مساحة ود.. التلوث يخدم الاقتصاد!*
هناك حقيقة معروفة جيداً ولكنها غير رائجة وهي أن تقنيات الحياة العصرية هي المسبب الرئيس لكثير من ظواهر التلوث. كذلك هناك حقيقة أخرى معروفة جداً وغير رائجة وهي أنّ هذا التلوث هو المسبب لكثير من الأمراض للعاملين في المعامل المسببة لذلك التلوث.ولكن من غير المعروف وغير الرائج أن هذه الدورة هي قوة اقتصادية مؤثرة جداً من دونها لا يكون هناك وجود للمجتمع المتحضر.
كيف يكون ذلك؟ دعونا نختبر ذلك خطوة خطوة. (1) تبني هيئة أو سلطة تنفيذية معملاً وهي تعرف جيداً أنه سيسبب تلوثاً كبيراً، بالضبط كما يعرف الإنسان أنّ الأبقار تتسبب بتكوين غاز الميثان. (2) توظف هذه الهيئة عدداً كبيراً من العاملين وبرواتب متدنية جداً. (3) يشتغل العمال كأحسن ما يطلب منهم. (4) يتعاملون خلال وجودهم في المصنع مع مواد خطيرة جداً وسامة مثل اليورانيوم والمفرقعات. (5) يمرض هؤلاء مرضاً شديداً ثم يموتون، لموت كل عامل تأثيرين آنيين أحدهما هو: (6) توفير فرصة عمل جديدة في المصنع و(7) يُشغل هذا المكان الشاغر من قبل أحدهم مما يعني انخراط أحدهم بالقوة العاملة، وهذا يعني (8) خفض معدلات البطالة. أما التأثير الثاني لموت أحد العمال فهو: (9) وخضوعا للقانون الثابت، وهو قانون العرض والطلب فإنّ عدد ما هو متوافر من عمال سيقل مما يؤدي إلى (10) تزداد قيمة كل عامل قليلاً مما يجبر (11) الهيئة التنفيذية على زيادة أجور العاملين.
كما نرى من هذا التحليل فإن التلوث في المصنع إضافة للناتج عن المصنع يؤديان إلى تحفيز الاقتصاد بشكل مستمر على توفير فرص عمل جديدة برواتب أعلى فأعلى دائماً، وهذا بالطبع يؤدي إلى تدوير وتشغيل الأموال بشكل مستمر في المجتمع من خلال استمرار عوائل العمال دفع تكاليف دفن موتاهم للشركات المتخصصة بذلك. يؤدي ذلك كذلك إلى ازدهار عمل الشركات التي ترتبط أعمالها بشركات الدفن مثل مصانع أدوات حفر القبور وارتفاع ثمن الأرض في المدافن كلما قلّ الجزء غير المستعمل المتبقي. بذلك يكون من الواضح وبكل جلاء أنه لو كانت المصانع والمعامل التي تبنى لا تسبب تلوثا فإنّ اقتصاد المنطقة سينهار.