ميتافيزيك أرضي أجمل ما في الأرض أن أبقى عليها

ميتافيزيك أرضي أجمل ما في الأرض أن أبقى عليها

يقدّم الشاعر اللبناني جوزف حرب في ديوانه الأخير «أجمل ما في الأرض أن أبقى عليها» (رياض الريّس للكتب 2009) مناخه الشعري الخاص به، وهو توقيعه وبصمته، وقد ثبت كل ذلك على امتداد سلسلة من الإصدارات الشعرية بالعربية الفصحى والمحكية اللبنانية، بدأت بديوان شجرة الأكاسيا (1986)، ثم كرّت بعده الدواوين، من «مملكة الخبز والورد» 1991 إلى «الخصر والمزمار» 1994، فـ«مقص الحبر» 1995، فـ«السيدة البيضاء بشهوتها الكحلية» 2000، فـ «شيخ الغيم وعكازه الريح» 2002، فـ«سنونو تحت شمسيّة بنفسج» 2004، فـ«المحبرة» 2006، فـ«طالع عبالي فِلّ» 2007، فـ«رخام الماء» و«كلك عندي إلا أنتِ» 2008، و«زُرْتِكْ قَصَبْ فَلّيتْ ناي» 2009.

إن ثمة انفجاراً شعرياً، على غرار أي انفجار كوني، حصل في صدر جوزف حرب فأعطى على امتداد ثلاثة وعشرين عاماً ثلاثة عشر ديواناً تتميّز بالغزارة العالية في الكَمّ والنوع، فإنّ ديواناً كديوان «المحبرة» على سبيل المثال، يزيد على خمسين وسبعمائة وألف من الصفحات، ولعله أطول ديوان شعر عربي حديث، مجموع بين دفتي كتاب واحد، لا يضاهيه في ذلك إلا كتاب «الكتاب» لأدونيس، علماً بأن الكتاب صدر منجّماً في ثلاثة أجزاء، في حين أنّ «المحبرة» كلُّ واحد مجموع، وقد لاحظت في الديوان الأخير للشاعر، «أجمل ما في الأرض..»، وجود قصيدة طويلة تأمّلية في الدين والكهنة بعنوان «نصّ السماء» أشار الشاعر في الهامش إلى أن صفحات من خمسمائة صفحة لم تنشر من «المحبرة» ما يثبّت فكرتنا بأننا بالفعل، أمام انفجار شعري لدى الشاعر، فما كان ظاهراً منه قبل العام 1986 (أوّل إصداراته) كان شبيهاً بذؤابة جبل الجليد الهائل المطمور في البحر، المسمّى «إيسبرغ» وهي ذؤابة صغيرة، إذا لم يحسب البحّارة الحساب لأصلها المطمور في الماء، فربّما ارتطموا به وتحطّمت سفنهم.

الشاعر لست تراه

صحيح أنّ ما كان عرف من جوزف حرب وهو ذؤابة الإيسبرغ، كان قصائد بالمحكيّة والفصحى غنّتها له «فيروز» مثل «أسامينا»، و«لبيروت» و«إسوارة العروس»، وكانت رسولاً أميناً لشاعر جميل ومتوارٍ، إلا أنه هو الشاعر المتفرّد المتحقق خارج جاذبية الصوت، لم يصل إلى مجده، إلا بعد سلسلة إصداراته الشعريّة المحمومة ويسجّل له فيها قدرته على الخروج من جاذبيّة الصوت القوية، من خلال النصوص الشعريّة ذاتها، وفي السلوك أيضاً. فهو، بحدود علمي، لم يجمع في كتاب على حدة، قصائده الجميلة المغنّاة، احتراماً لشعريته التي رغبت في الاستناد إلى ذاتها، وهو يكاد يكون منقطعاً لكتابة الشعر، فكلّما سألته «ماذا تفعل»؟ قال لي «إني أعمل» أي «أكتب»، فالكتابة عنده حياة، والحبر دم، وديوان «المحبرة» يقدّم تصوّره للخلق والوجود، وهو أنّ الوجود كتاب أو قصيدة، يستعيده جوزف حرب شعرياً في ديوانه الأخير، فيقول في قصيدة بعنوان «ديوان»:

«الشاعر لستَ تراه
إلاّ بقصائده المكتوبةِ
لمّا حُذِفَتْ منه يداهْ»
لكنَّ الأرض الملأى بقصائد من ديوان وجبال وصحارى ومياه
وسماءٍ عُلّقَ فيها لله الشاعرِ قنديلاه
هي أجملُ ديوان لله»

وهو، على الرغم من تربيته الأولى في «دير مشموشة» في الجنوب اللبناني، تحوّلت في داخله اللغة العليا في اللاهوت المسيحي، كما تحوّلت لدى جبران خليل جبران، إلى نقد للكهّان، والتصاق بالمسيح الرمز، فهو يلتصق بالمعنى ويلفظ الأداة، ثم هو يبتكر لذاته، من شعره، فردوسه الأرضي الخاص المتحقق، لا في الوجود «من خارج» وحده، بل فيه هو «من داخل»، فالجرس الأخضر (على ما يقول في قصيدة «جرس أخضر») في قلبه، وفي جرحه بخور، ويده شمس والحبر يدور حول أرضه، ويقول:

«كل عامٍ بي مسيحٌ
رُسُلُ العامِ الشهورْ
من رفاقي الليل والبحر ومن عائلتي أعلى الجبال البيض،
والوديان في الأرض دواويني وديري غامضُ الكونِ
ورهباني العصورُ»

فهو يعتدّ بديمومة الأرض، ويقدّم على امتداد قصائد «أجملُ ما في الأرض أن أبقى عليها»، نشيداً دامياً وجميلاً للأرض، وتمجيداً للحياة، حتى من خلال طعمها المُرّ، فالحياة هي التي تصنع من الطمث والدم حليباً، ومن قذاراتها الوردة والسنبلة.

فديوان «أجمل ما في الأرض..»، ديوان ميتافيزيك أرضي.. لكنه بمقدار ما ينفر من الناس والمجتمعات والسلطات السياسية والدينية والاجتماعية، فإنه ينحاز إلى العناصر، يمجّدها، يمتدحها، ويتماهى فيها، ما يقرّب قصائده من الحيلولة الوجودية، من خلال الحدس الشعري لا من خلال التفكّر الفلسفي، فهو يترك النبات والحيوان والطير تتبادل الصفات والأسماء مع الناس، ويؤنس عالم الطبيعة، فيجمّله وربما يكتفي به، مشيحاً به عن عالم الناس، أو ناقداً من خلال نص الطبيعة، لنصّ الإنسان والمجتمع، وربما قدّم لنا في الكثير من قصائده صوراً من «طبيعة صامتة»، بلغة الرسم، دونما شروح أو تأويل، فالصفصافة في قصيدة «شَعر» (بالشين المفتوحة) شعر امرأة أخضر، ملقى كالماء، ونسيم الصبح وهو يسرّحه مشط أزرق، هذه هي حدود القصيدة وصورتها. ويقول «أنتِ امرأتي الشجرة». وهو في قصيدة «الرحيل إليّ» يتماهى كلياً مع العناصر يلبسها وتلبسه بلا انقطاع

«مورق وجهي كغصنٍ لابسٍ قمصان آذار، فمي أخضرُ، كفّاي صديقان لهذا القمح في تموز صدري رَجْعُ أجراسِ مساءٍ راهبٍ، عينايَ دُورٌ سكنت فيها الفصولُ.
عَشِقْتُ وجهي مرايا الماءِ غَنّتني العصافير، وألقت
مطرفاً من زهر خوخٍ فوق أكتافي الحقولُ..».

ومنه يخرج الليلك، وطول قميصه طول الشهر الأخضر، ويصعد الأبيض من جوف يده، والمدى الأزرق مما يقول.. وفي النتيجة، هو والعناصر واحد، فإذا غاب عنصر من العناصر استبدله بجارحة من جوارحه.

«أجعل المنديل ذكرى، والعناقيد نبيذاً
فله منه به الشيء بديلُ
جاءَ يوماً في الكتابة
إنما النخلُ على الرمل صحابة
وأنا الغيم رسولُ»

وهي هنا فكرة الاندراج الأرضي في العناصر، هي التي تسيطر على روح الشاعر في جميع ما كتب في هذا الديوان، وقبله في دواوينه السابقة. وهو هنا اندراج غنائي، ولكنه من كثرة جسديته، فإنك تكاد تنسى أنه سينتمي حكماً للميتافيزيك، فهو نابع من بيئته ومنزله وطبيعته، ولكنه يلتقي مع مناطق أخرى شعريّة كثيرة في العالم، فشعراء الرومانسية الصوفية الألمان من أمثال شيلر وهلدرلن ونوفاليس طالما تأمّلوا وجوههم في مرايا الطبيعة.

يقول نوفاليس منحنياً فوق وجه حبيبته

«هل أنتِ الليل؟».

وطالما خاطب شيلر حبيبته كشجرة أو غيمة. يقول أمل دنقل، ولكنْ بنكهة سفر التكوين

«في البدء كنت رجلاً وامرأة وشجرة».

جوزف حرب أقرب لصوفيي الطبيعة، منه لشاعر يستلهم انثروبولوجيا الكائن. هو بالضبط، ما قاله عن نفسه في ديوان «شيخ الغيم وعكازه الريح» طفل السنديان أو ولد السنديان، وأنت لو تأملت مشهدياً أو بصرياً بالعنوان ذاته «شيخ الغيم وعكازه الريح» لعثرت على هذا التشخيص الضخم للعناصر، أي جعلها أشخاصاً، فالشاعر مبهور صورياً بما أسمّيه «سينما الكون»، وعينه كعين الكاميرا تلقط وتنقل وتحصد المشاهد والظواهر، ولكن خلف عين الكاميرا هذه، عين أخرى داخلية، تؤلّف المشاهد، تجمع وتفرّق وتغيّر، أي تعيد تكوين كل ما تراه، وهي عين الشاعر فيما هو مخرجٌ وليس محض مصوّر.

يتأمّل بالصورة ويشعر بالفكرة

جوزف حزب شاعر يتأمل بالصورة، ويشعر بالفكرة، وأحسب أنه ما إن تلتمع الفكرة في ذهنه حتى يشقّ برقُها جَسَد اللغة، وترتسم الصورة بين يديه، بالحبر، على الورقة، بلا فاصل يذكر بين الفكرة والصورة والصيغة.

ولعل قصيدة صغيرة هي قصيدة «شيوخ الماء» تقدّم هذا التكامل بين الصورة والفكرة والصيغة في شعره، ولا أستطيع التخمين، في مَنْ يسبق مَنْ في هذه الثلاثية. أحياناً، يلوح لي أن الفكرة تسبق، أحياناً تجلس الصورة في الواجهة، ومرات تلاحظ أن اللغة، الصيغة، الطريقة الشعرية في توالي العبارات والكلمات، وتساحبها ووزنها وإيقاعها، تلفّ كل شيء وترتّب جميع عناصر القصيدة. وإنني حين أقول «مَنْ يسبق مَنْ» وليس «ما» في خطاب الصورة والفكرة والصيغة، فتأسيساً على الآية الكريمة قال يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين.

قال رأيتهم ولم يقل رأيتها. وقصيدة «شيوخ الماء» هي التالية:

«في غابة عارية
يجري بها نهرٌ
مقاعدْ
جالسٌ ثلجٌ عليها
كشيوخٍ من بياضْ
لا يموتون ولكنْ
عندما تأتي إليهم شمسهم صبحاً
تذيبُهم شوقاً إلى بيتٍ لهم
ترجعهم عند مجيء العصر للنهر».

ربما كانت الفكرة هنا، تخميناً، سابقة بقليل للصورة، وكلاهما سابق للصيغة. ولكن ذلك ليس يقيناً، فالشاعر يفكّر بالصورة، ويشعر بالفكرة، ويجعل الصيغة شاملة لأقانيمها الثلاثة، وليست هنا المحاولة في تفكيك النص سوى حيلة افتراضية لاستيعابه، ذلك أن استشعار النصّ ينتهي كلا وإن كان يتشكّل أو يتسرّب بالتدريج. من الملاحظ أن الصوريّة تغلب على القصيدة لأول وهلة. فالعنوان «شيوخ الماء» يقدّم صورة لشيوخ من ماء جالسين. أين؟ - في غابة. وشيوخ الماء الجالسون في غابة، إما من مرمر شفّاف كـ«الماء» أو من ثلج. إنهم من ثلج في غابة يجري بها نهر، وهم جالسون على مقاعد.

نحن حتى هذه اللحظة من القراءة، أمام تشكّل صوري ومشهدي، وكأننا أمام مشهد سينمائي. ننظر ونسأل: وماذا بعد؟ يأتي الفصل الثاني من المشهد البصري الصوري السينمائي، ليقدّم لنا صورة جديدة مستطردة من الأولى، وهي صورة طلوع الشمس وذوبان شيوخ الثلج وعودتهم بعد ذلك في صيرورتهم للنهر.

يقدّم الشاعر المشاهد عارية، من خلال الصُور، وهو قليلاً ما يتدخّل في إضافات للتعليق أو التأويل أو شرح الصورة «الرمز»، ففي النص بكامله كلمتان فقط للتأويل، الأولى صفة «عارية» للغابة، والثانية مصدر «شوقا» لرسم حال الثلج في اشتياقه للعودة لأصله في الماء الجاري «في النهر». إذاً، وبالمجمل، فإن في هذه القصيدة الصورية، تظهر الفكرة متغلغلة في الصور - المشاهد، تغلغل السكّر في الماء، أو الروح في الجسد. من هنا قولنا إنّ الشاعر يتأمل بالصورة، ويشعر بالفكرة.

ويتبيّن أن الصيغة من لغة ووزن وإيقاع وسياق وترتيب، وهو ما يختصر بالأسلوب، ويشمل إلى هذه العناصر عناصر أخرى أيضاً، يأتي ترجماناً للفكرة المتغلغلة في الصورة.

والصيغة ذات إيقاع خفيف جداً، تلامس النثرية، وهي غير غنائية، ولكنها هادئة، ولا تُنشد فيها القوافي، ومتقشّفة بمعنى أنها تكتفي بما يشبه السرد المشهدي، تاركة للقارئ أن يأخذ دوره في إبداع المغزى. والمغزى هو التحوّل، فلو أعطى الشاعر للنص عنوان «تحوّل» لما حاد عن المعنى. ولكنْ، يبدو أن الصورة هنا قوية ومفترسة وتطوي المعاني في داخلها، ما يجعل جميع العناصر تبعاً لها، أقصد صورة «شيوخ الماء» أو «شيوخ الثلج».

ولا أحسب أن هذه المسألة، أي مسألة تقنية القصيدة، تمرّ عفو الخاطر لدى الشاعر. فهو شاعر ذو مناخ شعري، وذو توقيع شعري، توصل إليها كتاباً عن كتاب. فهو شاعر إنشاد شعري صوري من خلال الأوزان والإيقاعات والختمات بالقوافي، كما أنّ التدافع كمويجات النهر في القصيدة، وانسيابات العبارة، والتقليل من الرموز والأساطير، واللجوء لحكاية افتراضية قريبة أحياناً، والبعد عن المعضلات في اللغة والتركيب، وذاك القرب الذي يكاد يكون دادائياً من العناصر في الطبيعة، من شجر ونبات وطيور وأفلاك، كل ذلك يجعل من شعر جوزف حرب شعراً مريحاً أو شعراً غير مكفهرّ، وغير ذي معضلات، وهو شعر ليس صعباً ولكنه ليس بالسهل، ويميل بك إلى التأمل أكثر من ميله بك إلى التشنّج، فلسنا أمام شعر ملحمي أو درامي بل أمام شعر يغلب عليه اللون الأبيض والفرح بعناصر الوجود والاحتفال بالحبّ، والإنسان، والحياة على هذه الأرض، ولكن ليس بالمعنى المادي للحياة، بل بما أسميناه الميتافيزيك الأرضي.

ويلوح لي أن جوزف حرب شاعر هندسة، وتأمل شعريني، أكثر مما هو شاعر هذيان وانبثاقات دموية في اللغة. إنه يقف في الجهة المقابلة تماماً للوثريامون وأنتونان آرتو «بالفرنسية» وأنسي الحاج «بالعربية». إنه التطوير الفذّ والخاص لخطى أمين نخلة وميشال طراد والرحبانيين، بل هو الخلاصة الإبداعية لهم جميعاً، مضافاً إليهم ذاته. وله، بالإضافة لذلك كله، ما أسمّيه بالتوقيعات الشعرية. فما هي؟

التوقيعات الشعريّة

التوقيعات الشعرية، في شعر جوزف حرب، قريبة من التعريفات الشعرية «جمع تعريف». إنّ ديوانه مليء بهذه التقنية أو الخصيصة الشعرية. وهي ذات وجهين: مستحيل ومتحقق. فالمستحيل الوصول للصيغة أو الشعر أو القصيدة، بالمطلق. لهذه الناحية كل كتابة ناقصة، والشعر دائماً خارج النص «أجمل الكلمات تلك التي لم نقلها بعد» - على قول مأثور.

يقول حرب في قصيدة بعنوان «تفتيش»:

«فكرة ذات جناحين من الشعر،
فتَّشَتْ عن كلامٍ لها
لم تجِدْهُ
فتّش الكلام عن دواةٍ فلم يجدها
فتشت الدواة عن قلمٍ لم تجدهُ
كان يفتّش عن جملةٍ لم يجدْها
والجملة فتشت عن ورقٍ أبيض لم تجدْهُ
عندها فكرة الشعر صارت حماماً وطارت»

الشعر هنا - إذاً - هو ذاك الحمام الحر الطائر الذي لا يمسك بكف ولا يحبس في قفص. ولكنْ، ما الذي فعله الشاعر في القصيدة؟

- إنه هندس المستحيل.

أما المتحقق من الشاعر، فهو، إلى هذه القصيدة، جملة من توقيعات أو تعريفات، تكاد تشكّل المعنى وشَبيهه، الشعر وبديله، الشيء وظلّه، الحياة ومعادلها، الطبيعة والإنسان.

يقول:

«الأرض امرأةً
والبحر غلائل من فيروز
والليل يواقيت
وهذا الشجر المسكي شموع
وينابيع الماء جرار نبيذ
والعصفور السابح في النسمة مدّة ناي
والغيم حدائقْ
وأنا عاشقْ»

(من قصيدة العاشق)

فهنا تعريف لكل شيء بما يوازيه وهناك القصيدة التعريف مثل قصيدة «النجمة»:

«النجمة
شمعة مغفرةٍ
تطلبها منك العتمة»

ومنها «في قصيدة ملامح»:

«أصبحت حبراً
كتبتُ الشجرة»
ثم جاءت قبرّه
أصبحت حبراً وعادت قبرّه»

ومنها تعريف الظلّ:

«الظلّ لا يأتي من الشجرة
يأتي من الظلّ الذي معها»
قد ذاب من جسد المزارع
وهو يزرعها»

ومنها توقيع الشراع:

«قال الشراعْ
أجمل ما فيك إذا أبحرتَ في الريحِ
الضياع»

ومنها تعريف النهر:

«النهر بيت من قصائد البحر»
ومنها «الهواء نساء القرى
الغمام جرار الماء»

وهي وسواها تدور في جاذبيّة المخيّلة.

 

 

محمد علي شمس الدين