عزيزي القارئ

انتصاراً للعقل العربي

  • عزيزي القارئ..

مع مطلع كل شهر تصدر "العربي لما وتحرص على الوصول إلى كل عاصمة عربية. وهي تؤكد بذلك إحدى صور انتصار العقل العربي على كل عوامل الفرقة السياسية. و "العربي" تعودت دائماً أن تغوص بحثاً عن الجوهر الحقيقي للإنسان العربي. وهي تعتبر كل الشعوب العربية قراءها وتحرص دائماً على أن تقيم معهم حوارًا دائماً في رحلتها من أجل المعرفة والتنوير. لقد فتحت صفحاتها الأولى من أجل بعث حوار خلاق تتلاقى فيه الآراء.. تختلف وتتفق ولكنها لا تكف عن التحاور. و"العربي" تدرك أن هذا العقل العربي، وإن كان يعاني حاليًا من بعض آثار التخلف وآفاته، إلا أنه كان الشاهد الأول على مولد الحضارات وبزوغ الأديان، وأن هذه المرارة المترسبة في أعماقه هي حصاد التجربة التي كان يجب أن تكون. وإذا كان يعاني من آثار الشرخ الذي أحدثته حرب الخليج حين رأى الأخ يجور على أخيه فإن هذا الأخ يجب ألا يترك تحت تأثير عوامل الفرقة بحيث تزداد درجة الاتساع ومرارة الأسى، ولكن يجب أن نهيئ كل الظروف التي تساعد على تجاوز المحنة. ف "العربي" تدرك أن كل هذه العوامل مؤقتة، لذا فهي تطوف في كل العواصم كما تعودت أن تطوف . وتقطف من ثمار مثقفيها كما تعودت أن تقطف وتنقل قراءها إلى آفاق جديدة من الفكر العربي كدأبها دائماً.

في بداية العدد يستعرض رئيس التحرير أحدث الكتب التي صدرت عن الصحة والمرض. ولعل شهر رمضان الذي نعيش أيامه الآن يذكرنا بأننا يجب ألا ندلل أجسادنا كثيرًا وألا نلبي احتياجاتها بقدر ما نراقبها، والكتاب الذي يناقشه رئيس التحرير يتعرض لكل هذه القضايا بأسلوب علمي وواقعي.

ويناقش أمين هويدي تلك العلاقة الدقيقة التي تربط بين المثقف ورجل السلطة والعوامل المؤثرة في اتخاذ قرار، وهو يشرح ذلك الخيط الرفيع الذي يسير عليه المثقف عندما يقترب من رجل السلطة. ثم تبدأ رحلة "العربي" التي تعودت عليها إلى مختلف العواصم العربية والعالمية. تقترب من العاصمة اللبنانية بيروت التي تحاول أن تنهض من بين أنقاض الحرب الأهلية.. وكذلك العاصمة الكويتية التي تحاول أن تزيل آثار الغزو.. وتؤكد كلتا العاصمتين- في إصرارهما على مواصلة التجدد والإعمار - أن البقاء لكل عناصر الحياة وليس للفناء والتخريب. ثم ترحل العربي إلى إسبانيا حيث تلتقي الحضارات في مدينة أشبيلية في المعرض الذي أقيم احتفالاً بمرور 500 عام على اكتشاف أمريكا وهو الاحتفال الذي أفردت له "العربي" عدة صفحات في عددها السابق.

ولا تكف "العربي لما عن الرحيل الثقافي إلى بقية العواصم.. فهي تنشر دراسة عن الأديب الليبي الكبير "إبراهيم الكوني" من خلال روايته المهمة " المجوس" كتبها روائي مصري هو إبراهيم عبد المجيد. ومن المغرب ينشر قصاصها محمد زفزاف إحدى قصصه القصيرة، ثم تفتح مع جمهور القاهرة أول متحف للفن التشكيلي الحديث من خلال المقال الذي كتبه الفنان التشكيلي عز الدين نجيب. ثم ترحل إلى المملكة العربية السعودية كي تقدم مقالاً مهما عن العرب وعصر المعلومات من خلال المقال الذي كتبه د. سعد على الحاج بكري و د. محمد محمود مندوره، ثم تلقي نظرة شاملة على كل المدن من خلال استعراضها لكتاب "مدن العالم العربي" الذي تقدمه د. زينب عبدالعزيز.

وكعادتها لا تكف "العربي" عن إثارة القضايا.. فهي تناقش قضية الديمقراطية المطروحة على الساحة من خلال مقالة الدكتور سامي منصور. ثم تتعرض لنظرة الاقتصاديين إلى قضايا البيئة كما عبر عنها د. أحمد جمال الدين موسى.. ولا تنسى "العربي" أن نحيي الكاتبة الفائزة بجائزة نوبل لهذا العام.. ثم تقوم بدورها الرائد في تبسيط العلوم من خلال أكثر من مقال.. وهي في خلال ذلك كله تحاول أن تؤكد أنها لا تترك مجالاً من مجالات إبداع العقل العربي إلا تطرقت إليه ولم تكتف بأن ترحل هي إلى العواصم العربية المختلفة ولكنها استحضرتها أيضًا إلى صفحاتها.