قصص على الهواء

قصص على الهواء

قصص لأصوات شابة تنشر بالتعاون مع إذاعة بي. بي. سي العربية
لماذا اخترت هذه القصص؟
--------------------------------------------

سجادة الخضر لمحمد عبدالشافى القوصى:
تضعك القصة فى حالة تأخذك من واقعك. تتجول بك مع الحسن وعلى وابن الخطاب والصديق ويوسف بن يعقوب وعرش سليمان. وتتناص مع القرآن الكريم. أعجبت فؤادى وحركت وجدانى. رغم أن عقلى نبهنى إلى بطلها لم تضف إليه أحداثها أى تغيير. بل إننا لا نكاد نعرفه. وأن الحضور اللغوى فيها يطغى على السرد.

مشاهد متباينة للغربة. لتامر سمير عبداللطيف:
ثلاث قصص قصيرة جداً. هى: مشاهد متباينة للغربة. يوم غير عادى. ذكريات عدم. هذا اللون من الكتابة الجديدة مثير وكتابته تتطلب جهداً من الاختصار والتركيز والتكثيف وربما المحو أكثر من الإضافة. لا أذكر القاص الذى قال إنه قد يصل إلى كتابة قصة السطر الواحد. ربما كانت واحدة من أمنيات نجيب محفوظ بعد الحادث الذى تعرض له. وهذه القصص الثلاث خاصة الأخيرة منها. قد تحقق هذا الطموح.

قبل أن يبدأ الحفل لفهد الحمادى:
جملها متوترة، لغة سردية. يحاول كاتبها أن يجتهد فى التقريب بين الفصحى والعامية. لا أعتقد أن الاعتصام بالفصحى المعجمية. ورفض عامية النطق قد يمكننا من إحداث تطور لغوى حتى نصل إلى نهاية معقولة لهذه الثنائية. فى قصته ما هو أبعد من الجهد اللغوى ومحاولة المزج بين الفصحى والعامية. لأنها مشكلة تركها المبدعون للنقاد. واعتبر النقاد أنها مهمة المبدعين. ومازالت معلقة.

طقوس الغضب لعيسى بن محمود:
سرد جميل. يقف عند تخوم الأرض. وبدايات البحار التى بلا شاطئ آخر. وأدب الرحلة قديم فى التراث العربى. والعرب قدموا للبشرية أهم الرحالة. والوطن العربى يطل على بحار كثيرة ومع هذا ما أقل أدب البحار فى تراثنا العربى. وعندما أجد شاباً يتسلل البحر لكتابته أفرح وأسعد وأتغاضى عن بعض الهنات البسيطة.

كانت مجرد قيلولة لوليم ياسين عبدالله:
إن هذا الشكل فى كتابة القصة القصيرة يتسلل للأجيال الشابة والطالعة من كتاب القصة. وليس لديّ موقف ضد أى مغامرة فى التجريب، بشرط أن تتسق الكتابة مع ما يريد الكاتب قوله. كانت مجرد قيلولة. قصة وليم ياسين عبدالله. تهاجر إلى اللاواقع. ثمة رغبة فى محاكاة حكايات ألف ليلة وليلة. خاصة حكايات السندباد البحرى. والهروب من الواقع المعيش. هو بحد ذاته موقف من هذا الواقع.

-------------------------------------------
سجّادة الخضر!
محمد عبدالشافي القوصي - مصر

على غير العادة؛ خرجتُ في عجل.. وحتى السائل المسكين الذي استوقفني لم أكترث به؛ لأنني كنتُ عازماً في هذه المرة على رؤية «الخضـر» مهما كانت العقبات!

وبعد مسيرة شهر أو يزيد، وصلتُ إلى الخيمة.. وقبل أن أطرق الباب، ناداني الحاجِب: ارجع فتوضأ. قلتُ: إنني متوضئ.

فقال: وضوؤكَ يحتاج إلى وضوء!

ولمّا توضأتُ، وأقبلتُ على الخيمة، ناداني: اذهب واغتسل، وانطق بالشهادتيْن!

ففعلتُ ما أمر به، ثم أتيته.

فقال لي: استغفر الله ألف مرة حتى يُؤذَن لك.. لعلّ.. وعسى!

فظللتُ أستغفر وأستغفر حتى هممتُ بالرجوع.

فقال: استغفاركَ يحتاج إلى استغفار!

قلتُ أيّ ذنبِ اقترفته أنا في هذا اليوم؟ فقال: انظر إلى يدكَ الملطّخة بدماء الحـلاّج!

وفي الليلة الثانية، استأذنته في الدخول.. فقال: لن ترى «الخضر» حتى تتحلّى بالأدب وتتواصى بالصبر الجميل...

حتى «ابن الخطاب» نفد صبره، وبعثَ منادياً في المدينة ينادي: مَنْ يشتري الخلافة من «عُمَر» بأربعة دراهم؟ فقلتُ له: لو فعلتَ ذلك، لأحزنتَ «الصِدِّيق» في قبره، لأنه عهد إليكَ بهذه الأمانة!

ثم وضع الحاجِب يده الحانية على كتفي، وقال بحزن شديد: لماذا يبدو عليكَ القلق؟

فشكوتُ له الغُربة وطول السفر. فقال: لو أنكَ أجبتَ السائل الواقف بجوار بيتك، ما كنتَ تحتاج إلى هذا السفر البعيد!

ثم نظر إليّ نظرةً فاحصةً دقيقة، وسألني: كيف تعيش في هذه الدنيا أيها المُريد؟ قلتُ: لا أحمل هَمّ اليوم ولا الغد.. ولا أخشى فوات الرزق. فضحكَ ساخراً، وقال: هيهات هيهات.. هكذا تفعل كل الدواب، حتى الكلاب الضالة، لا تحمِل هَمّ الغد ولا بعد الغد، ولا تبحث عن الطعام إلا إذا أُلقِيَ إليها!

* * *

وقبل الرحيل.. قلتُ: هل يحق لي - يا سيّدي - أن أسألكَ سؤالاً واحداً؟

فابتسم، وقال: لعلّكَ تريد أن تعرف من هذا الفتى الجميل الذي خرج مسرعاً من الخيمة.. إنه «يوسـف», الذي هَمّ بامرأة العزيز! أمّا الذي لم يهِمّ فهو أحد مريدي السائل الذي استوقفكَ عند منزلك! ولو لم يكن كذلك لما استطاع أن يأتي لسليمان بالعرش قبل أن يرتدّ إليه طرفه!

ثم نظر إليّ الحاجِب بشفقة، وقال: ارجع الآن من حيث أتيتَ يا فتى، واستغفر كل ليلة ألف ألف مرة، حتى تتطهّر من الأحقاد والأوهام والبدع والجهالة والظنون.. لتحظى - ولوْ مرة - بالجلوس على «سجّادة الخضر» ليعلّمكَ بعضاً من أسرار البَسْمَلَة!.

مشاهد متباينة للغربة
تامر سمير عبداللطيف - مصر

(يوم غير عادي)

بدأ الاستعداد للخروج في السابعة مساء حيث تعوَّد، يرن هاتفه فيواعد صديقاً له باللقاء.. يأخذ حماماً دافئاً ثم يسمع الهاتف يناديه يخرج مسرعاً يرد على صديق آخر ويتواعدان على اللقاء يعود ليجد المياه قد انسابت فأخذ يجفف ما بللته المياه يدخل ليعد فنجان قهوته، يقلقه رنين الهاتف فيرد على صديق ثالث ويواعده باللقاء يعود ليجد قهوته قد فارت والأرض رشفتها، يدخل ليكوي قميصه ورن الهاتف ورد بغضبٍ على رابع ويعده باللقاء في نفس المكان، عاد لقميصه وجده احترق فندب حظه. غيّر القميص.. ارتدى ملابسه.. نزل مسرعاً.. ذهب للمقهى كما وعدهم فلم يجد أحداً.

(ذكريات)

جلستْ وضوء الشمعة الخافت، والموسيقى الكلاسيكية والمرآة القديمة يشوبها بعض الصدأ، وفنجان القهوة الفارغ ورائحة التبغ التي تسيطر على المكان.. تـتـأمل صورة عُرسها ذات البرواز الفضى التي يحتضنها العنكبوت، تذكرت زوجها الخائن الذي تزوج صديقتها الخائنة.. ووفاة ابنها الصغير في حادث ونقلها لمستشفى الأمراض النفسية.. تذكرت وبكت.. صفق الحاضرون ثم حيّاها المُخرج.

(عدم)

لم يشعر بى ساعي البريد وأنا أمامه وكأنه ما رآنى دس الخطاب في حقيبته ورحل تاركاً اندهاشي، نزلت مسرعاً أسأل الجيران عني فلم يجيبوا فأخذت أبحث عني ذهبت للمقهى الذي تغير منذ أن ارتدته من شهر فلم أجدني النادي.. المطعم.. المكتبة.. كل شيء مختلف ولم أجدني، عدت للبيت فتحت لي الباب دخلت نظرت في المرآة ولم...... !.

قبل أن يبدأ الحفل
فهد الحمادي - اليمن

«شباب.. باكر مثلما تعرفون.. عيد الميلاد، وكل واحد منكم يعرف اش راح يسوي، واحب أؤكد لكم أن معالي وزير التعليم العالي راح يزور الجامعة وراح يشاركنا احتفالات ميلاد القائد- حفظه الله ورعاه - وما راح اقبل أي عذر من أي طالب يتخلف عن واجبه والا يكون حسابه عسير».

تمتم رئيس القسم بكلماته تلك بنبرة حادة واهتمام بالغ قبل ان يهم بالانصراف، ولم يدهشني النشاط والهمة والعمل المتقن لزملائي في الاعداد والتنظيم، حيث سبق لي ان عشت معهم هذه المناسبة ثلاث مرات على التوالي وألفتهم على هذا المنوال.

وسعت خطواتي قاطعا الممر المؤدي الى الباب الرئيسي للجامعة مغمضا عيني عن كل مظاهر الاعداد لاحتفالات الغد.

ابطأت من خطواتي حين شد انتباهي طوابير من النساء على الميدان الواقع في الجانب الأيسر من الممر وهن يهتفن هتافات لم أسمعها جيدا.. كن في زي عسكري موحد وكان يقف امام كل طابور رجل بالزي العسكري ايضا..

وانا غارق في التأمل لمحاولة فهم ما يدور، طبطبت يد على كتفي مع صوت مألوف: «ها عجبك المنظر؟».. استدرت ليطالعني وجه زميلي احمد. حييته وبادرته بالسؤال عما يدور.. «ماتعرف؟ ستات الجامعة يدربون في جيش القدس».

الشارع الذي يطل عليه مبنى الجامعة ازدحم بمظاهر الاحتفالية:..صور.. شعارات..ادوات زينة.. جداريات؛ وقد انتشر على طول الشارع وعرضه عدد من قوات الامن وسيارات الشرطة.. «هذه السنة الاحتفالية اكبر من السنوات السابقة»، احمد هو الوحيد من بين زملائي الذي لا يعطي هذه المناسبات اهتمامه البالغ فلم يهتم إلا بصب لعناته على كل فتاة من فتيات الجامعة تظهر ساقيها بثوب قصير..

«الأستاذ أكرم راح يبطل يدرسنا».. قالها من دون مبالاة كأنه فقط يريد إلغاء موضوع الاحتفالية، ورغم لا مبالاته الا ان الخبر صعقني بشدة، حيث ان علاقتي بالأستاذ أكرم لم تكن مجرد علاقة طالب باستاذه فحسب بل كانت تتعدى ذلك الى ما هو اكثر..

ولا أنسى له الوقوف معي في كثير من المواقف منذ قدومي للدراسة قبل ثلاث سنوات..

إنني اعرف جيدا علاقته برئيس القسم، هي علاقة متوترة طوال العام، وغالبا ما كان الاستاذ اكرم يخصص دقائق من محاضرته لانتقاد ما لا يراه مناسبا في رئيس القسم والقسم بصفة عامة..

لم أتبادل اطراف الحديث مع زميلي احمد على غير العادة طول الطريق المؤدي الى المنطقة التى أسكن فيها.. وصممت اذني عن هتافات الطلاب داخل الباص الحكومي «بالروح.. بالدم...».

بالقرب من منزلي.. وجدت الباب مفتوحا على غير العادة.. دلفت الى الداخل لأجد الشغالة أم علي منهمكة في عملها...

«اليوم تأخرت عندنا أم علي».. «علي مرض وتأخرنا في المستشفى».. وما ان انتهت من عبارتها تلك حتى بدات بالتذمر وصب جام غضبها على وضعها ووضع اسرتها و.. و.. كعادتها.

حاولت مواساتها غير انها لم تتوقف عن تذمرها وحنقها..

دلفت الى غرفتي لأفتح الراديو لسماع الأخبار الجديدة، استقر مؤشر الراديو على اذاعة الـ«بي بي سي» كالعادة، وما ان بدأ المذيع بقراءة الخبر الاول حتى دلفت ام علي لاشباع فضولها المعتاد «شلون الاخبار.. ماكو خبر على رفع الحصار؟».. رغم انني سمعت سؤالها جيدا والذي تزامن مع اصوات هتافات لفرق حزبية وشعبية على الشارع الذي يطل عليه المنزل «بالروح.. بالدم....»، الا انني تجاهلت سؤالها ورحت اركز انتباهي على صوت المذيع وهو يقول.. «الرئيس الأمريكي يأمر بإرسال أول حاملة طائرات الى الخليج».

طقوس الغضب
عيسى بن محمود - الجزائر

لا داعي للنظر إلى موطئ القدم، فالذي أمام عينيك يشعرك بالغواية، يأخذ بك إلى ما بعد النظر، يأسرك تشكل الأمواج، تقترب أكثر تجاه الشاطئ، تداعب الرمال رجليك في نعومة، لم تعد تدري كم مر عليك بالمكان، العمر هنا امتداد أسطوري، عناق الطبيعة للجمال مسح من قلبك كل ضغينة وعن بصرك كل شائن، الشاطئ بكر يجعلك طينة أولية، إحساسها الوحيد التماهي مع المكان، أنت تلقي بالتحية على الجميع دون أن تحرك شفتيك، يكفي فقط التقاء النظر ليشعرك بتبادل التحية.

لم تخل بطقوسك هذا المساء، نزولك إلى الشاطئ في نفس التوقيت الذي تودع فيه الشمس صفيحة الماء، الناس في عجلة، لا أحد منهم يحدث أحدا يتحركون بسرعة في اتجاهات مختلفة، حاولت إرسال التحية.. لا أحد منهم نظر في وجهك، لم تستطع الاقتراب منهم.

خلوتك تحتضنك هذه الليلة في وحشة، قال الراوي إنك خرجت تبعد بكلتا يديك أسراب الناموس، أزبد البحر بحمرة وعلا صراخ عاهر مع الموج، مرة أخرى تحاول تبين الملامح، الكل في ثياب مبللة تلتصق بأجساد مشوهة، أخذت كل الأعين تشع بلون احمر باهت، صخب الموج يعلوه تارة صوت تهاوي الأشجار، وأخرى تمتمات لم تتبينها، البحر، الموج، المدى، الأرصـفة.

الأصوات من كل مكان ومن كل الأشياء واللاأشياء.

قال الراوي إنك لبست لون الصدأ لما اعتلى المكان معلنا طقوس الغضب، في خشوع التف حول عرشه الذين ابتلت أجسادهم وأخذت الوفود في المرور أمام شموخه، تقدم وفد الذين اصهروا أنوثة الصحراء للبحر:

- يا سيدي عكاشة?، يا من عتق مد الموج بصهوة الرمل، صفها لنا يا سيدي لنفتديها...

تقدم وفد الذين أغرتهم طهارة الملاك فاطفأوا الأضواء، قالوا:

- يا سيدي عكاشة، أيها الشامخ شموخ «ايدوغ»، أنت الذي وسمت زبد البحر بالبياض صفها لنا سيدي، ما لونها، أفارض هي أم بكر؟

- كانت تمشي في سلام.

احنوا رؤوسهم وانتحوا، تذكرت صخب النغمات الفاجرة التي صدتك عن حاضرك الآسر لما تقدم وفد الذين تكرشوا:

- جئنا نفتديها يا سيدي عكاشة مثلما افتدينا غيرها، ما كانت تثير الأرض ولا تسقي الحرث، قل لنا فقط كم ندفع مع ارتفاع كل موج؟

تململ في شموخه، استطالت اللحظة، قال:

- كانت تمشي في سلام.

تتالت الوفود، الذين نزعوا للنخلة خلخالها ثم استباحوها، الذين استعرشوا، الذين باعوا شبق النخل بمسوق الرحيل.

قال الراوي إن سيدي عكاشة أمر الذين ابتلت ثيابهم والتصقت بأجساد مشوهة أن يجمعوا كل القطيع إلى ثلة الصخر، وانه مدد رجليه في الماء وتوزعته الموجة التي صدمت الشاطئ، وانك من قام ببناء ضريحه، وانك وحدك من رأيته يختفي في المدى متسربلا موجة متوكئا على نورسة مدهمة البياض، وانك من يومها لم تعد أنت.

كانت مجرّد قيلولة
وليم ياسين عبدالله - سورية

أبحر اثنان وعشرون رجلاً إلى جزيرة كانوا قد سمعوا عن جمال طبيعتها وسحر أجوائها.. بعد عدة ساعات من الإبحار تململ الشبان ولقلّة جلّدهم أسدلوا الأشرعة ليرتاحوا من التجديف وأسلموا الرياح دفة القيادة.. تناولوا طعامهم وشرابهم فشعروا بقليل من النعاس فقرروا أن يأخذوا قيلولة قصيرة، هنا عارض أحدهم، فتجاهلوه.. توقفت الريح فانتبه ذاك الشاب فبادر إلى إيقاظهم وطلب منهم أن ينهضوا ويبدأوا بالتجذيف لكنهم تجاهلوه للمرة الثانية، ألحّ في إيقاظهم فما كان منهم إلاّ أن أنزلوه على متن قاربٍ دون مؤونة قائلين له: إن كنت تحب التجذيف إلى هذا الحد، فجذّف وحدك فالريح ستوصلنا إلى الجزيرة دون تعب.. عاد الجميع إلى النوم بينما تابع ذاك الشاب رحلته وحيداً مصارعاً الأمواج العاتية بقاربه الصغير.. استيقظ الشبان من نومهم فوجدوا الريح لاتزال تدفع سفينتهم فأكلوا وشربوا ومن ثم عادوا للنوم.. في ذاك الوقت كان الشاب يصارع ألم الوحدة وصراخ المعدة ولكن إصراره على متابعة رحلته كان أقوى من أن يستسلم.. مضت عدّة أسابيع ونفدت المؤونة من السفينة.. منعهم الجوع والعطش من النوم، فبقوا مستيقظين.. توقفت الريح فلم يكترث لها أحد، عاودت الهبوب ولكن باتجاه آخر.. جزع كل من على السفينة، وأدركوا أنّ الريح كان تبدّل اتجاهها مراراً أثناء نومهم.. رفعوا الأشرعة وبدأوا بالتجذيف وأعياهم التعب من كثرة التجذيف ولكن دون نتيجة، ودون أيّ أمل فقد باتوا يدورون حول أنفسهم دون أن يعرفوا بأيِّ اتجاه يذهبون.. تذكرّوا رفيق رحلتهم.. تاهوا في عرض البحر وأصبحوا فريسة الضياع ووضعوا رقابهم على مقصلة الجوع.. في تلك الأثناء كان ذاك الشاب يسحب قاربه على الرمال..

 

يوسف القعيد