مزيج الحرف العربي والتراث الخليجي بارعة ياغي

مزيج الحرف العربي والتراث الخليجي

فنون من قطر:

بدأ الفن التشكيلي القطري يخطو خطوات حثيثة ومتقدمة أثبت من خلالها قدرته على ترسيخ التراث القطري من جانب، وقدرته على مواكبة الحركات التشكيلية العربية والأجنبية من جانب آخر.

هذا النمو السريع لحركة الفنون التشكيلية القطرية جاء مع بزوغ النهضة الحديثة في قطر، حيث عمدت الدولة إلى توفير الأسباب الكفيلة برعاية هذه الفنون، فأنشأت المرسم الحر عام 1977 لصقل المواهب الشابة بتعريفهم على قواعد وأساسيات الفن التشكيلي، فكان نقطة تحول مهمة في هذا المجال إضافة إلى مؤشرات اهتمام أخرى مثل إنشاء الجمعية القطرية للفنون التشكيلية، وافتتاح قسم التربية الفنية بجامعة قطر، بالإضافة إلى استضافة العديد من المعارض العربية والأجنبية.

فكانت هذه البداية التي أطلقت فنانين قطريين متميزين، ساهمت المعارض الخارجية والداخلية في مرورهم إلى بقية البلدان العربية وحتى الأجنبية.

وفي دمشق أقامت الجمعية القطرية للفنون التشكيلية أخيرا معرضا فنيا تشكيليا بصالة الشعب للفنون الجميلة، رعته مديرية الفنون الجميلة بسوريا، وافتتحته وزيرة الثقافة الدكتورة "نجاح العطار". شارك في هذا المعرض ستة فنانين وثلاث فنانات هم : جاسم زيني، حسن الملا، يوسف أحمد، علي حسن الجابر، سلمان المالك، عيسى الغانم، حنان بو موزة، وفاء الحمد، سعاد المعضادي.

وفي تقديمه لهذا المعرض قال الفنان "حسن الملا" رئيس الجمعية القطرية للفنون التشكيلية: "إيمانا بما يربطنا بإخوتنا في العروبة والإسلام وتوطيدا لأواصر الصداقة والأخوة بين فناني الجمهورية العربية السورية وفناني دولة قطر، يقام هذا المعرض الذي أبدعت أعماله التشكيلية أنامل نخبة من الفنانين التشكيليين القطريين، والذي يعكس لونا من أصالة التراث وفكرا مستنيرا. ويأتي هذا المعرض تأكيدا للروابط الأخوية التي زادت وتنامت في جميع المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بين شعبينا على مر التاريخ، ونحن نتمنى أن يكون بمثابة خطوة متجددة نحو الازدهار الفكري والثقافي والفني لفناني البلدين ونحو غد مشرق ومستقبل سعيد زاخر بالرقي والتطور وبناء صرح الحضارة الحديثة في بلدينا بصفة خاصة والإسلامية بصفة عامة".

تتميز تجربة أربعة فنانين وهم "حسن الملا، يوسف أحمد، عيسى الغانم، علي حسن " بالاعتماد على الحرف العربي وتقنيته في أغلب موضوعاتهم، والفنان "حسن الملا" من مواليد الدوحة عام 1951، حاصل على بكالوريوس في الفنون الجميلة من أكاديمية بغداد عام 1975، شارك في جميع المعارض التي أقامتها الجمعية القطرية للفنون التشكيلية، وجميع المعارض المحلية من 72 إلى 1988، ومعرض الكويت الرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع من عام 1977 إلى 1989 والمعرض القطري في كل من: تونس- فرنسا- بريطانيا- اليابان- كوريا- باكستان- الهند- تركيا- إيطاليا- دمشق- الكويت- بون- نيويورك- باريس- واشنطن، ومعارض أصدقاء الفن التشكيلي في دول مجلس التعاون: "الإمارات- الدوحة- السعودية- البحرين- الكويت- القاهرة- تونس- عمان- دمشق- بون- مدريد- واشنطن- الدومينكان. وفي بينالي القاهرة، وبينالي أنقرة، وبينالي الشارقة وغيرها من المعارض الدورية لدول مجلس التعاون الخليجي، وهو حاليا مساعد مدير إدارة الثقافة والفنون، ورئيس الجمعية القطرية للفنون التشكيلية بدولة قطر. والمتابع لتجربة هذا الفنان بالحرف العربي والجمل العربية، يجد أنه قد طور تجربته خلال مرحلة طويلة حتى أصبح الحرف العربي في المعرض المقام حاليا بدمشق يلخص وبشكل تجريدي أشكالا تشخيصية، وهو لا يعبر عن معنى معين، وإنما يجسد نوعا من التوشيح والفراغ وتوظيف الكتلة وانعكاساتها على الرؤية البصرية بشكل واضح. ويمكننا أن نعد تجربته من أهم التجارب التجريدية المنضوية تحت مفهوم الحروفية العربية.

كما اعتمد الفنان "يوسف أحمد" في بداية تجربته على الحرف العربي، وكان يحرص على إدخاله في لوحاته بطريقة حس الحفر "الجرافيك"، وقد طور تجربته هذه حتى تلاشى الحرف العربي وغدا في هذا المعرض عبارة عن تمشيرات، لتشكل تكوينات تشخيصية تعتمد على التجريد والتعبير. ومن الملاحظ في أغلب لوحاته التضاد اللوني الذي يشكل حدة التعبير تنعكس مباشرة على عين المتلقي، وهو في ذلك يبتعد عن نطاق تجربة زميله "حسن الملا" لكن برؤية مغايرة نوعا ما.

شارك الفنان "يوسف أحمد" في جميع المعارض المحلية " 72- 1988" وأقام معارض خاصة في " الدوحة- بافلو- واشنطن" واشترك في معارض أصدقاء الفن التشكيلي في "مدريد- القاهرة- تونس" ومعرض الكويت للفنانين التشكيليين العرب، والبينالي الأول والثاني للفن الأوربي الآسيوي في أنقره، وبينالي دكا، وبينالي القاهرة الدولي الأول والثاني.

تشكيل الحرف

أما الفنان "عيسى الغانم" فقد اتخذ الحرف عنده حركات مختلفة، شكل معها مساحة بصرية واسعة ضمن أعماله التي حملت حسا بصريا خالصا بعيدا عن أي تعبير معنوي، واستمدت تجربته في هذا المعرض أهميتها الكبيرة من مفرداتها اللونية "الأبيض والأسود" والتي تشكل طابعا للوحة المعاصرة ذات الرموز التشخيصية والطبيعية المبسطة مع ربط في التكوين بين الحروفية وتشخيصاته بحداثة شديدة الرهافة. و"الغانم" من مواليد الدوحة 1954، اشترك في جميع المعارض المحلية، ومعارض الجمعية القطرية للفنون التشكيلية الداخلية، والمعرض القطري في " تونس- لندن- باريس " ومعرض الصداقة الكوري ومعرض الفنون التشكيلية لدول الخليج العربية في "بغداد-الدوحة" ومعارض الكويت للفنانين العرب " 81/ 89".

ويشارك "علي حسن" زملاءه السابقين في الاعتماد على تقنية الحرف العربي في أغلب أعماله التي بلغت في هذا المعرض تطورا وتقدما ملحوظين، حيث اعتمد لعبة ذكية في شحذ عين المتلقي لرؤية اللوحة بالمفهوم المعاصر، متخليا عن المعاني التي تحملها الخلفية المتشكلة من الحروف المقروءة، المستمدة أهميتها من اعتماده على اللونين الأبيض والأسود، أما في الأعمال التي قدمها بالألوان المائية فهي تحتاج لمزيد من التجربة لتصل إلى مستوى محفوراته الأخرى. وهو من مواليد الدوحة "1956" وأهم المعارض التي شارك فيها: المعرض القطري في النمسا، معرضا المؤتمرين الرابع والخامس لدول مجلس التعاون الخليجي " الدوحة- الكويت" وجميع المعارض المرافقة لزيارة سمو الأمير في كل من " اليابان- كوريا- الهند- باكستان- لندن- فرنسا- تركيا" معرض العيد الوطني لدولة الكويت" 1984 - 1985" وأسبوع لندن الثقافي العربي، وهو حاصل على شهادة تقدير من معرض الكويت العاشر للفنانين التشكيليين العرب 1987، وشارك في المعرض العربي بمدريد وبينالي القاهرة الأول والثاني، وبينالي آسيا وأوربا.

الرحيل للتراث

وبعيدا عن الحرف العربي نجد الفنان "جاسم زيني " يقترب للوهلة الأولى خاصة في أشكاله من فن "الناييف" على الرغم من ارتكازه على بعض الأياقين سواء المقريزي أو غيره من الفنون الإسلامية، واعتمد على تحوير الشكل، لكنه لم يمتلك ناصيته بشكل جيد، لذا جاءت شخوصه معترضة غير محورة بالشكل اللائق إضافة إلى افتقاد ألوانه للنضارة والتوشيح.

وتناول الفنان "سلمان المالك " في أعماله التراث الخليجي والفلكلور الشعبي وملابس المرأة الخليجية برؤية معاصرة ذات فكر فني عالي المستوى، حيث أظهر الإحساس الداخلي النفسي لما تحمله المرأة الخليجية باعتبارها كأي امرأة من العالم تحتضن بداخلها حب التمتع بالجمال وإظهار الفتنة من خلال التقوقع في مؤثرات التقاليد الاجتماعية. كما نلمس في لوحاته الجرأة اللونية الكبيرة كتمازج اللونين الأحمر والأصفر وكأنها وهج أشعة الشمس الخليجية، وقدمها بحس فني داخلي متوقدا. من هنا نستطيع أن نقول إن أهمية تجربته تأتي من تبسيطه الشكلي لدرجاته مع احتفاظه بعمق التعبير من لون، تكوين، كتلة، فراغ وقوة ضوء. و"المالك" من مواليد الدوحة 1958 وحاصل على بكالوريوس تربية وفنون من القاهرة، واشترك في جميع المعارض المحلية ومعارض الجمعية القطرية الداخلية، وفي معرض الكويت الثالث والرابع والخامس والسادس والتاسع للفنانين التشكيليين العرب، ومعرض الأسبوع الخليجي في "باريس- القاهرة- دمشق " وفي معارض خارجية بـ "فيينا- سيئول- إسلام أباد- دلهي- مدريد- الكويت- بينالي القاهرة".

وأتت أعمال الفنانة "وفاء الحمد" متأثرة إلى حد كبير بفن الفسيفساء والأرابيسك والفن التراثي الإسلامي، لكن بقليل من الميكانيكية، الذي يدل عليها تقطيع اللوحة من الأعلى للأسفل ومن الأسفل إلى الأعلى وربط القيم الهندسية والزخرف الهندسي والآلي بالعمل، مع سيادة وحدة تناغمية إيقاعية في بعض لوحاتها على حساب العمل ككل، وركزت على الإضاءة رغم كونها بلاستيكية إلا أنها استخدمت الموشور الأرابيسكي الإسلامي، في حين انعدم المشهد ودلالاته الإنسانية المفترض وجوده في العمل ككل، واعتمدت التحوير والتغريب والنقطة الارتكازية الواحدة التي تتشكل اللوحة حولها.

أما الفنانة "حنان بو موزة" فقد استمدت أغلب موضوعاتها في لوحاتها من الصحراء والعطش والجلد، واستخدمت رموزا مثل " الجمل والإنسان والقمر والبساط " بطريقة تشوبها أحيانا النفسية المضطربة، كاعتمادها على وحدة إنسانية أو عامل زخرفي واحد "الجمل مثلا" في معظم اللوحة، وقد أدت محاولاتها في تقطيعها وإدخال "فونات" العمل ببعضه البعض إلى فقدان التكوين بقيمه الفنية والجمالية.

بينما اعتمدت الفنانة "سعاد المعضادي" على البناء النحتي "روليف " مستخدمة بعض الأقمشة والمواد الخامية المختلفة "كالجبس، الخيش.." وحاولت أن تمشر المساحة إلا أنها وقعت أيضا في مطب التكوين. والفنانة "سعاد" حاصلة على بكالوريوس في التربية الفنية، واشتركت في جميع المعارض الجامعية المختلفة ومعارض الجمعية القطرية للفنون التشكيلية.

 

بارعة ياغي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




لوحة الفنان يوسف أحمد





لوحة للفنان سلمان المالك





لوحة للفنانة سعاد المعضادي





لوحة للفنان علي حسين