عفوا لأبنائنا هذا الصديق غير مناسب! هالة حلمي

مساحة ود

مازالت الحياة واحدة خضراء

مازالت الحياة واحة خضراء نوغل في دروب العمر، تشغلنا مطالب الحياة، تتسرب السنوات منا في انتظار ما يجيء وما لا يجيء، نتساءل: هل مضى الزمان الجميل؟ أين الآمال الكبيرة التي أشعلت الوجدان توقدا وحماسا؟ أين أجنحة العنفوان التي حملتنا إلى أقصى الآمال وفتحت لنا أبواب السماوات؟ أين المستقبل المشرق الذي تمنيناه لأنفسنا وأردناه لأمتنا؟.

أكل ذلك مضى؟ أصبح سرابا وقبض ريح؟ نطوي جوانحنا على ما يكاد يصبح حقيقة ونسلم حياتنا للرماد، نتابع مسيرتنا بحكم العادة، نستيقظ في الصباح دون رغبة، نذهب إلى عملنا مكرهين.. نشرب القهوة..الشاي..نعمل..نثرثر، نعود إلى بيوتنا، نتناول غداءنا..نستلقي..تنسحب النهارات منا، يأتي الليل، تتوالد الأيام دون جديد ولا متعة، نتساءل: إلى متى ندور في طاحونة الحياة المفرغة؟

ذات يوم يعصف بك الحنين ربما إلى ماض، ربما إلى جديد..ممتع..أصيل، تتناول مما لديك كتابا، ولكن السؤال المر يطاردك: أي كلام معاد سأقرأ؟

لكن الكتاب يشدك، تغرق في القراءة، تكشف نبضا مشابها لما في قلبك، تتوقف مندهشا مزحا أما زال هناك أناس يرفضون الرماد والانكسار؟

تتفتح مسام الروح تعب..قوة..أصالة..دفء، تنبعث من الكلمات أشعة توقظ ما كان خافيا في أعماقك، تدب إلى شفتيك ابتسامة، مازال بالإمكان للإنسان أن يغير، أن يطالب بحقه في الخضرة والأمل والجمال.

تفتح نافذتك، تتسرب إليك نسمة عذبة، تنفذ إلى قلبك..تنداح في دمك وخلاياك، تحس ريا..انتعاشا، ترفع عينيك للشمس تطبع قبلتها على جبينك ثم تغادرك مسرعة لتندس وسط غيوم بيضاء شفافة، تتأمل الأشجار تظلل جانبي طريق هادئ تهتز أوراقها للمسة حانية من الريح، تنجذب عيناك إلى البحر يمتد أمامك رائع الزرقة، ترنو إلى جناح أبيض لنورس يداعب الماء.

تأسرك رفرفة ضحكة لطفل صغير، تتشرب كلماته الأولى وهو ينطقها متعثرة يلوح أمام عينيك وجه صديق..موقف نبيل، يد تمتد إليك في حزنك.

يمحي الرماد، تتألق الألوان، تحس بطعم الشمس والبحر والزهر والإنسان، يتفتح في أعماقك أمل..وعد..رؤيا..فتقول: مازالت الحياة واحة خضراء، ومازال في العمر متسع لكثير من المسرات.

 

ملك حاج عبيد

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات