شهداء الكويت

 شهداء الكويت

كويتيون وعرب ضحوا من أجل الحق

 

 

في اليوم المشئوم، كان فكر الشهيد عبدالله مشغولاً وحائراً بفكرة سيطرت عليه، كيف لهذا الجار أن يرتكب مثل هذا الجرم بحق هذا الوطن...؟! الذي سانده وأعطاه بسخاء غير موصوف، وكانت النتيجة النكران البشع لهذا المعروف، فاتخذ قراره بمقاومة الاحتلال باللحظة نفسها دون تردد، إما أن تعود الكويت حرّة أبية لأهلها أو الهلاك والموت للعدو، لكن كيف يصمد وكيف يقاوم وهو ورفاقه عزّل بلا سلاح، فجمع أكبر عدد ممكن من السلاح من مخافر الكويت ولم يتسن له الوصول إلى مقر عمله لوجود أرتال من العدو والعتاد العسكري العراقي، فقام هو وزملاؤه بإعداد منشورات تندد بالاحتلال، فكان لا يأبه بالجنود، ولا يخاف وقلبه الجسور يقوده إلى الأماكن العامة المناسبة لتعليق هذه المنشورات على مرأى ومقربة من الجنود ليعرفوا أن هذا الشعب لا يقبل الذل ويرفض الانحناء، بالرغم من أن (تعليق المنشورات وإعدادها) وحده كفيل بإعدامه، لكن كيف لهذا الجندي الشجاع أن يهاب الموت؟! كثيراً ما كان يردد على مسامع زوجته (لا تنتظري عودتي إليكم إذا ما تأخرت قولي لنفسك زوجي شهيد واطلبي لي الرحمة)، وهكذا عمل ضمن مجموعة صغيرة كوّنها هو والشهيدان (مبارك وإبراهيم الصفر) على مقاومة الاحتلال بشتى الطرق الممكنة حتى عرض عليه رفيقه جمال البناي الانضمام إلى مجموعة الروضة، كان ذلك في شهر سبتمبر والعراقيون يحاولون تثبيت أقدامهم، إذا لابد من عمل يقلق راحتهم ويزعزع استقرارهم، وليس هناك أجدى من القنص وتفخيخ سياراتهم، فراح عمله يدوي في أماكن تجمّعاتهم فتتناثر معداتهم وقتلاهم وجرحاهم في كل مكان مما جعل المحتل في حيرة من أمره...مَن يخطط وينفذ لذلك؟! وبدأوا يبحثون ويرصدون تلك التحرّكات، فزادت عمليات القنص وتفخيخ السيارات العسكرية، وإلقاء القنابل على الأهداف العسكرية، كان للشهيد خبرته الفائقة في إلقاء القنابل وتصويبها بدقة متميزة نحو الهدف نتيجة دورات تلقاها أثناء عمله، فكبّد العدو العراقي العديد من القتلى والجرحى والخسائر المادية الجسيمة.

كان الشهيد عبدالله يساعد الكثير من العوائل ويشجعهم على الصمود والبقاء لمواجهة المحتل، ساعد كثيراً من أسر جزيرة فيلكا عندما طُردوا من الجزيرة لتحويلها إلى ثكنة عسكرية مكتظة بالجنود، فهيّأ لهم المساكن في منطقة القرين ولم يتركهم، وإنما كان يطمئن عليهم بين الفينة والفينة، وقام الشهيد عند اقتراب نهاية الظالم ببسالة ليس لها حدود في منطقة القرين، فكان يلقي القنابل في وجوههم ليغطي تنقلات المجموعة من بيت إلى بيت، فكانت تصويباته متميزة وتثير رعبهم، لكنه جُرح أثناء المعركة، فتم أسره مع زملائه وتعرّض لتعذيب دام لمدة اثنتي عشرة ساعة متواصلة، بعدها أطلق عليه جنود الخزي والعار رصاص الاستشهاد ومثّلوا بالجثة وألقوها عند إحدى التلال الرملية قطاع ج-1 في المنطقة التي عرفت بأرض الصمود والبسالة، واستشهد يوم 25/2/1991م قبل التحرير بيوم واحد.

سجل أبناء الكويت اسم المقاومة الكويتية بأحرف الشرف والفخار بدمائهم على أرضها الطاهرة، وسجلت أسماؤهم بجنان الخلد عند بارئهم خالدين.

 

 

عبدالله عبدالنبي مندني