من المكتبة العربية.. المياه العربية: التحدي والاستجابة

من المكتبة العربية.. المياه العربية: التحدي والاستجابة

الكتب كالأشخاص منهم من تلتقي به عرضا ولا تتذكر ملامحه ومنهم من تتعرف عليه ولا تهتم به، ومنهم من يفرض حضوره عليك ويجعلك تحاول التعرف على مميزات شخصيته وتحديد دوافع سلوكه؛ ومن هذا الصنف الأخير كتاب الأستاذ د.عبدالمالك التميمي حول المياه العربية.

يتناول الكتاب مسألة في غاية الأهمية لارتباط الحياة بعنصر الماء ولكون مستقبل العرب مرهوناً بمدى استجابتهم للتحدي الذي تشكله القضايا المتعلقة بمصادر المياه، فضلا عن أن موضوعا بهذه الأهمية ظل بعيدا عن التناول العلمي والمعالجة الموضوعية في أغلب الدوائر العلمية العربية، إن لم يكن غائبا أو مغيّبا عن اهتمامات الرأي العام العربي لاعتبارات شتى ولظروف خاصة، وهذا ما يجعل كتاب «المياه العربية» إسهاما يعرف القارئ العربي بواقع وانعكاسات مسألة المياه وما تفرضه من تحديات وما تطرحه من إشكاليات، ولعل هذا ما شجعنا على عرض مضمونه ومناقشة المسائل التي يعرضها والتعليق على الاستنتاجات التي انتهى إليها.

فمن حيث الموضوع عالج كتاب «المياه العربية: التحدي والاستجابة» مسألة الثروة المائية العربية باعتبارها واقعا فرض نفسه وقضية سوف يكون لها تأثير حاسم على مستقبل الشعوب العربية، وهذا ما تناوله المؤلف في نقاط رئيسية وأفكار محددة توزعت حسب مواضيعها على ثمانية فصول متسلسلة منطقيا ومتكاملة معرفيا ومتدرجة منهجيا؛ فعرف في الفصل الأول بإشكالية المياه في الشرق الأوسط؛ ثم عالج قضية المياه العربية وما ارتبط بها من مشاريع غربية وسياسة مائية إسرائيلية في الفصل الثاني؛ ليخلص في الفصل الثالث إلى معالجة مسألة المياه العربية من حيث ارتباطها بالسياسة التركية الخاصة بالتحكم في منابع المياه العربية الشمالية. ثم عالج المؤلف في الفصل الرابع قضية المياه المشتركة بين العراق وإيران وما ترتب عليها من معاهدات واتفاقات؛ ثم انتقل في الفصل الخامس إلى عرض مصادر مياه نهر النيل المشتركة انطلاقا من واقعها الجغرافي وبعدها السياسي وانعكاساتها الاقتصادية؛ بعدها خصّ المؤلف الجزيرة العربية بالفصل السادس فعرف بمصادر مياهها وانعكاس قدراتها المائية على المشاريع التنموية لدول الخليج واليمن؛ بينما حظي المغرب العربي بالفصل السابع الذي استعرض فيه المؤلف المصادر المائية لبلاد المغرب مبرزا مدى استجابتها لحاجات السكان وخدمتها لمشاريع التنمية المحلية؛ أما الفصل الثامن والأخير فقد عالج فيه مستقبل المياه العربية مستعرضا النتائج التي انتهى إليها في الفصول السابقة ومحاولا الإجابة فيه عن الإشكاليات التي أثارها والاستنتاجات التي انتهى إليها.

دراسة متكاملة

يتضح من توزيع مادة الكتاب وطبيعة المعلومات التي يعرضها والإشكاليات التي يعالجها أنه يقدم للقارئ دراسة متكاملة لمسألة المياه العربية من حيث شروط البيئة، والإمكانيات الاقتصادية، والواقع الدولي، والبعد الإستراتيجي، فجمع بذلك بين المعالجة التاريخية والوصف الجغرافي والتحليل السياسي والرؤية المستقبلية وأمكن له أن يحدد الرؤى المستقبلية لمسألة المياه العربية ويرسم المنطلقات الواقعية لمسائل التنمية والتسويات السياسية.

تستند المادة التاريخية لكتاب «المياه العربية: التحدي والاستجابة» إلى معلومات موثقة ودقيقة ومستقاة من مصادر أساسية، تعرف القارئ بالشروط الطبيعية والظروف التاريخية التي حددت وضعية المياه في الوطن العربي، وتضعها في إطارها القانوني انطلاقا من البنود المحددة لاستخدام المياه في الأحواض الجوفية والأنهار الدولية.

وقد أولى المؤلف أهمية خاصة للأسس التي يعتمد عليها القانون الدولي لتحديد السيادة على مصادر المياه والتي أعطت للطرف المسيطر على تلك المصادر بحكم الحدود السياسية حقوقا قانونية مكتسبة، مما أفقد العرب أمنهم المائي لكونهم الطرف الذي لا يسيطر في أغلب الحالات على مصادر المياه ولحاجتهم الملحة إلى استغلال تلك المياه مما فرض عليهم مجاراة الوضع الدولي وجعلهم يرتبطون بعلاقات غير متكافئة مع الطرف الآخر المسيطر على مصادر مياههم (أنظر ص 43-49).

وحتى تكتمل معالجة المسألة المائية حرص المؤلف على تحديد المعطيات الجغرافية والشروط البشرية وربطها بالواقع الاقتصادي ومشاريع التنمية في مختلف الأقطار العربية، بحيث يقدم للقارئ صورة متكاملة وعرضا شاملا لإشكالية المياه في البلاد العربية تنطلق من دراسة معمقة لمختلف جوانب الإشكالية، وهذا ما أكسبها نفسا علميا وطابعا معرفيا وتوجها منهجيا وجعلها تعبر بصدق عن رؤية المؤلف وتعكس منهجه وأسلوبه في معالجته للموضوع، وهذا ما نحاول عرضه في النقاط التالية:

1 - عالج المؤلف مسألة المياه من مختلف جوانبها وأبعادها وانعكاساتها بنظرة الباحث المدقق والدارس المتفحص، فلم يجار التوجه العام السائد في الكتابات العربية التي تركز على الدراسة القطرية، وغالبا ما تكتفي بالتعاليق السطحية والأحكام المتسرعة، وهذا ما تحاشاه المؤلف باعتماده المصادر الأساسية ورجوعه إلى المعلومات الدقيقة فرجع إلى الوثائق البريطانية والأمريكية خاصة، واستفاد من الأبحاث الحديثة في الغرب دون أن يهمل استخدام ما توافر من دراسات في العالم العربي، وهذا ما يجعل الكتاب ثمرة عمل طويل واهتمام متواصل بالموضوع، وهذا ما يؤكده لنا مدى الجهد العلمي الذي بذل فيه والوقت الذي تطلبه، فهو أكثر من تأليف عادي بل حصيلة تجربة مؤلفه ومعايشته للواقع العربي.

2 - تجاوز المؤلف المنحى التخصصي الضيق لمسألة محددة، إلى المعالجة المتكاملة للموضوع بنظرة أوسع بحيث جمع بين العرض التاريخي والوصف الجغرافي والرؤية السياسية دون أن يهمل البعد الإستراتيجي من حيث طرح القضايا وتحليل المسائل ومناقشة المعلومات، وهذا ما مكنه من الإلمام بالمسألة المائية في الوطن العربي وسمح له بتوضيح أبعاد المشاريع التركية والخطط الإسرائيلية خاصة وانعكاسها على معادلة المياه في الشرق العربي، فأظهر مدى اهتمام الباحثين الغربيين والدارسين المختصين في تركيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي بالمسألة المائية لأهميتها وخطورتها، في الوقت الذي ظل فيه الجانب العربي غائبا في هذه المعادلة سواء من حيث الدراسات الأكاديمية أو المشاريع الاقتصادية أو الخطط السياسية المتكاملة.

3 - التزم المؤلف برؤية شاملة لإشكالية المياه في الوطن العربي، فتجاوز بذلك النماذج المتعارف عليها في دراسة قضايا إشكاليات العالم العربي التي غالبا ما تقع في فخ النزعة القطرية والرؤية الجزئية بحجة التخصص والتعمق فتفقد توازنها وتكاملها؛ فاستطاع المؤلف أن يواجه تحديا علميا فرضته التجزئة السياسية والاتساع الجغرافي واختلاف الأوضاع بين الأقاليم العربية، فنجح في معالجة موضوعه كوحدة جغرافية متكاملة ومجال اقتصادي مترابط ووضع سياسي متميز، ولعل هذا ما جعله يرفض التقسيمات والمصطلحات التي تعبر عن المصالح الغربية والتي تعتمد تعابير تعكس رؤيتها من قبيل الشرق الأوسط والسوق الشرق أوسطية وشمال إفريقيا المتوسطية.

4 - حرص المؤلف على معالجة مسألة المياه بنظرة واقعية تتعرف على الواقع المأساوي ولا تتستر على الانعكاسات السلبية لإشكالية المياه سواء من حيث ندرة المياه وشح مصادرها ووجود منابع الأنهار خارج الحدود السياسية للبلاد العربية، أو من حيث طبيعة المناخ ونوعية الشبكة الهيدرولية، لأن تجاوز هذه الشروط الطبيعية أو إغفال تلك الأوضاع السياسية يحول دون التعرف على التحديات التي تفرضها ولا يمكن الدارس من اقتراح حلول مناسبة لها، ولعل هذا ما أكسب الكتاب تكاملا في رؤيته وموضوعية في طرحه واستنتاجاته.

5 - عرض المؤلف مسألة المياه العربية بنظرة علمية وعالجها بأسلوب موضوعي سواء في عرضه للأحداث أو تحليله للمعطيات أو تعليقه على الوقائع أو استنتاجه للنتائج أو إحالته لمصادر معلوماته، وهذا ما أضفى على عمله الطابع الأكاديمي والروح العلمية التي تبرز خاصة في تعليقاته واستنتاجاته العديدة وفي العديد من الرسوم البيانية والجداول الإحصائية كتلك التي تحدد كميات المياه بالأمتار المكعبة (ص 41)، أو التي تظهر كيفية استخدام مصادر المياه في السنوات الثلاثين الماضية (ص 36)، أو ترصد اتجاهات الري في دولة الاحتلال الإسرائيلي (ص 81)، أو توضح توزيع مياه نهر الأردن (1953-1954) (ص 65).

لقد عبر الأستاذ د.عبدالمالك التميمي من خلال هذه التوجهات في دراسته لمسألة المياه العربية عن منهجه العلمي وقناعاته الأكاديمية خاصة فيما يتعلق بربط مسائل التاريخ العربي المعاصر المحورية برؤى مستقبلية نابعة من المصلحة العربية، ولعل هذا ما يجعل القارئ يتفاعل معه ويتساءل عن متطلبات الأمن المائي العربي المتعلقة بالثروة المائية ومصادرها وكيفية معالجتها وإيجاد حلول لها ضمن مصلحة البيت العربي المشترك وعبر مشاريع تنموية محلية متكاملة، ولعل ما يشد القارئ إلى الكتاب هو كونه ينطلق من رؤية عربية شاملة تتجاوز التصور القديم لقضايا المياه ولا تقنع بالمعالجة التقليدية التي ظلت قاصرة عن ربط الماضي بالحاضر ووضعه في إطاره السياسي وبعده الإستراتيجي، وإنما يتجاوز ذلك بطرح أسئلة محرجة عن قضايا المياه في الوطن العربي انطلاقا من معطيات واقعية ومعلومات دقيقة ظلت لفترة طويلة بعيدة عن أيدي جمهور المهتمين بالمياه العربية وغير متاحة لجيل الشباب من الباحثين في القضايا العربية.

الرجل المريض.. صورة حديثة

إن كتاب «المياه العربية: التحدي والاستجابة» باعتباره دراسة مركزة تنطلق من خلفية تاريخية لتنتهي إلى تطور إستراتيجي ودعوة ملحة لمراجعة الماضي وتحليل الحاضر وفتح أعين القارئ العربي على الواقع العربي، أثار من خلال إشكالية التحدي والاستجابة الموضوع المتجدد للمسألة الشرقية والصورة الحديثة للرجل المريض الذي كانت تجسده الدولة العثمانية وأصبحت تمثله الدول العربية بعد أن أساء العرب لأنفسهم وأداروا ظهورهم لمستقبلهم بقبولهم الفعلي ورفضهم اللفظي للنتائج المترتبة عن معاهدة سايكس - بيكو (1916) وتنكرهم لمتطلبات تكوين الدولة الحديثة فرسمت الحدود في غير صالح العرب، وتحولت مصادر المياه لغيرهم، في حين رفضت تركيا الكمالية مستوجبات نفس المعاهدة عندما مزقت معاهدة سيفر (1920) وفرضت مصالحها كأمة واحدة في معاهدة لوزان (1923)، ولم يتقبل حكام إيران تقسيم بلادهم إلى منطقتي نفوذ روسية في الشمال وإنجليزية في الجنوب في إطار الوفاق الودي الإنجليزي الروسي الفرنسي (1907)، في الوقت الذي نجح فيه زعماء الحركة الصهيونية في رسم حدود فلسطين بمقتضى اتفاقية الانتداب الفرنسية الإنجليزية (ديسمبر 1920) وفي التخطيط لمشاريع مائية على حساب العرب بدءا بخطة روتنبرغ (1920) وانتهاء بمشروع جونسون (1953).

ومما يسجل لكتاب «المياه العربية: التحدي والاستجابة» أنه عرض على الرأي العام العربي بنظرة موضوعية مسألة مصيرية في واقعها وانعكاساتها، فالماء عصب الحياة يتحكم في مستقبل العرب ويؤثر على وجودهم؛ وقد أوضح المؤلف جوانب الضعف والتبعية في ذلك من خلال قلة الموارد المائية العربية وتحكم الآخرين في مصادرها الرئيسية، وعجز العرب عن مسايرة التطور العلمي والتعامل مع الواقع ببرامج وخطط هادفة وبنظرة متكاملة وبموقف موحد، بل اكتفوا في الغالب بشعارات وتصريحات وتصورات نظرية.

إن النيات الحسنة لا تصنع سياسة ولا تغير الواقع في مثل هذه المواضيع وتلك الأوضاع، فهي لا تحد من خطورة الوضع العربي الذي ليس أدل على هشاشته أن ليس للعرب سوى 1% من المياه العذبة في حين يشكلون 5% من سكان العالم ويتزايدون بوتيرة سريعة بحيث تضاعف عددهم في ظرف ثلاثين سنة ليصبح عددهم حوالي 280 مليون نسمة (انظر ص 35). وهذا ما يتطلب دراسة مقارنة بين الأقطار العربية وخاصة توجهات السياسة المائية في مصر والعراق وبلاد الشام والمرتبطة بمصالح الدولة القطرية، على أن ذلك بحكم الواقع العربي شيء غير متيسر إن لم يكن مستحيلا، ولهذا ركز المؤلف على النقاط الأساسية والمسائل الجوهرية للمسألة المائية لكونها تشكل تحديات عويصة وقاسية، وتتطلب استجابات سريعة وموفقة.

على أن ما يلاحظ على كتاب «المياه العربية: التحدي والاستجابة» هو سعة موضوعه من حيث الرقعة الجغرافية والخلفية التاريخية والتطورات السياسية والتصورات الإستراتيجية، ولعل هذا ما لاحظه المؤلف ونبه إليه لصعوبة الجمع في آن واحد بين التعمق العلمي وسعة الموضوع، وإرضاء القارئ العادي وتلبية حاجة الباحث المتخصص، وهذا ما يجعل كتاب «المياه العربية» عملا تأسيسيا لمشروع ضخم يندرج ضمن خطة هادفة ومنظور إستراتيجي تتطلب معالجة جوانبه المختلفة مخابر دراسة مختصة.

الحضور المغاربي

يلاحظ على الكتاب أيضا تركيزه على المشرق العربي، إذ لم يتجاوز نصيب المغرب العربي فصلا واحدا حاول من خلاله المؤلف تقديم معلومات ومناقشة مسائل في غاية الأهمية، ولعل هذا راجع إلى محدودية الوثائق والمصادر التي تعالج مسألة المياه في أقطار المغرب العربي، فجلها باللغة الفرنسية وأغلبها في غير متناول الباحثين العرب في المشرق، ولعل النسخة الإنجليزية التي سوف تصدر للكتاب قريبا وكذلك الطبعات المرتقبة للنسخة العربية أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار، على أن ما يميز الكتاب ويؤكد تكامل مادته العلمية ونظرته العربية، هو حضور الأطراف العربية البعيدة عن المركز ومنها بلاد المغرب العربي، مما أضفى على الكتاب تكاملا في الرؤية وتوازنا في المعالجة باتت أغلب المؤلفات العربية تفتقدها لاهتمامها الأساسي بالحيز المركزي للوطن العربي المتمثل في مصر والهلال الخصيب ولتركيزها المفرط على المعضلة الفلسطينية وتداعياتها على الأمن المائي العربي.

وانطلاقا من الطرح الصريح والمباشر لإشكالية المياه العربية من حيث التحديات المرتبطة بها والأجوبة التي تتطلبها فقد خلص المؤلف إلى تحديد مكمن أزمة المياه في الوطن العربي وما تتطلبه من حلول بديلة ومشاريع تعاون، وهنا نسجل موضوعية المؤلف في عرض الأحداث التي عالجها وتحديد الاستنتاجات التي انتهى إليها، فلم يلحظ عليه تصور مثالي عاطفي أو نزعة قومية تنكر الواقع القطري حتى في عرضه لفشل مشروع حوض الحماد بين سورية والعراق والأردن والسعودية (1979)، أو مناقشته لمسائل استنزاف المياه الجوفية والتعاون في مجال المياه والوقوف في وجه المشاريع التركية والإسرائيلية.

إن كتاب «المياه العربية: التحدي والاستجابة» للأستاذ د.عبدالمالك التميمي كان بحق استجابة موفقة لحاجة المكتبة العربية ولتطلعات القارئ العربي ولتساؤلات المثقف العربي، فقد وضع إشكالية المياه موضع بحث واستنتاج وحوار ومراجعة، وأسس برؤيته العلمية لمشروع تنموي فيما يتعلق بمسألة المياه يقوم على تجاوز حالة الإحباط والضعف التي يعانيها العرب فيما يتصل بأسباب حياتهم وشروط بقائهم خاصة ما يتصل بالمياه في حد ذاتها أو يتعلق بالجفاف والقحط والتصحر والتعرية واستنزاف الجيوب المائية وتلوث المصادر المائية.

فضلا عن أن الكتاب في حد ذاته يعتبر إسهاما معرفيا يندرج ضمن الجهد العالمي الذي يرى في عنصر الماء هدفا إستراتيجيا متحكما في المستقبل، ويتجاوب مع جهود المنظمات العالمية التي أفردت يوما عالميا للمياه (20 مارس 1992)، ويتماشى مع توجهات الرأي العام العالمي الذي اعتبر عنصر الماء موردا مشتركا للإنسانية وليس مجرد سلعة تحقق الربح، مما يتوجب معه إعادة النظر في نمط حياتنا الاستهلاكية وإضفاء طابع الشفافية والديمقراطية في تسيير شئون المياه واستغلالها والمحافظة عليها لضمان توازن بيئي في الطبيعة وتوفير حياة آمنة للإنسان عبر عنها بصدق المثل البربري القائل: «أيها الإنسان اشرب الماء لتصبح جميلا وانظر إلى السماء لتصبح كبيرا.

---------------------------------------

نعمَ الفتى أنتَ يوْمَ الرّوْعِ قد علموا
كفءٌ إذا التفَّ فرسانٌ بفرسانِ
سَمْحُ الخَلائِقِ مَحمودٌ شَمائِلُهُ
عالي البناءِ إذا ما قَصّرَ الباني
مأوَى الأراملِ والأيتامِ إنْ سغبُوا
شَهّادُ أنجيَة ٍ مِطْعامُ ضِيفانِ
حلفُ النَّدى وعقيدُ المجدِ أيَّ فتى
كاللّيثِ في الحرْبِ لا نِكسٌ ولا وانِ

الخنساء

 

 

 

عبدالمالك التميمي