خليفة الوقيان ونجمة إدريس

 خليفة الوقيان ونجمة إدريس
        

التحدي الأكبر الذي يواجه الوجود العربي
هو انتشار ثقافة الموت

  • لم أحاول الاندفاع للشهرة من خلال الاستسلام للنقد الصحفي
  • بعض الشباب العربي يندفع للموت بمفاهيم مغلوطة عن الجهاد
  • علينا أن نسعى للتوازن بين ثقافة الانفتاح والانغلاق

          يظل الشاعر المبدع, في كل زمان ومكان, منذوراً لرحلة البحث عن الخلاص, والحلم به. ليس فقط الخلاص الذاتي المنكفئ على الخصوصية, وإنما أيضاً الخلاص الجماعي المنشود لبني جنسه وأمته ومجتمعه, خلاصهم جميعاً من وجوه القهر والتخلّف والنقص والتشوهات الإنسانية, والحلم معهم بواقع أفضل وأرقى. وحين يضطلع هذا المبدع, إلى جانب (تورطه) بالشعر وغواياته, بمهمة الهمّ العام وتَبِعاته وقضاياه, يزداد العبء, ويعظُم التحدي, وتتحول رحلة الحياة إلى طريق من الشوك والزهر.

          خليفة الوقيّان واحد من هذه الشخصيات الجدلية, التي لم تختر غواية الشعر وقوقعته الدافئة فقط, وإنما اختار أيضاً غواية الموج, ولَحقَ الريح والأشرعة, وحاور الحُداة والبُناة وقاطعي الصخر, مؤكِّداً أنه لا ينتمي إلى الماء فقط, وإنما إلى الأرض أيضاً. ومن خلال هذه الرحلة, كان الشاعر والإنسان عبر سلسلة من المناظرات, والحوارات, والرؤى الطامحة, والأحلام المخذولة, يتخلّق وينصهر, وينمو, وكانت عوالمه تتبلور وتتكامل متمخّضةً عن تجربته الإبداعية والإنسانية, الغنية في امتدادها الزمني, وجذورها الفنية.

          وفي هذه المساحة المرصودة للكشف عن آراء خليفة الوقيان ونظراته في واقع الشعر والحياة والسياسة, تحاوره نجمة إدريس متنقلةً معه عبر أكثر المحطات تمثيلاً لفكره وتوجهاته, وتعبيراً عن شخصيته. ولعل خير ما يرفد هذا الحوار, ويعطيه نكهة التناغم والفهم, ما يربط الاثنين من وشائج الشعر والفكر, والزمالة القديمة, والمعاصرة لمشهد الأدب المحلي في الكويت. فضلاً عما صنعه كتاب د. نجمة إدريس (خليفة الوقيان في رحلة الحُلْم والهمّ), من تجدّد للجدل والحوار حول اسميهما, وحول إشكالية العلاقة بين الأدب والسياسة.

  • حين التأريخ للحركة الشعرية الحديثة في الكويت والمنطقة, يبرز اسم خليفة الوقيان كأحد رموزها الفاعلة, وخاصةً أنك من جيل من الشعراء قُدِّر له أن يشهد تحولين مهمين ومؤثِّرين منتصف القرن الماضي: الأول, تحوّل المجتمع المحلي ثقافياً واقتصادياً, والثاني, التحوّل في المشهد الشعري عربياً. فإلى أي مدى ساهم هذان التحوّلان في صياغة شخصية خليفة الوقيان الشعرية والإنسانية?

          - أحسب أن التحولات المؤثرة في الجيل الذي أنتمي إليه - مواليد الأربعينيات - هي التحولات الفكرية المتمثّلة في تجذّر التوجهات القومية - التي كانت سائدة في الكويت منذ مطلع القرن العشرين - وتحوّلها إلى عمل مؤطر ومنظّم, من خلال التنظيمات القومية, ومنظمات المجتمع المدني الأخرى, كالأندية, وفي مقدمتها النادي الثقافي القومي, فضلاً عن الصحافة المحلية ذات الاتجاه العروبي والتنويري, مثل مجلة الإيمان, وصحيفة صدى الإيمان, وصحيفة الفجر, وصحيفة الشعب. يضاف إلى ذلك تصاعد تأثير النهج القومي لثورة يوليو 1952م بقيادة جمال عبدالناصر, ودوره في تعزيز الثقة بالأمة, وقدرتها على إنجاز مرحلة التحرر الوطني, والانتقال من بعد إلى تحقيق الأحلام الأخرى.

          وعلى المستوى المحلي كان هناك مناضلون سياسيون وكتّاب وطنيون وقوميون لهم تأثيرهم المباشر وغير المباشر في تنمية قناعاتنا القومية والوطنية والاجتماعية. أما التحوّل الاقتصادي فقد يكون من آثاره تدفق الهجرة العربية وغير العربية إلى الكويت, وما نتج عن ذلك من انفتاح المجتمع على تجارب الآخرين وثقافاتهم, فضلاً عن نمو الوعي الاجتماعي.

          أما التحوّل في المشهد الشعري عربياً فكان له دور كبير في خروجي من أسر التراث. كنتُ من قبل مولعاً بالشعر الجاهلي إلى الحد الذي جعلني أحفظ المعلقات, وأعشق أصحابها ومثلهم العليا, وأنماط الحياة التي يصورونها. وكان لذلك الولع آثاره السلبية فضلاً عن آثاره الإيجابية, ومن الآثار السلبية تسرّب كثير من مفردات معجمهم, بل وصورهم الشعرية إلى التجارب الأولى التي كتبتها في مرحلة الصبا. وكان عليَّ أن أبذل جهداً كبيراً لتحديث معجمي الشعري, فضلاً عن السعي للتجديد في الصورة الشعرية. ولم يكن ثمة سبيل للوصول إلى تلك الغاية بغير الإغراق في قراءة التجارب الشعرية الجديدة. كان النص هو الذي يهمني بصرف النظر عن اسم صاحبه.

          وفي مطلع الستينيات وقع في يدي ديوان (نهر الرماد) لخليل حاوي, بصفتي واحداً من القرّاء الذين يحبون الشعر, ولم أكن في ذلك الحين جاداً في كتابته, إذ إن أول قصيدة نشرت لي كانت في العام 1966م. وأحسستُ عند قراءة خليل حاوي أنني أمام تجربة تختلف عن تجربة السياب ونازك وصلاح عبدالصبور والمدرسة التي يمثلونها. إنها تجربة بالغة الثراء من الوجهتين الفكرية والفنية, فالتخلّف الحضاري الهمّ الذي يؤرّقه, والنهوض القومي حلمه الأكبر, والتجديد الحقيقي لا الفرقعات الشكلية رسالته, والتوظيف غير المفتعل للأسطورة واحد من إنجازاته المميزة. وأحسب أن لخليل حاوي الفضل في فتح عينيّ على الكنوز التي يمكن أن تختزنها التجارب الشعرية الجديدة. ومن الطبيعي أن يكون له تأثيره وبصماته في الجيل الذي أنتمي إليه.

التجربة الشعرية

  • منذ ظهور ديوانيك (تحولات الأزمنة) 1983م و(الخروج من الدائرة) 1988م, شكّل التجديد في الشكل, وروح النص, والأدوات الفنية, عناصر ملحوظة في أدائك الشعري. إلى أي مدى أمكن لهذه (العناصر الفنية) أن تخدم توجهاتكم الفكرية, ومواقفكم من قضايا المجتمع والسياسة? وهل تعتقدون أنه مازال للشعر - كمنتج فني وجمالي - دور أو أثر في (إحداثيات) الحياة المعيشة بكل واقعيتها وصرامتها?

          - المواءمة بين غايتين مختلفتين, أو هدفين مهمين أمر غير يسير التحقيق, فحين يكون أيٌّ منا شاعراً ملتزماً تحكم الأيديولوجيا خطابه ومسلكه من جهة, كما تحكمه من جهة أخرى ضرورات الإبداع وشروطه, والمسئولية التاريخية في الإسهام بتطوير التجربة الشعرية, فسوف تكون المهمة شاقة. كيف تتمكن من خدمة القضايا والأهداف التي تؤمن بها كالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الظلم والتخلّف والغلو والإرهاب دون أن يتحول إبداعك إلى بيانات سياسية? وإذا كان توظيف الإبداع لخدمة تلك القضايا ضرباً من العمل الوطني, فالإسهام في تطوير التجربة الشعرية, وتحقيق القيمة الجمالية للنص, والمشاركة في تنمية الذائقة الفنية مسئولية وطنية أيضاً.

          وأحسب أن التفكير في المتلقي, وضرورة التواصل معه, وأهمية تفرّد كل تجربة إبداعية بخصوصيتها من القضايا التي شغلتني كثيراً, ولعلها كانت السبب في عدم اندفاعي وراء مغريات الشهرة, من خلال الاستسلام للنقد الصحفي, الذي يروّج لاحتذاء هذه التجربة المميزة أو تلك. ففي عقود سابقة كان جواز العبور إلى الشهرة هو استنساخ تجربة أدونيس, والسطو على إنجازاته الكبيرة, دون المرور بالمراحل التي مرّ فيها. وقد استسلم كثير من المبدعين لتلك المغريات, وأصبحوا نسخاً كربونية مشوَّهة لتجربة ثرية. وهذا القول لا ينفي إعجابي الكبير بأدونيس وإنجازاته, ولكنه يصور حالة شائعة, وهي استنساخ إنجازات الآخرين طلباً للشهرة المزيّفة.

          وفي أحيان أخرى يروّج النقد الصحفي للتغريب المصطنع والتعمية المفتعلة, فيندفع كثير من المبدعين في ذلك الاتجاه. وأقول مرة أخرى إن ما ذكرته لا يعني أنني ضد التجريب والتجديد, ولكني ضد التضليل والتطبيل الصحفي, الذي لا يقوم على أسس نقدية يُعتدّ بها. وليس يخفى أن كثيراً من الكتابات التي تنسب إلى النقد زوراً تتعامل مع الأسماء, ولا تغوص في أعماق النص, وتحكمها في كثير من الأحيان الشللية, والانتماءات الفكرية, وغيرها من الاعتبارات البعيدة عن منطق العلم ومنهجه.

          وفي ما يتعلق بالتجديد, في الشكل وروح النص والأدوات الفنية, الذي أشرتِ إلى وجوده في ديوانيَّ (تحولات الأزمنة) و(الخروج من الدائرة) أعتقد أن ذلك التجديد لم يحل دون خدمة توجهاتي الفكرية, وموقفي من قضايا المجتمع والسياسة.

  • يمكن للقارئ في مجموعتكم الشعرية الأخيرة (حصاد الريح) الصادرة عام 1995م, أن يستشعر حسّ القنوط, وألم الانخذال, وانسراب الآمال والأحلام, سواءً على مستوى الخطاب الذاتي, أو الهمّ الوطني محلياً وعربياً. هذا المزاج النفسي القانط مبثوث أولاً من خلال النصوص المستشرفة لمحنة الغزو الصدامي للكويت, وثانياً من خلال المنحى الانسحابي المؤثّر, خاصةً في نص (الحصاد) الذي يراك القارئ من خلاله وكأنك تقيّم عمراً من العطاء على مدى السنوات الثلاثين الأخيرة, وتراه هشيماً تذروه الريح, في ظل أوضاع متردية تستعصي على التغيير والحلم. هل تعتقدون - في ظل ما تعيشه الأمة الآن من انحسار في الطموح, وتشرذم, وفوضى في الشعارات والمبادئ, وفي ظل التحولات المقلقة التي تعيشها المنطقة - أن ما يحدث يدعو إلى التخلي التام عن الأحلام? أم يستدعي ترميم الأحلام والتوجّه بها وجهةً أكثر واقعية وعقلانية? أم أن الأمر يستوجب إعادة النظر في الكثير من المبادئ والمسلمات? وما هي رؤيتكم المستقبلية للواقع العربي في ظل ثقافة الموت والعنف?

          - تعرض مجموعة (حصاد الريح) لهمّين أساسيين, أولهما الغزو الوحشي, الذي قام به النظام العراقي ضد الشعب الكويتي, وثانيهما الغزو الظلامي الذي تقوم به قوى الغلو, وتدمّر من خلاله المنجزات التي حققها الآباء والأجداد على طريق التنوير والنهوض عبر ثلاثة قرون من النضال.

          وموقف المجموعة الشعرية من هذين الهمّين يقوم على المواجهة, وتوكيد الإيمان بالمبدأ, ورفض الاستسلام, سواءً أكان ذلك في القصائد المتعلقة بالغزو, التي نُشرت, وتم تلحينها وبثّها أثناء احتلال الكويت, أو التي كُتبت بعد التحرير, وكلها تصرّ على توكيد القناعات القومية, على الرغم من كل ما حدث. وكذلك الحال في ما يتعلق بالقصائد التي قيلت في مواجهة الغلو والإرهاب الفكري منذ السبعينيات, وحتى هذا اليوم.

          وفيما يتعلق بقصيدة (الحصاد) أرى أن من حق قارئها أن يجد فيها ما يوحي بالإحباط والألم, حين تنتهي جهود رواد التنوير والمناضلين في سبيل الديمقراطية والتقدم إلى هيمنة قوى الغلو والإرهاب الفكري, وحين نشاهد استسلام من نتوقع منهم الصمود والمواجهة, ونرى سلبية الجيل الجديد من المبدعين أمام المدّ الجارف لثقافة الظلام والموت. وقد يُفهم نص (الحصاد) على أنه صرخة في وجوه النائمين, أو تصوير لحالة إحباط عامة, وليس تعبيراً عن حالة خاصة.

          أما التخلي عن الأحلام بسبب بشاعة الواقع فأمر غير مقبول من قبل أهل الرأي. وأرى أن المصطلح أو التعبير الجميل الذي تشيرين إليه, وهو (ترميم الأحلام) مناسب لتشخيص ما نحتاج إليه في هذه المرحلة, حيث يتعرض البنيان الفكري لبعضنا للتشقق والتفكك.

          وفي ما يتعلق بالرؤية المستقبلية للواقع العربي في ظل ثقافة الموت أعتقد أن النخب السياسية والثقافية العربية لم تدرك بعد أن ثقافة الموت تمثل التحدي الأكبر, والخطر الحقيقي الذي يتهدد وجودنا, ويدمّر إمكانات التنمية والتطور في مجتمعاتنا, ويجعلنا خارج منطق التاريخ.

فكر الاعتدال

  • لعل سؤالنا السابق عن ثقافة العنف والموت يجرّ إلى الحديث عن قضية الساعة, وأعني بها ظاهرة الإرهاب, التي باتت الخبز اليومي المرّ في حياتنا الآنية. وقد كان لكم سواءً من خلال نصوصكم الشعرية, أو مقالاتكم الصحفية, وجهة نظر واضحة في هذه الظاهرة. ويمكن التدليل على رأيكم من خلال اقتباسنا لهاتين المقولتين: (نبذ أساليب الإرهاب يدخل ضمن اختصاص رجال الفكر لا رجال الأمن). و(الإرهابي هو الصيغة التنفيذية أو العملية لفكر الغلوّ, فغياب الغلوّ سوف يفضي بالضرورة إلى غياب الإرهاب). ولعلنا نستشفّ من أمثال هذه المقولات ميلكم إلى فكر الاعتدال, وحاجة هذا الفكر المعتدل إلى بيئة ومناخ على جانب من الاستقرار والأمن النفسي والاجتماعي. هل تعتقد بإمكانية ترعرع فكر الاعتدال في ظل الظروف الراهنة? وما هي في نظركم الشروط والعوامل المساعدة على خلق بيئة معتدلة ومناخ صحي للحوار والتعايش?

          - يعيد كثير من المحللين شيوع ظاهرة أو ثقافة العنف والموت إلى أسباب عديدة منها غياب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية, والعربدة الصهيونية التي تحظى بمساندة بعض القوى الكبرى, وشيوع الأميّة... إلخ. ومثل هذه التحليلات تدعو للتساؤل عن مسوغ شيوع ثقافة العنف والانتحار في كثير من البلدان التي تشيع فيها الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتنتفي الأمية. فهناك كثير من أبناء الأسر البالغة الثراء والمتعلمين تعليماً عالياً, والشبان الذين ترعرعوا في ظل ثقافة الانفتاح والديمقراطية في الغرب أو في الكويت انسلخوا عن واقعهم, وهاجروا نحو الدمار والموت.

          وظاهرة الغلو بعامة, وما نتج عنها من استسهال القتل والتكفير ليست بجديدة, ففي كل مراحل التاريخ الإسلامي كانت هناك فرق غالية. وقد تكفلت كتب المِلل والأهواء والنِحَل والفِرق ومقالات الإسلاميين لابن حزم والشهرستاني والبغدادي والأشعري وغيرهم بذكر مئات إن لم نقل آلاف الفِرَق التي اتخذت الغلو منهاجاً لها.

          وقضية (الغلو) الذي يعدّ الغذاء الفكري للإرهاب قضية شديدة التعقيد, ولا تزال معالجتها مقتصرة على الجانب الأمني ببعده البوليسي, أما الأمن الفكري للوطن وللمواطنين فلا يزال بعيداً عن اهتمام المسئولين. وفي الحالات القليلة التي يتم فيها الخروج من البعد الأمني البوليسي تتم الاستعانة بطبقة من الإسلاميين الذين يصفون أنفسهم بالوسطيين, وما هم بكذلك, فكتاباتهم وممارساتهم ترتكز على إيجاد المسوغات للإرهاب والإرهابيين, وتتفنن في ابتكار الذرائع لأعمالهم. إن بعض الجماعات والتنظيمات والجمعيات التي تدعي الوسطية كانت البوابة الأولى, والشرك الأساس الذي وقع فيه الفتية الأغرار, حيث تم غسل أدمغتهم, وفصلهم عن الواقع, ودفعهم نحو الموت من خلال تغذيتهم بمفاهيم مغلوطة عن الجهاد, الذي اختزل في القتل والتدمير.

          أما المفكرون وعلماء الاجتماع والتربية ومن هم في حكمهم فلا يزال دورهم في تحليل ظاهرة الغلو والعنف ومعالجتها باهتاً. بل إن كثيراً من المفكرين والمحللين السياسيين العرب الذين يدعون الليبرالية لا يخفون دفاعهم عن الإرهاب والإرهابيين وذلك بهدف تصفية حساباتهم مع الأنظمة والقوى الدولية والمحلية التي يخالفونها الرأي ; فلا مانع لدى هؤلاء المفكرين والمحللين من قتل المواطن الأمريكي أو الإنجليزي أو الإسباني... إلخ مثل حالات 11 سبتمبر وتفجيرات مدريد ولندن, فضلاً عن قتل العرب والمسلمين في السعودية وباكستان وإندونيسيا. بل لا مانع لديهم من شيوع القتل والدمار في العراق لأن الولايات المتحدة هي التي أسقطت النظام العراقي السابق.

          وفي ما يتعلق بترعرع فكر الاعتدال, وشروط خلق بيئة معتدلة ومناخ صحي للحوار والتعايش أعتقد أن الشرط الأول لتحقيق ذلك الهدف هو اقتناع الجميع بأن الغلو الديني قد يتسبب في تدمير الحياة على سطح الكرة الأرضية. فثمة جماعات من الإسلاميين تنظر إلى الحياة بوصفها ممراً مليئاً بالشرور والآثام ينبغي عبوره على عجل للوصول إلى الدار الآخرة. أما النصيب من الدنيا, والإسهام في البناء وخدمة البشرية فهي أمور لا تدخل في حسابهم.

          وقد سعى بعض الدعاة من قليلي البضاعة الشرعية إلى تضليل الشبان الأغرار, والتركيز على إغرائهم بالحور العين حال استشهادهم, ولأن هؤلاء الشبان ملتزمون دينياً, لا يقتربون من فاحشة الزنا, ولم تتوافر بعد الظروف لديهم للزواج, لذلك فإن الخروج من أسر المعاناة والضغوط النفسية والبيولوجية والضغوط الأخرى يمكن أن يتم من خلال الإسراع في الاستشهاد عن طريق العمليات الانتحارية, والذهاب على عجل إلى الجنة. أما الضحايا الأبرياء لتلك العمليات, وجلهم من المسلمين فقد التمس لهم هؤلاء الدعاة سبيلاً إلى الجنة أيضاً. وهذا الاستغلال البشع لصغار السن, والتشويه الشنيع لرسالة الإسلام السامية يمارسه قليلو البضاعة الشرعية في وضح النهار.

          وبعد, فإذا ما اقتنع الجميع بخطورة الغلو الديني, وعدم جواز احتكار الحقيقة ; وعدم لزوم تمرير كل ما يخص الواقع والتخطيط للمستقبل من خلال بوابة الفهم الضيق للنصوص الدينية فإن أي خلاف آخر في الاجتهادات لن يكون ضاراً.

صراع الثقافات

  • تكرر الطرح في مقالاتكم وأحاديثكم عن وجود صراع مجتمعي وفكري بين ثقافتين: (ثقافة الانفتاح) و (ثقافة المحافظة). وأعتقد, ومن خلال المتابعة للمشهد العام للمنطقة, أن هذا الطرح ما عاد يشير إلى الوضع في الكويت على وجه الخصوص, بقدر ما ينطبق على بلدان المنطقة وأقاليمها بشكل عام, ومنذ تنامي حركات الإسلام السياسي وتقهقر مشروع التنوير. هل ما زلتم تعتقدون بأن تحقيق التوازن, والتقليل من آثار هذا الصراع بين ثقافة الانفتاح وثقافة المحافظة, منوط بإستراتيجيات الدول وسياساتها العليا? وإلى أي مدى يمكن الوثوق بهذه الإستراتيجيات الحكومية في ظل متغيرات السياسة وتقلباتها? ثم ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الأفراد والمثقفون ومؤسسات المجتمع المدني في هذا المضمار?

          - قلت قبل سنوات خلت إن في الكويت صراعاً بين ثقافة عمرها ثلاثة قرون, تقوم على الانفتاح, وثقافة عمرها ثلاثة عقود تقوم على المحافظة بل الانغلاق. وتفسير ذلك أن النموذج الكويتي قام على أسس مغايرة للنماذج التي قامت في دول مجاورة ; فقد وفد الكويتيون إلى أرض بكر, لم يكن بينهم سيد ومسود, أو حاكم ومحكوم, وقد اختاروا حاكمهم من بينهم. ويضاف إلى ذلك أنهم جاءوا من مناطق متعددة, يحملون معهم عناصر ثقافية متنوعة. وكانت الأرض التي استوطنوها - في القرن السابع عشر - مقفرة, لا زرع فيها ولا ضرع. واقتضت تلك العوامل ضرورة اعتماد مبدأ الشورى, والتعددية الثقافية, والتسامح, والانفتاح على الآخر. ولم يكن أمامهم - نتيجة فقر البيئة - سوى البحر وسيلة للرزق, فركبوه, واختلطوا بالآخرين, وتعرفوا على ثقافاتهم وأفادوا منها. فكانت السفينة المبحرة بالكويتيين إلى الهند وشرق إفريقيا للتجارة, والسفن المبحرة نحو المغاصات لجمع اللؤلؤ تضم الحضري والبدوي والسني والشيعي, ومن تعود جذوره إلى نجد أو سواحل الخليج العربي أو العراق أو إيران. لذلك لم يكن باستطاعة أحد أن يتجاوز ثقافة الانفتاح والتسامح, أو يفكر في فرض رؤيته. وبهذه الثقافة نمت الكويت وازدهرت على الرغم من شحّ الطبيعة.

          أما ثقافة الانغلاق وادّعاء احتكار الحقيقة فقد وفدت إلى مجتمعنا المعاصر منذ نحو ثلاثة عقود. جاءت بها فلول الأحزاب الدينية ممن حوربوا في بلدانهم فاحتضنتهم بلادنا, ويضاف إليهم الفتية المتأثرون بالمدارس الدينية التي أنشأتها دول خليجية في باكستان لمحاربة التوجهات القومية والديمقراطية, فضلاً عن مخرجات المعاهد العلمية الخليجية ذات التوجهات الفكرية المتشددة. وكنتُ أقول إذا قُدّر لهذه الثقافة الوافدة, البعيدة عن روح مجتمعنا أن تسود فسوف يؤدي ذلك إلى تفجّر المجتمع, وتحوله إلى شظايا طائفية وعرقية وقَبَلية. وكانت الكويت قد واجهت في مطلع القرن العشرين هجمة متشددة وافدة مماثلة, فتصدى لها علماء الدين الكويتيون الإصلاحيون والأدباء والمثقفون حتى تلاشت.

          وما تقولينه بأن الصراع بين ثقافتي الانفتاح والمحافظة ما عاد يشير إلى الوضع في الكويت على وجه الخصوص بقدر ما ينطبق على بلدان المنطقة قول صحيح. وأحسب أن التأثير الفكري لمدرسة أبي الأعلى المودودي وتلامذته في مرحلة سابقة, وتأثير المعاهد الخليجية في باكستان والمعاهد المتشددة في بعض الدول الخليجية, وقيام الثورة الإسلامية في إيران من العوامل الجديرة بأن توضع في الحسبان عند السعي لدراسة ظاهرة تفشي ثقافة الانغلاق والتشدّد.

          وفي ما يتعلق بتحقيق التوازن والتقليل من آثار الصراع بين ثقافة الانفتاح وثقافة المحافظة, وهل هو منوط بإستراتيجيات الدول وسياساتها العليا, ومدى الثقة بتلك الإستراتيجيات, أعتقد أن الأنظمة السياسية في العالم الثالث بخاصة ترسم إستراتيجياتها بالصورة التي تحقق مصالحها كأنظمة بالدرجة الأولى. وتنامي تيار المحافظة بل الانغلاق كان في مراحل سابقة بدعم الأنظمة ومؤازرتها من أجل مواجهة القوى القومية والتقدمية والديمقراطية. وورقة الدين من أخطر الأوراق التي يمكن أن يلعب بها السياسيون أو الطبقات الحاكمة, ولعلنا نتذكر كيف اصطلى الرئيس الراحل أنور السادات بنارها, كما أن المآزق التي تعانيها كثير من الأنظمة العربية الآن تعود إلى تورّطها في اللعب بورقة الدين السياسي.

          والمطلوب الآن هو أن يتضافر الجميع, المفكرون والمثقفون والسياسيون وعلماء الاجتماع والتربية ومؤسسات المجتمع المدني من أجل التخطيط العلمي للخروج من النفق, وحماية الأجيال القادمة, بعد أن تسببت الأخطاء الفادحة في إلحاق أضرار كبيرة في بنية الجيل الحالي. إننا بحاجة إلى التخطيط البعيد المدى, وإن استطعنا أن نحقق نتائج إيجابية بعد نصف قرن فسوف نكون من الرابحين. أما الحلول الترقيعية للمعضلات المتصلة ببناء الإنسان فضررها أكثر من نفعها.

الكويت ودورها الثقافي

  • نعلم بانشغالكم حالياً في إعداد مشروع كتابي حول توثيق الدور الثقافي الذي لعبته الكويت منذ نشأتها, ومحاولة تتبع هذا الدور في سياقه التاريخي منذ القرن السابع عشر وحتى مطالع نهضتها الحديثة. هل هذا الدور لايزال قائماً في ظل الظروف السياسية والاجتماعية الراهنة? وما هي في نظركم معوقات استكمال هذا الدور?

          - يعود الاهتمام المبكر بالثقافة في الكويت إلى عوامل عدة تتصل بطبيعة الموقع والسكان والنظام السياسي والمؤثرات الخارجية. واللافت للنظر أن عطاء الكويت الثقافي المبكر يتجاوز حجمها. قد يعرف كثير من العرب مجلة (العربي) التي صدرت في العام 1958م, ولكنهم قد لا يعرفون الشيء الكثير عن المخطوطات التي نُسخت في الكويت منذ العام 1682م والمؤسسات والمنابر الثقافية الأهلية المبكرة مثل: الجمعية الخيرية العربية 1913م والمكتبة الأهلية 1923م والنادي الأدبي 1924م ومجلة الكويت 1928م.

          وفي ما يتصل بالظروف السياسية والاجتماعية الراهنة, فهي تشكل منغصات ومعوقات لا تُنكر, قد تحول دون تحقيق مزيد من الانجازات, ولكن ليس بإمكانها أن توقف ينابيع الإبداع عن التفجّر. من هذه المعوقات تنامي سطوة المتشددين دينياً, وقدرتهم على عرقلة الخطط الثقافية للدولة في كثير من المجالات. وحين نتخذ من الموسيقى مثالاً فسوف نلاحظ سلطة بعض الأحزاب الدينية في المدارس أقوى من سلطة الدولة, فهناك مدرسون يحولون بين التلاميذ ودراسة مادة الموسيقى التي قررتها الدولة ضمن مناهجها. بل إن بعض مدرسي الموسيقى يمتنعون عن تدريس هذه المادة التي يقبضون رواتبهم من أجل تدريسها. كما أن بعض التلاميذ يرفضون دراسة مادة الموسيقى, وتقف الإدارة المدرسية عاجزة أمام منطق تلميذ لا يتجاوز عمره عشر سنوات.

          وتعاني مادة الفنون التشكيلية تدخلات مماثلة من قبل الجماعات نفسها, ويكفي أن الدولة لا تستطيع تزيين ميادينها وتخليد رجالاتها من خلال المنحوتات والنصب التي تحمل صور البشر وحتى الخيول. أما الرقابة على الكتب فهي المجال الخصب الذي يصول فيه المتشددون ويجولون,  ولكن وسائل الاتصال الحديثة خففت من الآثار السلبية لمحاولاتهم حجب أنوار المعرفة.

          والكويت, بما تملك من طاقات بشرية خلاقة, قادرة على أن تكون مركز إشعاع في المنطقة, وورشة كبيرة للصناعة الثقافية بأشكالها المتعددة. ومن المعلوم أن الحريات التي كفلها الدستور الكويتي تمكّن الكويت من القيام بذلك الدور, ولعل ما تحتاج إليه هو عدم الخضوع أوالاستسلام لابتزاز قوى التشدد والغلو, التي تخالف بممارساتها روح الدستور الكويتي وأحكامه, وتحول من ثمَّ دون استعادة الكويت دورها الريادي.

الحرية والإبداع

  • كنتَ, ولا تزال في شعرك ونثرك ومواقفك الحياتية, من أكثر المدافعين عن الحرية كفطرة إنسانية, وكلازمة أساسية من لوازم الحياة السويّة المعافاة. وقد كان فهمكم للحرية, لا شك, فهماً ناضجاً ومتحضراً, سواءً أكانت حرية الذات الباحثة عن الإشباع والتحقّق, أو حرية الرأي والمعتقد, أو حرية العيش في وطن يكفل للإنسان كرامته ولحياته حرمتها وسويّتها. كيف تقرأون مشاهد وعلامات الإرهاب الفكري التي تتضح آثاره في التضييق على حرية التعبير في الأعمال الإبداعية على وجه الخصوص, وفي استهداف الكُتّاب والمبدعين وملاحقتهم بالتشهير والإيذاء? وما هو في نظركم الطريق للخروج من هذا المأزق?

          - مشاهد الإرهاب الفكري وعلاماته التي تتضح في التضييق على حرية التعبير في الأعمال الإبداعية والبحوث العلمية تدل على ضيق شديد في أفق الغلاة الذين يمارسون الإرهاب الفكري. ومن المرجح أنهم لم يقرأوا التراث العربي والإسلامي جيداً. حين نطالع ما كتبه المعري وأبو بكر الرازي وجابر بن حيان والجاحظ وأبو حيان التوحيدي وآلاف الكتّاب والفلاسفة والعلماء والأدباء نعجب لمساحة الحرية والتسامح والجرأة في التعرض لأخطر القضايا الدينية والاجتماعية. أما اليوم فإن قليلي البضاعة العلمية والشرعية يرتجفون فرقاً, ويستشيطون غضباً حين ترد كلمة ذات دلالة مجازية في هذا النص الإبداعي أو ذاك, وكأن الدين بلغ درجة من الهشاشة بحيث تؤثر فيه أو تقلل من شأنه كلمة هنا أو صورة هناك.

          والطريق للخروج من المأزق هو إصرار كل ذي رأي حر على المضي في طريقه, ومن المؤكد أن ضريبة كبيرة سوف تُدفع وضحايا كثرًا سوف يتعرضون للأذى أو المصادرة. ولكن العصور كلها لم تخل من أشكال متعددة من المحن والامتحان. وفي كل زمان كان هناك جهلة وظالمون من جهة, ومناضلون صامدون من جهة أخرى, قدّر لهم أن يدفعوا ضريبة الدفاع عن الحقيقة

  • ما رأيك في التجارب والاجتهادات الشعرية في القرن الواحد والعشرين? وما هي في نظركم الرسالة المبثوثة عبر أمثلة هذه التجارب الحداثية?

          - أعتقد أن الشعر العربي حقق في العقود الأخيرة من القرن العشرين تطوراً كبيراً. صحيح أن هناك كثيراً من الغثّ, ولكن هناك تجارب غنية وجريئة تدل على أن مخزون القدرة على التجديد والتجريب والتجاوز يتجدد كل عقد تقريباً, ولا يمكن أن ينفد. وهناك أعداد كبيرة من المبدعين الكبار ظلمتهم آلة الإعلام, وبخاصة من وُجدوا منهم خارج ما يسمى بالمراكز, في الوقت الذي رفعت فيه شأن من هم أقل منهم قيمة.

          أما الرسالة المبثوثة عبر التجارب الحداثية فتختلف بحسب رؤية كل مبدع لوظيفة الإبداع, فضلاً عن اختلاف الأيديولوجيات والمكونات الثقافية والاجتماعية للمبدعين أنفسهم. ويجوز القول إن القيمة الجمالية للنص رسالة قائمة بذاتها

د. خليفة الوقيان - نبذة تعريفية

          شخصية ثقافية وأدبية كويتية, يميزها اهتمام خاص بالهمّ الاجتماعي والوطني والقومي. من مؤسسي المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت. حاصل على الليسانس في اللغة العربية وآدابها في جامعة الكويت عام 1970م, والماجستير عام 1974م, ثم الدكتوراه في جامعة عين شمس - القاهرة عام 1980م. له مساهمات واسعة في عضوية العديد من هيئات المجلات العلمية والثقافية, ولجان المؤسسات الثقافية المختلفة. تولى أمانة رابطة الأدباء في الكويت بين عامي 1988م - 1990م. شغل منصب الأمين العام المساعد للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ما بين عامي 1974م - 1987م, ثم منصب المستشار الثقافي للمجلس الوطني. توزّعت نشاطاته الكتابية ما بين المقال الصحفي والدراسة الأدبية والأطروحة العلمية والإبداع الشعري. حصل أخيرًًا على جائزة الدولة التقديرية للعام 2004م عن جل أعماله ومساهماته.

مؤلفاته:

  • - القضية العربية في الشعر الكويتي - 1977م.
  • - شعر البحتري, دراسة فنية - 1985م.
  • - المبحرون مع الرياح (مجموعة شعرية) - 1974م
  • - تحولات الأزمنة (مجموعة شعرية) - 1983م.
  • - الخروج من الدائرة (مجموعة شعرية) - 1988م.
  • - حصاد الريح (مجموعة شعرية) - 1995م.
  • - ديوان خليفة الوقيان / مختارات شعرية - 1996م.

 د. نجمة إدريس .. نبذة ذاتية

  • ليسانس في اللغة العربية وآدابها / جامعة الكويت.
  • دكتوراه في الأدب العربي الحديث/ جامعة لندن, كلية الدراسات الشرقية والإفريقية, عام 1987م, عنوان الأطروحة: (مفهوم الموت وتطوره في الشعر العربي الحديث).
  • تعمل حالياً في تدريس مادة الأدب العربي الحديث والنقد الأدبي في جامعة الكويت, قسم اللغة العربية وآدابها.
  • لها مساهمات في مجال الدراسات الأدبية والبحوث سواءً بالنشر, أو المشاركة في المؤتمرات والملتقيات الثقافية, وفي الأنشطة الجامعية ومهرجانات القرين ورابطة الأدباء.
  • عضو رابطة الأدباء, ورئيسة تحرير مجلتها (البيان) سابقاً.
  • لها مشاركات في الأماسي الشعرية والأسابيع الثقافية داخل الكويت وخارجها  (المغرب, بغداد, القاهرة, دولة الإمارات, تونس, باريس, اليمن).

صدر لها:

- الإنسان الصغير (مجموعة شعرية).
- طقوس الاغتسال والولادة, (مجموعة قصائد نثر), دار سعاد الصباح.
- مجرة الماء, (مجموعة شعرية), دار المدى.
- الأجنحة والشمس, دراسة تحليلية في القصة في الكويت, سلسلة رابطة الأدباء.
- آفاق الأدب الحديث, ذات السلاسل.
- خليفة الوقيان في رحلة الحُلم والهمّ, دار المدى.
- تتكسّر لغتي.. أنمو, سيرة شعرية وشواهد, المؤسسة العربية للدراسات والنشر.

  • حاصلة على جائزة الدولة التشجيعية في مجال الدراسة الأدبية والنقدية عن كتابها (خليفة الوقيان في رحلة الحُلم والهمّ) عام 2002م.

 

   

 




خليفة الوقيان





نجمة إدريس