلق على مساء «الأربعاء» ليلة الأربعاء «لا» ليلة الخميس «ومساء الخميس» ليلة الخميس «لا» ليلة الجمعة، وبالتالي ستكون «ليلة الجمعة» وفق هذا المفهوم هي مساء الجمعة، ليلة السبت بمفهومنا العام، وهذا خطأ كبير ودليلي أننا نقول: ليلة العيد «وهي الليلة التي يعقبها أول يوم من شهر شوال، وهو يوم العيد - أي مساء آخر يوم من شهر رمضان المبارك، وهنا لا نقول ليلة 29 أو 30 من شهر رمضان، وقل الشيء نفسه عن «ليلة عرفة» في أيام الحج.. وهكذا.

نظرة الناس إلى هذه الليلة في الماضي تعكس اهتماماً أكبر وأكثر منهم لها، هذه الأيام.

فقد أدركت كيف كان آباؤنا في الستينيات والسبعينيات يهتمون بليلة الجمعة من الاستعداد والتزيين حتى لو لم تكن هناك مناسبة معينة، وقد كانت تقام المناسبات المختلفة «في الغالب» في ليلة الجمعة، وقلت «في الغالب» لوجود بعض المهتمين بالحسابات الفلكية والنجوم، فيخبرون عن عدم صلاح إقامة فرح أو مناسبة لهذه الليلة - مثلا - وهي «ليلة الجمعة» لوقوعها في نجم نحس، أو نوء فلكي معاكس-وفق حساباتهم، واعتقاداتهم آنذاك، وربما هذا هو الأمر الوحيد لإيقاف القيام بفرح في هذه الليلة، وإلا فالجميع يحرص على أن تكون ليلة عمر أو ليلة فرح مع كل الأجيال.

أما على المستوى الشخصي، فقد كانت ليلة الجمعة لي هي الليلة المميزة في معظم جوانب الحياة، فالأمسيات الشعرية، والاجتماعات ولقاءات الأسرة وكتابة القصائد والمقالات، كلها تكون في ليلة الجمعة، وفي الفترة الأخيرة، أي منذ حوالي أربع أو خمس سنوات بدأت أسافر في ليلة الجمعة داخل وخارج المملكة، مضيفاً بهجة وبهاء هذه الليلة إلى كل جوانب البهجة.

نعم، لاتزال ليلة الجمعة أغلى وأحلى الليالي حتى مع إقامة المناسبات في سائر ليالي الأسبوع، دامت أفراح الجميع في كل الأوقات.
----------------------------------
* شاعر وكاتب من السعودية.

 

 

 

محمد الجلواح