آفاق تخصيص الملكية في الكويت عامر ذياب التميمي

آفاق تخصيص الملكية في الكويت

إذا كانت التحولات نحو الاشتراكية والملكية العامة في العديد من البلدان التي اتبعت المنهج الاشتراكي منذ أوائل هذا القرن أو بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، قد جاءت نتيجة لقناعة الأنظمة السياسية فيها، فإن الملكية العامة في بلد مثل الكويت جاءت نتيجة للثروة.

لقد حبا الله، سبحانه وتعالى، الكويت الثروة النفطية منذ أواخر الأربعينيات، وبدأت تقطف ثمارها منذ أوائل الخمسينيات.. وقد كان من نتاج التطور الاقتصادي المصاحب للاعتماد على النفط أن تزايد دور الدولة في الاقتصاد الوطني وولوجها العديد من المجالات الاقتصادية.. ولا بد أن أذكر هنا أن القطاع الخاص الكويتي كان من النشاط والحيوية في عهد ما قبل النفط وامتدت أنشطته إلى العديد من البلدان المجاورة مثل البحرين والعراق، وكذلك في بلدان بعيدة مثل الهند وعدد من دول إفريقيا الشرقية.. وتعامل تجار الكويت مع مختلف البضائع والسلع وأهمها اللؤلؤ والتمور والتي كانت تنقل إلى الهند وشرق إفريقيا، ومقابل ذلك كانوا يقومون بنقل التوابل والمواد الغذائية من هناك إلى الكويت والجزيرة العربية والبصرة وسواحل إيران. بيد أن التحولات التي أحدثها الاقتصاد النفطي في الكويت دفعت أولئك التجار للاستقرار في البلاد والتركيز على النشاط التجاري فيها، والعمل أحيانا في تجارة إعادة التصدير للبلدان المجاورة.. كما أن التغيرات الاقتصادية أوجدت أنشطة جديدة أمام رجال الأعمال الكويتيين ودفعتهم للاستثمار في قطاع الأعمال المصرفية والعقار والإنشاءات والعديد من الخدمات، وولج بعضهم نشاط الصناعة التحويلية.. ولذلك شهدت الكويت بروز العديد من الأنشطة في عقدي الخمسينيات والستينيات.. كذلك تطورت التجارة في الكويت لتشمل العديد من السلع التي لم تكن ضمن اهتمامات الكويتيين في عهد ما قبل النفط، ومنها السلع الكمالية والسلع المعمرة مثل السيارات والأدوات المنزلية، والثلاجات والغسالات وغيرها من سلع مستوردة من الدول الصناعية المتقدمة. ذلك أن الثروة النفطية حولت البلاد إلى سوق استهلاكية نامية بعد أن تحسنت المستويات المعيشية للمواطنين وازداد عدد السكان نتيجة لتوافد العرب والأجانب للعمل في المجالات الاقتصادية سواء لدى الحكومة أو القطاع الخاص، وبذلك ازدادت أعداد المستهلكين وتحسنت إمكاناتهم الشرائية.

الثروة لمواجهة الحياة الصعبة

ولا شك أن الاقتصاديين يعلمون كيف أن الدولة استخدمت الأموال التي توافرت لها من العائدات النفطية لتحسين ظروف الحياة الصعبة التي كانت سائدة في الكويت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. فقد بدأت في مطلع الخمسينيات سياسة استملاك الأراضي والعقارات من أجل المنفعة العامة، ولذلك حصل العديد من الكويتيين على تعويضات مجزية مقابل استملاك مساكنهم وعقاراتهم داخل الكويت القديمة. كذلك وظف الأفراد في مواقع مسئولية داخل أجهزة الحكومة المستحدثة، ووفرت لهم أجورا ومزايا مناسبة.. هذا وقد شرعت الدولة في توظيف الأموال في مشاريع البنية التحتية والمؤسسية وأقامت المدارس والمستشفيات والمستوصفات والمؤسسات الخدمية الأخرى، وكذلك تبنت برامج للرعاية السكنية بحيث أصبح بمقدور كل مواطن الحصول على سكن مجاني خلال فترة حياته.

لكن تلك المشاريع ساهمت في تطوير إمكانات القطاع الخاص الكويتي ووفرت له الأموال الطائلة. إلا أن التطورات التي حدثت بعد قيام الدولة بتأسيس الشركات والدخول مساهمة فيها بشكل تام أو بالمشاركة مع القطاع الخاص برزت رأسمالية الدولة في النظام الاقتصادي الكويتي.. ولقد تكرست هذه الرأسمالية الحكومية في عقد السبعينيات عندما ازدادت الإمكانات المالية وزادت الفوائض المالية الناجمة من زيادة عائدات النفط بعد ارتفاع الأسعار في عامي 1973 و 1979 بل إن الأمر تطور حيث قامت الدولة بشراء حصص القطاع الخاص في شركات القطاع المشترك مثل شركة البترول الوطنية، وشركة صناعات البتروكيماويات، وشركة ناقلات النفط، والمطاحن، والنقل العام وأخرى غيرها.

ووصلت عملية تملك الدولة في الشركات والمؤسسات أوجها في نهاية السبعينيات وأوائل الثمانينيات عندما مرت السوق المالية في الكويت بأزمتين متباعدتين في عام 1977، وعام 1982 نتيجة لمضاربات المتعاملين في سوق الأسهم والأوراق المالية، مما دفع الدولة للتدخل وشراء الأسهم بحجة الحفاظ على الأسعار وحماية السوق من الانهيار. وعلى الرغم من أن تلك المحاولات لم تؤد إلى الحفاظ على الأسعار خصوصا في أزمة المناخ عام 1982، إلا أنه نجم عنها زيادة ملكية الدولة في العديد من المؤسسات التي أسست أصلا بمبادرات من القطاع الخاص.. وهكذا أصبح العديد من البنوك والشركات العقارية والشركات الاستثمارية العامة، والشركات الصناعية، أصبحت مجرد مؤسسات حكومية تخضع للقرار الحكومي والبيروقراطية.

وعلى الرغم من مرور البلاد بفترة تراجعت خلالها الإيرادات المتأنية من مبيعات النفط منذ بداية الثمانينيات، إلا أن الدولة أصرت على عدم تكييف الاقتصاد بطريقة تؤدي إلى تخفيف العبء على الإنفاق العام، واستمرت في سياسات الرفاه.. بل إن الدولة ظلت تتحمل تبعات أزمة المناخ، وقررت عام 1986 أن تضمن حدا أدنى لحقوق المساهمين في البنوك، وتضمن حقوق المودعين فيها، ومن ثم فإنها أسقطت عنصرا مهما من العمل الاقتصادي، وهو عنصر المخاطرة.. وقد أدى ذلك إلى اعتماد شامل للبنوك على الخزينة العامة،،ومن ثم خضعت تلك المؤسسات المالية لهيمنة البنك المركزي.

وبعد كارثة الاحتلال توقع المراقبون الاقتصاديون أن تسعى الدولة للاستفادة من الوضع الاقتصادي الصعب الذي ورثه الاحتلال العراقي الغاشم وتتصارح مع الشعب الكويتي وتحمل القطاع الخاص مسئولياته في تحمل أعباء إعادة البناء، إلا أن ما حدث هو قيام الدولة في عام 1992 بشراء الديون التي قدمتها البنوك والمؤسسات المالية للمؤسسات وللمواطنين، مما زاد من تحميل الخزينة العامة بأعباء كبيرة.. كذلك وضعت برامج طويلة الأجل لاسترداد هذه الديون من أولئك الأفراد وتلك المؤسسات قد يترتب عليها قيام الدولة باقتناء المزيد من الأصول من القطاع الخاص.. وهكذا تعرقل إمكان الاستفادة من عوامل الاحتلال في نقل الاقتصاد الكويتي من هيمنة رأسمالية الدولة إلى وضع يتسم بالحرية الاقتصادية ويحقق للقطاع الخاص دورا في عملية التنمية الاقتصادية وفرصة للمساهمة في عملية إعادة البناء.

ويبدو أن الدور البابوي للدولة قد هيمن على الفكر السياسي الكويتي خلال الزمن المنصرم، ولم يعد من السهل التحرر من هذا الفكر حتى في ظل الصعوبات المالية والاقتصادية في البلاد وتوجهات الإدارة الاقتصادية التي اعتمدت سياسة الرفاه، واستمرار المواطنين وأصحاب رءوس الأموال في الاعتماد على موارد الدولة لتحقيق موارد لهم تغنيهم عن شرور المخاطرة.

قدرة الاقتصاد الكويتي

ما يهم في الوقت الراهن هو تقييم مدى قدرة الدولة واستعداد الاقتصاد الكويتي للتحول من نظام رأسمالية الدولة إلى نظام الاقتصاد الحر الذي يعتمد على آليات السوق الحرة.. هناك، مثلما بينت، صعوبات هيكيلية وحضارية في النظامين الاقتصادي والسياسي في الكويت، ولن يكون من اليسير إنجاز الخطوات باتجاه إعادة الهيكلة خلال زمن قصير. بيد أن معطيات المالية العامة والتراجع في الإمكانات المالية لدى الحكومة تعزز التوجهات المنطقية نحو التخصيص.. هناك حقوق ملكية عائدة للدولة في عدد من المؤسسات المالية والعقارية والصناعية، وقد آلت تلك الحقوق للدولة إبان فترات الأزمات المالية التي سبق الإشارة لها في عامي 1977، 1982.. ولن يكون من العسير إعادة تمليك هذه الحقوق للقطاع الخاص عن طريق البيع المباشر.. لكن ما يعرقل عملية البيع المنشودة هو تردد الأجهزة المديرة لتوظيفات الحكومة، مثل الهيئة العامة للاستثمار، ترددها في بيع الأسهم أو حقوق الملكية في أكثر من شركة بحجة الرغبة في تحصيل سعر عادل أو قيمة معقولة لتلك المساهمات، وغني عن البيان أن تلك المساهمات دفعت فيها الدولة قيمة عالية أو متضخمة عند الشراء رغبة في حماية حقوق بقية المساهمين، ومنع تدهور قيمة الأسهم.. ومن المنطقي التوقع بعدم إمكان تحصيل مثل تلك الأسعار التي اعتمدت عند شراء الحكومة لتلك الأسهم أو المساهمات، حيث إن التراجع في أسعار الأسهم وبقية الأصول خلال السنوات الماضية لا يمكن تجاوزه. كذلك من الطبيعي ألا يدفع القطاع الخاص مبالغ نظير امتلاك حقوق الملكية العائدة للدولة تزيد قيمتها على القيمة الاقتصادية التي يمكن أن يتحقق منها عائد اقتصادي أو ريع اقتصادي مناسب.

وهكذا تتعطل عملية تحويل هذه المساهمات من الدولة إلى القطاع الخاص في خضم الجدل حول السعر المناسب بين أجهزة الحكومة والقطاع الخاص.. قد لا يكون الوقت مناسبا للبيع من وجهة نظر محاسبية بحتة، لكن العائد الاقتصادي على الدولة وعلى الاقتصاد الكويتي سيكون كبيرا بعد مرور عدد من السنوات.. وسوف تجني الحكومة ثمار تحررها من ملكية هذه المساهمات في المؤسسات العديدة، وتتخلص من الأعباء المالية المترتبة من تعثر الأداء، وكذلك تتحرر من أعباء إدارة المؤسسات حيث سيتحمل المساهمون تبعات اختيار ممثليهم في مجالس الإدارات وأيضا أفراد الإدارات التنفيذية.

هناك جانب آخر في عملية التخصيص في الكويت يتعلق بتحويل الخدمات الرئيسية التي تضطلع بها الدولة إلى القطاع الخاص، ومن هذه الخدمات الاتصالات الهاتفية، وخدمات توزيع الكهرباء والمياه، وجانب من الخدمات التعليمية والصحية والإسكانية، ومن الطبيعي أن تحويل ملكية هذه المؤسسات إلى القطاع الخاص، أو بالأحرى جعل هذه الخدمات خدمات تخضع لقوانين العمل التجاري سوف تكون عملية شاقة وصعبة في بلد مثل الكويت تعود الناس فيه على مزايا دولة الرفاه.. توجد أسباب عديدة لوجهة النظر الداعية لتحويل هذه الخدمات للقطاع الخاص ومنها أن الدولة تحملت كثيرا خلال السنوات الماضية في دعم تكاليف هذه الخدمات على المواطنين، التي قد تكون شبه مجانية إذا أخذ بعين الاعتبار بقاء أسعار تلك الخدمات ثابتة على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم خلال العقود الماضية.. من جانب آخر يرى عدد من الاقتصاديين أن تمكين القطاع الخاص من إدارة هذه الخدمات، مع مراعاة عدم الاحتكار، قد يتأتى منه أفضل الخدمات وأحسنها نوعية مما يوفر للمستهلكين شروطا أفضل وإمكانات أوسع للاختيار للمعروض من هذه الخدمات.. كذلك ستتوفر للدولة مبالغ كبيرة عندما تتوقف عن دعم هذه الخدمات.. يضاف إلى ذلك أن تسعير هذه الخدمات حسب تكاليفها الاقتصادية الحقيقية سيوقف الهدر في الاستهلاك الخاص والصناعي والتجاري، ويدعم أيضا تطوير قدرات المؤسسات العاملة في مجال هذه الخدمات من أجل تقليص التكاليف واستخدام التطور التكنولوجي للسيطرة على التكاليف.

حماية العمالة الكويتية

وهكذا هناك العديد من المقترحات ووجهات النظر في مجال الدعوة لتحويل الخدمات الرئيسية في الكويت إلى القطاع الخاص. مقابل ذلك هناك جهات سياسية تتحفظ على هذه التوجهات وتطرح تساؤلات لا تقل جدية عن وجهات النظر السابق ذكرها. ومن أهم هذه التحفظات مسألة حماية العمالة الكويتية في المنشآت العامة العاملة في مجال الخدمات، حيث تتوافر لهؤلاء العاملين شروط عمل وتوظيف لا يمكن ضمانها عند إجراء عمليات التخصيص.

هؤلاء العاملون يتخوفون من إمكانية الاستغناء عنهم بحجة عدم كفاءتهم وعدم قدرتهم على التأقلم مع متطلبات الملكية الخاصة، وربما يضطرون، إذا وافقت الجهات المالكة الجديدة على قبولهم، أن يقبلوا برواتب وأجور ومزايا أخرى تقل كثيرا عما يحصلون عليه في الوقت الراهن. لكن هناك من يقول بأن هذا التوجس أو التخوف يمكن تجاوزه من خلال إعداد برامج إعادة تأهيل تمكن- إن لم يكن كل- أغلب هؤلاء العاملين من التكيف مع متطلبات العمل في القطاع الخاص وشروطه.. وقد ينجم عن هذا التحول - يقول أنصار تحويل الملكية- أن يصبح العاملون الكويتيون أكثر تميزا وقدرة على العطاء والإبداع.. كما أن هذا التحول في ملكية الخدمات ربما يدفع الكويتيين إلى بذل جهود أكبر في تحسين قدراتهم المهنية ودفعهم للانخراط في سلك العمل المهني الذي عزفوا عنه منذ بداية عصر النفط.

إن التساؤل المثار هو: هل الكويت قادرة على خوض تجربة التخصيص وإعادة هيكل بنيتها الاقتصادية؟ لا تزال هناك معوقات سياسية واقتصادية، ولا تزال القيم والمنطلقات المجتمعية متناقضة مع مفهوم الاقتصاد الحر.. ويعود ذلك الواقع الاجتماعي للتخوف من ترد في مستويات المعيشة ناجم من زيادة الأعباء وفقدان المواطنين حق التوظف في مؤسسات الحكومة والقطاع العام بطريقة تلقائية.. وإذا كان من الممكن تحويل ملكية الأسهم التي تمتلكها الدولة في البنوك ومؤسسات الاستثمار والشركات العقارية وشركات الصناعات التحويلية وعدد آخر من الشركات في قطاعات أخرى، فإن مسألة تحويل ملكية الدولة في عدد من المؤسسات والمنشآت الخدمية إلى القطاع الخاص ستواجه اعتراضات سياسية واجتماعية جادة، وربما يقف مجلس الأمة في البداية معارضا حتى تختمر القناعات.

ومن جانب آخر هناك شكوك حول القدرات الاقتصادية والإدارية لدى القطاع الخاص لتولي ملكية وإدارة العديد من المنشآت الاقتصادية في الكويت. على سبيل المثال يقول بعض الاقتصاديين إن القطاع الخاص لا يملك الأموال الكافية لمواجهة عملية التخصيص لا سيما عمليات تحويل ملكية المنشآت الخدمية حيث تقدر قيمة الأصول فيها بمئات الملايين من الدنانير الكويتية. كما أن المردود المتوقع من توظيف هذه الأموال الطائلة فيها غير واضح وقد لا يكون الاستثمار مجديا.. يقول اقتصاديون كويتيون إن القطاع الخاص الكويتي الذي اعتمد واتكل على المال العام لعشرات السنين لا يمكن أن يكون رياديا وقادرا على اتخاذ مبادرات تتسم بالمخاطرة في ظروف يتسم فيها الاقتصاد الكويتي بالركود والتراجع، ويتناقص دخل الدولة من النفط ومن الاستثمارات الخارجية.

هناك، أيضا، تحفظات على القدرات الإدارية للقطاع الخاص الكويتي حيث بين العديد من الدراسات أن أداء القطاع الخاص لم يكن متميزا بشكل كبير عن أداء القطاع العام.. أما الخبرات المطلوبة في العديد من المجالات المراد تخصيصها فإن القطاع الخاص ما زال يفتقر لها إلى حد كبير.. وقد تتمكن الإدارة الاقتصادية في الكويت من تجاوز هذه المعضلة من خلال السماح بدخول القطاع الخاص الأجنبي في المساهمة بملكية المؤسسات الكويتية في مختلف القطاعات.. وبذلك يمكن أن يقدم القطاع الخاص الأجنبي الإمكانات الإدارية اللازمة، وكذلك يوفر الإمكانات والتكنولوجيا والخبرات لتطوير الأداء بما يتناسب مع متطلبات الزمن الراهن.

وقد يكون أيضا من المفيد دخول القطاع الخاص الأجنبي في عدد من المؤسسات التي تتطلب عمليات تحويلها رأسمال كبيرا، حيث قد لا تتوافر هذه الأموال لدى القطاع الخاص الكويتي.

هناك أيضا مقترحات لدخول القطاع الخاص الأجنبي في بعض الأنشطة في القطاع النفطي، ويبدو أن صناعة البتروكيماويات سوف تشهد مشاركة القطاع الأجنبي- الأمريكي بصفة خاصة- بعد أن تم التوصل إلى اتفاقات لإقامة صناعات بتروكيماوية تعتمد على التطور التكنولوجي وأحدث التقنيات. لكن هناك أيضا إمكانية للسماح للقطاع الخاص الأجنبي- بمزاولة عمليات التنقيب واستخراج النفط الخام في بعض الحقول النفطية.

إذن يمكن أن يكون التخصيص مفتاحا لتعديلات كثيرة على قوانين التملك في الكويت ويتيح الفرصة أمام الأجانب للمشاركة في رساميل العديد من المؤسسات بما فيها المؤسسات المصرفية والنفطية. وقد يكون مثل هذا التطور من المحفزات التي ستدفع القطاع الخاص الكويتي لأخذ مبادرات وتحدي المخاطر والولوج في العديد من الأنشطة التي كانت من اختصاص المؤسسات الحكومية حتى وقت قريب.. وما من شك أن تبين جدوى الاستثمار في أي مؤسسة ضمن أي قطاع اقتصادي سيدفع الكثير من رءوس الأموال الكويتية الخاصة للتوظف في الكويت لتحقيق نتائج مالية مناسبة وتضاهي ما تدره الاستثمارات في الخارج.

مطلوب قرارات شجاعة

لكن ما أشرت له من معوقات سياسية واجتماعية وأمام عمليات التخصيص تتطلب قرارات شجاعة من جهاز الإدارة الاقتصادية التابع للحكومة، وتجاوز للعراقيل البيروقراطية.. ومن الطبيعي أن الحكومة سوف تستفيد من مواقف مجلس الأمة لتجاوز جميع العقبات السياسية والاجتماعية، خصوصا إذا تقدمت بمشاريع واضحة ومنطقية لعمليات التخصيص تأخذ فيها بعين الاعتبار وسائل معالجة توظيف الكويتيين في القطاع الخاص، ومسائل إعادة التأهيل، وكذلك معالجة مسألة تسعير الخدمات بشتى أنواعها، وبذلك يصبح ممكنا تحقيق التخصيص دون تضحيات كبيرة بما وفرته دولة الرفاه التي تعود عليها الكويتيون منذ بداية الخمسينيات من هذا القرن، وعندئذ يمكن الدخول إلى القرن الواحد والعشرين ضمن هيكل اقتصادي يتجاوب مع متغيرات الاقتصاد الدولي.

 

عامر ذياب التميمي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات