قراءة نقدية في الرحلة الأصعب سعاد عبدالوهاب

قراءة نقدية في الرحلة الأصعب

سيرة ذاتية
تأليف: فدوى طوقان

مؤلفة هذا الكتاب من أسرة عريقة في الشعر.. لم تخف ذاتها الأنثوية في كتابها ذي الطابع السياسي. تحكي في مذكراتها عما جرى لعرب فلسطين عام 67، وتصف علاقاتها ومناسبات بعض قصائدها وصداها لدى العرب واليهود، في مسافة زمنية تبدأ بسقوط الضفة الغربية.

حين قرأت هذا العنوان بصيغة المبالغة في الصعوبة، تجلت أمامي ثلاث درجات، أو طبقات تؤكد هذه الرحلة الصعبة جدا. فهي أولا- كما هو واضح في العنوان الفرعي- "سيرة ذاتية"، ونحن العرب بصفة خاصة نميل إلى "الستر" ونسرف في توسيع دائرة "الحرمات" ونقدس "الخصوصيات"، ولهذا اعتبرت "المذكرات الشخصية" و"السيرة الذاتية" ضربا من المغامرة بالسمعة، وتطوعا لا يخلو من حماقة بكشف أقنعة والإفضاء بأسرار لم يطالبنا أحد بها. وثانيا أن هذه السيرة الذاتية، لامرأة، وما أدراك ما المرأة، إنها تسير بيننا على حد السيف، لا يحق لها أن تفكر، وإذا فكرت لا يحق لها أن تشعر، وإذا شعرت، وفكرت، فواجبها أن تتكتم، أما إذا سجلت بقلمها، فإنها- لا بد- قد جنت!! والصعوبة الثالثة أن صاحبة هذه السيرة الذاتية- كما نعرفها- شاعرة، ذات صوت متميز، ودرجة من الصدق عالية، والشعر بطبيعته يغري بالبوح، ويفشي الأسرار الدفينة حتى تلك التي انزوت في ظلمة كهوف اللاشعور!!. من أجل هذه الصعوبات الثلاث أشفقت على "سيرة" فدوى طوقان، وأنا أقلب صفحات الكتاب (203 صفحات) ولكني ما لبثت أن استرددت راحة التنفس بعد قراءة الفصل الأول، فالكتاب- رغم عنوانه المثير- ليس في السيرة الذاتية كما نعهدها كشفا لأقنعة التجمل الاجتماعي، وغوصا في الدوافع وما وراء الدافع، وكشفا للأحداث الغامضة ومحركات تلك الأحداث، إنها- باختصار- مذكرات تصف تحركات الشاعرة، وبعض علاقاتها، ومناسبات بعض قصائدها، وصدى تلك القصائد لدى العرب واليهود، وذلك لا مسافة زمنية تبدأ بسقوط الضفة الغربية، من فلسطين يوم (5) يونيو 1967 م (وما واكب هذا الحدث الحزين على مختلف الجبهات والبقاع العربية) وتمتد إلى ثلاثة أعوام تقريبا، وإن شملت المذكرات إشارات قليلة تتجاوز هذه المدة. وإذا كان هذا الصنيع قد أضاع على القارئ متعة الاكتشاف لشخصية "الأنثى" و"الشاعرة" فدوى طوقان، فلا شك أنها قد عوضته بجانب يهم هذا القارئ، وتزداد أهمية لندرة المعلومات المتعلقة به، وهو: ماذا حدث في فلسطين، ماذا جرى لعرب فلسطين على ضفتي الأردن: الغربية التي سقطت في 1967م، والشرقية التي كانت قد سقطت في 1948م، يوم أن "توحدت" الضفتان بعد قطيعة طويلة، ويا له من "توحد"، تحت سلطة عنصرية غاشمة؟!.

ذات لم تختف

لم تستطع الكاتبة أن تخفي ذاتها الأنثوية في هذا الكتاب ذي الطابع السياسي، كما لم تستطع أن تواري زهو الشاعرة بشعرها، كما لم تهمل إبراز مكانة أسرتها العريقة في الشعر، في فلسطين، ولكن هذه الجوانب الثلاثة تسربت في أحداث النكسة، ما بين صدمة الهزيمة، ونهضة المقاومة، وفتح الكلام- مع اليهود-، بل مع "دايان" شخصيا لاكتشاف صيغة تفاهم، أو احتمال تفاهم بين الفلسطينيين في الضفة والقطاع، وبين اليهود. لقد كانت الشاعرة شديدة الالتزام بهذا الهدف الذي خصصت له كتابها، فإنها لم تستسلم لأحزانها الخاصة، ولم تجرفها تداعيات الأحداث النازلة، فهناك إشارة واحدة أو اثنتان إلى حرب 1948 م وما ترتب عليها، وإشارة وحيدة لفقد أخيها الأثير لديها، أما "فقد الوطن" فقد ظل في بؤرة الشعور، وتحت ضوء الفكر، على مدار المائتي صفحة.

وبصفة عامة سنجد في الكتاب ثلاثة موضوعات أساسية هي التي شغلت الكاتبة، وقد مازجت الموضوعات العابرة، وتقاطعت مع اهتمامات أخرى ليست في نفس الدرجة من الأهمية، لكنها ظلت مسيطرة على تطوير البداية، وتجميع خيوط الاهتمام لتصنع ختاما لمرحلة وأحداث، لم تصل إلى ختامها في الواقع المشاهد، حتى اليوم. هذه الموضوعات الثلاثة، حسب ترتيبها في السياق، وفي الأهمية التي أسبغتها عليها: لقاء الشاعرة بموشي دايان في تل أبيب (في منزله) ثم في القدس، وما ترتب على هذا من لقاءات مع شخصيات يهودية، ثم المناخ الذي ولد فيه تقارب عربي (فلسطيني) إسرائيلي، بين جماعات حزبية أو أدبية، وما كان لهذا التقارب من أثر في تنشيط أو حماية بدايات المقاومة في الأرض المحتلة، وأخيرا: موضوع بعض قصائد الشاعرة، ورصد أصدائها لدى العرب واليهود في فلسطين وخارجها.

لجم الغضب

لقد أبدت فدوى طوقان تفهما، وسيطرت على نوازعها الفطرية بقوة، فيما يتصل بلقائها بوزير الدفاع الإسرائيلي موشي دايان، الذي وخد وطنها في قبضته الدموية، لقد ألجمت غضبها الجامح، وحقدها على عدو قومها، وهذا الموقف- باستقراء إشاراتها- يعود إلى عدة عوامل، قد يدخل فيها أن دايان أبدى إعجابا بشعرها، حتى بتلك القصائد المقاومة، وقدر خطر تلك القصائد، حتى قال- فيما تنقل منسوبا إليه-: تلك الشاعرة تكفي قصيدة من قصائدها لخلق عشرة من رجال المقاومة (ص 39) ثم أشار على منظمي الندوات الثقافية (الإسرائيليين) أن يدعوا الشاعرة لتلقي قصائدها بينهم، لقد كان الهدف- بالطبع- اكتشاف جانب من التفكير العربي، وامتصاص نسبة من الغضب المكتوم، وإيجاد طريقة للحوار، ولو في حدود الثقافة، مقدمة لحوار السياسيين، ولا شك أن هذه المعاني لم تغب عن إدراك فدوى طوقان، لكن من الواضح أنها اعتبرت أن الأمر تحية وتقدير لشعرها- بدرجة ما على الأقل، وإذا لم تتحقق هذه الدعوة من جانب منظمي الندوة، تعصبا منهم واستعلاء، وربما خوفا من مردود ظهورها وإنشادها وإعلانها عن أوجاع قومها وتطلعاتهم أمام وسائل الإعلام العالمية، فإنها ظلت تكن تقديرا خفيا لدايان، في حدود هذا الجانب (الفني فقط)، ولهذا تسجل تحيته لها في بيته باحتفاء واضح، فحين قالت له عن قصائدها المحرضة على المقاومة: هزني ما رأيت من سوء حال العرب (حين شاهدت ما عليه القرى العربية المحتلة منذ 1948م) فلم أملك إلا التعبير عن مشاعري تجاه وطني وتجاه شعبي، أتراك تلومني على ذلك؟ قال دايان: "كلا، لست ألومك بل أنا أقدرك، وأتمنى لو أن لدينا شعراء وطنيين مثلك، لكن ما هي النتيجة"؟ ثم تدرج الحديث إلى المنطقة الخطرة الملغومة، حين طلب منها دايان أن تطلب من عبدالناصر أن يقبل مفاوضة الإسرائيليين، ففي زعمه أن الفلسطينيين هم وحدهم القادرون على التأثير على عبدالناصر في هذا الجانب!!

لقاء بعبدالناصر

وتذكر فدوى طوقان قصة لقائها بعبدالعناصر، في بيته بمنشية البكري، وكيف تحدث عبدالناصر إليها وتحدثت إليه ساعة وأكثر، دون ثالث، وكانت مسحورة بشخص الزعيم، كما هي مؤمنة بمبادئه، ولم تفكر في أن تنقل إليه رسالة دايان، أو اقتراحه، لكنها حين عادت إلى الأرض المحتلة، واستدعاها الوزير الإسرائيلي، وقابلها بتهذيب شديد، وقال لها لن أطلب منك أن تحكي ما حدث في لقائك بعبدالناصر، ولكن قولي لي ما تودين قوله فقط. فأخبرته أن لقاءها بجمال لم يدم أكثر من عشرين دقيقة، وأنها نقلت إليه رسالة دايان، لكن عبدالناصر رفض!! وقد قامت الشاعرة بنقل رسالة مشابهة في العام التالي (1969 م) من دايان إلى "أبوعمار" لكنه رفض الموافقة على اللقاء.

هذا هو الجانب الأكثر إثارة في رحلة فدوى طوقان الأصعب في ظل السيطرة الإسرائيلية على الضفة والقطاع، باعتباره يتصل بأصحاب القرار السياسي على أعلى مستوياته، وهو أمر لم نتعود، أو لا نطالب به، أن يكون مما ينغمس فيه الأدباء، والشعراء خاصة، وقد كان لهذا "التورط" دوافعه وملابساته، وهنا نلاحظ أن الشاعرة كانت تبادر بالإعلان عن مقابلاتها هذه، لأنها تعرف أنها مما لا يمكن إخفاؤه، ولأنها لا تريد من أصحاب الأغراض الخاصة (من الإسرائيليين أكثر من غيرهم) أن يكشفوا عن هذه المقابلات بطريقتهم، وفي التوقيت الذي يخدم أغراضهم، ولعل تسجيلها في هذا الكتاب يصدر عن هذه الدوافع، أو المخاوف ذاتها. وبالمثل فقد توسعت في ذكر أصدقائها من اليهود (التقدميين) الذين يقبلون "الكلام" مع العرب، ولا يضمرون محو الفلسطينيين من الوجود، وقد يغضبون أو يظهرون التأثر حين يشتد القمع ويعم الخراب وتنسف البيوت وتعتقل الفتيات العربيات ويوضعن في السجون مع عاهرات اليهود في زنزانة واحدة، لقد بدت الشاعرة شديدة الحرص على إبراز هذا الحد الأدنى من التعاطف في مقابل هذا الحد الأقصى من وحشية العنصرية الصهيونية، حتى لقد سجلت مقالات كاملة، وقصائد، وحوارات ليهود، دافعوا عنها (اعتذروا عنها في الحقيقة) أو تألموا للمصائب النازلة بالعرب، تلك المصائب التي تحصد الفتيان، كما تجفف ينابيع المياه، وتحكم بالنفي والطرد، كما تحرم استخدام اسم "فلسطين" في مدارس الضفة والقطاع، وتزيف الجغرافيا والتاريخ!.

وإذا كانت الكاتبة تبدي ثقة واضحة بأصدقائها من يهود فلسطين ويهود مناطق أخرى من العالم، آزروا أو تعاطفوا مع آمال عرب فلسطين في العيش في سلام في حدود ما أتيح لهم من أرض وظروف، بعد نضال مضمخ بدماء الاستشهاد طيلة نصف قرن، وبعد إثبات عجز "الآخر" عن القضاء عليهم وكتم أنفاسهم، فإن الكاتبة تبدي هذه الثقة بعد تقارب الأبدان، وتبادل الحوار، واختبار الأحداث، ونحن لا نملك إلا الأخذ بشهادتها، التي نرجو ألا تبرهن الأزمنة القادمة على أنها كانت تعيش بأمانيها أكثر مما تحلل واقع قضيتها. صحيح أن هناك مواقف دافعت فيها أقلام يهودية عن حق فدوى طوقان في التعبير عن مشاعرها الحقيقية، والمثل الواضح لهذا ما أثير حول قصيدتها، التي قالتها عقب فتح الجسور بين ضفتي الأردن، والسماح بالتنقل للعرب بين المدن المحاصرة، قصيدة: "آهات أمام شباك التصاريح" لقد عوملت الشاعرة بقسوة ومهانة بلغت حد الإذلال، فكانت قصيدتها، التي انبثقت من هذه اللحظة الدامية:

وقفتى بالجسر أستجدي العبور
آه... أستجدي العبور
اختناقي، نفسي المقطوع محمول
على وهج الظهيرة،
سبع ساعات انتظار

ثم تصف كيف دفعها الجندي وشتمها وشتم قومها:

ويدوي صوت جندي هجين
لطمة تهوي على وجه الزحام
(عرب، فوضى، كلاب
ارجعوا، لا تقربوا الحاجز، عودوا يا كلاب!)

وهنا تهتف: وامعتصماه، يا ثار العشيرة، ليت للبراق عينا، ولا مجيب، فلا يبقى أمامها غير الغليان الداخلي الحاقد، تذهب في أمنية تهدهد بها عذاب اللحظة، فتذكرت في موقفها هذا ما فعلت هند زوج أبي سفيان حين لاكت كبد حمزة (رضي الله عنه) وكان قد قتل أباها وأخاها من قبل، إن هذا الجندي الإسرائيلي قتل كل شيء فيها، وفي قومها معا، فآه لو تستطيع !؟

"حنظلا صرت، مذاقي قاتل، حقدي رهيب
موغل حتى القرار
صخرة قلبي، وكبريت وفوارة نار
ألف "هند" تحت جلدي
جوع حقدي
فاغرفاه، سوى أكبادهم لا
يشبع الجوع الذي استوطن
جلدي
آه! يا حقدي الرهيب المستثار
قتلوا الحب بأعماقي، أحالوا
في عروقي الدم غسلينا وقار!!"

لقد تلقفت صحافتهم هذا المقطع الأخير، فشهروا العناوين المحرضة المثيرة: "شاعرة في القرن العشرين من أكلة لحوم البشر، وفي الوقت نفسه حجبوا البيت الأخير: "قتلوا الحب بأعماقي، أحالوا في عروقي الدم غسلينا وقار"، لأنه يقدم التعليل لموقف الشاعرة، وراحوا في تعليقاتهم ومحافلهم ينددون بالشاعرة التي لن تقنع في طعامها إلا "بصحن كبده يهودية"!! وهنا كشفت فدوى طوقان عن قصيدة لشاعر يهودي قال الشيء نفسه عن أعداء قومه، إنه شاعرهم مناحيم بيالك، صاحب قصيدة "أناشيد باركوخبا" وفيها يقول على لسان أحد المدافعين عن قلعة الماسادا (مسعدة) المحاصرة:

"هذا ليس بشيء سوى أنكم مرات عديدة أوجعتمونا وحولتمونا إلى حيوانات مفترسة وبغضب وحشي سوف نشرب دماءكم بدون رحمة حين يقوم كل الشعب ويطلب الانتقام"

معاناة على الجسر

لقد كتب الشاعر سميح القاسم عن الموضوع وندد بالكيل بمكيالين، وكشف عن ألوان من وحشية اليهود، حتى في الظروف العادية (ص 75، 76) بما يتجاوز أكل كبد الإنسان (وهذا شيء وحشي ومقزز لم أجسر على كتابته، رغم أن الشاعر سميح القاسم كتبه، والشاعرة فدوى طوقان نقلت عنه) لكن الأكثر أهمية في هذه الحادثة أن رئيسة تحرير جريدة" دافار" العبرية، لقيت الشاعرة، فبادرتها قائلة: كيف شهيتك اليوم لأكباد جنودنا الإسرائيليين؟ فشرحت لها من أين استمدت المعنى، وأرشدتها إلى قصيدة شاعرهم بيالك، فما كان من السيدة "زيمير"- رئيسة تحرير بافار- إلا أن تحرت الحقيقة، ونشرت مقالة صورت معاناة الشاعرة أمام الجسر، وأجواء اتصالها بقصيدة بيالك، ونشرت تلك الأبيات، كما نشرت قول فدوى طوقان لها: "قولي لي، لماذا يحق لشاعركم القومي أن يطالب بشرب دم الأعداء، بينما يصدمكم قولي إنني أود لو آكل كبد جندي إسرائيلي شتمني وأهانني؟ لماذا تترجمون قولي ترجمة حرفية، ولا تأخذون قول "بيالك" بحرفيته؟ لماذا تسألوننى وتتجاهلون جوابي؟ لماذا تتهمونني ولا تتركونني أرد الاتهام؟ ".

إن الشاعرة فدوى طوقان سعيدة بهذه المقالة للسيدة الصحفية هنه زيمير بدليل أنها نشرتها كاملة تقريبا، كما أشارت إلى معارضة يائيل ابنة دايان لوالدها حين أنكر أن تعذيبا ينزل بالفتيات العربيات في سجون إسرائيل، فاعترفت بحبسهن مع عاهرات إسرائيل في زنازين مشتركة، (ص 44)، ولكن، هل يدل هذا حقا على التعاطف ومد جسور التفاهم؟ أم أن ذكاء السيدة زيمير كان ذكاء "صحفيا" تصدم به الرأي العام الإسرائيلي لتروج صحيفتها، وتقتبس عنها صحافة العالم، ويقرأها العرب؟ وهل تبنت ابنة دايان أي موقف عربي، أو سلكت طريقا للأنصاف؟ فإن لم يكن، كيف نفهم توضيحها المعارض لرأي والدها؟ أو كذبه وتدليسه أنه لا يعلم بوقوع تعذيب على الفتيات العربيات؟ إنها "الوجاهة الثقافية" لامرأة تريد أن تكون أديبة روائية، وهي أيضا نوع من كياسة الضيافة، تعرفه المرأة جيدا، فليس من الذوق- مجرد الذوق- أن تحول جلسة منزلية، إلى منازلة في الكراهية، أما الضمير، فعلمه عند الله، ومؤشراته في المواقف المستمرة وليس في بريق اللحظة العابرة!!

 

سعاد عبدالوهاب

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




غلاف كتاب الرحلة الأصعب لفدوى طوقان





فدوى طوقان