عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

البحث عن الزمن العربي

عزيزي القارئ.. بعد أيام من وصول عددنا هذا إليك، سيكون مطلع العام الهجري الجديد "1415". والتاريخ الهجري هو في جوهره تاريخ العرب، حيث يجمع كثيرون من مفكري العربية والعارفين بها أنه لا انفصال بين معنى الحضارة الإسلامية والهوية الحضارية العربية، فالهجرة لم تكن تعني مجرد خروج للنبي صلى الله عليه وسلم مع صاحبه أبي بكر الصديق من مكة إلى المدينة فرارا من إيذاء قريش، بل كانت وقفة فاصلة بين عالمين من الفظاظة المُهاجر عنها والرقي المهاجر إليه، وبناء على ذلك فإن الزمن العربي في امتداده ينبغي أن يكون سعيا باتجاه التحضر، ومن ثم فإن ما نراه في بقاع عربية وإسلامية كثيرة، من إهدار مجاني ضيق الأفق لدماء المسلمين باسم الإسلام، وإهدار لطاقات النمو العربي بنفي الديمقراطية مرة واستبعاد حق الاختيار مرات، كل هذا الإهدار، وعلامات التخلف المصاحبة له والباعثة عليه، إنما هو ابتعاد عن الزمن العربي الحقيقي، وفي داخل عددنا هذا ثمة مناسبة لنتذاكر معنى الزمن العربي المراد، فأحد استطلاعاتنا يتجه نحو إسبانيا ليبحث عن "الأندلس الغائب الحاضر في ذاكرة العرب" ورغم أن أصواتا كثيرة سمعناها تتصارخ "وا أنـدلساه"، إلا أن صراخها كان ينادي شيئا آخر غير أندلس الحقيقة الحضارية العميقة، فالأندلس لم تكن رمزا لبسط النفوذ العربي على الساحل الأوربي للبحر المتوسط، ولم تكن حكما عربيا يتحكم في أعناق "الفرنجة" ، بل كانت عهدا ذهبيا للحضارة العربية تتجلى فيه رحابة الدين ورحمة الدنيا، وفي ظل هذه الرحابة والرحمة ازدهرت في الأندلس الزراعة والصناعة حتى فاض الرخاء وعم، وتألقت في الأجواء بوارق من العلم والفن والأدب والثقافة ما زالت آثارها باقية هناك.

إن الزمن العربي ليس تقويـما ميقاتيا، بل سعي حضاري في ظل التسامح والرحمة اللذين يتسم بهما ديننا، وإننا إذ نهنئ قراءنا العرب بمطلع العام الهجري- العربي- الجديد، فإننا نقدم عددنا هذا باقة ثقافية تضم ألوانا من العلم والفن والأدب، نأمل أن نكون قد نجحنا ولو قليلا في انتقائها، لتليق بالمعنى.. الحقيقي.. الحضاري.. للزمن العربي.

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات