وقاية.. على المائدة

 وقاية.. على المائدة

ثقافة الطعام ينبغي ألا تقف عند حدود الطهي، فالطعام ليس مذاقا فقط، بل هو وقاية طبية أيضاً.

إذا أردت أن تكون في صحة جيدة فعليك بتناول عدة ملاعق من السمن البلدي على الريق قبل الإفطار وحبذا لو أضفت إليها ملعقة أو اثنتين من العسل الأسود!.

لعلك ـ عزيزي القارىء ـ قد استمعت في طفولتك إلى مثل هذه النصائح ولعلك تكون قد نجحت مثلي في كتمان الضحك، فقد كانت هذه هي إحدى نصائح جدتي لي في كل مرة تراني شاحبة الوجه معتلة الصحة. وأذكر أنني كنت أحاول جاهدة ألا أضحك بل أرسم فقط ملامح الجدية وأومىء من وقت لآخر دلالة على الموافقة!.

من المؤكد أن الأجداد كانوا يعيشون على الفطرة.. يعتمدون على الطبيعة وحدها فيما يأكلون ويشربون.. بل وفي علاج الأمراض ومقاومتها. فكان طعامهم هو الدواء الذي يستعينون به على المرض ليؤكدوا بذلك على الدور المهم للغذاء في حماية الجسم وتقوية مناعته الطبيعية.

إن هناك العديد من الحقائق العلمية البسيطة التي لابد أن يلم بها الفرد العادي عند إعداده قائمة طعامه اليومي حتى يحقق الغذاء وظيفته الحيوية ويؤدي دوره الوقائي بكفاءة وفعالية.

قاوم البلاجرا بالملوخية !

كلمة البلاجرا تعني الجلد الخشن وهو مرض خطير يؤثر في ثلاثة أجهزة هي الجهاز العصبي والجهاز الهضمي والجلد.. في المراحل الأولى من المرض يصاب الإنسان بفقدان الشهية وعسر الهضم والأرق والصداع وضعف الذاكرة، أما الجلد فيظهر به إحمرار يشبه حرق الشمس الشديد ويتبع ذلك ورم وحكة وتكون فقاقيع، ثم يتعمق الالتهاب ويصبح الجلد سميكاً وخشناً. أما عن الجهاز العصبي فيصاب المريض بصداع شديد مع تصلب في العضلات وكذلك بالتهاب في نهايات أعصاب الأطراف وقد يؤدي هذا المرض إلى نوع من الجنون يستدعي النقل إلى مصحة عقلية!.

يقول د. إبراهيم فهيم أستاذ علم الأدوية بطب عين شمس: للوقوف على مدى انتشار البلاجرا في مصر وبعد فحص عام لسكان القرى في الوجه البحري والصعيد وجد أن المرض منتشر في الوجه البحري نظراً لاعتماد الفلاح في تغذيته على الخبز المصنوع من الذرة، أما في الصعيد فقد وجد أن البلاجرا نادرة الظهور هناك، وقد ألقت الأبحاث ضوءا على هذه الظاهرة فتبين أن الملوخية والبلح واللفت من الأغذية الشعبية التي تحوي أكبر كمية من حامض النيكوتينك ـ قاهر البلاجرا! ويضيف د.فهيم قائلاً: إن هذا الحامض هو أحد أعضاء أسرة فيتامين بـ المركب ومن حسن الحظ أنه أكثر الفيتامينات ثباتا، فهو لا يتأثر بدرجات الحرارة العالية ولا يتأكسد بسهولة ولذلك فهو يحتفظ بكيانه بعد عملية الطهي.. وهو موجود بكثرة في الكبدة واللبن والبيض ومعظم الخضراوات خاصة الملوخية والبسلة واللفت، وكذلك الفاكهة وبخاصة البلح!.

الحساسية.. معارك كيميائية!

البروتينات هي أحد العناصر الغذائية الأساسية، ومن المعروف أنها نوعان: بروتينات حيوانية مثل كل أنواع اللحوم الحمراء والبيضاء واللبن والبيض وبروتينات نباتية مثل البقول كالفول ومشتقاته. وتتحول هذه البروتينات بواسطة الجهاز الهضمي إلى أحماض أمينية يتم امتصاصها في الدورة الدموية.

ولكن ماذا يحدث لو تسلل أي نوع من هذه البروتينات دون هضم إلى الدورة الدموية?

يجيب د. صلاح عيد أستاذ الكيمياء الحيوية بطب عين شمس إنه في هذه الحالة ستدور معارك كيميائية بين البروتينات غير المهضومة وبين الأجسام المضادة التي تتكون في أنسجة الجسم لحمايتها من هذا المتسلل الغريب.. فإذا دارت هذه المعركة في الجلد فستكون النتيجة هي الإرتيكاريا أو الإكزيما. أما إذا دارت في الشعب الهوائية فإنه سينتج عنها الأزمات الربوية وضيق التنفس!.

يؤكد د. عيد على ضرورة طهي اللحوم والكبد جيداً حتى تصبح سهلة الهضم وبالتالي سهلة الامتصاص فتصل إلى الدم وأنسجة الجسم وهي مفتتة تماماً إلى مكوناتها الدقيقة وهي الأحماض الأمينية. كما يحذر د. صلاح عيد من إضافة البيض النيىء إلى كوب اللبن إذ ينتج عن هذا عدم قدرة الجهاز الهضمي على هضم البيض مما يؤدي إلى ظهور أمراض الحساسية وخاصة لدى الأطفال في سنوات عمرهم الأولى.

برتقالة تحميك من الإسقربوط!

يتميز مرض الإسقربوط بحدوث نزيف في اللثة وتحت الجلد وفي الأنسجة كما يصحبه تكسر وتفتت في الأسنان، بالإضافة إلى ذلك تعجز العظام عن ترسيب الكالسيوم فتصبح سهلة الكسر.

وينتج الإسقربوط بسبب نقص فيتامين ج أو حامض الأسكوربيك! ويحتاج الفرد البالغ إلى حوالي 75 ملليجراما من هذا الفيتامين يومياً. أي أن برتقالة واحدة أو ليمونة واحدة يومياً يمكن أن تفي باحتياج الجسم لهذا الفيتامين وتقي الإنسان خطر الإسقربوط!.

ومن المعروف أن فيتامين ج يساعد على تقوية جدران الأوعية الدموية وخاصة الشعيرات الدموية ويزيد من مقاومتها لدخول الميكروبات إلى جسم الإنسان. لذا عرف عن فيتامين ج أنه يحمي الإنسان من نزلات البرد ومن الانفلونزا ولكنه لا يشفي المريض الذي أصيب فعلا بالانفلونزا، لذلك فدوره وقائي وليس للعلاج.

وتعتبر الأغذية الطازجة هي المصدر الأساسي لفيتامين ج فيوجد بكثرة في الكرنب والطماطم والخس والبقدونس والجرجير والفلفل والقنبيط والفجل والفواكه مثل الجوافة والبرتقال والليمون.

البطاطا تحمي الشعر من السقوط!

البطاطا غذاء شعبي ذو قيمة غذائية عظيمة، فهي غنية بفيتامين (أ) وتحتوي على قدر مناسب من فيتامين ج. وفيتامين (أ) من الفيتامينات الضرورية جداً للإنسان فهو المسئول عن عملية الإبصار سواء في الضوء المعتم أو ضوء النهار العادي، كما يعمل على احتفاظ الجلد والشعر بحالتهما الطبيعية الصحية، فيحمي الشعر من السقوط، وكذلك الجلد من الجفاف وفقدانه الملمس الناعم.

وأهم المصادر النباتية الغنية بفيتامين (أ) هو الجزر الأصفر أو الأحمر، البطاطا، الطماطم، وكذلك أوراق النباتات الخضراء. كما يوجد فيتامين (أ) في اللبن وصفار البيض والكبد.

وهكذا نرى أن هناك العديد من الأمراض التي يمكن الوقاية منها بالغذاء المعتدل المتوازن.

إذا كانت الوقاية خير من العلاج، فإن الغذاء الطبيعي هو أفضل وقاية ضد عشرات الأمراض!.

 

أمل عزت