شخصيات نسائية: حبيبة البورقادي مايسة حافظ

مغربية تفكر لنساء العرب

هي واحدة من بنات الوطن العربي، اختارتها الجامعة العربية لتدير شئون المرأة والأسرة بها. تحملت المسئولية وشدت الرحال فتركت المغرب بلدها الأصلي إلى تونس، ثم استقرت بمصر، لتعمل بجد ونشاط بحثا عما يهم المرأة في كل بلد عربي ويحسن مركزها ويحقق تقدمها. فأصبحت حقا المرأة التي تفكر لنساء للعرب.

هي.. حبيبة البورقادي. خريجة جامعة القرويين بالمغرب حيث درست الفقه والتفسير، حصلت على ماجستير في الأدب المقارن من المغرب، وماجستير في الدراسات الإسلامية من تونس. متزوجة من ابن عمها (محمد البورقادى) بالسلك الدبلوماسي المغربي، وأم لأمين ومصطفى.

بدأ اهتمامها بالمرأة مع بداية فهمها للحياة. فكانت عضوا بحزب الاستقلال، باللجنة المركزية منذ عام 47، وهي في المرحلة الابتدائية، اشتركت في المظاهرات وكانت تحمس النساء وتدعوهن لخوض غمار معركة التحرير بالمغرب، كما ساعدتهن على محو أميتهن.

عملت بعد التخرج أستاذة للغة العربية والأدب العربي بالمدارس الثانوية بالمغرب، وتركتها للعمل بالمركز الجامعي للبحث العلمي، وكانت محررة بمجلة (البحث العلمي)- ثم انتقلت عام 68 لوزارة الثقافة بالمغرب، وظلت تعمل بها مسئولة عن قسم النشاط الثقافي الإسلامي، حتى طلبتها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية عام 79 للعمل بها.

إدارة المرأة

* قلت لحبيبة البورقادي: لنعرف في البداية ما هي إدارة شئون المرأة والأسرة؟

- في السادس عشر من. أغسطس 1971 أصدر مجلس جامعة الدول العربية قرارا بإنشاء لجنة دائمة للمرأة العربية بالأمانة العامة.

وتتألف اللجنة من ممثلات الدول الأعضاء، لمتابعة الأوضاع العامة للمرأة العربية واقتراح الخطط وللبرامج التي من شأنها أن تحقق نهضة المرأة وتعزز مركزها. وصدر قرار السيد الأمين العام للجامعة العربية عام 1983 بإنشاء إدارة شئون المرأة والأسرة، استجابة لتوصية رفعت إليه من لجنة المرأة العربية.

*وما هي مهام الإدارة؟

- إنها توعي الرأي العام العربي بالمشكلات المتعلقة بالمرأة والأسرة وتبرز الحاجة إلي استخدام قدرات النساء وإمكاناتهن من أجل تقدم المجتمع العربي، وتعرف بالمرأة العربية وقضاياها وتعمل على استفادة الدول الأعضاء من المشاريع والصناديق المخصصة لتنمية المرأة، وتحسين أحوال الأسرة كما تستقطب الطاقات الفكرية النسائية من أجل الدعوة إلى السلام وضمان الحقوق المشروعة للشعوب.

* وماذا عن خطتكم للنهوض بالمرأة العربية؟

سعيا إلى وضع مؤشرات تعين الدول على رسم الخطط والبرامج التنفيذية التي تمكن المرأة العربية من تحقيق التقدم المنشود. عقدت اجتماعات للجنة الدائمة وندوات أهمها " تنمية المرأة الريفية في الوطن العربي" و "دور المرأة العربية في مواجهة المخططات الصهيونية" و"أوضاع التنظيمات النسائية في الوطن العربي"، ثم دورة تدريبية للمسئولات عن التنظيمات النسائية في الوطن العربي.. وغيرها من الأنشطة.

ومن تلك الأنشطة تبين لنا أن الأمر يقتضي تكثيف الجهود وتوفير الماديات التي من شأنها أن تعين على دعم قضايا المرأة في الوطن العربي. خاصة ما توصلت إليه الدراسات من تفشي الأمية بين النساء، وحدة المشاكل الاجتماعية الناجمة عن حروب الشرق الأوسط ومنطقة الخليج.

وقد وضعت الأمانة العامة خطة خمسية نالت موافقة لجنة المرأة، اعتمدت على عدة محاور، أولا: التدريب وينفذ على الموقع الذي تتوافر فيه الإمكانات التدريبية والتجارب الرائدة، ثانيا: البحث للقطري.

ويعتبر رافدا أساسيا لأجراء البحوث على المستوى القومي، كي نتمكن بمقتضاه من إصدار تقرير سنوي عن قطاع المرأة والأسرة في الوطن العربي يتناول بالتحليل أهم الإنجازات والمعوقات والتطورات. مما يفيد متخذ القرار والباحث العربي على السواء. ثالثا: إصدار سلسلة من الدراسات المتعلقة باختصاص إدارة شئون المرأة والأسرة، ينشر فيها ما يتم اختياره من البحوث الجادة والمواد التدريبية. رابعا: تقوم أمانة لجنة المرأة بجهود في جمال العون الفني. بناء على معرفتها بإمكانات الدول العربية في قطاع التدريب ومحاولة التنسيق بين البلدان العربية الأكثر تطورا في المجال الاجتماعي بقطاعاته المختلفة لاستقبال متدربات من بلدان عربية أخرى. خامسا: المشروعات العربية المشتركة المتسقة مع توجهات اللجنة والتي يمكن الاعتماد في تنفيذها على الإمكانات المحلية للدول. وبدعم من مجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب وجميع الجهات العربية والدولية ذات العلاقة.

استراتيجية المرأة العربية

وعن الموضوعات أو المشاكل الخاصة بالمرأة العربية بشكل عام، تقول حبيبة البورقادي: أوصت اللجنة التحضيرية العربية لمؤتمر نيروبي بإعداد استرإتيجية للمرأة العربية حتى سنة 2000 بهدف تطوير أوضاعها؟ ودعت إلى حث الحكومات على إعداد استراتيجيات قطرية أو مبادئ أساسية يستفيد منها الخبراء عند وضع استراتيجية المرأة العربية على المستوى القومي. وقد اتفقت الاستراتيجيات على أسس من بينها أن إتاحة فرصة المشاركة السياسية للمرأة أمر ضروري لوضعها في المكانة اللائقة بالمجتمع العربي، وأن الوضع القانوني للمرأة يتطلب مراجعة القوانين والتشريعات وتطويرها، ووضع تشريعات تساهم في ترسيخ مبدأ المساواة والمشاركة الأوسع، ثم تبصير المرأة بحقوقها وواجباتها، بالإضافة إلى أنه لابد من العمل على تحقيق تعليم المرأة وتدريبها. وتشجيع المرأة ودعمها في العمل التطوعي النسائي لما له من دور مهم في دعم مشاريع الدولة ومخططاتها التنموية والاجتماعية، بالإضافة إلى ذلك تبين أن الريف يفتقر فى عناية قصوى، خاصة النساء الريفيات اللواتي لهن الفضل الكبير في الإنتاج الزراعي.

* قلت لحبيبة: أي الموضوعات قامت الدول الأعضاء بإنجازها أكثر من غيرها؟

- ركز عدد لا بأس به من الدول على العناية بالريف، شعورا منها بأن الغذاء الآن يحتل مكانة مهمة في، العالم، كما أن هناك برامج لمحو الأمية لا بأس بها بين النساء. والدول التي اهتمت بذلك هي العراق والمغرب واليمن وسوريا..

* ما هي الموضوعات التي صعب تنفيذها؟

- صورة المرأة في الإعلام العربي. فقد وجدنا أنها صورة دون مستوى واقع المرأة العربية في إسهامها في التنمية، فالبرامج التي تقدم للمرأة لا تمس حياتها إلا من جانبي التجميل والطبخ. ورأينا أن القضية تتعلق بالمنتج لهذه البرامج. فطالبنا اتحاد الإذاعات العربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وإدارة الإعلام بالجامعة العربية بأن تتعاون معنا في عقد دورة تدريبية للعاملين في برامج المرأة والأسرة، كي نلفت نظرهم إلى الكثير من القضايا التي يمكن أن تعالج من خلال وسائل الأعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، ولكن هذا المشروع لم ينفذ لعدم وجود الأموال اللازمة لهذه الدورة التدريبية.

*ماذا يحدث لو لم تنفذ دولة توصياتكم؟

- نحن لسنا ملزمين، بل نلفت نظر الدول فى مشاكل تمس حياة المرأة قد تؤدي إلى خلل، وندعو تلك الدول فى أن تعمل لإزالة أسباب هذا الخلل، والأمر مرتبط بإيمان الدولة بقضية إسهام المرأة في التنمية وجدوى مشاركتها في مختلف مجالات الحياة. ومرتبط أيضا بالوضع المادي للدولة،- لأن التنفيذ يتطلب أموالا يمكن ألا تكون قدر طاقة الدولة مثل مشكلة الأمية. مثلا هناك دول في الوطن العربي تنتشر فيها الأمية بين النساء بشكل واسع، لكن تلك الدول لا تستطيع- ماديا- القضاء على الأمية فيها.

صندوق تطوعي

* كنتم قد اقترحتم عمل صندوق تطوعي للمرأة العربية. فماذا تم فيه؟

- دعونا إلى إنشاء هذا الصندوق لجمع المساعدات والتبرعات الكفيلة بالتخفيف من حدة المشاكل الاجتماعية، والناجمة عن المعارك النضالية ضد الخطر الصهيوني بجميع أشكاله الظاهرة والخفية،، لكن مع الأسف لم يكتب لهذا الصندوق النجاح. مع أننا دعونا إلى أن يكون على هيئة صندوق في كل دولة عربية، ثم يعرض على مسئولي هذه الدول احتياجات الأسرة المرأة في المناطق العربية وتوزع تلك. الاحتياجات على صورة الات أو ملابس أو أغذية، ولكن كل دولة أجابت بأنها تساعد الدول الأخرى عن طريق اتفاقيات أو بصفة ثنائية.

المرأة العربية

* من خلال مشاهداتك الكثيرة.. بماذا تتميز المرأة العربية؟

- المرأة العربية هي امرأة مناضلة، سواء في المجال الثقافي أو السياسي - إن سمح بسواء، لها شخصية قوية وتتحمل المسئوليات وتؤدي رسالتها، بالرغم من أن وراء تأدية تلك الرسالة متاعب كثيرة، بسبب بعض العقليات المتخلفة. أو التفكير الجامد الذي يناقض النظرة الإسلامية للمرأة في المجتمع.

*ما الذي يشغل تفكيرك الآن؟

- تشغلني قضايا الأسرة العربية التي لا تنفصل عن قضايا المرأة، فالحاجة أصبحت ملحة لإصلاح عميق ينبني على تغيير النظرة للأسرة في نفوس الرجال والنساء، والقضاء على جميع أسباب الاغتراب الذي يقلق راحة الأسرة ويفسد العلاقات بين أفرادها، وأصبح من واجب الحكومات أن تخفيف من أعباء الأسرة على ألا تسلبها دورها الاجتماعي، فالمجتمع العربي بانصهاره في المجتمع الدولى ظهرت فيه ظواهر سلبية، من انحلال خلقي واختلافات عقائدية، وانصراف الأشخاص عن الجانب الإنساني فى الجانب المادي، وضعف السلطة الدينية والأسرية، وتسلط المفاهيم الأجنبية، وانتشار المخدرات والكحول، وفقدان التكافل الاجتماعي والمساعدة للأسر المحتاجة وحل مشاكلها.

* قبل أن ننهي حديثنا، كيف أثر عملك هذا على أسرتك الصغيرة؟

- أولا،.لك أن تعرفي أنني لم أترك أسرتي في المغرب. بل أتيت معها إلى القاهرة. وزوجي يعمل في السلك الدبلوماسي هنا، أما أولادي فقد ظلوا معي حتى كبروا ثم رجعوا إلى المغرب ليعمل الأولى وليدرس الثاني في الجامعة هناك. ولو كنت قد خيرت بين عملي مع ترك أسرتي في المغرب وبين وجودي معهم، لاخترت أسرتي لأنها رسالتي الأولى. وبالنسبة لتأثير عملي فالأم. المغلقة على نفسها ذات الأفق الضيق لا يمكن أن يكون لأولادها آفاق واسعة. وبحكم عملي واتصالي بأشخاص عديدين وحضور المؤتمرات اكتسبت خبرة كبيرة استفدت منها وأفيد أولادي أيضا. بينما اختفت الفجوة التي يقولون عنها بين الآباء والأبناء. فأنا أفيد أولادي وأعلمهم من ثقافتنا الإسلامية وقيمنا ورصيدنا الأصيل، كما أتعلم منهم ما جد في عالم الثقافة الفكر. فهم أيضا لهم تجربة مختلفة، ويحقق ذلك نوعا من التفاعل الفكري الجيد بين الجيلين.

وبالإضافة إلى ما سبق وبجانب الأعمال التي تقلدتها حبيبة البورقادي، كانت هوايتها التي استمرت معها على طول السنين هي كتابة الشعر.

ومن بين ما كتبت، تلك القصيدة التي تحيي فيها المرأة العمانية وتقول فيها:

بنت العروبة والفضائل والحجا..
أصبحت دخرا للحمى المتقدم.
حزت المعارف العلوم صفية..
وضربت في كل المجال بأسهم
وغدوت أما برة وكريمة..
تهدي البنين إلى السبيل الأقوم.

إلى أن تقول:

إن العروبة لا تصير إلى العلا..
إلا بفضل جهادك المتحتم.