شي ميلو فخري لبيب
شي ميلو
كتبتها بالإنجليزية : د . أهداف سويف جلست "ميلو" خلف طاولة دفع النقود، وعلى ركبتيها حرام أبلق شطرنجي ، وفوق الحرام جلست " أتينا ". أتينا كلبة " داكشوند" معززة ، لونها في لون الجلد الثمين، ناعمة، ممتلئة ، لكنها تتقدم دون شك، في العمر، ويمكنك رؤية ذلك في عينيها. أتينا تخاطر، أحيانا، بنفسها فوق الأرضية، تتلكأ فيما بين أقدام النذل، فينتاب القلق ميلو ، فتنحني حينئذ تناديها، فتهرع عائدة إليها، يجب أن يعاونها أحد النذل حتى تعود إلى ركبة سيدتها - دائما ما يقوم محروس، العجوز النوى، بذلك. ربما كان في وسع ميلو أن تتزوج " فيليب "، إلا أن ذلك كان منذ زمن طويل مضى. والآن، تراقب ميلو، طوال اليوم ، الستائر الحمراء المخملية التي نحل وبرها، والتي تحجب مدخل " الرستوران ". إنها تعرف كل زبائنها ، لكنها لا تبتسم لهم أبدا، فقط تومئ في جفاف، للقدامى منهم وأكثرهم انتظاما. السياح الشبان الذين يضلون الطريق إليها، ويضعون أكياسهم المحمولة على ظهورهم إلى جوار الباب، تصيبهم الحيرة من هذه المرأة الضخمة المتجهمة بشعرها الأحمر المخضب، التي لا تغادر البتة مقعدها. إلا أنه رغم التقطيبة الخفيفة التي تكسو ملامحها، عندما تشرد بأفكارها، فإن زبائنها يلمسون رقة في طلعتها - فيعودون مرة ثانية. يجلس مسيو "فاسيلاكيس" العجوز في ركن الرستوران، إلى الوراء قليلا من يسار ميلو، حتى أنها لا تراه ما لم تستدر في جلستها. إنه يجلس إلى منضدة مستديرة وأمامه تلفاز صغير، أبيض - أسود، يرفرف بلا صوت فوق صندوق الفضيات، وشفشق نبيذ أحمر في متناول يده على الدوام. يناهز مسيو فاسيلاكيس التسعين من عمره، يكاد كل اصدقائه - الذين اعتادوا احتلال المقعد الأخر لمنضدته، يشاركونه نبيذه ويحملقون في عشرة ودود في تلفازه المرتعش - أن يكونوا قد رحلوا. ميلو تعرف دوما ماذا يفعل بدقة، حتى إن كانت تحملق بثبات أمامها وهو اليوم متنبه أيضا لما يجري في ركن ابنته: لقد مدت طاولة دفع النقود واستطالت بمنضدة أخرى غطيت بقماش كتان أبيض، ووضع مقعد إلى جوار مقعد ميلو التي تراقب الستائر لغاية بذاتها، إنها في انتظار قدوم صديقة لها. كانت " فرح" أصغر بكثير من أن تكون صديقتها بالفعل، أمها في الواقع، في التي كانت صديقتها. كانت صداقتهما ترجع إلى ليلة عرس "لطيفة"، ولذا فقد عرفت "ميلوه " " فرح " منذ مولدها. ليلة عرس لطيفة. إن بدن ميلو لم يرتجف بالفعل كما ارتجف في تلك الليلة، ولا هي أحست حقا، من قبل ، بأي إحساس يتجاوز أبدا ما أحسته في تلك الليلة. وتذكرت. تذكرت الخزي والشقاء اللذين استدعتهما هذه العبارة في أعماقها. القشعريرة تصعد أعلى ظهرها إلى كتفيها وذراعيها حتى تصيب أصابعها بالخدر، الفراغ البارد في جوفها، الذي عليها أن تحكه، تضغطه بقدر تحتمله - ليلة عرس لطيفة : عندما فرت تهبط سلم الخدم المظلم إلى شقة "مرسي حامد" . لتجد ابنته العروس ، تخلع في الحمام خمارها، وتهدم تسريحة شعرها المتقنة المثبتة بالدبابيس، بجهد جهيد قالت لطيفة وهي ترغي وتزيد، إنني أكره هذه، وهو أيضا يكرهها : سوف نرتدي الثياب الخرقاء ونجلس على الدكة يحملق الناس فينا كقردة. لكنني لا أحس أنني أريد هذا الشيء فوق رأسي ، إنني لن أبقي عليه. ثم استدارت ورأت ميلو فجذبتها وأغلقت الباب بالمزلاج. أجلستها على حافة حوض الحمام، سقتهـا قليلا من الماء، وأخبرتها ميلو بكل شيء. كم كان الأمر غريبا حينذاك ، حتى بدا وكأنها يجب أن تموت ، وأن الغد لن يأتي أبدا، حتى يبدو الأمر يجب وكأنه كان فيلما ، فيلما حرك قلبها حينا من الزمان . رأت ميلو فيليب، أول ما رأت، وسط زياط ويجيب عرس صديق في الكاتدرائية الأرثوذكسية اليونانية في شارع الملكة. كانت ميلو، حينذاك في العشرين من عمرها، طويلة، متينة البنيان ومليحة . كان والدها، الخواجة فاسيلاكيس يجلس إلى نبيذه بعد أن يغادر الرستوران، آخر زبائنه، يراقبها، تخب عبر المطعم المعتم تطوي مفارش المناضد البيضاء الكتانية لتأخذها إلى المنزل حتى تغسلها " فهيمة ". وكان غالبا ما يقول لها، حينئذ، إن لها ساقي أمها الجميلة القد، وشعرها الكستنائي الغزير. كان يلقى دوما بهذه التعليقات في حزن ، ثم يهز رأسه ، يقضم أطراف شاربه الرمادي المتهدل ، بينما يحملق في كأسه . كانت والدة ميلو ، كما عرفت ، فرنسية ، راقصة وجميلة ، وربما لا تزال كما كانت . لقد هجرت ، رغم كل شيء ، زوجها وميلو ، وهي في عامها الأول ، من أجل جندي تركي أسود العينين، قاطع طريق يربي سوالفه ، تبختر ذات يوم صاف من سفينته إلى " رستوران الألايد " في الإسكندرية ، ليدمر عمدا حياة " ثيو فاسيلاكيس " . وظل ثيو ، سنوات ثلاثا ، يقسم اليمين تلو اليمين أن يحطم وجه العاهرة إن تجاسرت وظهرت في " الألايد " ، ويعد بغفران كل شيء إن هي عادت ، إذ كانت ، برغم كل شيء ، والدة طفلته ، ولم يعد ثيو بقادر على تحمل الإسكندرية أكثر من ذلك. باع الرستوران ، وأخذ ميلو وفهيمة ، الخادمة السوداء التي ترعاهما ، إلى القاهرة . وافتتح " شي ميلو " ( الذي غدا للحال " شاميلو " عند المواطنين المحليين ) في شارع عبدالخلق ثروت . وأخذ يتطلع إلى اليوم الذي تصبح فيه ابنته حلية الرستوران وشريكته فيه . رأت ميلو فيليب وسط البخور والشموع المشتعلة . خيل إليها أنه أشبه بملاك . صبي يصعب أن يطلق عليه رجل . كان مليحا ساكنا ، يجلس في أقصى طرف المقعد عند الناحية الأخرى من ممشى الكنيسة إلى جوار العريس . كان بعيدا منفصلا عما يحيط به ، بدا كأنما ينتمي إلى الأيقونات البيزنطية المضيئة فوق الحوائط أكثر مما ينتمي إلى كتلة الناس يتنفسون ويتحركون حوله . كان في مقدور ميلو أن ترى فقط ثلاثة أرباع رأسه في بروفيل له . الوجه شاحب دقيق التقاطيع ، الشعر أسود لامع سبط غير مجعد ينساب في نعومة على جبهة بيضاء . الأنف منحوت ، الفم واسع والشفتان رقيقتان ناسكتان . وعجزت ميلو عن تحديد لون عينيه الثابتتين . الثبات نوع من الرصانة ، مزيج من سكونه التام وهيئة رأسه الأشبه بنور يضيء عتمة الكاتدرائية ، مما خلب لبها تماما . عمدت ميلو ، وليس لها أم تقوم عنها بمثل هذا العمل ، إلى التعرف بنفسها عمن يكون . دبرت مدخلا إليه ، تأكد برغم خشيتها يقينها أنه في السابعة عشرة فقط ، وأنه في مدرسة الفرير الجزويت ، وجدت أن فيليب أطول منها قامة بعدد قليل من السنتيمترات . عيناه رماديتان مائلتان إلى الخضرة رخيم الصوت ، فرنسيته رشيقة ، أكثر رشاقة من فرنسيتها ، وعربيته أكثر ركاكة وتكسرا . اكتشفت أن جلده ، رغم التمعن فيه عن كثب ، مضيء ، تخيلت أنه يتسم بشيء ما غير عادي - يكاد يكون مهلكا للغاية . تاقت إلى أن تبلغ وجهه ، تلمس فقط استدارة عظمة وجنته الهشة ، تريح أناملها في التجاويف القليلة الغور عند الركنين الخارجيين لعينيه بأهدابهما السوداء الطويلة اكتشفت أنه ابن " يني بنايوتيس " القال ، وجار واحد من أقدام أصدقاء أبيها : مرسي حامد ، الذي يمتلك متجرا للأثاث في سوق ميدان العتبة . كان العام 1946، وجنود الحلفاء المنتصرون في كل مكان من المدينة. وجد الخواجة فاسيلاكيس أن ابنته قد أظهرت فطنة، تستحق التقدير ، عندما أعلنت أن عملهم يسير سيرا حسنا للغاية، ومن ثم فإن من الحماقة استمرارهم في شراء زادهم تجزئة من الحوانيت المجاورة وقررت أنها منذ الآن، سوف تشتري ما يحتاجون إليه دفعة واحدة كل أسبوع. تشتريه جملة من السوق. كان مخزن بقالة بنايوتيس يقع عند الحد الخارجي للسوق. يكاد يكون، حقا في شارع الخليج، هذا الطريق الواسع الذي كان حتى وقت قريب، يتحول في نهر في فصل الفيضان، إن ميلو لم تبتعد عن شارع ثروت من قبل إلى هذا الحد، صاحبتها فهيمة التي كانت تعرف شوارع المدينة وأزقتها، في المرة الأولى سارا معا عبر شارع فؤاد يحملقان في واجهات المتاجر الكبرى، ثم عبر ميدان الأوبرا عند أطراف حي الأزبكية سيئ السمعة، عبر الدوامة المزدحمة لميدان العتبة، فالموسكي الضيق المكتظ. أخذت فهيمة تشير إلى محلات بقالة في الأزقة على امتداد الطريق، إلا أن ميلو لم تقبل بأي منها. كان مخزن بنايوتيس هو الذي ذهبتا إليه - وكان ابعد المخازن جميعا. وانتاب الشك فهيمة، فهي ليست بالصغيرة الساذجة. كانت أنفاسها قد بدأت تتقطع وهي تسرع حتى تحافظ على خطاها مع سريعة الخطى التي ائتمنت عليها. ما الذي يمكن أن يحتويه مخزن بقالة حتى يجعل فتاة طبيعية عاقلة، تسير في حماس بالغ إلى نهاية العالم من أجله هكذا؟ هنالك إجابة واحدة محتملة، وزمت فهيمة شفتيها، ولملمت ملاءتها حولها، وهي تعدو وراء ميلو. كان يني بنايوتيس كثيف الشعر أشعثه تتخلله شعرات فضية. أطلق ذقنا وشاربا وحشيين حتى يوازنا جبهته العريضة. أحب نظرات المرأتين فأجلسهما في ظلام المتجر الرطب وقدم لهما الشاي والشيكولاتة. وأخذت ميلو ، منذ ذلك اليوم، تذهب دوما، كل أحد، إلى شارع الخليج. ذهبت أول أسبوع ثم التالي وفي المرة الثالثة وجدته هناك يساعد أباه، يرص شحنة من صفايح الجبن الأبيض. كانت ميلو تحتسي الشاي اللاسع وترقب ظهره العريض يتحرك أسفل قميص قطني رقيق أبيض، بينما كان ينحني ويستقيم وهو يرفع ويناول. حملقت في سرواله الكتاني وهو يشكل نفسه حوله عندما يقرفص أمام الجبن، وعضت شفتها مبقية عينيها فوق الأرض حيث تناثرت نشارة الخشب. أخرج فيليب، عندما انتهى من عمله، منديلا أبيض مطويا. مسح به جبينه. رد على أبيه بطريقة رسمية عندما عرض عليه مشروبا باردا: سوف أتركك حتى تصرف أعمالك، ثم انحنى على يد ميلو: أهلا مدموزيل ، فرصة سعيدة للغاية. أبتسم في عينيها وغادر. استدار يني لميلو يهز يديه ويفردهما على اتساعهما، وللحال رأى العاطفة التي تكنها الفتاة لابنه في لونها الفائر وجلستها المتيبسة. وفكر: آه، الأمر إذن كذلك. من أجل هذا يكون يوم الأحد، دوما يوم الأحد، لقد أشعل فيليب الصغير نارا. وأي نار سوف تكون، قالها لزوجته، في تلك الليلة معلقا ، الفتاة جميلة، وشعرها بالفعل شعلات، قلبت "نينا ركن فمهـا. عبست في وجه زوجها ، وهي تحملق في النقطة الصغيرة التي في يدها : الفتاة كبيرة السن للغاية. إنها تكبر فيليب بأربع سنوات، وعلى يني إلا يستهين بمثل تلك الأمور، إذ يمكن أن يسأم الرجل بسهولة المرأة التي تكبره سنا. الفتاة، بالطبع، من الناحية الأخرى، بلا أم أو أشقاء يثيرون المتاعب، وسوف تكون عندما يذهب مسيو فاسيلاكيس - منحه الله طول العمر- المالك الوحيد لروستوران في موقع جيد للغاية في المدينة. دامت المناقشات ودامت زيارات ميلو للمتجر. غادر فيليب مدرسة الفرير إلى كلية التجارة. ميلو لا تزال تقطع المدينة كل يرم أحد إلى مخزن البقالة في شارع الخليج، تشرب الشاي مع الخواجة بنايوتيس، وتستأجر عربة صغيرة العجلات تحمل لا زادها عودة إلى شارع ثروت، ينتابها اليأس ويضل منها القلب أحيانا، إلا أنها كانت تراه فتنتعش، في كل مرة ، اقتناعها بأن لديه النية بأن نظراتهما قد تلاقت مدة أطول مما سبق، بأن ابتسامته قد طرحت سؤالا، سؤالا " تتوق للإجابة عنه، حتى جاءت ليلة عرس لطيفة. استعجلتها فهيمة منذ أيام مضت، وهي تجلس متقاطعة الساقين فوق الأرض عند قدمي ميلو، وقد امتلأ فمها بالدبابيس وغرقت يداها في حرير التفتا اللامع الأخضر كالزمرد، أن تتحرك : عليك أما أن تخرجيه من رأسك أو تضعيه حيث يجب أن يكون. على المرأة أن تدبر أمرها، وأنت تعرفين ذلك لقد مضت أعوام ثلاثة والأمر مازال، " إنني واثقة من شعوري به يضغط راحتي " ، " لقد لمسها اليوم بالفعل بشفتيه "، ما هذا الكلام الذي لا يغني ولا يفيد؟ أهو عبث أطفال أم ماذا؟ ربما لا يزال أصغر من أن يدرك كيف تجري مثل تلك الأمور. إن بعضا من رجالكم، أنتم اليونانيين هكذا. ماعدا - انظري إلى أبيه: هذا رجل يصلح لك رجل ملؤ هدومه لكنك لن تقضي العمر كله في الانتظار. إنه لا يتكلم، إلا أن لك أنت لسانا. ناوشيه قليلا وانظري أي نوع من الطين هو مصنوع منه... استأذنت ميلو من شقيقة العروس الصغرى " ثريا ". وانسلت بعيدا، حاولت فعلا بعد، تحديد ما الذي جعلها تختار- تلك اللحظة بذاتها، إلا أنها لم تستطع أبدا. إنها تتذكر فقط كيف انحنت وهمست لثريا بكلمات قليلة، ثم تبادلت وفهـيمة، التي كانت تجلس مع الخادمات الأخريات فوق السجادة أسفل مقصورة العرس، نظرة، ثم التقطت ذيل ردائها. بعيدا عن الأرضية واتجهت صوب السلم. دارت ميلو عند ركن من أركان السلم فرأت رجلا يصعد نحوها في الظلام. وقفت ساكنة بينما فيليب، دون أن يكون منتبها يستمر صاعدا الدرجات. لا بد أنه سمع حفيفا أو أحس أنفاسها إذ توقف. نظر إلى أعلى - لاحت مرة أخرى، ابتسامته التي تلمس بالكاد شفتيه، إلا أنها جاءت عبر عينيه. "بونسوار" لم تكن ميلو مشعة، في أي لحظة من حياتها، كما كانت حينذاك، لملمت رداءها بحفيفه الناعم، وذراعيها العاريتين البيضاوين أمام صدر النسيج الرقيق الأخضر، وجاءت "بونسوارها " مجرد همسة. وقف فيليب جانبا حتى يسمح لها بالمرور ، إذ كان يعرف بالطبع أن التلكؤ فوق السلم من أكثر الأمور غير اللائقة. رفعت ميلو ثوبها وهي تهبط في بطء. خفقت الموسيقى في بئر السلم. حاذت ميلو فيليب واستدارت كأنها ستعبر جانبا لضيق السلم، توقفت. كانت قريبة منه إلى حد إحساسها باحتكاك صدرها به، سقط رداؤها حول ساقيه. رفعت ميلو رأسها ، نظرت عيناه في عينيها همست باسمه - أفلتت يدها التافتا المنكسرة، ارتفعت تستريح في رقة فوق وجنته. الآن، الآن يجب عليه أن - لكن فيليب. حسن التربية، لم يخط إلى الوراء، وقف في بساطة بلا حراك - انسحبت يد ميلو بعيدا إلى وجهها، إلى رقبتها. أمسكت بردائها مرة أخرى، استدارت في سرعة، تتعثر في درجات السلم، في حجرة الحمام حيث كانت لطيفة تشد ما يمسك بشعرها. عبست ميلو وهي تنظر إلى الستارة الحمراء التي كانت تنفرج لتسمح بدخول امرأة شابة مليحة في رداء قطني أحمر قصير الأكمـام، وحذاء رياضي مفتوح ونظارة شمس دفعت بها في قمة رأسها وقد عقدت إلى الخلف شعرها الأسود الذي يصل إلى كتفيها، شيري، قالت ميلو وهي ترفع يديها. استيقظت أتينا ودمدمت عميقا من حلقها. " تانت ميلو"، قالت فرح وهي تنحني تضم كتفي ميلو وتقبلها في وجنتيها. جلست فرح على المقعد المجاور لميلو، طلبت من نادل كان يمر أن يأتيها ببعض الماء المثلج. أخذت تروح لنفسها بإحدى المجلات، دغدغت أذني أتينا وبدأت شعائر شكواها من مكان وقوف السيارة والحرارة: لقد أوقفت السيارة عند الأوبرا وجئت سائرة كل هذا الطريق. لكنه المكان الوحيد على وجه الإطلاق. كما أنني سأذهب لرؤية تانت ثريا فيما بعد، ولذا فإنني أعتقد أنه مكان مناسب. إنها لا تزال في شقة جدك القديمة - ليرحمه الله؟ أوه، نعم، إنها لا تزال في العتبة، الحمد لله أن هذا لم يتغير. كل شيء كما كان بالضبط مثلما كان وقت حياة جدي، حتى فراشه مازال هناك، اوه، وقد تذكرت وهل يجب أن أقول هالو لمسيو فاسيلاكيس، أم أن ذلك سيثير قلقه؟ لا تزعجي نفسك بذلك، قالت ميلو، إنه لن يعرفك على أي حال، لقد غدا أكثر غموضا منذ وفاة فهيمة. كان معتادا عليها. فليمنحه الله طول العمر. آه، حسنا إنه يمنحه بالتأكيد طول العمر، وافقتها ميلو. الآن.. الأمور لا بد صعبة عليك. تانت ميلو، قالت فرح في تردد. كانت ميلو صامتة وقد وضعت أصابعها فوق ظهر أتينا. لم تبتسم. وقفت فرح. سأذهب إليه وأحييه. لم تستدر ميلو بينما ضيفتها تنحني فوق العجوز، تنطق اسمه في رقة. حول الرجل عينيه الدامعتين وقد احمرت حوافهما ، من الحياة الساكنة للزهور في التلفاز إلى أعلى. أنني فرح، مسيو، هل تتذكرني؟. أو مما ثيوفاسيلاكيس عدة مرات ثم عاد ينظر في الشاشة. وضعت فرح يدا مترددة فوق كتفه. قال في رقة، كل شيء على مايرام، ست فرح. الخواجة بخير اذهبي واجلسي مع ست ميلو، ماذا تحبين أن تأكلي في الغداء ، الفتة اليوم طيبة للغاية. آكل فتة يا عم محروس؟. نعم. ولما لا؟ لا تحدثيني عن الرجيم. أنت نحيفة مثل العصى. إن بعضا من اللحم عليك يناسبك اذهبي واجلسي مع المدام. سأحضر لك غداء طيبا. دعي الأمر لي . عادت فرح إلى مقعدها. نامت أتينا أو كانت عيناها على الأقل مغمضتين. نظرت ميلو إليها وابتسمت. حسنا قولي لي يا شيري، كيف حال ماما ؟ حسنة للغاية، هزت فرح كتفيها لا مبالية. اعتقد أنها سعيدة حيث هي، بعيدة عنا جميعا . أي خسارة أن تبقى بعيدا هكذا. لن ييسر ذلك الأمور عليك؟ خاصة الآن؟ كلا. أنني أحب التحدث إليها أحيانا. والعيش مع أبي، دون أن تكون في هنالك، أكثر صعوبة على نفسي، برغم اعتقادي بصورة ما أن وجودهما معا ليس بالأمر الواقعي ، حيث كانا يتعاملان بطريقة سيئة للغاية - لست أعرف. إن تانت ثريا، تقدم لي، برغم ذلك كثيرا من العون العملي، مثل العناية " بتيدي " بدلا عني . كمـا أذهب في بعض الأحيان، للبقاء معهـا عندما تتفاقم الأمور مع دادي، إذ أحسن بالراحة أكثر كثيرا وأنا في منزل جدي - في مكانها في الحقيقة. هنالك حيث شببت ، كما تعرفين ، وكل تلك " الأشياء، لكنني بالفعل لا أستطيع الحديث معهـا . إنها شغوفة بك. لقد كنت دوما طفلتها. لكنها الآن مسرورة للغاية. هو ضرب من الألم . هي ثائرة على الدوام مع أونكل - زوجها. لقد خيب ابنها أملها تماما، وهي ، طوال الوقت تقول له ذلك أنها تضغط على كي أعود إلى والد تيدى، وعندما أقول لها اننا لم نكن سعداء معا، تنظر إلي وكأنني مصابة بالجنون وتقول، وماذا بعد؟ من هو السعيد في هذا العالم؟ يبدو أن والدتك سعيدة . نعم، لكنها تفعل كل ما تفعل بطريقة خاطئة، إنها تكتشف الحرية ومتع الحياة الآن، بمفردها، بعد مليون عام من الزواج. وحتى الآن. لايزال لها حق في ذلك تقول إنها تقرا وهي في السرير حتى تسقط نائمة. تنام والنافذة مفتوحة. لا تبالي بطهو الطعام ، تأكل سلطات وفوات جاهزة، قالت فرح وهي تقهقه . ألن تتناولي أي غداء أم ماذا؟ نهضت فرح على ندميها، كان مسيو فاسيلاكيس يقف في أعقابها ، حسنا لن تقدمي لصديقتك شيئا تأكله؟ تساءل متأففا. نظرت فرح إلى ميلو وأجابت في سرعة، عم محروس يجهز لي بعض الطعام خلال دقائق. ألن تشاركنا مسيو. محروس، محروس، لقد غدا عديم الفائدة، هذا الأبله لعجوز. لقد فسد عقله من الهرم، كان فاسيلاكيس بنظر حوله وهو يهمهـم. التقطت فرح مقعدا من أقرب منضدة. هاك مسيو فاسيلاكيس، اجلس معنا من فضلك. وأصبحت الآن جالسة بين العجوز وابنته . أين طعام ضيفتك؟ نظرت فرح إلى وجه ميلو الجامد. تصاعد قلق من أعماقها، قلق قديم تألفه. لقد سمعت جدها يستخدم لسنوات هذه النغمة مع ابنته التي اختارت البقاء معه ورعايته. راقبت لسنوات وجه تانت ثريا الجامد والنظرة المنقبضة التي تماثل تلك النظرة تماما. وظهر محروس يحمل الصينية قال هاشا باشا: هكذا الهمة يا خواجة ، تشارك السيدتين وتمنح التلفاز فترة راحة، أنه لا يقدم شيئا، فقط كلاما فارغا على أي حال وكل ما يقال مكرر. وضع الأطباق أمام فرح. سأذهب لأحضر نبيذ الخواجة. تناول ياست ميلو كأسا مع الخواجة. قال يستحثها. هزت ميلو رأسها. وضع شفشق النبيذ ونصف كأس مملوءة به فوق المنضدة. كلي بالهناء والشفاء. ابتسم محروس لفرح. أنت تحملين معك إلينا طيب الصحة والنور للرستوران . وماذا عنك أنت ؟ ربتت ميلو أتينا واستمرت كأن شيئا لم يقطع حديثها. ماذا عنك أنت يا صغيرتي؟ هل أنت أيضا أحسن حالا وأنت مستقلة. أوه تانت ميلو، تنهدت فرح وهي تنخس القرع المحشو. صعب للغاية أن تكوني امرأة مطلقة هنا. لم أفكر أن الأمر سيكون هكذا. ذلك أنه ليس لك شقتك الخاصة ، ورفعت ميلو يدا عن أتينا ومدتها لتربت فرح. سوف يختلف كل شيء عندما تكون لك شقتك الخاصة . لكنني لن أحصل أبدا على شقتي الخاصة؟ وضعت فرح شوكتها . لقد اشتريت بالفعل شقة. لكن الرجل لم يبدأ البناء بعد. كل شيء فوق الورق. أنه أن بدأ غدا فسيستغرق الأمر خمس سنوات على الأقل. وأنا بلغت الثلاثين على وجه التقريب. ما كنت أفكر حقا أن الأمر سيكون بهذا القدر من الصعوبة. كل شيء الآن صعب، كل شيء. أو ما مسيو فاسيلاكيس. وضع كأسه فوق المنضدة مال إلى الأمام واضعا كل راحة من راحتيه فوق واحدة من ركبتيه. كل شيء تغير . غدت الحياة صعبة، صعبة للغاية، هز رأسه، واستدار إلى فرح، لا بد أن تكون ابنتك الآن " مدموزيل " جميلة ، إه ؟ لدى فرح ولد صغير يا بابا اسمه تيدي ، يكاد يكون في الثالثة من عمره ، ثم استدارت إلى فرح ، يكاد يكون كذلك، إنه رائع للغاية. كنت أود إحضاره معي، لكنه يقضي اليوم مع أبناء عمومته. أنه الآن كل حياتي ، تانت ميلو. ولا أدري ما الذي كنت افعل ما لم يكن معي إ نني آسفة . كل شيء على ما يرام شيري . ربتت أتينا وحكت عنقها، لا تنزعجي. كل ذلك الآن ماض بعيد. بعيد لكن ماذا أذن عن الرجال ؟ الرجال، أي رجال ؟ كان مسيو فاسيلاكيس قد استدار ليرى ماذا يجري في التلفاز لكنه استدار الآن عائدا مرتابا ، أنت متزوجة يا طفلتي لقد ذهبت ابنتي بنفسها إلى عرسك . لمست فرح ذراع ميلو في رقة، أنا مطلقة، مسيو تركت وزوجي كل منا الآخر. مطلقة، مطلقة، ذلك كل ما يسمعه الواحد منا في أيامنا هذه . لم يعد أحد بقادر على الصبر، قال مسيو فاسيلاكيس وقد أصابه الكدر، لم يكن الأمر كذلك في أيامنا، كان على المرء أن يتريث. ربما يقدم أحد الشريكين على اقتراف خطأ ما ، حينئذ يكون على الشريك الآخر أن يتريث أن شد أحدها قليلا، رجب على الآخر أن يرخي قليلا، بهذه الطريقة يمكن للعالم أن يستمر. الحياة تحتاج إلى الصبر. إه.... أنت إذن مطلقة؟ ذلك إهدار لما صرفه والدك من نقود على عرسك لقد أقام لك عرسا كبيرا، وأنا أعرف ذلك، كانت ميلو هناك، والدك رجل يعرف كيف ينجز ما يفعل، أنه رجل حقيقي . وكررت ميلو في هدوء. وقد صمت والدها لحظات قليلة يمتص أطراف شاربه ويهز رأسه حزنا ، إذن ماذا عن الرجال يا عزيزتي؟ عاد مسيو فاسيلاكيس مرة أخرى " ابتعدي عن الرجال " نظر إلى فرح بجدية واهتمام. أنهم جميعا أبناء زنا، أن للواحد منهم شكله ونظراته المؤثرة في حين نخر الدود أعماقه. دعيهم وشأنهم، خاصة الآن، لقد كان هناك رجال. لماذا اعتاد الملك تناول عشائه هنا وإيدن أيضا. لقد أكل على هذه المنضدة هناك ، مع مونتجمري وأنطوني ايدن، كل تعرفينه؟ وأومأ لفرح فأومأت ترد عليه ثم استدار بطيئا في مقعده لينظر في التلفاز. أنا لا أهتم بذلك، تانت ميلو. لا اهتم حقا. أن القليلين منهم، رجلان في الحقيقة، لا من كنت أقرب للميل إليهما، كانا متزوجين بالفعل، زواجا راسخا. وكان أمامي عرض بالزواج، لا بد سمعت به لقد قال " إنني على استعداد للتغاضي عن حقيقة كونك مطلقة "، والمفروض فيه أنه كان " تقدميا "، كلا. كما أنني بالإضافة إلى ذلك، لا أرغب في أية نزاعات حول تيدي كان هنالك -، وتوقفت فرح، إنني أفكر بالفعل في تسوية ما. تسوية؟. زواج مناسب. اعتقد أنه يدعى كذلك لقد ضقت بكل السقط العاطفي. أنا أعرف إنني لن أحب ثانية ولا أود أن أحب، لكنني بالفعل في حاجة إلى أن يتاح لي ما يعينني على الحياة. إنني في حاجة في مكان أعيش فيه. عم تتحدثين؟ هل هذا مذهب نظري، أم أن هنالك شخصا حقيقيا تفكرين فيه في مكان ما ؟ أوه ، أنا لا أفكر حقا في هذا الأمر أبعد من ذلك. لكن، نعم، هنالك شخص ما. إلا أنه ، في الحقيقة، مضحك للغاية. هل هو شخص في النادي ؟ صديق دراسة قديم ؟ ما المضحك فيه ؟ كلا، كلا. أنه ليس واحدا من هؤلاء. أنه جار لتانت ثريا، ربما تعرفينه... حملقت ميلو في فرح. هل تعرفينه ياتانت ميلو ؟ مسيو فيليب ؟ بنايوتيس؟ تانت ميلو؟ كلا، لا ، حقيقة لا اعرفه. حسنا، كانوا طوال حياتهم جيران تانت ثريا، أعتقد أنه حقيقة عجوز للغاية ، برغم أنني لا أعرف كم هو عجوز بالضبط. غير أنه، برغم ذلك لا يبدو سيئا- هو على خلق رقيق للغاية، وتيدي يحبه. لكن يجب أن أقول إن الشقة كانت دافعي الأساسي لهذا التفكير. أنها شقة رائعة : السقوف المرتفعة ، الكرانيش، الطرقات الطويلة كما يوجد في شقته أيضا بعض أوراق الحوائط، من تلك المسابقة على الحرب، التي تبدو وكأنها قد لصقت بالأمس. هنالك بالطبع، أيضا، كل ذلك الأثاث المذهل الذي كان لوالدته عندما كانت عروسا، وكأنه بالطبع، منذ سنوات قليلة مضت، تصوري هذا . إلا أنني أعرف خطأ تفكيري هذا. هنالك، على أي حال نوع من الخيال في كل ذلك - ولكن كيف حدث أنك لم تلتق به أبدا ، تانت ميلو؟. التقيته في المناسبات، الأفراح وما شابه، ذلك كل ما في الأمر . حسنا، إنه ونينا والدته فقط . له أخوات ، لكن المقام استقر بهن إلى الأبد في اليونان. والده توفي منذ زمن بعيد، لكن مسيو فيليب يعيش مع نينا ومن الغريب حقا عندما تفكرين فيه، أنه يمارس نفس الوظيفة منذ تخرجه، هذا ما تقوله تانت ثريا، وظيفة ما صغيرة ، الإمساك بحسابات جارية ، أنها حقا لا تتحدث عنه برغم ذلك - فقط تقول، أن فيليب لا يتغير أبدا كل ما في الأمر. لكنها أخبرتني أنه لم يضطلع بعمل أبيه عندما. مات العجوز مسيويني . يني ، إه . العجوز يني البقال ؟ استدار مسيو فاسيلاكيس نصف استدارة فقط. كان رجلا طيبا أيضا مثل والدك فليرحمه الله. لم نكن نراه كثيرا، إلا أن ميلو اعتادت شراء بقالتنا منه كل أسبوع . كان متجره عند نهاية الموسكي تماما. كانت تذهب هنالك كل أسبوع وتعود بالبقالة فوق عزبة. كان يمنحها تخفيضات طيبة ، للزبائن القدامى- كما تعرفين ولليونانيين جميعا قد عادت بناته إلى أثينا، لكن كان له ابن أيضا، صبي جميل. كانوا يقولون هكذا، وقد ذهب إلى الجامعة ، لكننا لا نعرف عنه شيئا. هل أعجبتك الفتة ياست فرح ؟ ، كان الكدر قد حل بمحروس بسبب هذه الكومة من الخبز والأرز المتروكة في الطبق. كانت لذيذة يا عم محروس. لكنني لم أستطع إنهاءها مطلقا. أخشى أن أكون، برغم ذلك، قد التقطت كل اللحم. ليس هذا بكاف ياست فرح. ليس بكاف. كما أنني التهمت خضراواتي، ابتسمت فرح للنادل العجوز وهو يرفع الأطباق. ونظرت ميلو إلى فرح ، متى قلت أنك ستتزوجين - هذا الرجل، الذي يطلبك؟ أوه ، إنني لن أتزوجه تانت ميلو ، كنت، كما تعرفين أتلاعب بالفكرة فقط. ولكن كل سألك هو الزواج؟. نهضت أتينا حاولت مغادرة ركبتي سيدتها، إلا أن ميلو أمسكت بطوقها. أوه ، كلا. حسنا ، إذن؟ لكنه سيفعل إن شئت أنا له أن يفعل. لكنه مسيحي أرثوذكسي. يمكنه أن يصبح مسلما. لكن كيف تعرفين؟ كيف تعرفين أنه سوف يفعل ذلك ؟ تانت ميلو، الواحدة منا تعرف مثل تلك الأشياء. هناك بالقطع شيء ما في عينيه عندما ينظر إلي . إنني عندما ألقاه فوق السلم أو عندما يأتي إلى منزله ويجدني أتحدث مع نينا دون كلفة، أراه ينظر إلى دائما وكأن شيئا رائعا قد حدث. إنني لا أتحدث مع تانت ثريا في مثل تلك الأشياء، إلا أن نادية أصغر عماتي قد لاحظت ذلك، وقالت إن مسيو فيليب يكن لي حنانا. نادية ، إنها حقا حبيبة والدك ، أليست كذلك؟ انتفض مسيو فاسيلاكيس. كان يحضرها معه إلى هنا عندما كانت بهذا الارتفاع فقط! " آخر العنقود سكر معقود، كما كان يقول، كيف لي أن أعرف ذلك، لم يكن لدي غير ميلو، واسترخى مسيو فاسيلاكيس مرة أخرى ومد يده إلى كأسه. لقد كانت كل شيء لي. كل شيء . ظلت ميلو ممسكة بطوق أتينا. أخبريني، قالت وهي تنصب قامتها، أخبريني ، ماذا أن اعتقدت أنت أن رجلا يكن لك حنانا، لكنه لا يفعل حياله شيئا وأردت أن تستر قليلا، وأقدمت على حركة ، حركة لا يخطئ مغزاها ، حركة لا يستطيع أي امرئ أن يتظاهر بعدم إدراكها. وتجاهلها - تجاهلك أنت. بماذا تحسين ؟ لا يمكن أن يحدث ذلك ، أجابت فرح في حزم. ولكن ، إن حدث ؟ لا يمكن أن يحدث، ولكن إن حدث، فإنني أعتقد عندئذ، أنني يجب، في بساطة، ألا أفكر فيه بعد ذلك. لكنها، تانت ميلو كلمة ممتعة. أليست كذلك ؟ أية كلمة ؟ الحنان . آه ، قالت ميلو. الحنان.. نعم.
|
|