نساء وحيتان! رجب سعد السيد

نساء وحيتان!

المؤلف: دكتورة جيونيشي تاكاهاشي

يجب أن أبدأ بمصارحة القارئ، فأنا أقدم له كتاباً (دعائيا)! لقد ارتبطت الكلمة - الدعاية - عند جانب كبير من الناس، بالافتقار إلى الموضوعية، جريا وراء الإثارة، وبالمبالغة ابتغاء إحداث تأثير مطلوب، ولكنها كلمة مظلومة، لا ذنب لها في أنها استخدمت - وتستخدم - في أغراض تثير الشكوك.. فهي - أساسا - تحمل معنى الدعوى إلى مناصرة أحد جوانب قضية محددة، اعتمادا على وسائل التأثير المتاحة، وأهمها الحقائق الواضحة.

ولولا أن هذا الكتاب الذي أقدمه لك الآن يلتزم بهذا المفهوم لمعنى الدعاية، لوضعته جانبا، ولما أقدمت على قراءته، أصلا. إنه - بتركيز شديد - يقدم الجانب الآخر من الحقيقة، ولا تخلو فكرته من طرافة.. فعلى الرغم من أنه يهتم بقضية بيئية، هي علمية بالدرجة الأولى، إلا أنه يقدم أسانيده في صورة قصص تحكيها النساء اليابانيات من زوجات صائدي الحيتان، أملاً في أن تجد طريقها سهلاً إلى الرأي العام العالمي الذي تم شحنه بالتحذير والتخويف من انهيار ونفاد بعض الموارد الطبيعية - وبينها الحيتان - وبضرورة العمل من أجل صونها.

ومن أجل الوصول إلى هذا الرأي العام العالمي، جاء الكتاب في لغتين، اليابانية والإنجليزية، وها نحن نعرضه لقارئ العربية.

تقول كاتبة المقدمة لهذا الكتاب، وتعمل مترجمة مصاحبة للوفد الياباني في اللجنة العالمية للحيتان، إن فكرة قيام مجموعة من النساء اليابانيات بتأليف هذا الكتاب، جاءت للرد على وجود عدد كبير من السيدات الأوربيات والأمريكيات ومشاركتهن بحماس شديد في أعمال الجماعات واللجان الرسمية والأهلية التي تدعو إلى صون الحيتان، والتي يصل الحماس في دعوتها إلى درجة توحي بأن إنقاذ الحيتان يعني إنقاذ الكون من الخراب!

وتعتب الكاتبة على السيدات المشاركات في تلك الجماعات تجاهلهن لمجتمعات يابانية كاملة تقوم فيها الحياة على أنشطة صيد الحيتان، ويقع العبء الأساسي فيها على المرأة اليابانية التي تتمتع بخبرات متوارثة ومهارات تمكنها من صون كل جزء من أجزاء الحوت، لصالح أسرتها ومجتمعها، فليس ثمة من يعرف قيمة الحوت ويحرص عليه ويصونه أكثر من اليابانيات.

وتبدو اليابان في الخريطة طافية فوق صفحة المحيط الهادي، فهي لا تستطيع إلا أن تظل شديدة الارتباط بالمحيط. ويقول اليابانيون إن البحر بالنسبة لهم مثل البراري بالنسبة للأمريكان، فتلك الصحاري الشاسعة هي التي أوجدت نموذج راعي البقر الأمريكي، وأمدت المجتمع الأمريكي، منذ نشأته، بحيوانات المراعي. وتقول إحدى المشاركات في الكتاب، إن رعاة البقر يلقون كل احترام ورعاية من مواطنيهم وحكوماتهم، ويمثلون جزءاً من التاريخ الأمريكي والثقافة التقليدية الأمريكية، يحرصون على صونه وتسجيله في متاحفهم ومراكزهم الفولكلورية وشرائط السينما.

وقد فعل اليابانيون نفس الشيء.. خرجوا إلى (صحرائهم).. إلى البحر.. ليصطادوا الحيتان، وليصنعوا من هذا النشاط تاريخا طويلا وتقاليد راسخة. وكانت البداية في مطلع القرن السابع عشر، الذي شهد تحول نشاط صيد الحيتان من محاولات فردية إلى صناعة حقيقية.

صيد الحيتان الكبار

وفي نهاية ذلك القرن، استخدم اليابانيون شباك الصيد الشراكية، بعد أن كانوا يعتمدون على الحراب التقليدية، فأمكنهم الإيقاع بأنواع الحيتان الضخمة، مثل الحوت الصحيح، والحوت الأحدق، وحوت الزعنفة.

وكان ناتج الصيد بالوسائل التقليدية يغطي احتياجات عائلات الصيادين ومجتمعهم المحلي، فلما وقعت الحيتان الضخمة في الشباك الشراكية، فاض الإنتاج من لحوم وزيوت الحيتان، وانتشر في المدن الكبيرة، وبدأ المجتمع الياباني، المعروف بتقديسه للتقاليد، يضيف إلى تقاليد الطعام والمائدة ملامح جديدة خاصة بلحوم الحيتان، لم تلبث أن ترسخت في الثقافة التقليدية اليابانية. من هنا - تقول إحدى المشاركات في الكتاب- فإن تحريم صيد الحيتان لا يقتصر مردوده المؤسف على اقتصاديات الأسر العاملة بالصيد فقط، إذ لا يمثل الصيد مجرد مهنة، بل ميراثا تقليديا ممتدا عبر أجيال عديدة. لذلك، فإن حرمان الأسر اليابانية التي اشتهرت بصيد الحيتان من مهنتها التقليدية يعد تدميرا لثقافة مجتمع!

وعلى الرغم من أن اللجنة العالمية لصيد الحيتان متعددة الجنسيات، فإن الكتاب يضع الأمريكيين وحدهم في المواجهة، ويوجه إليهم اللوم، بل الاتهام. ولا يبدو ذلك غريبا إذا وضعنا في الاعتبار طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، بكل ملابساتها.

ويؤكد الكتاب أن اليابانيين لم يكونوا وحدهم (ينهبون) ثروات المحيطات من الحيتان، ففي القرن التاسع عشر، اجتذبت مصايد الحيتان اليابانية أساطيل الصيد الأمريكية التي ظلت تستغلها زمنا طويلا حتى أنهكت المخزون الطبيعي من الحيتان في المياه اليابانية.

وفي مفتتح القرن العشرين، كان على اليابانيين مسايرة التطور في مجال صيد الحيتان، فاستوردت المؤسسات اليابانية الوسائل الحديثة التي تعتمد على السفن الضخمة المزودة بالمعدات المتطورة لصيد الحيتان وتجهيزها قبل الوصول إلى اليابس، والتي مكنت اليابانيين من منافسة سفن الصيد البريطانية والألمانية والنرويجية العاملة في المحيط الجنوبي.

هنا، يأتي الكتاب إلى لب القضية، من وجهة النظر اليابانية، طبعا، فيشير إلى أن السفن الغربية كانت تصطاد الحيتان من أجل زيوتها، أما اليابانيون، فقد كان هدفهم اللحم مع الزيت. فلما قل طلب الغرب للزيت، نتيجة لظهور البدائل الصناعية والمشتقات الصيدلانية التخليقية، تضاءلت أهمية صناعة صيد الحيتان في الدول الغربية، بينما احتفظ اليابانيون بشغفهم بلحوم الحيتان، فاستمروا في أعمال الصيد. وفجأة - يقول اليابانيون - استيقظ وعي أنصار حماية البيئة في الدول الغربية، وارتفعت أصواتهم تدعو إلى صون الثدييات البحرية، ومنها الحيتان، على الرغم من الحقائق العلمية التي يقدمها علم المصايد البحرية في هذا المجال.

ويتخذ هذا العلم من الحوت الأزرق - أضخم أنواع الحيتان، بل أضخم الكائنات الحية المعاصرة على الإطلاق- وحدة قياسية لتقدير حجم الصيد من الحيتان. وتؤكد الإحصاءات أن محصول الصيد الياباني في موسم 86/ 1987، من مياه المحيط الجنوبي لم يزد على 1941 حوتا من نوع المسك، وهذا العدد يساوي 194 وحدة حوت أزرق، وهو رقم ضئيل إذا قورن بإنتاج اليابانيين في موسم 61/ 1962، الذي بلغ 6574 وحدة حوت أزرق، وتزداد ضآلته عند مقارنته بمجمل نشاط الصيد العالمي في الموسم 60/ 1961 (وصل إلى 16477 وحدة حوت أزرق). وواضح أن الكتاب يهدف من وراء إثبات هذه الأرقام في متنه إلى تسريب إشارة إلى الرأي العام العالمي بأنه إذا كان ثمة اتهام، فليس لهم وحدهم! والجدير بالذكر أن تعداد حيتان المسك في المحيط الجنوبي يبلغ 440 ألف حوت، منها 290 ألفاً قادرة على التوالد، بما يعني أنها في تزايد مستمر، وبالتالي فإن نشاط الصيد المنظم الخاضع للسيطرة والمراقبة لا يمكن أن يوقع بهذا النوع من الحيتان تأثيرات خطيرة. وتعبر واحدة من المشاركات في الكتاب عن هذه الحقائق العلمية بطريقة (نسائية)، فتقول إن الحيتان تعيش في المحيطات متحررة من أي سيطرة، وتعطيها الامتدادات اللا محدودة للمياه قدرات هائلة على التجدد وتعويض الفاقد منها، بعكس حيوانات المراعي الأرضية التي إذا تعرضت لوباء أو لكارثة طبيعية نفقت، وأصبح على أصحابها القيام بجهد ضخم لإعادة إعمار مزارعهم أو مراعيهم. وتقول، إن الأهم من كل النظريات العلمية الإدراك التام لدى صيادي الحيتان أنفسهم بأهمية المحافظة على تجمعات الحيتان، وتيقنهم من أن عدوهم الأول هو تعرض هذه التجمعات لخطر التدهور، وأن استمرار حياتهم معلق باستمرار تجمعات الحيتان مزدهرة في محيطات العالم.

دفاع اليابانيات

والحقيقة أن كل ما سبق هو خلاصة (دفاع) اليابانيات المشاركات في هذا الكتاب المحكم الإعداد، والذي يصعب أن ينتهي عرضه عند هذا الحد، دون أن نستمع إلى جانب من أحاديث بعضهن وحكاياتهن عن ذكرياتهن وحياتهن في مجتمع يعيش على الحيتان.

فهذه (يوشيكو)، زوجة صياد حيتان، تنتمي إلى عائلة (الوادا) مؤسسة صناعة صيد الحيتان في مدينة تايجي في بداية القرن 17، تحكي عن ابنتها التي أثرت فيها دعاوي أنصار البيئة، فعادت من المدرسة ذات يوم باكية.. فقد رأت الصيادين يقتلون الدلافين!. العجيب - كما تقول يوشيكو - أن ابنتها تعرف أن أباها صياد حيتان سابق، وأن لحم الحيتان هو الطبق المفضل لديها!

أما (فيوميو)، فهي من مدينة أيوكاوا التي كانت محطة أرضية لاستقبال الحيتان المصيدة، ومركزا لتموين السفن. وكان جدها مالكا لشركة تمد تلك السفن بالفحم والمياه. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تحولت السفن إلى استخدام آلات الديزل، فأغلقت الشركة أبوابها، بالإضافة إلى أن الحرب كانت قد أتت على معظم رجال الأسرة. وبانتهاء الحرب، عاد نشاط صيد الحيتان لتوفير الطعام لآلاف الأسر التي أنهكتها الحرب، وتفنن اليابانيون في وسائل الاستفادة من لحم الحوت وجلده وأحشائه. وحصلت فيوميو على وظيفة في مكتب بريد المدينة، حيث تتيح لها وظيفتها مراقبة حركة القادمين والمغادرين للمدينة. وقد تأكد لديها أن العديد من الأسر التي كانت تعتمد على صناعة صيد الحيتان قد تركت أيو كاوا بعد أن فقد عائلوها وظائفهم نتيجة لقرار حظر الصيد.

أما (كيكو)، فتحكي عن زوجها الذي كان يمتلك قاربا لصيد حيتان المنك، ويقضى معظم الوقت في عمله، حتى أن أطفاله كانوا ينكرونه عندما يقوم بزيارات خاطفة للمنزل. وكان مؤلماً للجميع أن يقول له أحد أطفاله: "عد إلى القارب، فلا مكان لك هنا!". ولكن حظر صيد الحيتان- تقول كيكو- كان أشد إيلاماً وقسوة على حياة الأسرة، فقد فقدت مورد رزقها!

الحوت كمصدر للطعام

وكان ضروريا أن تتحدث في الكتاب خبيرة في لحوم الحيتان، هي السيدة ميساو، التي تقول: إن مذاق لحم الحوت يختلف من نوع لآخر، وإن لحوم الحيتان الكبيرة أفضل من لحوم اليافعة، واللحم الأحمر الناصع أفضل من الداكن. وتقول إن عدد العاملين في صناعة صيد الحيتان ضئيل، ولا يكاد يذكر في عالم اليوم، ولكن ثقافتهم يجب أن تحترم، وتحتد قائلة: إنه لسلوك بربري أن تدوس الأغلبية على اهتمامات الأقلية!

أما أطرف حكايات الكتاب وأكثرها تلونا بالعاطفة، فتحكيها الفتاة يوكو، التي كتبت موضوعا إنشائيا حصلت به على جائزة وزير التعليم الياباني، وتحكي فيه قصة جدتها التي ارتبطت حياتها بالحيتان كمصدر رئيسي للطعام. وقد مرضت الجدة، وكانت الحفيدة تسألها في كل زيارة لها: ماذا أحضر لك يا جدتي في زيارتي القادمة؟. فترد الجدة: لحم الحوت!. وتجد الحفيدة صعوبة كبيرة في توفير طلب جدتها الآن، بعد قرارات حظر الصيد في عام 1988. تقول يوكو: أنا لا أفهم في أمور الاتفاقيات العالمية، ولكني أريد أن أوفر الطعام الذي يسعد جدتي ويعينها على الشفاء.. إنه لحم الحوت.. فمن أين لي به؟!

وتحكي (ماتسوكو)، تحت عنوان (ليس بمقدور أحد أن ينتزع ثقافتنا الغذائية)، عن المطعم الذي كانت تمتلكه وتديره بنفسها، وكان يقدم أطباقا مبتكرة من لحوم الحيتان، لقيت إقبالاً كبيرا. وتقول إن (كارثة) حظر صيد الحيتان أدت إلى مزيد من إقبال الناس على لحومها، إذ يزداد تردد الزبائن على مطعمها، ليس فقط من أجل تناول لحوم الحيتان، ولكن- أيضا- لمراقبة وتسجيل تقاليد الطهي وفنون تقديم الأطباق على المائدة. وتؤكد ماتسوكو أنها لا تدافع عن تجارتها الخاصة، ولكن عن تقاليد وثقافة يابانية راسخة. وهي تعتقد أن أمريكا هي التي تقف وراء حرمان اليابانيين من لحوم الحيتان باتخاذ قرار حظر الصيد، وتقول إن أمريكا قد تكون لديها القوة لتحرم اليابانيين من صيد الحيتان، ولكنها تعجز عن انتزاع ثقافتنا التقليدية الخاصة بالطعام!.

وقد اضطلعت السيدة ساكيكو بنقل القضية إلى الساحة الأكاديمية، فهي حاصلة على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية، وكان عنوان رسالتها: "السياسات الدبلوماسية اليابانية في مسألة الحيتان". تقول: إن قضية حرمان اليابان من نشاط صيد الحيتان لا تحظى بالاهتمام الكافي من الحكومة اليابانية، فصناع القرار والمسئولون التنفيذيون في الإدارة اليابانية لا يستمرون في مناصبهم لأكثر من ثلاث سنوات، فلا يتوافر لهم الوقت لدراسة المشكلة وإيجاد سبل لمعالجتها. كما أن الشعب الياباني نفسه يقع عليه بعض اللوم، لأنه لم يتحرك بما فيه الكفاية لشرح قضيته، على عكس جماعات أنصار البيئة في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية، فهي جماعات مؤثرة في مراكز صنع القرار والإدارات السياسية. وهي ترى أن لكل من اليابان والغرب وجهة نظر مختلفة حول معنى (الطبيعة).. فاليابانيون يرون أن الإنسان جزء جوهري من الطبيعة، وهو أمر يغفله الغربيون. وترى أن مسألة الحيتان هي، في حقيقتها، صدام بين ثقافتين، وأن اليابانيين عجزوا عن التعبير عن وجهة نظرهم في المؤتمرات الدولية، لقصور في إمكاناتهم اللغوية، ولعدم تحمس الآخرين للتعرف على الجوانب المتعددة للمشكلة. وعلى الرغم من أن مشاركة السيدة (يوكو) لا تأتي في نهاية الكتاب، إلا أننا ننهي بها عرضنا له. وتعمل يوكو أخصائية تغذية في المدارس. وقد لاحظت أن التلاميذ يبتهجون في اليوم الذي تحتوي فيه قائمة الغذاء على لحم الحيتان الذي أصبح نادر الوجود. وقد قرأت يوكو كتابا جاء فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تتزعم الدعوة إلى صون الحيتان وحظر صيدها حاليا، كانت أكبر دول العالم استغلالا لمصايد الحيتان. وتزعمت يوكو حركة وطنية ضد حظر صيد الحيتان، ولكنها لم تجد الصدى المناسب، فالحكومة لا تستجيب، ومصالح رجال الاقتصاد والصناعة اليابانيين تدفعهم إلى عدم الاستجابة لمثل هذه الأفكار، حرصاً على الأسواق الأمريكية.

وفي عام 1986، حذفت وزارة التعليم لحم الحيتان من قائمة تغذية تلاميذ المدارس، فقامت يوكو بتأليف كتاب عنوانه (جزيل الشكر للحوت!)، أحدث ردود أفعال جيدة، فدعتها لجنة برلمانية للتحدث أمامها عن القضية، فذهبت وقالت لهم إن لحم الحوت يجب أن يعود لقوائم تغذية التلاميذ اليابانيين، لأنها - كأخصائية تغذية - تؤمن بأن حاجة البشر للغذاء لا تتوقف عند مجرد حصولهم على الطعام، ولكنها يجب أن تكون مصحوبة بتلبية احتياجات أخرى معنوية، شديدة الارتباط بهذا الطعام!.

 

رجب سعد السيد

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




غلاف الكتاب





الحفيدة يوكو تطعم جدتها المريضة لحم الحيتان





لعب أطفال مستوحاه من صناعة صيد الحيتان