متاعب الدواء.. آفة عالمية تنتظر العلاج

متاعب الدواء.. آفة عالمية تنتظر العلاج

إن الدواء سلعة استراتيجية لا تقل أهمية عن الغذاء، ففي الفترة الأخيرة تصاعدت الشكوى من ضعف فعالية بعض أصناف الدواء لاضطرار بعض المصانع لتقليل المواد الخام الفعالة في الأدوية مما يقلل من تأثير الشفاء فيها مقارنة بالأدوية الأجنبية المماثلة.

وحسب منظمة الصحة العالمية، فالأدوية المزيفة هي تقريبا 60% من الأدوية المبيعة في بلاد العالم الثالث، هذه التجارة المقدرة بـ 30 مليار دولار سنويا تستطيع سريعاً أن تصل إلى أوربا، 10% من هذه الأدوية المزيفة صودرت في عدة دول في أوربا الشرقية، ومنذ سنة 2004 صودر منها في البرتغال وبلجيكا وهولندا وإنجلترا، فيما اكتشف 25 نوعاً من هذه الأدوية في سنة 2006، أي أكثر من 2001 بـ 5 مرات. وكان آخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية نشر في نوفمبر سنة 2006 يقدر نسبة الأدوية المزيفة في بعض الدول: روسيا 10%، الهند 25%، كمبوديا 23%، نيجيريا 48%، لبنان 35%، كينيا 30%، أندونيسيا 25%، أنجولا 70%، البيرو 40%، الفلبين 30%.

واعترف رئيس الوزراء الصيني بأن تجارة الأدوية في الصين هي بحالة فوضى عامة بعد حدوث عشرات الوفيات على أثر تعاطي المرضى شراب ضد السعال، أما في البلاد الصناعية المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وألمانيا فنسبة الأدوية المزيفة قدرت بـ 2% وهي أقل في فرنسا بسبب الرقابة الشديدة فيها.

وحسب تقرير منظمة الصحة العالمية فإن 50% من الأدوية المبيعة بواسطة الإنترنت تعتبر مزيفة، وتمثل هذه الأدوية تهديداً للصحة في معظم بلدان العالم، وقد تناولت وفود عديدة هذه المشكلة في المؤتمرات الصحية الدولية ومنظمة الصحة العالمية بالإضافة إلى ما تتناقله وسائل الإعلام من روايات عن وقوع حوادث خطيرة متكررة.

دواء مزيف

والمنتجات المزيفة على نحو دقيق هي المنتجات التي يقصد بها أن تبدو وكأنها منتجات أصلية، ويتم توضيب الدواء المزيف بالطريقة نفسها التي يتم بها توضيب الدواء الأصلي، ويقدم بشكل جرعات مشابهة كما يتضمن المقومات الفعالة نفسها، ولكنه لا يكون بالضرورة ذو نوعية مقبولة. وأنه لا يحتوي على المقدار الصحيح من المادة الفعالة، وأن منتجات كهذه لا تتطلب الكثير من المهارات الصيدلانية لصنعها، وهذه المصانع لا تتقيد عادة بقواعد وقوانين الإنتاج الجيد، وتفتقر إلى اتباع القواعد الصحية والحد الأدنى المطلوب من شروط صنع الأدوية.

إن الدافع الرئيسي إلى هذا النوع من الصناعة هو تزايد الطلب على البضاعة في سوق تواجه نقصاً، عادة بسبب القيود المفروضة على الاستيراد أو غير ذلك من القيود التي تفرضها الحكومات في ضوء الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها. وأصبح من الواضح أن من المستحيل تحديد الحجم الحقيقي للمشكلة، فانتشار مثل هذه المنتجات المزيفة في العديد من بلدان إفريقيا وجنوبي شرق آسيا شائع، ويبدو أن نيجيريا تعاني هذه المشكلة بنوع خاص، إذ تصل نسبة انتشار الأدوية المزيفة فيها إلى حدود 50%، وهناك أمثلة من منتجات مزيفة على درجة كبيرة من الإتقان تم اكتشافها في عدة بلدان أوربية، لكن كمية هذه المنتجات التي تصل إلى المرضى في هذه البلدان تظل محدودة، وهذا بدوره يعني أن المصانع التي تقوم بإنتاجها قليلة العدد نسبياً، ولكن لديها إمكانات تسويقية وتوزيعية عالية، ومع ذلك فإن تلك الأمثلة من الأدوية المزيفة التي ظهرت في العديد من الأسواق الأوربية المتقدمة ليست سوى علامة تشير إلى أن ما خفي كان أعظم.

باختصار إن تزييف المنتجات الدوائية جريمة اقتصادية توفر الكسب غير المشروع لمرتكبيها على حساب المريض والشركة التي اعتدى على حقوقها دون وجه حق، مما تلحق الضرر بالأبرياء وتعرض صحتهم للخطر، فهناك المضادات الحيوية المزيفة التي تودي بحياة بعض المرضى، وكذلك الحقن التي أدت نتيجة تلوثها وعدم تعقيمها إلى حدوث خراجات فظيعة أو التسبب بالوفاة، ومع أنه قد تم التبليغ عن حالات عديدة من هذا النوع، إلا أن هناك حالات أكثر منها بكثير لم يتم التبليغ عنها أوالتعرف عليها. ولهذا، يجب إيجاد الحلول الملائمة لهذه المتاعب والأوضاع قبل أن تتفاقم وذلك بأن يكون في كل بلد قانون خاص بمعالجة انتشار هذه الأدوية المزيفة واعتبارها عملاً إجرامياً، وأن ينص على معاقبة كل من يقوم بصنع واستيراد وتوزيع وبيع هذه الأدوية التي هي نسخ مزورة لمنتجات أصلية. ويعني ذلك وجود نظام فعال لترخيص ومراقبة أصحاب المصانع والموزعين والبائعين.

 

 

نزار الناصر