أفلام صيف 1994: سلبية سطحية لكل الأذواق، وبسخاء أيضا!!! محمد رضا

أفلام صيف 1994: سلبية سطحية لكل الأذواق، وبسخاء أيضا!!!

بينما يعتبر العرب والأوربيون موسم الصيف فصلا للراحة والعطل، يجده الأمريكيون - وبصورة تقليدية - الموسم الذي يهرع فيه الناس إلى صالات السينما بهدف الترفيه المطلق. فيلم الصيف، فيلم يحمل الطابع الترفيهي الذي يميز كل إنتاجات هوليوود، لكنه في الوقت نفسه يحمل خاتما خاصا لعرضه في الصيف فقط .. إنه فيلم "ترفيه مطلق" يتمتع بإنتاج كبير.

كل عام هناك نحو خمسين فيلما تعرض في الفترة الواقعة ما بين مطلع شهر حزيران/ يونيو، ومنتصف شهر أيلول/ سبتمبر، معظمها اختير لهذه الفترة بهدف الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الإقبال التجاري وتحقيق أعلى الإيرادات المحتملة، ومع ازدياد تكاليف صنع الأفلام الأمريكية (يصل معدل تكلفة الفيلم الواحد اليوم إلى 35 مليون دولار)، فإن هذا الفيلم المختار للصيف عادة ما يكون من أكبر أفلام هوليوود للسنة جميعا، وكثير منها من نوع المغامرات والأكشن، كما أنها من النوع الذي يتميز بنجومه أو بتميزه الإنتاجي عن أفلام باقي العام.

ولا يختلف صيف 1994 عن صيف كل عام سابق في هذا الشأن، بل لعله يضيف إلى التقليد حقيقة، لكن إذا ما كان الهدف واحدا دائما، كذلك طينة الإنتاجات المقدمة خلال هذه الفترة، فإن نوعية الجمهور المقبل على هذه الأفلام هي أيضا واحدة ويمكن أن نجدها في الهامش العريض من طلاب الترفيه من شبان وطلاب مدارس يستمتعون بالعطلة الطويلة، كما بجمهور العائلات الباحث عن مكان يقصده للترفيه.

والصحافة الأمريكية تطلق على معظم أفلام هذا الموسم اسم "أفلام الترفيه الخالي من المخ" ( Branless Movie Entertainment ) أي الخالية من دواعي التفكير، وهذا صحيح للعديد منها، لكن ليس في موسم الصيف فقط، بل في سائر مواسم ومناسبات العام مع التأكيد على أن الفيلم الخالي من دواعي تشغيل المخ ليس بالضرورة فيلما رديئا، وأن التسلية وحدها- إذا كانت متقنة وغير مبتذلة- ليست عيبا، بل طريقا في التعبير، كما أن فيلما فكريا هادفا ليس بحد ذاته أفضل شأنا لمجرد أن صانعيه أكثر اهتماما بمنحاه الضمني أو الثقافي، المسألة في نهاية الأمر هي تتويج الشكل بالمضمون والعكس صحيح.

التالي، إذن، جولة فيما تم عرضه خلال هذا الصيف من أفلام أمريكية جديدة والمميزات التي حملتها إلى الجمهور، من خلال ذلك قد ننجح في الإشارة إلى التيارات والمعاني التي حملتها هذه الأفلام التى قريبا ما ستكتسح السوق الأوربية، وقد عاد الأوربيون من عطلهم بعيدا عن السينما.

من أهم مميزات صيف 1994 السينمائي هو أن فيلم "الوسترن" أو "الغرب الأمريكي" عاد بقوة ملحوظة إلى شاشات السينما، ولم يكن ذلك من دون تمهيد، عاد إلى ثلاث سنوات سابقة عندما فاجأ فيلم "يرقص مع الذئاب DANCES WITH WOLVES هوليوود والعالم أجمع بنجاحه الكبير، إذ حقق 184 مليون دولار من الإيرادات السينمائية وحدها (أي من دون مبيعات الفيديو والمحطات التلفزيونية) في الولايات المتحدة فقط. وفيلم كلينت إيستوود الرائع "غير المسامح UNFORGIVEN كان الباعث الثاني لإحياء الوسترن عندما جلب 101 مليون دولار وثلاثة أوسكارات رئيسية، هنا أدركت هوليوود أن الجمهور موجود لأفلام رعاة البقر والغرب الأمريكي، ربما ليس بالكم الغزير السابق، لكن على أساس مدروس وعلى نحو لم يحدث في السبعينيات.

أفلام الوسترن لخلال 1994 شملت ثلاثة أفلام عرضت قبل موسم الصيف هي "فتيات سيئات" BAD GIRLS و " تو مبستون " TOMBSTONE، و" جرونيمو" GERONIMO ، الأول جلب نحو 14 مليون دولار ضئيلة (وهو لا يستحق أكثر من ذلك لرداءته)، والثاني جمع نحو 56 مليون دولار، أما الثالث فقد اكتفى بنحو 15 مليون دولار وكان أفضل الأفلام الثلاثة صنعا وتنفيذا.

مع مطلع الصيف تم عرض "مافيريك" -MAVE RICK ، فيلم وسترن مأخوذ عن المسلسل التلفزيوني تحت العنوان نفسه، وفي البطولة جيمس غارنر (بطل الحلقات التلفزيونية التي انطلقت في الستينيات) ومل غيبسون وجودي فوستر.

كما تم عرض ، وايات إيرب "WYATT EARP الذي يدور حول ذات محور فيلم "تومبستون" شخصية الشريف وايات إيرب ومعاركه ضد عائلة كلينتون الا علاقة مع عائلة الرئيس الأمريكي الحالي) الخارجة عن القانون فيما عرف بمعركة "أوكي كورال"، ونجاح بعض أفلام هذا النوع وسقوط بعضه الآخر يدفع هوليوود للانتقاء بشدة، وإلى الآن فإن النوع الناجح هو النوع المشحون بالنجوم الكبيرة، كما ذلك القائم على مواقع وشخصيات معروفة لأكبر عدد ممكن من الناس، وقد استقدم "مافيريك" معه جمهور العائلات التي استمتعت به تلفزيونيا (محققا في نهاية مطافه نحو 100 مليون دولار).

نوعا الأكشن أو الحركة والكوميدي هما الأكثر شيوعا في كل عام داخل وخارج موسم الصيف.

في صيف 1993 انتظرنا بفارغ الصبر نتيجة كل تلك الهالات التي رسمت لفيلم "اخر بطل أكشن" LAST ACTION HERO، بطولة آرنولد شوارزينغر الذي تكلف (مع الدعاية الواسعة التي أمنت له) قرابة 120 مليون دولار، لكن المفاجأة كانت في أن الفيلم سقط منذ أسبوعه الثاني، بينما الأسبوع الأول لم يكن سوى إيذان بذلك المصير.

لم يكن فيلما سيئ التنفيذ أو مملاً، فقط أن المزج بين الكوميدي والأكشن لم يكن على ما يرضي الذوق العام، خاصة أن الفيلم ينتقد ضمنا عملية صنع النجم (وشوارزينغر هو النجم المقصود بذاته) وهو ما لا يريد الجمهور معرفته مفضلا البقاء أسير هالة التقدير والإعجاب دون نقد ذاتي.

إرهاب بمواد نووية

هذا العام، في الصيف اللاحق، عاد شوارزينغر بفيلم أكشن اخر عنوانه "أكاذيب حقيقية" TRUE LIES، لكنه أكشن دون كوميديا، إنما مع مسحة عاطفية، إنه عميل خاص يعمل ضد الإرهاب، وهناك منظمة تنوي سرقة مواد نووية، زوجته لا تعلم شيئا عن حقيقة عمل زوجها اللاهي عنها بمتابعة أخطر مهمة توكل إليه.

في النوع نفسه شاهدنا، بتقدير مزدوج ونجاح معتدل، الجزء الثالث من مغامرات التحري أكسل فولي، كما يلعبه إيدي ميرفي، الفيلم هو "شرطي بيفرلي هيلز 3" 3 BEVERLY HILLS COP، حيث يحقق التحري القادم من دترويت الصناعية إلى بيفرلي هيلز المرفهة في سلسلة من جرائم القتل التي تقع في أحد المتنزهات، وهبط الفيلم في أسبوع واحد مع الفيلم الكوميدي "فلينتستون" الذي اكتسح إيرادات ذلك الأسبوع "الأول من شهر حزيران/ يونيو"، فخسر جزءا كبيرا من الجمهور الذي كان سيقصده لولا تلك المنافسة، لكنه لم يسقط تماما أيضا بل حافظ لأسابيع لاحقة على معدل مقبول من الإيرادات.

ومن شرطي اعتاد الناس على مشاهدته إلى شرطي جديد لعبه الممثل كينو ريفز وذلك في فيلم هبط السوق كالقنبلة. إنه "سرعة" SPEED، قصة رجل متوتر نفسيا يضع قنبلة موقوتة في حافلة عامة تعمل على أساس أنها ستنفجر حتما إذا ما قلت سرعة الأوتوبيس عن الخمسين ميلا في الساعة، هذا مع العلم بأن الأوتوبيس يسير في شوارع المدينة المكتظة، وستعترضه إشارات المرور، أو قد ينفد الوقود منه.

الفكرة وحدها باعت السيناريو سريعا إلى هوليوود، كما باعت الفيلم سريعا إلى الجمهور المتعطش للفيلم التشويقي الكبير المختلف عن الأفلام المشابهة السابقة، كينو ريفز لم يؤد الدور بنجاح فقط بل قفز من مرتبة الصف الثاني من النجوم إلى مرتبة الصف الأول.

وعلى نحو مشابه تم إطلاق فيلم ( BLOWN AWAY ) الذي جلب كذلك نجاحا كبيرا على الرغم من أنه - من حيث الفكرة - شبيه بفكرة "سرعة" إذ يقوم حول إرهابي وضع أكثر من متفجرة في أكثر من مكان في نفس الوقت.

المرأة لم تكن يوما ضمانة لنجاح فيلم "الأكشن"، لكن هوليوود- من بعد نجاح "ثلما ولويس" قبل ثلاثة أعوام- تحاول أن تكسر هذه القاعدة، وجربت ذلك هذا الصيف بفيلم "النهر المتوحش" THE RIV ER WILD قصة عائلة تقودها ميريل ستريب تتعرض لحادثة أثناء رحلة نهرية إذ يتم خطف الزوج والابن وعلى الزوجة وحدها استرجاعهما ومصارعة نهر صاخب في ذات الوقت.

ولا يمكن إطلاق الصفة على أفلام الأكشن دون ذكر فيلمين ما زالا معروضين للآن، إذ تم افتتاحهما في وقت متأخر نسبيا هما "خطر ماحق" CLEAR AND PRESENT DANGER، وهو الفيلم الثالث الذي يتم تصويره عن رواية لتوم كلانسي (عميل السي آي إيه السابق الذي ترك الجاسوسية واتجه إلى التأليف الروائي)، وكانت السينما نقلت سابقا عملين له هما "صيد أكتوبر الأحمر"THE HUBT FOR RED OCTOBER الذي لعب شخصيته الرئيسية SEAN CONNERY و"ألعاب وطنية"PATRIOT GAMES ، وقام بالشخصية نفسها هاريسون فورد، وهو الذي يعود في هذا الفيلم مكتشفا علاقة خفية قائمة بين بعض السياسيين الأمريكيين وبين شبكة المخدرات الكولومبية.

في "الظل" THE SHADOW يؤدي إليك بولدوين شخصية المليونير الذي يتخفى ليلا ليحقق العدالة المفقودة، ويظهر نهارا على نحو مختلف، فيلم مغامرات كان يستحق موسما أكثر هدوءا ليحقق نجاحا أفضل.

بدأت السينما الكوميدية بنجاح فائق:

فيلم "فلينتستون" FLINTSTONE الذي شارك في كتابته 32 فردا بعضهم بسيناريو كامل وبعضهم بفقرات ومشاهد محدودة، حطم الرقم القياسي السابق للفيلم المعروض في مطلع حزيران/ يونيو (والذي حافظ عليه فيلما ستيفن سبيلبرغ "انديانا جونز والحملة الصليبية الأخيرة" منذ خمس سنوات) محققا في أسبوعه الأول أكثر من 37 مليون دولار.مع نهاية ذلك الشهر كانت إيراداته تجاوزت المائة مليون دولار.

من التلفزيون إلى السينما

مثل "مافيريك" فإن "فلينتستون" مأخوذ عن حلقات تلفزيونية هي تلك الكارتونية الشهيرة حول العائلة التي تعيش العصر الحجري بنسخ متخلفة من أدوات اليوم (تلفزيون، سيارة، ثلاجة..وغير ذلك).. والفيلم يعتمد كثيرا على طرافة هذه الأدوات، وهو مزيج من المشاهد الحية والمؤثرات والدمى المتحركة، والجمهور وجده ترفيها مثاليا للعائلة بأكملها، وهوليوود تفكر في أن يحط "فلينتستون- 2" في صيف 1995 المقبل.

 

محمد رضا

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




فيلم انفجار يحكي عن الإرهابي الذي يوزع القنبلة المتفجرة في أكثر من مكان





طريق الكاوبوي عودة إلى أفلام الغرب القديمة بروح مليئة بالتسلية والدعابة





أكاذيب حقيقية فيلم كوميدي مع مسحة عاطفية





الجزء الثالث من شرطي بيفرلي هيلز