مساحة ود

زورقي وشراعي

بلادي التي بعدت عنها من جراء ضغط تعسفي. وطني المتسامح الحنون، أشتاق إليك، أتوق لرؤيتك بيتي وعائلتي.

مع اندفاع النيل العظيم، مع هدير أمواجه السمراء، اندفعنا وتدفقنا إلى ملاذ الأم الحنون في شمال الوادي. مازلنا ننتظر العودة إلى البيت والوطن. نتوق لرؤية الإخوة والأخوات والآباء والأمهات.

نشتاق لارتداء الثوب السوداني والجلباب الأبيض الناصع ولنتجمع لنأكل "الكسرة" الطبق الشعبي المعروف.

بدأت أترقب دقات الساعة، الفينة تلو الأخرى. أتفاءل بأن كابوسا سينقشع عن سماء بلادي لتعود مرة أخرى إلى الزرقة الصافية. أصر ألا أستسلم، فبدأت أعد شراعا لأبحر في مساحات الود مع أشقائنا الذين وقفيا معنا وأفسحوا لنا أبواب الرزق رغم العثرات والعراقيل التي يحاول ذلك الكابوس فرضها داخل وخارج وطني، وطني ذي الشعب المسالم الذي يعشق الحرية والانعتاق.

أعددت زورقي، علني أجد فيه الأمل لأكمل إبحاري بين الموج المتلاطم، وألتقي بأهلي الذين حرمت من رؤيتهم. عندما نصل، سنصافح الحقيقة الغائبة عن واقع بيتنا الكبير. سنعيد بناءه ركنا ركنا وشبرا شبرا، لن نتركه مهدما مخربا.

كثيرا، ما يساورني الشك أن صوت الحقيقة قد لا يقودني إلى لحظة النصر التي أصبو إليها، لكني لن أترك اليأس يأكلني، بل أواصل إبحاري بكل ثبات ممكن رغم كل الأعاصير التي اجتاحت العالم وقلبته رأسا على عقب.

أشتاق لعودة ابتسامتي المسلوبة. أشتاق إلى اكتمال الشمل وعودة الفرحة. أشتاق إليك يا أمي حيث أنت.

لا، أرجوك لا تأتي إلي. دعيني أبحر بزورقي وشراعي لأصل إليك حيث أنت: في بيتنا الصغير، في حضن بيتنا الكبير.. السودان.