«العربي» والمغرب العربي

«العربي» والمغرب العربي

لقد اطلعت في إطلالة سريعة على مجلة العربي العدد 613 لشهر ديسمبر 2009م، وذلك في نسختها الإلكترونية فقط، حيث يتعذر علينا في الجزائر الحصول على مجلة «العربي» التي أصبحت لا تصلنا نتيجة سوء التوزيع المستمر، كما أنني أصبحت أجدها فقط لدى المحظوظين أو لدى زملائي القادمين من الولايات الشمالية القريبة من العاصمة الجزائر، لكوني أعيش في منطقة الجنوب الصحراوية. ونظرا لما لمسته سيدي الكريم - من مجلتكم الموقرة، من تجاهل للعديد من القضايا الثقافية المهمة التي عاشها ويعيشها المغرب العربي الكبير بدوله العربية الخمس خلال العام 2009 المنقضي، والتي لم تجد نصيبا في معظم أعداد مجلة «العربي»، قررت مراسلتكم لرفع مظلمة لديكم حول التقصير تجاه منطقتنا المغاربية العربية المهمة.

سيدي الفاضل،

يشرفني أن أرسل لكم هذه الرسالة لرفع تظلّم مفاده أنّ نصيب الجزائر ودول المغرب العربي الشقيقة الأخرى- من التغطية في مجلتكم الموقرة لا يصل إلى ربع أو حتى نصف اهتمامكم بتغطية شئون دول المشرق العربي، كما أنّ كتاباتنا كباحثين مغاربة لا تلقى نفس درجة اهتمامكم بنشر موضوعات مكرّرة حول أدباء ومفكري وعباقرة وفناني المشرق العربي الذين نحترمهم ونجلّهم، دون إبداء نفس درجة الاهتمام بأدباء ومفكري وعباقرة وفناني المغرب العربي وخصوصا الجزائر، طبعا إنها صلاحياتكم سيدي الفاضل، ولن أتدخّل بها، لكن ما حملني على كتابة هذه المظلمة، هو الخطأ الذي ورد في عددكم الأخير حول تغطيتكم لجوائز مؤسسة الفكر العربي، حيث عادت الجائزة الأولى إلى الباحث الجزائري الحامل للجنسية الأمريكية الطبيب الدكتور إلياس زرهوني، وليس الطبيب السعودي إلياس الزهواني كما ورد في صفحتكم على الإنترنت، وأظنه ورد كذلك في النسخة المكتوبة، وآمل أن تقوموا بتصويب الخطأ، وأن تسجّلوا اننا في المغرب العربي وخصوصا الجزائر، نتأسّف حين لا نجد في معظم أعداد مجلة «العربي» المحترمة، تغطية كافية لما تشهده الجزائر ودول المغرب العربي من أحداث ثقافية كبرى.

سيدي الفاضل، إنني أشعر كقارئ بسيط لهذه المجلة التي أحترمها وأحبها، أنها لا تخصّص لقضايا المغرب العربي ولا لكتاب المغرب العربي حيزا عادلا من التغطية، وأؤكد أنّ ذلك يعود لعدم وجود رغبة واضحة من قبل مجلتكم الموقرة في المساواة بين نصيب المشارقة والمغاربة في مجلتكم الموقرة، وأذكّر هنا بقولة عبدالملك مرتاض عالم التعريب الجزائري الكبير: «في الوقت الذي يعرف فيه الجزائريون كلّ شيء عن المشرق، لا يعرف المشارقة أيّ شيء عن الجزائر»،

إنني يا سيدي الفاضل أتذكر كلما راودني الشعور بإهمال الآخر «الشقيق» لنا، حادثة غضب الشيخ البشير الإبراهيمي على الأديب طه حسين في خمسينيات القرن الماضي، ردّا على الأخير الذي قال في أحد المؤتمرات العربية: «أحسب أنّ العالم العربي مثل طائر، أحد جناحيه في الخليج والجناح الآخر في الشام والعراق، ورأسه في مصر، وذيله في المغرب العربي»، وقال له الشيخ الإبراهيمي غاضبا: «أحسب أن الدكتور كان يقصد في مثاله طائر الطاووس، وأجمل ما فيه ذيله».

ربما يكون غضبي مبالغا فيه أو غضبا نبيلا، مهما كان توصيفكم له سيدي الفاضل، فأنا أسجّل تقصيرا كبيرا من قبل مجلتكم الموقرة في إنصاف منطقتنا المظلومة، خصوصا من مجلتكم واسعة الانتشار في عالمنا العربي. في الأخير تقبلوا مني كل الاحترام والتقدير..

عصام.ب - الجزائر

  • المحرر:

القارئ العزيز الأخ عصام

بداية ينبغي التاكيد على أن «العربي» مجلة كل العرب، وهو توجهها الأساسي منذ نصف قرن ولايزال، ولا نعرف لماذا تصف نفسك بالجريء وتحجم عن نشر اسمك كاملا؟

ولعل أزمة توزيع المجلة في الجزائر والتي يختص بها مسئولو التوزيع في الجزائر الشقيقة قد جعلك تقصر في متابعة المجلة وبالتالي متابعة العديد من المواد التي تختص بالمغرب العربي، وبينها حوار مع المفكر الجزائري عبدالملك مرتاض قبل عدة أشهر، وقبلها حوار مع الناقد المغربي محمد برادة وبعض رسائل المفكرة الثقافية عن أحداث جزائرية، وفي عدد ديسمبر 2009 نشرت «العربي» موضوعا عن التصوير الفوتوغرافي للمصورالجزائري ميلود بن علي، وفي العدد نفسه موضوع عن استوديوهات هوليود الشرق المغرب العربي كتبه أحمد رأفت بهجت. وفي هذا العدد بين يديك موضوع عن احتفالية جامعة الجزائر بمئويتها.كما أن «العربي» قامت بعشرات الاستطلاعات عن الجزائر الشقيقة بينها استطلاع أجراه الزميل الدكتور محمد المنسي قنديل بعنوان «آثار الجزائر، رمز الهوية وبوابة التاريخ»، في العام 2006، وفي ديسمبر من العام 2007 كتب المحرر نفسه استطلاعا آخر بعنوان «الجزائر تتصالح مع الثقافة العربية»، بالإضافة لعدد آخر من الاستطلاعات المصورة عن الجزائر كتبها كل من ماضي الخميس وزكريا عبدالجواد، وأبوالمعاطي أبوالنجا وصادق يلي، وغيرهم. إضافة إلى عدد كبير من الاستطلاعات التي أجرتها «العربي» في عدد من مدن كل من تونس والمغرب.

وتناولت «العربي» العديد من الظواهر الثقافية والفكرية في الجزائر وبينها على سبيل المثال لا الحصر: «الهوية والعنف في الخطاب الثقافي الجزائري»، للزواوي بغورة، «الفن الجزائري الحديث: محاولة للإبداع» لعدنان عضيمة، «الفن التشكيلي المعاصر في الجزائر» لأحمد عبدالكريم، «الكويت في الرحلة الجزائرية الحديثة» لسميرة إنساعد، «في الأدب الجزائري الحديث» لأحمد دوغان، إضافة للعديد من المقالات والمقابلات الأخرى مع الكاتب الكبير الطاهر وطار وعز الدين ميهوبي.

وأخيرًا، فرغم عدم كتابة اسمك كاملا، فمن تطابق البريد الإلكتروني يتضح لنا أنك الشاعر عصام بن شيخ الذي نشرت له «العربي» قصيدة في عدد مطلع العام، وهي مجدولة لظروف الطباعة من قبل أن تصل شكواكم، وهو ما يثبت سعي المجلة للحوار مع بلدان المغرب العربي دون محاباة أو مجافاة أو مغالاة. وقد خصصت إحدى ندواتها السنوية الفكرية لهذا الجانب من خلال عنوانها «حوار المشارقة والمغاربة».

هذا بعض مما أولته «العربي» للمغرب العربي وللجزائر من اهتمام في إطار اهتمامها بالثقافة العربية في الأقطار العربية كافة، فـ «العربي» للعرب، كل العرب.