إلي أن نلتقي

إلى أن نلتقي

البيجوم والشيخة وما بينهما..

تتناوب على حكم بنغلاديش امرأتان: رئيسة الوزراء البيجوم خالدة ضياء وقائدة المعارضة الشيخة حسينة. أى أن شعب بنغلاديش المسلم اختار امرأة لتحكمه في الحالين: في الموالاة وفي المعارضة، ومن قبل شعب بنغلاديش المسلم اختار شعب باكستان المسلم امرأة أيضا لتحكمه هي السيدة بي ناظير بوتو، ومن قبلهما اختار شعب الهند الهندوسي والمسلم السيدة أنديرا غاندي لتحكمه، ومن قبل هؤلاء أيضا اختارت دولة سيلان "سيريلانكا" الملاصقة للهند السيدة باندرانايكه لتحكمها.

القاسم المشترك بين هذه الدول هي أنها دول متحاربة فيما بينها، وفي داخلها، فالمعارك لا تتوقف مع الخارج ولا مع الداخل..وقد جرب معظمها حكم الجنرالات والعسكر..ولكنه فشل، ومن هنا كان خيارهم أن تحكمهم امرأة بدلا من..الجنرال.

لماذا؟

لنأخذ الحكاية التالية كنموذج على العلاقات "السياسية" بين النساء الحاكمات أو المعارضات: قبل حوالي 3 أشهر قررت الشيخة حسينة مقاطعة البيجوم خالدة و"عدم التكلم معها" لأنها بيروقراطية وليست ديمقراطية (!)، البيجوم ردت ووصفت غريمتها بأنها "سلطوية".. وما بين هذا السجال ضرب الشلل مؤسسات الدولة، فالمعارضة لا تشارك في جلسات البرلمان، والحكومة لا تستطيع أن تقر الموازنة من دون موافقة المعارضة في البرلمان.

...وذهبت البيجوم إلى الحج لبيت الله الحرام، وعادت ومعها هدية لغريمتها تتضمن: سجادة صلاة ومسبحة و...زجاجة من بئر زمزم، وكلفت كبير وزرائها بحمل الهدية إلى "ضرتها" في السلطة بعد أن وزعت نبأ الهدية على وسائل الإعلام وعلى أوسع نطاق ممكن.

الشيخة حسينة شعرت بالغبطة لهذه المبادرة، غير أنها لم تقبل أن تفتح باب المصالحة على اتساعه، مقابل الهدية، بل أبقت عليه مواربا، وهكذا عندما وصل الوزير حامل الهدية، لم تستقبله في الطابق السفلي من دارتها لأنها تعاني من "التواء" في الكاحل (!)، ولأن الوزير بدوره، لا يستطيع أن يصعد إلى جناحها في الطابق العلوي المخصص للحريم والمحارم، فقد اكتفى بتقديم الهدية إلى الوصيفة كي تحملها إلى سيدتها.

المهم أن "الهدية" أقفلت نافذة الحرب بين "الضرتين" وفتحت أبواب السلام بين الحكومة والمعارضة. ولا أعتقد أن الهدايا يمكن أن تفتح قلوب الرجال، بل ما أعرفه هو أن بوتو الأب، والد بي ناظير، أهدى الجنرال ضياء الحق، قائد قواته، سيفا ذهبيا، وما فعله الجنرال هو أنه تزين بذلك السيف وهو يشاهد عنق بوتو تتدلى من حبل المشنقة....

وما بين السيف وماء زمزم فتش عن حكمة المرأة الحاكمة.

 

أنور الياسين

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات