عزيزي القارئ.. ثقافتنا... ووسائطهم

عزيزي القارئ.. ثقافتنا... ووسائطهم

بعد أيام، تفتح الكويت ذراعيها مرحبة بمفكري الأمة العربية ومبدعيها في المشرق والمغرب للمشاركة في ندوة «العربي» السنوية بين الثامن والعاشر من هذا الشهر التي خُصصت لدراسة الثقافة العربية في ظل وسائط الاتصال الحديثة، لتقفي آثار الحرف المطبوع بعد أن انطلق إلى ومضات إلكترونية على شاشة الكومبيوتر، وإلى صورة في فضاء الوسائط السمعية والبصرية المختلفة، وإلى طيف تحركه الفنون جميعًا.

هاجسُ الوسائط الجديدة التي تنقل الثقافة يجعل رئيس التحرير في حديثه الشهري يثير قضية تقصير وزارات الإعلام العربية، والهيئات الموازية لها، والمؤسسة منها، فبينما تصر على صوغ القوانين المُرَشِّدة لبث الفضائيات، نراها لا تدعو إلى اعتماد وتمويل خطط برامجية تدعم الثقافة والعلوم عبر القنوات الفضائية الحكومية، يمكن من خلالها أن تقدم الفكر والفلسفة وتحث المشاهدين على استخدام الوسائط الجديدة.

الوسائط الجديدة قد لا تكلف المال الكثير، كما تقول شهادة ناقدة سينمائية عن أفلام السير الذاتية في هذا العدد، وهو مثال من أمثلة عديدة يمكن أن يمثل حضورًا لثقافتنا المتخمة بأعلام ساهموا في إثراء الإنسانية.

ثقافتنا العربية تناشد أن يكون لها حضور، ووسائطهم الجديدة تصنع جُزرَها المتحركة لتحمل ما تشاء من ثقافاتٍ، تروِّج لها، وتقصي ما تريد من ثقافاتٍ تحكم عليها بالفناء.

في الماضي القريب كنا نسمعُ أصواتا معتدلة عن الشرق وثقافته والإسلام وحضارته، كما يأتي في مقال وزير الثقافة المغربي د. بنسالم حميش لحديث نيتشه عن الإسلام، ولكن ذلك الماضي القريب أضحى بعيدًا، فالحياة تدمر نفسها، كما يرى العالم الأنثروبولوجي د. أحمد أبو زيد، ولم تعد هناك مساحة لأغاني الثورة كما يعترف د. جابر عصفور في أوراقه الأدبية، حتى أن قمة الأمل في بيئة صالحة انهارت لمصلحة تعهدات غير ملزمة لأي من الأطراف الحاضرة.

لكن مساحة الحلم ممتدة ـ في القريب والبعيد، وفي التاريخ والفن ـ وها نحن نفتش عن تلك الأماكن التي زرعنا فيها نخيلنا، كما في رحلة «العربي» إلى صقلية الإسلامية بعد اندثار الأثر، ونقترب من تلك المساحة الحانية في القلب التي يكتب منها شاعر مثل الصوت اللبناني جوزف حرب كما سنقرأ في ملف بأقلام نخبة من مجايليه، كذلك نشاهد أمنياتٍ بمسرح ثائر جديد في قرطاج التونسية، والحلم بأوطان عربية جديدة تسودها يوتوبيا الأفكار القومية والعروبية والإنسانية والثقافية المشتركة كما ينادي ضيف زاوية «وجهاً لوجه» الباحث اليمني الدكتور نزار غانم.

لم تنته الأحلام، ولن تنتهي الصفحات التي تقدم لقارئ «العربي» تلك المائدة المستديرة باتساع العالم.

 

 

المحرر