انشطار فاروق شوشة

انشطار

شعر

في عصر الانشطارْ
ها أنت طرف حائرٌ،
شتته المدارْ
وكلما استدار ناشراً قلوعه
أو مغمدا في صدر حلمه اليدا
أصابه الدوار
فهل مضى اليقين - حينما احتسبته - سدى؟
وهل توقعت زمانا أسودا؟
عليك أن تراجع الذي عرفت
وأن تجاوز الذي أدمنتَ فاسترحْت
وأن تغوص في البحار،
أو تطير صعدا بحثا عن الذي فقدته، أو اكتسبت
من قبل أن تصير بددا
لأن في نصفيك - حين انشطرا -
جرثومة الدمار!
***
ترفض ما تحبه
تحب ما ليس موافقا هواك،
أو متابعا نجم سراك..
ها أنت بين اثنين:
نشوة الجنون وانكسارة الهلاك!
هل حكمتان حكمتك؟ و
خطوتان خطوتك؟
لاتستريحان إلى نهاية
أو تفضيان - مرة - إلى قطيعة مؤكدة
تحميك من تردد، ومن عراك
فما الذي دهاك؟
أدمنت هذا الفخ من تقلب المزاج
وأنت في المابين يستهويك صياد، وتدميك شباك!
وحينما أويت للفراش،
حينما أحكمت خلفك الرتاج
وانبطحت رغائب عاتية مدمرة -
كانت تنوش في دمك
كأنها أزيز حائط من الزجاج
ينهار تحت قبضة الفولاذ ،
أو تناطح الأفلاك -
تنهار فيك حكمة لم يدرها سواك
هل كنت عاريا؟
فخفت من نجيمة رصينة تراك؟
***

لا تكتئب..
دع عنك ما يرين من دمائر الخجل
وستر ما تظنه الفضيحة!
فكل ما تفعله يفعله الجميع
لا الآبق الوحيد أنت
ولا الذي عيناه في الجنة والنار معا
الآخرون - مثلما عهدتهم - منشطرون
فارغون
زائفون
والغون في الفضائل القبيحة!
يسعون سعيك الحثيث لالتهام هذه الذبيحة
والفوز باللذائذ المحرمة
فمن يعف؟ لا أحد
والعاجزون استسلموا للحكمة المريحة!
أحلم باكتمال تلك الشجرة
هذا التوحد الحميم في وداعة النسيم وانطلاقة
العواصف
والنزق المشبوب في عروقها
يمور مثلما تدمدم العواصف
سكينة مريبة، ودمدمة
وفورة عتية، وهينمة
وأنت في ظلالها ملتحف، ومرتجف
تظنها متكأ؟
ما عاد يجدى الاتكاء
ولا انحناءة في فيئها الممدود
باحثا للقلب عن سقيفة وعن غطاء
وللعيون المشروعات،
عن سكينة وعن صفاء
وحين أسدلت شعورها
وانساب صفصاف ينام وادعاً على الكتف
أدركت ما بين السحاب والبروق
ما بين جلوة الغروب والشروق
ما بين سكرة الصبوح والغبوق
من حكمة جذلى
يئودها الترف !
ومن تناغم يزفه الثرى إلى السماء
في صدر عاشق يداه تغرقان في الدماء
ونجمة قتيلة،
أودى بها الحياء
من يوقف الحمى؟
ومن يصادر الرجاء!
ومن يطامن الغلو والصلف
وهو الذي لم يقض منها وطره!
ولم تزل مساحة لطائر أو حشرة
يولد
أو يموت
في اكتمال تلك الشجرة!

 

فاروق شوشة

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات