في ديسمبر عام
1908، عرضت (شركة الأفلام الفنية) - كان يملكها الإخوة لافييت - أول إنتاج لها
(اغتيال الدوق دى غيز)، وبعد العرض لم يتم اغتيال أحد سوى شركة لافييت التي افلست
بعد فترة قصيرة بسبب الخسائر التي لحقت بها من جراء إنتاج أفلام فكرت أن تكون فنية!
لكن اطمأن قلب الإخوة قليلاً عندما عرفوا فيما بعد أن (اغتيال الدوق)، نجح في
إيطاليا والدانمرك وبريطانيا. واقتنع المخرج الأمريكي الشهير زوكور بأهمية هذا
الفيلم فأطلق في باريس صيحة: (ممثلون مشهورون في أفلام مشهورة)، وعندما طبقها في
الولايات المتحدة استطاع ان يشرح أسس التفوق الأمريكي في الصناعة السينمائية في
هوليوود، وأيضاً أسس التفوق الفيلمي، أي كيف يمكن ان يكون الفيلم أكثر تفوقاً من
الأفلام الأخرى!؟
في عام 1930 بدأت
اللجنة الوطنية لتقييم الأفلام (كانت عن قبل اللجنة الوطنية للرقابة)، عمل قائمة
سنوية تتضمن أفضل عشر، أفلام في تاريخ السينما. وطبقاً لتقييم اللجنة السنوي
للأفلام الأكثر تفوقاً من حيث الموضوع والمعالجة السينمائية وشباك التذاكر جاءت
القائمة عام 1977 لتضم: ذهب مع الريح - الوطن كين - كازبلانكا - ملكة إفريقيا -
عناقيد الغضب - تحليق فوق عش الكوكو أو احدهم طار فوق عش المجانين - الغناء في
المطر - حرب النجوم - ملحمة الفضاء - ساحر اوز.
وفي العام ذاته
1977 ظهرت في بلجيكا قائمة تضم أفلاماً مختلفة كأفضل (العشرة) في تاريخ السينما،
وكان منها: المدرعة بوتمكين - سارق الدراجات - أنوار المدينة - الوهم الكبير -
أوبرا البنسات الثلاث.
وفي كل عام تقوم
الشركات السينمائية الكبرى بعمل اختياراتها الخاصة لأفضل أفلام العام، وأفضل
الأفلام عبر الأجيال....
وفي عام 1981،
وبمناسبة الاحتفال بصدور أول دليل فيلمي عن مجلة (تايم) الأمريكية، قامت المجلة
بعمل استطلاع شارك فيه 60 ناقداً ومخرجاً لاختيار أفضل عشرة أفلام في تاريخ السينما
ومرة أخرى اختلفت أفلام القائمة.
هنا إذن بعض
التاريخ، وبعض الأفلام، وبعض ما قاله اليوت: ان على كل جيل أن يجد لنفسه نقده الخاص
به، فلكل جيل مقاييسه في الفهم، ولكل جيل مطلبه الخاص من الفن.
(أوديسا الفضاء 2001)
- 1968
هو أفضل
فيلم خيال علمي لعام 1968، بل وأفضل فيلم خيال علمي على وجه الإطلاق في نظر أولئك
العشاق المحافظين لسينما الخيال العلمي ممن لا يبهرهم بريق (فانتيازيات) سبيلبرج
ولوكاس في الأعوام التالية.
بصورة ما كان
نجاح الفيلم مفاجأة محيرة، ففي بداية عرضه استقبله النقاد بهجوم عدائي سافر، وظهر
في دور العرض ككارثة تجارية محققة، لكن تدريجيا بدأت جموع صغار السن تتقاطر
لمشاهدته منساقين بالكلمات التي يتناقلونها عنه فيما بينهم، وليس بسبب أي نوع من
الدعاية الرسمية له. في كتابه (السينما الخيالية) يؤكد بيتر نيكوللز ونؤكد معه أن
الفيلم سيبقى نموذجاً فائقاً كأحد اجرأ أفلام الخيال العلمي فكريا في تاريخ السينما
وكنموذج نادر للفيلم شديد التعقيد...
في (الاوديسا)
أراد كوبريك ان يخلق مقولات ميتافيزيقية. وان يعبر عنها بصرياً بعيداً عن أسلوب
السرد التقليدي لفيلم خال تقريباً من الحوار، ومازالت المجادلات الشديدة الثراء
قائمة حول معنى الفيلم.
لقد كان كوبريك
دائماً مخرجاً شديد الاهتمام بالبعد البصري في أفلامه، وسيبقى (2001) ذروة أعماله
بهذا الصدد بدءاً من اللحظات الافتتاحية حيث مشاهد الأرض ما قبل التاريخ وظهور تلك
المسلة السوداء للمرة الأولى، وعبر التتابعات التكنولوجية للمستقبل القريب، ومشاهد
سفينة الفضاء، والعبور الهذياني خلال البوابة النجمية. وحتى تتابعات النهاية
السريالية في حجرة نوم مهجورة أنيقة.
لقد كان إنفاق
ستة ملايين ونصف في هذا الفيلم أعلى مبلغ تم إنفاقه اطلاقاً على المناظر والمؤثرات
الخاصة لفيلم. ولم يكن غريبا أن كوبريك المولود عام 1928 يبدأ حياته الفانتازية
بفيلم يسمى (دكتور ستر يذجلاق) أو (كيف تعلمت ان أكف عن القلق وان أحب
القنبلة)!
(حرب النجوم) -
1977
قصة (حرب النجوم)
خليط من حواديت الأساطير (الأميرة التي يختطفها ساحر شرير) ومن اجتياز تجارب الحياة
(شاب يتجه نحو النضج)، ولا شك أن جورج لوكاس تألم وهو يضع تلك المقدمة التي تقول ان
فيلمه ليس خيالاً علمياً خالصاً. ان الكلمات الافتتاحية: (في زمن سحيق في مجرة
بعيدة بعيدة جداً عنا...) تجعل من الفيلم فانتازيا أكثر منه فيلما مستقبلياً، هذا
إن لم تجعله يبدو كحدوتة تروى للأطفال، على أن استعداد لوكاس لان يخاطب الأطفال في
داخلنا ربما كان اجرأ شيء فعله، وكان له بسهولة نتائجه التي فاقت كل
توقع.
مر لوكاس بفترات
قلق كثيرة خلال صنع فيلمه لا سيما مع تضخم الميزانية من 3.5 إلى 10 ملايين دولار
لكن نجح الفيلم بل اعتبره بعض النقاد أنجح فيلم في تاريخ السينما - تقييم لاحق -
ومن العوامل الجوهرية وراء النجاح ذلك الشريط الموسيقي القتالي الذي وضعه جون
هريلليامز، الذي أصبح منذ ذلك الحين أنجح مؤلف لموسيقى الأفلام في التاريخ، كان أول
إنجاز شهير له موسيقى (الفك المفترس).
كان عمل المؤثرات
الخاصة صعباً لحد مريع وكان من الممكن أن يصبح مستحيلاً دون ذلك الفريق القدير الذي
جمعه لوكاس... وشمل هذا الفريق جون ديكسترا للمؤثرات الضوئية والذي قام بتطوير
كاميرا خاصة للفيلم. ثم ربطها بكمبيوتر حتى تسمح بتكرار نفس الحركة بنفس زوايا
الكاميرا بدقة وتحكم عاليين ومن هنا وفرت زمناً هائلاً في تصوير النماذج المصغرة.
هناك كذلك جون ستييرز الذى قام بصنع المؤثرات الميكانيكية. أما المكياج فقد أدار
القسم الخاص به ستيوارت فريبورن، لكن بعد مرضه أسندت المهمة إلى شاب مغمور اسمه ريك
بيكر، قدر له فيما بعد أن يصبح أول إنسان يحصل على جائزة أوسكار خاصة
للمكياج.
أسند لوكاس
الأدوار الثلاثة الرئيسية لممثلين غير معروفين، وكانوا ناجحين بالفعل وان كان واحد
منهم فقط الذي يمكن اعتباره ممثلاً من الطراز الأول. وهو الوحيد الذي صنع لنفسه
مساراً مستقلاً بخلاف سلسلة (حروب النجوم) وهو هاريسون فورد. برغم ان الفيلم فشل في
الحصول على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم فقد كرمته أكاديمية العلوم والفنون
السينمائية بهوليوود بالعديد من الجوائز في مجالات المونتاج والأزياء والمؤثرات
البصرية والصوت.
وبقي ان الفيلم
يعتبر الثاني في قائمة الاثني عشر فيلماً التي حققت أعلى الإيرادات في تاريخ
السينما حتى عام 1982.
(أحدهم طار فوق عش
الوقواق)- 1975
المخرج ميلوش
فورمان في هذا الفيلم ينقل لنا تصوره لفساد المؤسسة الأمريكية من خلال قصة سجين
(جاك نيكلسون) يدعي الجنون للهرب من السجن ويتم نقله إلى مستشفى للأمراض العقلية
وهناك يتحدى الأنظمة الصارمة المتعبة. لكنه سرعان ما يستسلم بفعل الإرهاب النفسي،
برغم انه يحاول ان يزرع مراراً وتكراراً بذور المعارضة في نفوس الآخرين من خلال
ممارسات مدروسة وواعية ذلك برغم المراقبة الصارمة من قبل المسئولة راتشيلد (لويز
فلتشر).
نيكلسون اجاد
دوره وأظهر أنه واحد من الممثلين العباقرة في هذا القرن وكان له ان يفوز بجائزة
أفضل ممثل. وكاد ميلوش فورمان أن يفوز هو الآخر بجائزة أفضل مخرج لإدارته
المتوازية لكل عناصر الفيلم ولقدرته على توظيف كل مفردات لغته السينمائية. وإضافة
لذلك فاز الفيلم - أيضاً بجوائز أوسكارية أخرى منها جائزة أفضل ممثلة.
يبقى أن الفيلم
حقق 57 مليون تذكرة مبيعة إستناداً إلى إحصاءات مجلة بريمير.
(الغناء في المطر) -
1952
إذا كان فيلم (في
المدينة) هو الفيلم الموسيقي لمرحلة الأربعينيات، فإن (الغناء تحت المطر) يعد فيلم
الخمسينيات وما بعدها وتتضاءل إلى جواره جهود فنية كان لها أن تبذل في مجال الفيلم
الموسيقي.
(الغناء في
المطر) محاكاة ساخرة وشديدة الطرافة للأفلام السينمائية الصامتة والناطقة على حد
سواء وهو ملهاة صاخبة ومرحة تسخر من المحاولات الخشنة لصناع السينما من أجل عمل
أفلام موسيقية.
يحقق الفيلم
بهجته من خلال ما تمتلئ به أحداثه من نساء تستغل فتنتها لإغراء الرجال ورجال
يستغلون شهرتهم لإغراء الفتيات، وفتيات لا يراعين الأصول في مسلكهن من أجل اجتذاب
اهتمام الرجال، كل ذلك في إطار من الكوميديا الصاخبة والاستعراضات المتقنة الرائعة.
ولا يخلو الأمر أحياناً من عبور حاجز الترفيه لدفع المتفرج إلى دائرة التفكير.
الكاتبان ادوولف جرين، وبيتى كومون اللذان عرفا بذكائهما في مسارح برودواي وفي
السينما أيضا تعاونا لإثراء سيناريو الفيلم وتدعيمه بكل عناصر القوة وقام جين كيلى
وستانلى دونت بتصميم الرقصات وإخراج الفيلم وأيضاً ببطولته.
(ملكة إفريقيا)-
1951
تدور أحداث
الفيلم أثناء فترة الحرب العالمية الأولى عندما كان الصراع على أشده بين الألمان
والإنجليز.
تلجأ روز (كاترين
هيبورن) إلى تشارلي (همفري بوجارت) لينقلها بمركبه البخاري من مجاهل إفريقيا إلى
معالم الحضارة. وروز هذه هي أخت واحد من المبشرين الإنجليز الذين كانوا يعملون في
إفريقيا. وأثناء الرحلة تتوحد الهموم وتتلاقى المشاعر في مواجهة الأخطار وينتهي
الفيلم بزواج روز وتشارلي ورقبتاهما في حبال المشانق.
كانت رحلة المركب
البخاري المسمى (ملكة إفريقيا) في مجاهل القارة السوداء فرصة كبيرة لاستعراض بكارة
الطبيعة، وتعكس الرحلة بوجه عام رمزية الاتجاه نحو الحضارة والمدنية وكان لها -
الرحلة - ان تكون حافلة بالمفاجآت والإثارة والمواقف الصعبة في أحراش الغابات
الإفريقية.
يحسب للفيلم
الأداء المتمكن لهمفري بوجارت وتنقله بين مشاعر كثيرة متناقضة استطاع التعبير عنها
بنجاح، ويحسب له أيضاً براعة التصوير الذي تم أغلبه في مساحة ضيقة جدا داخل المركب
مع الاستفادة الكاملة بالمناظر الطبيعية الإفريقية. ويحسب للفيلم أخيراً شريط صوتي
متوازن ضم صوتا بشرياً معبرا وموسيقى ملائمة وتضافر هذا الشريط مع شريط الصورة
ليقدما معاً واحداً من الأعمال المميزة في تاريخ السينما.
(كازبلانكا) -
1942
من الأفلام التي
توافرت لها كل العناصر التي تصنع فيلماً ليس من السهل ان ينساه المشاهد، ومنذ
إطلاقه على شاشات العرض في صيف 1942 والفيلم يجتذب الكثير من المشاهدين الذين سرعان
ما يقعوا اسرى في حب توليفته التي تجمع ما بين قصص الحب العميقة، وأهوال الحرب
اللعينة والعواطف المتأججة، هذا غير الإعجاب بالشخصيات الدافئة المتآمرة المحبة
النابضة بالحياة.
عن مسرحية لم تر
النور، كتبها موراى بيرنت وجون أليسون عام 1938 تحت عنوان (الكل يحضر إلى ريك) أخذت
قصة (كازبلانكا) التي تدور أحداثها أثناء فترة الحرب العالمية الثانية في الملهى
الذي يديره الأمريكي ريك هناك حيث تتقابل العديد من الشخصيات من كل الجنسيات،
ومعظمها من الألمان، والفرنسيين الهاربين من الحرب الطاحنة في العواصم الكبرى. كان
على ريك (همفري بوجارت) ان يتقابل مع حبيبته السابقة الترا لازولو (انجريد
بيرجمان)، وكان عليه ان يستعيد حبه القديم حتى ولو ضحى بزوج الترا. وكان عليه أيضاً
ان يشارك في الفرح عندما جاءت الأخبار عن دخول أمريكا الحرب. وكان من حظ الفيلم أن
يعرض بعد ثلاثة أسابيع من وصول قوات الحلفاء إلى (كازبلانكا). دخلت أمريكا الحرب
ونجحت ونجح (ريك) بطل الفيلم في ان يجسد كل ملامح (الأمريكي) المنتصر الشهم الشجاع
لفترة ما بعد الحرب.
كازبلانكا حصد
جوائز أوسكارية كأفضل فيلم، وأفضل سيناريو وأفضل إخراج وعنه رشح بوجارت لجائزة أفضل
ممثل.
(المواطن كين) -
1941
يصف النقاد فيلم
(المواطن كين) بأنه فيلم الظلال والصدى (فشخصية كين شخصية عملاقة جوفاء، فهذا الرجل
أعطى الكثير من الوعود، ولكنه لم يحقق منها شيئاً) كان هذا هو الوصف الذى وصف به
كاتب القصة (بيرجز) تلك الشخصية عندما قال ان (المواطن كين) هو هوة بلا قاع. وينصرف
ذلك الوصف إلى الفيلم ذاته، فالفيلم لا يشرح الكثير عن غموض الشخصية. وفي كتابه
روائع السينما العالمية يكتب نيل سينيارد: (قصد بهذا الفيلم ان يولد إحساساً
بالذهول والحيرة ولمسة من الكآبة يزيد من تعقيدها أسلوب الحوار المعقد والمؤثرات
الصوتية وتداخل الحوار. وكلها أساليب أكد بها المصور جريج تولاند قدراته الإبداعية
في استخدام الكاميرا التي ساعدت بلقطاتها على ان تولد ذلك الإحساس).
إذا كان أول
أفلامه قطعة رائعة من الفن تمثل القمة كما هو الحال في (المواطن كين) فإنه لا يتوقع
بعد ذلك إلا الانحدار والهبوط، ولعل ذلك هو مشكلة بطل الفيلم (تشارلز فوستركين)
الذى يرث ثروة طائلة ويظل في حيرة بقية حياته، لا يعرف ماذا يفعل بها.
ان كين بلا شك
يعتبر رمزا للبطل الأمريكي فقد تجسدت فيه أسباب القوة والإمكانات وكذلك التناقضات
في الحياة الأمريكية ذاتها. هو ديناميكي نشيط يتمتع بالثقة بالنفس إلى درجة القسوة،
ديمقراطي النزعة. ولكن ليس دون غرور، يريد ان يحبه الآخرون ولكن وفقاً لشروطه
الخاصة ولذلك فإنه يمكن أن يقال إنه يملك كل شيء برغم أنك من الممكن بسهولة أن تشك
في ذلك.
أحداث الفيلم
تدور حول قصة حياة وموت ملك الصحافة الأمريكية تشارلز فوستر كين، حيث يقوم رئيس
تحرير جريدة سينمائية بإرسال أحد مخبريه للاتصال بذوي تشارلز وأصدقائه وذلك
للاستفسار عن حياة هذا الرجل. ويتمكن المخبر من الالتقاء بخمسة أشخاص مقربين لكين،
كانت لهم علاقة حياتية وثيقة بحياته، وهم خادمه الخاص وزوجته وشريكه في العمل وولي
أمره عندما كان صغيراً ثم أخيراً أعز أصدقائه. ويبدأ كل واحد من الخمسة بإدلاء رأيه
في كين ويصطدم المخبر بتناقض الآراء. فكل واحد من هؤلاء يقدم صورة مختلفة عن الآخر.
وتظل الحقيقة خافية حتى يجد المخبر الصحفي دليلا رسم على فراش موته وهو برعم زهرة.
برعم الزهرة هذا كان مرسوما على فراش كين وهو طفل واحترق مع أشياء أخرى
تخصه.
هل لنا أن نقول
أن برعم الزهرة يرمز إلى تعلق كين بالبراءة في طفولته التي فقدها والحياة السعيدة
التي كانت خالية من المتاعب في صباه.
تتحدد التفسيرات
ويبقى الفيلم محتفظاً بالأسباب التي تجعله دائماً يبدو فيلماً نضراً وذلك بفضل
الطاقة الحماسية التي أدى بها الممثلون أدوارهم.
وبرغم ان بعض
النقاد أمثال ارثر نايت يعيبون على الفيلم إفراطه في التجريبية فإنهم يعترفون في
النهاية بأنه: "كان جريئاً، ومثيراً".
(عناقيد الغضب) -
1940
إذا كان عام 1939
قد شهد مولد (ذهب مع الريح) الذي ظل يعرض في نفس السينما في مدينة لندن لمدة خمس
سنوات فإن عام 1940 شهد مولد (عناقيد الغضب) من إخراج جون فورد الذي احتل مع ويليام
ويلر رأس قائمة المخرجين الأفذاذ خلال سنوات الحرب العالمية الثانية 1940 - 1945.
عن قصة لجون شتاينبيك وقد صور الفيلم عائلة من زراع الأرض الذين جمعوا ما يملكونه
من أشياء متواضعة في عربة بعد أن طردوا من أرضهم واجتازوا بها الشوارع اللامعة
المصقولة للوصول إلى ولاية كاليفورنيا الأرض الموعودة وربما للمصير المظلم حيث
البطالة والبؤس، وسط صحراء معادية تمثلها أمريكا بمؤسساتها وملاكها
الكبار.
في الفيلم نماذج
بشرية لا تنسى وتأتي في الدرجة الأولى الأم (جان دارويل)، والابن (هنري فوندا). كان
الفيلم قد رشح جون فورد عام 1941 كأفضل مخرج ونال الفيلم أيضاً عدة ترشيحات كأفضل
فيلم وأفضل صوت وأفضل مونتاج.
(ساحر أوز) -
1939
(ساحر أوز) ليست
فيلماً عظيماً، وأنه فيلم مبهج استحق عن جدارة ان يصبح أحد الكلاسيكيات ولا يزال
يحتفظ بسحره طوال جيلين كاملين مع العلم بأنه كان شبه سقطة تجارية في حينه، حيث
استغرق الأمر عشرين عاماً حتى استرد الفيلم تكاليف إنتاجه العالية والتي بلغت
2.777.000 دولار. بالأساس كان السيناريو عملاً جماعياً اشترك فيه ثمانية أشخاص على
الأقل. وجاءت النتيجة مخلصة جداً لرؤية الـ.فرانك بوم - القاتمة بعض الشيء، الشديدة
الغرابة معظم الوقت - في روايته الأصلية التي كتبها في عام 1900.
النجوم الثلاثة
الحقيقيون للفيلم هم ممثلو الفودفيل الثلاثة الذين قاموا بأدوار الرجل الصفيح وخيال
المآتة والأسد الجبان: جاك هيلر، وراي بولجر وبيرت لاهر، خاصة أسلوب نطق الأخير
الذي صقلته سنوات خبرته الطويلة على المسرح فأسفر هنا عن ثقل كوميدي وراء كل مقطع
مكتوب من الكلام. أما النجم الآخر فهو ارنولد جيلليسبى، الذي عمل لسنوات طويلة
رئيسا لفريق المؤثرات الخاصة في شركة متروجولدوين ماير.
فالمؤثرات بدءاً
من إعصار كانساس حتى طيران الناس القرود، ما زالت شيئاً رائعاً حتى يومنا هذا. كما
ان المونشكينز (وهم أكثر من مائتي قزم طبقاً لأحد المصادر) كانوا مقدمة فانتازية
مناسبة جدا لاوز. أما كلب الصيد توتو، الذي لم ينل صاحبه سوى 125 دولارا، فقد قدم
أداء احترافيا من أعلى مستوى. ويمكن القول بلا تردد أن (ساحر اوز) هو حالة سينمائية
نادرة بكل المقاييس.
(ذهب مع الريح) -
1939
في عام 1968
افتتح مهرجان كان دورته بـ (ذهب مع الريح) تخليداً لذكرى وفاة بطلته فيفيان لي.
وإضافة إلى أنه من أفضل عشرة أفلام في تاريخ السينما العالمية. فإنه يعتبر أيضاً
ضمن الأفلام التي حققت أعلى الإيرادات في تاريخ الأفلام الفائزة بأوسكار أفضل فيلم
وذلك استنادا للبطاقات المبيعة في كل من الولايات المتحدة وكندا (198.5 مليون تذكرة
مبيعة).
مدة (ذهب مع
الريح) ثلاث ساعات وثلاثة أرباع الساعة ويتابع خلالها المشاهد أكثر من ثلاثين ممثلا
يلعبون أدواراً تكاد تعتبر رئيسية، إضافة إلى المئات من (الكومبارس) وأكثر من ألف
حصان وأربعمائة حيوان آخر ومئات العربات على اختلاف أنواعها في تسعين موقعاً
مختلفاً وثلاث وخمسين بناية.
لم يكتب قصة (ذهب
مع الريح) كاتب مشهور ولا معروف، انها قصة كتبتها ربة بيت غير معروفة اضطرتها
ظروفها الصحية إلى ملازمة البيت، وكانت تعمل قبل ذلك محررة وعندما أصيبت في حادث
وأصبحت حبيسة البيت نصحها زوجها بإشغال نفسها بالمطالعة والكتابة تخلصاً من الضجر
والملل وكانت ولادة القصة في عام 1936 ميلودراما مجسمة للحرب الأهلية الأمريكية
مشحونة بالحب والكراهية، الحياة والموت، وصارت صاحبة القصة (مارغريت ميشيل) بعد
ظهور الفيلم اسماً ذائعاً في عالم الرواية.
في عام 1935 بدأ
سلزينك منتج الفيلم عمله بحملة إعلامية ضخمة بحثاً عن الممثلين الرئيسيين لشخصيتي
بتلر واوهارا فوجد في كلارك جيبل الشخص الملائم لبتلر فاستأجره من شركة متروجولدن
ماير لقاء أجر مقداره سبعة آلاف دولار اسبوعياً ولم يجد المخرج ضالته برغم الطوابير
الطويلة للحسناوات اللواتي كن يقفن أمام بابه عبثا. ووقع اختياره أولاً على بيتي
ديفيز، ولكنه وجدها مستهلكة فاستبدل كاترين هييورن بها. ثم اعتبرها بسبب فتنتها
المتعالية غير ملائمة خاصة ان تعاليها كان يبعد الجماهير عن أفلامها. وبدأ سلزينك
العمل قبل ان يجد بطلة لدور سكارليت وكان أول موقع للعمل مدينة اطلنطا ووضعت
الديكورات واحرقت المدينة، وجاء وكيل الممثلين ما يرون سلزينك وبصحبته ممثلة
إنجليزية غير معروفة وقدمها لأخيه المنتج قائلاً يا ديفيد أقدم لك سكارليت اوهارا
ولم تكن هذه الممثلة سوى فيفيان لي.
سنتان ونصف وربما
ثلاث سنوات من العمل المتواصل وكان المنتج يقود كادره الفني إلى حد الإعياء إذ كان
يهتم - بنفسه - بكل شيء بالحوار والتقنية والمناظر والملابس وبحركة الكاميرا
والانارة والتقطيع والتوليف وتكلف إنتاج الفيلم أربعة ملايين دولار وحقق حتى عام
1972 أكثر من سبعة وسبعين مليون دولار.