الإسكندرية ثاني أكثر مدن العالم تهددا بالغرق

الإسكندرية ثاني أكثر مدن العالم تهددا بالغرق

دقت دراسة جديدة ناقوس الخطر للدول العربية محذرة إياها من أنها ستكون من بين أول البلدان التي ستعاني بشدة آثار تغير المناخ.

وضعت دراسة، صدرت عن مركز التنمية العالمية Center for Global Development لائحة بأسماء المدن والبلدان التي يواجه سكانها الخطر الأكبر لارتفاع مستوى سطح البحر والعواصف في البلدان النامية. وقد احتلت عروس البحر الأبيض المتوسط، مدينة الإسكندرية المصرية المركز الثاني على لائحة أكثر مدن العالم تهددا بالغرق، بينما جاءت مدينة عدن اليمنية في المركز السادس واحتلت مدينة بورسعيد المصرية المركز الثامن.

ومع تواصل تغير المناخ في القرن الحادي والعشرين، تتزايد وتائر حدوث العواصف والأعاصير الكبرى، ويواجه ملايين البشر، معظمهم يعيشون في أفقر مناطق العالم، خطر مواجهة كوارث ذات مدى غير مسبوق. ومع ارتفاع مستوى سطح مياه البحار والمحيطات، وغرق مساحات كبيرة من الأراضي الساحلية، ستتفاقم الأوضاع في بعض المناطق، بينما ستظهر كوارث جديدة في مناطق أخرى.

وقد سعت هذه الدراسة لتقدير نتائج وتداعيات ارتفاع مستوى سطح البحار والمحيطات وزيادة وتائر الأعاصير وشدتها على 84 بلدا ناميا و577 من مدنها الساحلية، التي يزيد عدد سكانها على 100 ألف نسمة، والمعرضة أكثر من غيرها للأعاصير وارتفاع سطح البحر.

ومن خلال دمج أحدث البيانات العلمية والسكّانية، وضعت الدراسة تقديرات للتأثير المستقبلي لتغيير المناخ على وتائر وشدة العواصف والأعاصير التي ستضرب المناطق الساحلية، والاقتصادات والأنظمة البيئية.

وركّزت الدراسة على توزيع التأثيرات الأشد وطأة، استنادا إلى أن المعرفة الأفضل لتبايناتها المحتملة ستكون مفيدة للمخطّطين المحليّين والوطنيين، بالإضافة إلى المتبرعين الدوليينِ. وقد وجدت الدراسة بالفعل تباينا حادا في التأثيرات الأشد وطأة للكوارث المستقبلية، حيث التداعيات الأكثر حدة ستصب على رأس عدد صغير من البلدان النامية وحفنة من المدن الكبيرة فيها.

أعاصير وعواصف

تؤدي الأعاصير المدارية الكبيرة إلى تكوين عواصف عاتية تجتاح المناطق الساحلية الكثيفة السكان بقوة مدمرة. وتشير الدراسة إلى أنه خلال المائتي سنة السابقة على العام 2003، لقي 2,6 مليون إنسان مصرعهم غرقا في هذه العواصف والأعاصير. واستمرت هذه الكوارث في استنزاف ثروات وأرواح أبناء البلدان النامية. فقد ضرب الإعصار سيدر بنجلاديش في نوفمبر 2007، حيث قتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص، وأصاب أكثر من 50 ألفا، ودمر أكثر من 1,5 مليون منزل، وأثر على سبل عيش أكثر من سبعة ملايين إنسان. وضرب الإعصار نارجيس دلتا نهر إيراوادي في ميانمار في مايو 2008، مخلفا أكبر كارثة في تاريخ البلاد، حيث قتل أكثر من 80 ألف إنسان، وشرد أكثر من سبعة ملايين شخص.

وتشير الأدلة العلمية إلى أن تغير المناخ سيزيد حدة العواصف ووتيرة حدوثها لسببين: أولاً، ستتزايد بسبب ارتفاع مستوى سطح البحارِ والمحيطات نتيجة لارتفاع درجات الحرارة وذوبان الثلوج القطبية. وتشير أحدث الأدلة العلمية إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر يمكن أن يصل إلى متر أو أكثر خلال قرننا الحالي. وثانيا، من شأن المحيطات الأكثر دفئا أن تزيد من كثافة نشاط الأعاصير ووتائر حدوث العواصف وشدتها. ومع زيادة العواصف، فإنها ستؤدي إلى المزيد من الفيضانات المدمرة في المناطق الساحلية وغرق الأراضي المنخفضة المجاورة. وسيتفاقم تأثيرها المدمر إذا اقترنت برياح قوية وموجات ساحلية عاتية.

وتهدد هذه العواصف بدمار مستقبلي أكثر لأنها ستتحرّك أعمق داخل اليابسة عدة مناطق أكثر من الماضي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الزيادة الطبيعية في تعداد السكان والهجرة الداخلية ستزيدان من عدد سكان المناطق الساحلية في العديد من البلدان النامية. ويتسم النمو السكاني بالقوة بشكل خاص في المناطق الساحلية، حيث يعكس هذا النمو الهجرة المتزايدة من الريف إلى المدينة في العديد من البلدان النامية.

ويقول معدو هذه الدراسة إنهم قيموا ضعف وانكشاف المناطق الساحلية في البلدان النامية في مواجهة العواصف والأعاصير المرتبطة بتغير المناخ وارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات بمتر واحد. وبعد تحديد المناطق الأكثر عرضة للغرق، أخذوا في الاعتبار العوامل المتعلقة بتعداد سكان المناطق الساحلية، وطبيعة التجمعات السكانية، والنشاط الاقتصادي. كما درس العلماء توقعات السكان في القرن الحادي والعشرين، وصمموا نماذج كمبيوترية لما سيتعرض له سكان المناطق الساحلية إذا تفاقمت الأوضاع.

وإجمالا، بنى التقرير تقديراته على ثلاثة عوامل رئيسية: ارتفاع مستوى مياه البحر بمتر واحد؛ وزيادة بنسبة 10 بالمائة في شدة العواصف التي تحصل بمعدل مرة كل مائة عام؛ وتوقعات الأمم المتحدة لارتفاع عدد السكان في القرن الحادي والعشرين.

وجاءت نتائج الدراسة لتكشف أن التأثيرات السلبية ستكون أكثر تركيزا بكثير في بعض المناطق والبلدان والمدن التي تقع في أغلبها في البلدان النامية. وأظهرت تباينا حادا في توزيع عبء آثار زيادة الأعاصير، وارتفاع مستوى مياه البحار والمحيطات. حيث اتضح أن ثلاث مدن فقط، من أصل 577 مدينة، تضم 25 في المائة من السكان المهددين بالغرق، و10 مدن تضم 53 في المائة من السكان المهددين.

وجاء ترتيب المدن الأكثر تهددا بالغرق، حسب الدراسة، على النحو التالي: مانيلا (الفيليبين)، والإسكندرية (مصر)، ولاجوس (نيجيريا)، ومنروفيا (ليبريا)، وكراتشي (باكستان)، وعدن (اليمن)، وجاكرتا (إندونيسيا)، وبورسعيد (مصر)، وخولنا (بنجلاديش)، وكالكوتا (الهند) وبانكوك (تايلاند)، وأبيدجان (ساحل العاج)، وكوتوني (بنين)، وتشيتانجوج (بنجلاديش)، وهو تشي منه (فيتنام)، ويانجون (ميانمار)، وكوناكري (غينيا)، ولواندا (أنجولا)، وريو دي جانيرو (البرازيل) وداكار (السنغال).

وبالنسبة لترتيب البلدان التي قد تتعرض المناطق الساحلية فيها للغرق إذا تفاقمت الأمور، فقد جاءت الكويت في المركز الأول (81,1 في المائة من مناطقها الساحلية)، وكوريا (61,7%)، وناميبيا (60,2%)، وغينيا (58,6%)، والسلفادور (55,3%)، وشيلي (54,7%)، وجزر البهاما (54,7%)، وبورتوريكو (51,8%)، واليمن (50,3%)، وعمان (50,0%).

وفيما يتعلق بنسبة سكان المناطق الساحلية الذين سيتعرضون للتهديد، فقد جاءت جزر البهاما في المركز الأول (73,0%)، ثم الكويت (70,0%)، وجيبوتي (60,1%) والإمارات العربية المتحدة (60,0%)، وجزر بليز (56,2%)، واليمن (55,7%)، وتوجو (54,2%)، وبورتوريكو (53,8%)، والسلفادور (53,0%)، وموزمبيق (51,7%).

وبالنسبة لنسبة الناتج المحلي الإجمالي للمناطق الساحلية الذي سيتعرض للتهديد؛ فقد جاءت جزر البهاما في المركز الأول (65,7%)، ثم الكويت (65,3%)، وجزر بليز (61,1%)، والإمارات العربية المتحدة (58,1%)، وموزمبيق (55,0%)، وتوجو (54,5%)، وبورتوريكو (52,7%)، والمملكة المغربية (52,6%)، والفيليبين (52,3%)، واليمن (52,0%).

هاجس الغرق

ربما كان هاجس الغرق أحد أفزع الكوابيس التي تؤرق علماء البيئة. فهم يدركون تماما أن الاحترار الكوني سيؤدي إن آجلا أو عاجلا إلى ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات، على نحو يهدد الأراضي المنخفضة في سائر أنحاء العالم. ومع ازدياد دفء المحيطات، تتمدد مياهها، بينما يسهم ارتفاع درجات الحرارة أيضا في ذوبان الصفيحة الجليدية التي تغطي جرينلاند والقارة القطبية الجنوبية.

وفي العام 2007، توقعت الهيئة الحكومية حول تغير المناخ Intergovernmental Panel on Climate Change report أن يرتفع منسوب مياه البحار والمحيطات بين 18 و59 سنتيمترا بحلول العام 2100، مقارنة بمستويات العام 1990.

ويرتبط الحد الأقصى للارتفاع باستمرار اعتمادنا على الوقود الأحفوري. لكن التوقعات المتعلقة بارتفاع مستوى مياه البحار والمحيطات تبقى إحدى أكثر المناطق إثارة للجدل في علم المناخ. والمشكلة أن فهمنا للكيفية التي سيؤثر بها الاحترار في الغطاء الجليدي لجرينلاند والقارة الجنوبية المتجمدة يبقى محدودا، لكن الأمر المؤكد أن هذا الذوبان سيكون له التأثير الأكبر في التغير المناخي.

وقد تضمنت تقارير الهيئة الحكومية حول تغير المناخ تقديرات لمعدلات ذوبان ثلوج جرينلاند والقارة الجنوبية المتجمدة. لكن الاحترار ربما يسرع أيضا في تحرك جليد الأنهار الجليدية نحو المحيط، ربما من خلال جعل المياه الذائبة للجانب السفلي من التيارات الثلجية أكثر انزلاقا.

وكشفت دراسة أمريكية جديدة أنه إذا أدى الاحترار الكوني يوما إلى انهيار الصفيحة الجليدية الغربية في القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، فإن ارتفاع مستوى سطح البحار والمحيطات الناتج عن ذلك سيكون أعلى بكثير في الولايات المتحدة وبقية أجزاء العالم عن التقديرات الحالية.

ويقول العلماء الذين أجروا الدراسة إن الزيادة الكارثية في مستوى سطح البحار والمحيطات الناجمة عن هذا الحدث، والتي تقدر الآن بما يتراوح بين 16 و17 قدما (4,88و 5,18 متر)، ربما تصل إلى نحو 21 قدما (6,4 متر) في أماكن مثل واشنطن العاصمة، وهو ما يعني غرق مساحات شاسعة فيها، وأن تغطي المياه عتبات مبنى الكابيتول، وقد يعني أيضا تدمير العديد من المناطق الساحلية، واختفاء معظم جنوب فلوريدا.

ونشرت نتائج الدراسة، التي أجراها علماء من جامعتي أوريجون ستيت الأمريكية وتورنتو الكندية، في مجلة ساينس العلمية الذائعة الصيت.

ويقول بيتر كلارك، أستاذ علوم الأرض في جامعة أوريجون ستيت: «نحن لا نفترض أن انهيار الصفيحة الجليدية الغربية في أنتاركتيكا بات وشيكا، لكن هذه النتائج تفترض أنك إذا أردت أن تخطط لمواجهة ارتفاع مستوى سطح البحر، فمن الأفضل أن تخطط أعلى قليلا».

وكانت تقديرات الهيئة الحكومية حول تغير المناخ قد أشارت إلى أن انهيار هذه الصفيحة الجليدية يمكن أن يرفع مستويات البحار والمحيطات حول العالم بنحو 16.5 قدم (5,03 متر)، في المتوسط، ولايزال هذا الرقم شائع الاستعمال. ومع ذلك، فإن العلماء في دراستهم الجديدة يقولون إن المتوسط النظري لا يأخذ في الحسبان قوى رئيسية عدة، مثل الجاذبية، والتغير في دوران الأرض، وارتدادات الأراضي التي ترتكز عليها الآن الأنهار الجليدية العملاقة.

وتتمتع هذه الصفيحة الجليدية الآن بكتلة هائلة وتتسامق إلى ارتفاع يتجاوز الـ6.000 قدم فوق سطح البحر، وتغطي قسما كبيرا من أنتاركتيكا يعادل تقريبا مساحة ولاية تكساس الأمريكية. ويقول العلماء إن هذه الكتلة تكفي لممارسة جاذبية جذبية هائلة gravitational attraction ، تسحب المياه نحوها - تماما مثلما تؤدي قوى الجاذبية للشمس والقمر إلى الحركة المنتظمة للمياه على كوكب الأرض، والتي تعرف باسم المد والجزر.

ويقول كلارك: «أنجزت دراسة قبل أكثر من 30 عاما حول هذا التأثير الجذبي، لكن لسبب ما لفها النسيان. وتجاهل العلماء هذا التأثير عندما وضعوا تقديراتهم المستقبلية».

وإلى جانب التأثير الجذبي، أضافت الدراسة عوامل أخرى إلى الحسابات - وزن الثلوج الضاغط على الأرض التي ترتكز عليها، وتؤثر أيضا في توجيه دوران الأرض. وعندما تزول هذه الثلوج، سترتد الأرض المنضغطة تحتها، وهو ما سيعني أن محور دوران الأرض الذي يتحدد بالقطبين الشمالي والجنوبي سيرتحل نحو ثلث ميل، وسيؤثر أيضا في مستوى سطح البحار والمحيطات في عدة نقاط.

وتخلص الدراسة إلى أننا إذا أخذنا كل هذه العوامل في الحسبان، فإن مستوى سطح البحر سيهبط في كل الأماكن القريبة من القارة القطبية الجنوبية، بينما سيرتفع في العديد من المناطق الأخرى، معظمها في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.

وإذا ذابت تماما الصفيحة الجليدية الغربية في أنتاركتيكا، فإن الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية سيواجه ارتفاعا في مستوى مياه المحيط يزيد 4 أقدام على التقديرات السابقة - نحو 21 قدما- بينما سيواجه الساحل الغربي، بالإضافة إلى ميامي وفلوريدا، ارتفاعا يزيد على ذلك بقدم تقريبا. بينما ستواجه معظم أنحاء أوربا ارتفاعا قد يصل إلى 18 قدما.

ويقول كلارك: «إذا حدث هذا، فسيخلف تأثيرات عديدة أخرى تتجاوز ارتفاع مستوى مياه البحار والمحيطات، بما في ذلك معدلات أعلى بكثير لتآكل السواحل، وخسائر أفدح للعواصف والأعاصير، ومشكلات نتيجة لتملح المياه الجوفية، وقضايا أخرى. كما ستحدث أيضا تأثيرات سلبية على الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية الأخرى في المناطق الساحلية يمكن أن تؤدي إلى تقويضها.

ويضيف كلارك: «ليس من الواضح الآن ما إذا كانت الصفيحة الجليدية الغربية في أنتاركتيكا ستصمد أم ستنهار، ولا مدى سرعة هذا الانهيار. فقد لا يحدث هذا قبل مئات السنين. وحتى لو حدث هذا فربما لا تذوب تماما. وعلى الباحثين أن يواصلوا جهودهم لفهم آليات هذا. ومع ذلك فإن التأثيرات نفسها تنطبق على تداعيات ذوبان جانب من جليد الصفيحة الغربية لأنتاركتيكا. لذا تحتاج العديد من المناطق الساحلية إلى التخطيط لمواجهة ارتفاعِ أكبر في مستوى سطح البحار والمحيطات».

 

 

أحمد خضر الشربيني 




الإسكندرية ثاني أكبر مدينة مصرية وتأوي حوالي 5 ملايين نسمة. وقد يؤدي ارتفاع مستوى مياه البحر بـ 50 سنتيمتراً إلى فقدان حوالي 194.000 وظيفة ونزوح حوالي 1.5 مليون شخص منها





انهيار الصفيحة الجليدية الغربية لأنتاركتيكا قد يؤدي إلى نتائج كارثية





هاجس الغرق أحد أفزع الكوابيس التي تؤرق علماء البيئة





مانيلا أكثر مدن العالم تهددا بالغرق





المناطق التي قد تتعرض للغرق (المظللة بالأحمر) في حوض البحر الأبيض المتوسط إذا ارتفع مستوى مياه البحر المتوسط بمقدار متر (الخارطة الأولى) أو مترين (الخارطة الثانية)