للتاريخ كلمة محمد عبدالرحمن الصرعاوي

للتاريخ كلمة

المؤلف: د.على محمد الدمخي

"حتى الجحيم نفسه لا يمكن أن يكون بهذه الصورة".هذه كلمات معلق أمريكي على الحرائق التي اشتعلت في آبار النفط الكويتية من جراء الاحتلال العراقي، وإذا كان هذا هو الجحيم فإن إطفاء الآبار وإعادة إعمارها هو المعجزة..وحول هذا الأمر تدور فصول الكتاب مدعمة بالوثائق والأسانيد.

يبدأ الكتاب بالإهداء إلى أولئك الذين آثروا مصلحة الوطن على أرواحهم ليطفئوا نار الآبار في قلوب الحاقدين. وقد ساهم السيد عبدالرحمن العتيقي وزير المالية الأسبق في تقديم هذا الكتاب الموسوعة فكان تقديرا رائعا وجزيلا.ويحمل الفصل الأول "عنوان النفط في الكويت" حيث يشرح خصائص ومكونات الجيولوجيا السطحية والمكامن النفطية بها وخلفيات اكتشاف النفط في الكويت ومواقع الحقول النفطية وسياسة الكويت النفطية بالإضافة إلى انضمام الكويت إلى المنظمات الدولية. ثم يستعرض المؤلف النوايا العراقية المبيتة لتدمير القطاع النفطي في الكويت. وقد قام المؤلف من خلال هذا الفصل بعرض شائق لخلفيات المشكلة حول حقلي الرقعة والرميلة، وكذلك رغبة العراق في السيطرة على الأوبك وتلغيم آبار النفط والطرق الفنية التي نفذت بها، إضافة إلى مجهودات الفرق المتخصصة المختلفة في التعامل مع تلغيم الآبار في الكويت.

ثم اشتمل الفصل الرابع على كيفية إدارة القطاع النفطي أثناء الاحتلال داخل الكويت وخارجها، والاتصالات السرية بين قيادة القطاع النفطي داخل الكويت والقيادة الشرعية في الخارج.. ومن خلال الوثائق والرسائل السرية التي كانت تخص القيادة العراقية تمكن المؤلف من شرح الموقف كاملا أثناء الاحتلال وكيفية إدارة العراقيين للقطاع النفطي في الكويت آنذاك. كما استعرض الكاتب أهم اللجان التي شكلت في خارج الكويت لإدارة القطاع النفطي والمسئوليات المنوطة بها. ثم تطرق إلى إدارة قطاع النفط في مرحلة الطوارئ بعد تحرير الكويت وذلك خلال الفترة بين (26/ 2- 5/ 4/ 1991) حيث تحقق العديد من الإنجازات التي تضاف إلى النتائج الباهرة خلال تلك الفترة العصيبة.

الكارثة

بدأ المؤلف هذا الفصل بعبارة لها مدلول واضح على الحقد الدفين والذي كان يملأ قلوب أولئك الأوغاد حيث لم يفرقوا بين الإنسان والحيوان في تعاملهم.واستعرض بأسلوب شائق مدعما بالصور والإحصاءات أهم حرائق آبار النفط في العالم وكذلك أهم حوادث آبار لنفط في الكويت قبل الغزو والتفجير الجماعي لآبار النفط في الكويت، حيث بدأ العراقيون تفجير الآبار بشكل جماعي ومتعمد في الساعة الرابعة من مساء يوم الخميس الموافق 21/ 2/ 1991. استعرض المؤلف بشكل وثائقي خطة الحكومة الكويتية في المنفى لمواجهة كارثة خرق آبار النفط بالإضافة إلى التوقعات التي فرضت نفسها على الوضع بعد التحرير مباشرة، كما استعرض الدمار الشامل الذي لحق بالقطاع النفطي والمشاكل التي صاحبت تشكل الغازات والأبخرة والبرك النفطية، بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية وإلى تكاليف الخطة لإعادة بناء قطاع النفط. وقد ضم هذا الفصل مجموعة من الصور الفوتوغرافية لجميع أنواع الآبار المشتعلة وأقوال العديد من المسئولين في قطاع البيئة حول حجم الكارثة البيئية، وتعتبر الصور المرفقة إيضاحات كاملة لمواقع التدفقات النفطية. ويدعم المؤلف حجم وأبعاد الكارثة من خلال ردود الفعل العالمية حول تلك الكارثة حيث يشير هنا إلى المؤتمرات والندوات العالمية وآراء الخبراء والمختصين في هذا المجال. ولا شك أن الإحصاءات والجداول والخرائط المدعمة لهذا الفصل كان لها بالغ الأثر في متابعة الأحداث والحكم على فداحة المشكلة التي تسبب بها النظام العراقي الغاشم. كما ساهمت صور الأقمار الفضائية في تسجيل جريمة النظام العراقي في حرق آبار النفط الكويتية. و قد اشتمل هذا الفصل على جزء دقيق حول تسرب النفط إلى الساحل الكويتي والسعودي ومسارات البقع النفطية. ثم استعرض الكتاب جميع الطرق المبتكرة في العالم لإطفاء حرائق آبار النفط وكذلك إطفاء آبار الغاز المشتعلة والاستعدادات المطلوب تهيئتها قبل الشروع في إطفاء أي بئر وكذلك مراحل إطفاء الآبار والسيطرة عليها. واشتمل على عرض مسهب بطاقة وإمكانات جميع الشركات التي ساهمت في إطفاء حرائق آبار النفط.

ولا شك أن مساهمة المؤلف في استعراض التقنيات والمقترحات المبتكرة بذلك التفصيل يدل على متابعة المؤلف لمراحل الإطفاء منذ بداياتها الأولى.

بهذا الفصل يؤكد المؤلف أهمية العنصر البشري في مكافحة الحرائق النفطية وذلك الحماس المنقطع النظير في المتابعة اليومية من مختلف الشركات، ويوضح كذلك الاستراتيجية المعلنة للسيطرة على آبار النفط المشتعلة وأهداف وأولويات عمليات مكافحة حرائق الآبار النفطية. وكان لتسطير وشرح مظاهر استجابة دول العالم المختلفة لنداء الكويت بالمشاركة في إطفاء الحرائق ومكافحة الكارثة البيئية الأثر الجميل لدى القراء.

كما استعرض استنفار أجهزة الحكومة واستعداداتها لإطفاء الحرائق والمصاعب التي اعترضت عملية الإسراع بالسيطرة على الآبار المشتعلة. وقد اشتمل أيضا هذا الفصل على العديد من التصريحات من الخبراء والعاملين في هذا المجال حيث أشادوا بسرعة إنجاز عمليات الإطفاء.

فريق الإطفاء الكويتي

إن تخصيص فصل كامل وهو الفصل الثامن من الكتاب لدور وأهمية فريق الإطفاء الكويتي يدل دلالة أكيدة على الجهود الجبارة والواضحة للفريق الكويتي ضمن الفرق الأخرى لمكافحة حرائق الآبار. وقد قام المؤلف بتسجيل معظم المراحل التي قضاها فريق الإطفاء الكويتي في مكافحة حرائق الآبار، بالإضافة إلى عدد الآبار التي تم إخمادها من قبل الفريق الكويتي ودور كل فرد من الأفراد ومسئولياتهم. وقد أشار المؤلف ضمن الإحصاءات المرفقة بالكتاب إلى أن الفريق الكويتي أطفأ (41) بئرا وكان بئر (أم قدير- 5) هو أول بئر مشتعلة يطفئها الفريق الكويتي بينما كان البئر (برقان-118) هو آخرها. وقد اشتمل هذا الفصل أيضا على أهم المشاكل والصعوبات والمواقف الظريفة التي حدثت للفريق الكويتي، وكان الفصل مدعما بالصور والخرائط الإيضاحية وكان بعض منها ينشر لأول مرة. كما استعرض المؤلف الفرق الكويتية الأخرى التي ساهمت في عمليات الإطفاء كفريق إطفاء الجيش الكويتي وفريق الإدارة العامة للإطفاء.

لقد نقل المؤلف بصورة معبرة تلك المشاعر الطيبة التي اكتنفت الاحتفال بإطفاء آخر بئر مشتعلة تحت رعاية صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله وولي عهده الأمين وبحضور متميز من المسئولين والجهات والمؤسسات المختلفة، وكانت لحظات جميلة شاهدها العالم بأسره لتسدل الستار على معاناة شعب بأسره من ذلك الدمار البيئي الذي كان يلحق بالمحيط البيئي يوميا. واستطاع المؤلف وبجدارة أن ينقل للقارئ ذلك الشعور الذي كان يتحرك في النفوس الواقفة أنفاسها مع إطفاء آخر بئر مشتعلة حيث عبر وبإخلاص عن قصة ذلك الكفاح للرجال الكرام الذين أدوا أعمالا شهد لها العالم بأسره. ثم عرض المؤلف العديد من الرسوم البيانية والإيضاحية المدعمة بالكثير من الإحصاءات والأرقام التي توضح حجم الخدمات المساندة لعمليات الإطفاء كالمعدات والآليات وعقود الخدمات وكميات المياه والطرق بالإضافة إلى الشاحنات المستخدمة في ضخ طين الحفر. كما تضمن بيانا بالقوى العاملة حسب الجنسيات وأعمال الاحتياطات الأمنية والسلامة وعمليات إزالة الألغام والكشف عنها في الحقول النفطية. وقد أفاض المؤلف في شرح الإجراءات المعقدة والتي قامت بها حكومة دولة الكويت في إعداد أكبر عملية نقل جوي في العالم، وقدم بيانا كاملا بجميع الشركات التي تم التعاقد معها.

الآثار المرتبطة بالكارثة

تطرق المؤلف في هذا الفصل (العاشر) إلى شرح مفصل عن الآثار البيئية المحتملة لدخان الحرائق على الجو والمناخ. وقد أضاف بعدا آخر عندما تطرق إلى تشكل البحيرات النفطية وتلوث التربة وتغلغل النفوط داخل قطاع التربة. وقد ربط بشكل جميل ومبسط حركة الغازات والدخان المتصاعد من الآبار النفطية المشتعلة باتجاه الرياح السائدة وتشكل الأمطار الحمضية في بعض مناطق من الاتحاد السوفييتي (قبل انهياره). وقد سبب هذا الدمار للقطاع النفطي الكثير من الخسائر على الصعيد الوطني، واستعرض بشيء من التفصيل جميع التكاليف التقديرية لعمليات السيطرة على الآبار المشتعلة، بالإضافة إلى قيمة النفط الذي يحرق يوميا. وقد قدم المؤلف تصورا دقيقا عن الضرر الذي أصاب مكامن النفط وطرق تأهيلها، كما أفرد جزءا من هذا الفصل للجوانب القانونية لجريمة إحراق آبار النفط وتلويث البيئة، وإمكان محاكمة صدام حسين كمجرم حرب للانتهاكات وعمليات الإجرام التي قام بها بحق الإنسان وبيئته، واستعرض العديد من الاتفاقيات والأنظمة الدولية بهذا الخصوص.

القطاع النفطي من الدمار إلى الإعمار

يعتبر هذا الفصل (الحادي عشر) من الفصول الغنية بالمعلومات النفطية حيث اشتمل على أهم ركائز القطاع النفطي من حرائق عامة وآبار ومعلومات تاريخية حول الإنتاج النفطي وحظائر تخزين النفط ومراكز تجميع النفط الخام. كما اشتمل أيضا على محطات تعزيز الغاز ومرافئ تصدير النفط والرصيف الجنوبي والشمالي ومصافي البترول والشركات التابعة لمؤسسة البترول الكويتية ومحطات تعبئة الوقود. كما استعرض المؤلف الكثير من المعلومات التاريخية والتي توضح مراحل التصدير والشحن والتخزين. وقد احتوى الكتاب على مجموعة كبيرة من الوثائق والصور والتي يصل عددها إلى حوالي (223) قطعة بعضها يعرض لأول مرة بالإضافة إلى إحصاءات وجداول بيانية أساسية تعكس جميع الأنشطة في مجال القطاع النفطى، ولا شك أن تجميع تلك البيانات في كتاب كالذي بين ايدينا يسهل الرجوع إليها والاستفادة منها بصورة مباشرة، كما تخدم قطاعات مختلفة من المهتمين والباحثين بالإضافة إلى طلاب المدارس والجامعات والأدباء والمفكرين والدبلوماسيين. ومن الممكن اعتبار هذا الكتاب أحد المراجع الأساسية في المكتبة الكويتية لما يحتويه من معلومات وثائقية مهمة جدا. وجاءت فصول الكتاب متناسقة ومتكاملة حيث تتدفق المعلومات من فصل إلى آخر بعذوبة متناغمة، وكانت الإيضاحات معبرة بالحركة والحس لتؤكد الموضوع الموصوف. كما أسهب المؤلف في المواقع التي بحاجة إلى عرض وتحليل وخصوصا تلك المتعلقة بالدمار البيئي واشتعال الآبار النفطية وطرق مكافحتها وإخمادها. ونظرا لأهمية موضوع الكتاب وتوثيق المعلومات المتعلقة بالعدوان العراقي الغاشم فقد اعتكف الباحث 28 شهرا لإنجاز هذا الكتاب الموسوعة، وكان الكاتب معبرا صادقا عن الأحداث الأليمة وتداعيات الأزمة وأبعادها وظلالها وإفرازاتها على جميع الأصعدة. ونظرا لترابط الموضوعات داخل هذا الكتاب القيم فلن تشعر بأنك تقرأ خيالا بل ستعيش مع فصول المأساة التي مر بها الشعب الكويتي بكل دقائقها ومراحلها المختلفة، كما ستتعرف من خلال العرض الشائق على دور رجال القطاع النفطي خاصة وعامة الشعب الكويتي وتلك المواقف البطولية.

ولا شك أن تجربة المؤلف كشاهد عيان على جريمة الغزو حيث كان داخل الكويت طوال شهور المحنة، المعاناة التي عاشها المؤلف وهي واضحة بصدق بين ثنايا الكتاب حيث تشعر وأنت تتصفح هذا الكتاب بالمرارة والحسرة والألم الذي كان يعتصر الكاتب وخصوصا عندما يشرح لنا كيفية تلغيم الآبار النفطية ومن ثم تفجيرها والدمار الذي لحق بها وبالبيئة من حولها وجحيم الكارثة على الحيوان والنبات.

والكتاب بحق رواية شاهد عيان. فهو كاتب صادق أعطى لكل ذي حق حقه وسجل للتاريخ وبأمانة صادقة ذلك الجهد الحقيقي لشباب ورجال الكويت الذين قدموا أرواحهم فداء الوطن..وقد أشاد المؤلف بذلك الدور البارز لرجال القطاع النفطي والذي لا شك أنه قول صادق. وقد أكد المؤلف في مقدمته الرائعة فكرة هذا الكتاب حين كتب..."وفي هذا الموقع بالذات وفي لحظات القهر والأسر والنار..ولدت فكرة إعداد هذا الكتاب".

وثيقة تاريخية

الكتاب موسوعة متكاملة عن القطاع النفطي الكويتي مدعما بالإحصاءات والبيانات والرسوم الإيضاحية وهو بلا شك يعتبر وثيقة تاريخية تبدأ من مراحل اكتشاف النفط الأولى في دولة الكويت عام 1936، وخلفيات هذا الاكتشاف حيث وقع حاكم الكويت الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح في الثالث والعشرين من شهر ديسمبر عام 1934 أول وثيقة امتياز نفط كويتية تمنح لشركة نفط الكويت المحدودة مرورا باكتشافه وإنشاء وزارة النفط ومؤسسة البترول الكويتية وشركاتها المختلفة، بالإضافة إلى النوايا العراقية المبيتة لتدمير هذا القطاع المهم. وقد تضمن الكتاب العديد من الصور الوثائقية بالإضافة إلى أهم الإصدارات من الكتب والصحف والمجلات، كما نقل للقارئ بصورة شائقة ما كتب بالصحف الأجنبية عن كارثة الدمار الذي لحق بالقطاع النفطي وطريق الإعمار الشاق. وقد استعان المؤلف بالكثير من المصادر والوثائق التي تجاوزت (34) مصدرا منها الكتب والدوريات والمطبوعات الإعلامية والتقارير. وقد تضمنت معلومات تنشر لأول مرة تفرج عنها الخارجية البريطانية حول الكويت منذ عام 1958، أهمها تلك الوثائق والرسائل المتبادلة بين حاكم الكويت آنذاك الشيخ عبدالله السالم وعبدالكريم قاسم رئيس الوزراء العراقي وقتها، وأخرى من هاشم جواد وزير خارجية عبدالكريم قاسم إلى صاحب السمو الأمير الشيخ جابر الأحمد- حفظه الله- حينما كان رئيسا لدائرة المالية والاقتصاد. ولا شك أن هذا الكتاب الموسوعة وما يحتويه من معلومات قيمة سيكون مرجعا يفيد القارئ العربي ويضيف بيانات نحن في أمس الحاجة للتعرف عليها واقتنائها.

تحليل الرد الكويتي على المذكرة العراقية

إن الجهد المبذول في إعداد هذا الكتاب يعتبر خطوة مهمة على طريق التوثيق وهو جهد جبار يعتبر شاهدا حقيقيا وملموسا سيروي للأجيال القادمة من أبناء هذا الوطن وخارجه أحداث كارثة حرائق النفط تدعمه الصور والإيضاحات. إن هذا الإنجاز مفخرة لأبناء الكويت ويؤكد أصالتهم وحبهم لتراب هذا الوطن.

والمتأمل والمدرك لما بين السطور في رد القيادة السياسية الكويتية قبل اجتياح الكويت ب 168 ساعة على المذكرتين العراقيتين لجامعة الدولة العربية في 15، 21/ 7/ 1990 يخرج بمحصلة حقيقية ونتائج تاريخية غير الذي ينظر إلى الرد الكويتي نظرة مجردة لا تتعدى النص الوارد فيه. وحول هذه النقطة يقول الكاتب "لقد دار حول الرد الكويتي أحاديث طويلة قبل الغزو وبعد التحرير بين السياسيين العرب. استخلص أصحاب الحنكة منهم حقائق تاريخية وعلمية زادتها السبعة الأشهر العجاف..وثوقا ويقينا، وأشهر دلالة على ذلك علامات الترسيم الدولية على الحدود. إن مذكرة العراق في 15/ 7/ 1995 كانت لتهيئة الأسرة العربية بقبول مبدأ الغزو ختمها باتهام الكويت بسرقة نفط الرميلة فقابلتها الكويت بالتذكير أن التنسيق بين البلدين في جميع المجالات على قدم وساق والهجوم السافر على الكويت ودولة الإمارات مفاجأة غير متوقعة لمن يمتلئ صدره بحسن النوايا". وعن اتهام الكويت بالسرقة ردت الكويت تذكر العراق بتهربه خلال سنوات طويلة من ترسيم الحدود ومن ثم لا يوجد مبرر لمذكرة 15/ 7/ 1990 إلا الاستفزاز والابتزاز، تلك التي أورد العراق فيها الثلاثية الحزبية: (الإلغاء، والتعويض، ثم الإتاوة).

والآن وبعد قرار الترسيم الدولي عادت الأوساط العربية والدولية تتحدث في نص الرد الكويتي قبل الاجتياح بـ 168 ساعة، ولو أن العراق قبل بالرد الكويتي لحفظ ثروته وشعبه وأزيلت عنه ديون الكويت بدلا من أن يصبح العراق بكل ثرواته رهينة للعالم لخمسين سنة قادمة.

اختيار عنوان الكتاب

اختيار الكاتب (للتاريخ كلمة) عنوانا لكتابه كان موفقا، فقد استطاع أن يربط الماضي بالحاضر حيث تم التعريف بالشخصيات التي كان لها الفضل الأول في استكشاف خيرات الدولة وبنائها، فقد سلط الضوء على أولئك الرجال من أبناء الوطن وقدم لنا بأسلوب رائع وأمين أول كويتي يعمل في مجال حفر الآبار النفطية، وأول كويتي يقود ناقلة نفطية، وأول كويتي عمل في مجال إطفاء الحرائق النفطية، كما قدم لنا ومدعما بالصور الفوتوغرافية أوائل السفراء المعتمدين لدولة الكويت لكل من روسيا وفرنسا وأمريكا وإيران والصين الشعبية وبريطانيا عرفانا بدور هذه الدول ووقوفها مع الكويت في محنتها ومساعدتها القيمة في إطفاء الحرائق، كما ساهم المؤلف في تسليط الضوء على تلك المنظمات الدولية والتي ساهمت في دعم الكويت في مراحل بنائها الأولى. واستطاع المؤلف ان يتدرج بنا بوصفه لتاريخ بناء القطاع النفطي وصولا إلى المرحلة الحالية دون الإخلال بالمنهج المتوارث في وصف التاريخ ونقله بأمانة. وكان بعيدا عن الانفعال في نقل الوقائع وسردها بأسلوب متميز، فقد عبر عن رحلة الدمار والإعمار وألقى الضوء على أمور لم تتح لها فرصة النشر..لقهر الغزو أحيانا ولفرحة التحرير أحيانا..أو لعزوف أصحابها من شهود العيان عن الحديث..وما كان من قبل سرا لاعتبارات كثيرة، فقد كشف الكاتب الستار عنها في كتابه هذا مدعما بالبيانات والأرقام الحقيقية..والمؤلف هنا يقدم هذه الوثيقة للأجيال القادمة وإلى كل من تعنيه الحياة ويعنيه السلام، ويوجه الكاتب حديثه إلى أبناء بلده في مقدمته قائلا: "وليدرك الإخوة والأهل من أبناء الكويت الذين استهانوا ترفا بالإنجاز الكبير الذي حدث على صعيد الدولة والفرد وداخل غرف عمليات القطاع النفطي، رغم إشادة الدول العظمى بتلك الإنجازات. فإن ما بذلته الحكومة الكويتية في تلك الفترة العصيبة كان عملا خارقا فوق العادة جاء الحديث عنه في تواضع ". ورغم أن قلب المؤلف كان يعتصر في العديد من المواقف أثناء تدوين الأحداث أمام جحيم النيران وهو يقف بجانب دولته التي أسرت..إلا أنه كان صادقا في عرض الوقائع بكل دقة وأمانة ليقدم تلك المعلومات مرجعا لكل راغب في الاستفادة منها...وكلمة للتاريخ.

لقد ركز النظام العراقي على تدمير القطاع النفطي بشتى الوسائل وقد نجح المؤلف في تجميع معظم الوثائق والمراسلات التي كانت تدور بين أعوان وجنود النظام العراقي المتمركزين في الحقول النفطية، كما استعرض المؤلف وبكل التفاصيل موضوع خطة التخريب المؤجل وإجراءاتها والتي كانت معدة ومجهزة عند انسحابهم من الأراضي الكويتية. وإزاء أحداث الاحتلال وتحرك مجلس الأمن والدول الصديقة فقد بادر صدام حسين بتاريخ 10/ 9/ 1990 بالإعلان عن استعداده لتزويد دول العالم الثالث بالبترول مجانا، ولكن هذه المبادرة باءت بالفشل، واستطاع المؤلف أن يفند تلك المبادرة التي ادعى النظام العراقي بأنها توزيع للثروة. وقد سلط الكاتب هنا الضوء على وثائق مهمة جدا تتعلق بتلغيم الآبار النفطية وخطة التخريب المؤجل وإجراءاتها وكانت الوثائق مدعمة بالعديد من الصور الفوتوغرافية التي توضح وجود المتفجرات والأسلاك الكهربائية الموصلة بها مع رءوس الآبار النفطية، كما دعم تفنيداته بإحدى الرسومات الكروكية لرأس إحدى الآبار النفطية بخط يد أحد المهندسين العراقيين المختصين والتي توضح أماكن وضع حشوات المتفجرات على الأجزاء الحساسة من رأس البئر.

من ذاكرة التاريخ

يكشف هذا الكتاب عن وثائق موقعة بيد زعماء العراق السابقين أزيح عنها الستار بعد مرور ثلاثين عاما ضمن أسرار الخارجية البريطانية أهمها رسالة (1958) من عبدالكريم قاسم (رئيس الوزراء العراقي) إلى حاكم الكويت الشيخ عبدالله السالم الصباح آنذاك يؤكد بها النظام العراقي سيادة دولة الكويت على أراضيها ويدعو إلى التعاون في فتح قنصلية للعراق في الكويت، تلك الوثائق تؤكد اعتراف العراق بالكويت دولة ذات سيادة قبل استقلالها، ويقول الكاتب في معرض استشهاده بتلك الوثائق ومقارنتها بتصرفات النظام العراقي العدوانية تجاه الكويت، إن الكويت أعرف الناس بالعراقيين، والعالم ليس في غفلة، وجاء هذا الكتاب ليرى العراقيون أنفسهم، ويعرف أهل الرافدين لماذا يرفض ميزان الدول ان يوضع العراق في كفته كدولة تحترم المواثيق والعهود.

لقد عبر الكاتب عن صبر أهل الكويت وتكاتفهم لتلك المحنة وصدهم للظلم وتعاونهم وحبهم لهذه الأرض، كما سجل للتاريخ عزيمة الفرد الكويتي ووقوفه بصلابة ضد المعتدي الآثم، وصور أعظم ملحمة في التاريخ في مكافحة الدمار والتلوث البيئي وحرائق الآبار واندلاع النفوط، وأخيرا إعادة الإعمار والتأهيل.. فهنيئا للشباب الكويتي العامل في القطاع النفطي وللقيادة السياسية بهذا الإنجاز الرائع والذي جاء ليؤرخ لحقب من الزمن.

 

محمد عبدالرحمن الصرعاوي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




غلاف الكتاب





إطفاء حرائق آبار النفط مأثرة كويتية لصالح البيئة العالمية





الدمار في أحد مراكز تجميع النفط





مكافحة حريق إحدى الآبار النفطية المشتعلة





بعد التحرير تصدر شحنة من النفط