الهالة الزائفة ومسئولية المعرفة يحيى الرخاوي

قضية.. أهلا بالمؤتمرات العلمية
مشاركين لا"ديكورات" شرفية

لأن الطب النفسي، دون فروع الطب جميعا، ونتيجة لما يتضمنه من علوم النفس، يعتبر شكلا تطبيقيا لفلسفة . ولأننا في زمن مراجعة لمسلمات فلسفية عاشت طويلا، كان لا بد من افراض أن الطب النفسي في عالمنا العربي يعيش أزمة ما، بحثا عن الخصوصية وسعيا إلى الملاءمة. فهل يشير هذا المقال إلى ذلك؟

نعم لي أصدقاء من الزملاء بعض الوقت، ولي طلبة، وأحضر مؤتمرات عالمية، وأرأس لجانا علمية، وأحيي الناس الضيوف الطيبين، وأبتسم، وأرطن باللغة الإنجليزية، وأظهر في وسائل الإعلام قائلا: "... في الواقع، وفي الحقيقة ".

الذات الأخرى

لكن ذاتي الأخرى، في وسط هذه الزحمة، تتراءى لي مستقلة متحفزة ، لها ذوق خاص ، وحضور مقتحم لائم ثائر محتج، لا يعرفه كثير من الناس.

وقد ارتسمت لي صورتي هذه في الاجتماع الإقليمي الأخير للجمعية العالمية للطب النفسي، بالاشتراك مع الجمعية المصرية للطب النفسي ( القاهرة 16 - 18 يناير 1992 ) بالملامح نفسها التي كتبتها في خطاب لابني منذ عشر سنوات في قصيدة " الحاجة والقربان "، تلك الملامح التي أقدم نفسي بها في استهلال هذه الشهادة التي ألحت علي نتيجة لظروف التحولات العالمية رغم أنها شهادة قديمة معادة ، لكنها تقفز عارية منذرة ، تدفعنا إلى أن نلحق بهذا " النظام العالمي الجديد " مشاركين لا " ديكورات ".

حضرني بعيد هذا المؤتمر الأخير ما سبق أن أرسلته لابني في خطاب منذ أكثر من عشر سنوات، حضرني وكأني أتساءله في كل مؤتمر، وبعد كل إلقاء بحث: هل تعرفني من خلف الأقنعة السبعة :

وأنا أتكلم مثل السادة ؟
وأنا أمشى بينهمو كالعادة ؟
وأنا أدهش وكأني لا أعلم ؟
وأنا أفتي وكأني أعلم ؟
وأنا أضحك وكأني أفرح ؟
وأنا أرنو وكأني أسمع ؟
أخطو مغلولا فوق الأرض القبر الأمل : الواقع
تنغرس بقلبي أشواكه،
... أدمي،
أتمرغ بترابه
لا يسكت نزفي
لا أهرب.

وفوائد مثل تلك المؤتمرات - لمثل شخصي - كثيرة بلا حصر : فأنا أضطر فيها أن أتصنع التواضع، وأن أحتمل الإهانات، وأن ألتقي بمن لا أعرف ، وقد أراجع ما أعرف، وقد أتراجع ( قليلا قليلا ) وأنا أتحاور على موائد الغداء والعشاء، لا في قاعات المؤتمر ( فلا حوار في القاعات إذ يستحيل أن يقوم حوار بين ثمانين مستمعا حول سبعة أبحاث في خمس دقائق!!!!! ).

مؤتمرات وأحوال

أما فوائدها على البلد - أي بلد - فهي أيضا كثيرة : فهي : سياحة ، وعملة صعبة ، ودعاية ، وإعلان، وتسويق ، ولغة علمية، أو عالمية، واتفاقات ( أو صفقات ) مؤتمراتية وجمعياتية ضرورية.. ومفيد ة... إلخ.

فإذا كان الأمر كذلك فماذا يجعلني أتميز غيظا بعد أن ينفض المولد؟

وماذا يجعلني بعد كل مؤتمر أتقلب ليلا، ثم أنسحب غضبا، ثم أندفع قهرا في عمل يتحدى، أو فكر يختلف ؟

أهو شعور بالنقص لا مفر من الاعتراف به ؟

أهو خوف حقيقي من مزيد من التبعية وخاصة بعد حكاية النظام العالمي الجديد، ذلك الواقع الرائع الخطير الذي لا مفر من مواجهته، والذي لا بد أن يمتد من السياسة إلى الاقتصاد وبالعكس، مارا بالتفكير والبحث العلمي بالمرة، هذا النظام الجديد الذي يبدو أنه سوف يؤثر في فرعنا ( الطب النفسي ) أول ما يؤثر، إذ لا بد أن يصبح وصيا على تعريف نوعية الحياة وتحديد ماهية الإنسان وأهداف الوجود ( بالمرة ) ؟

أهو حرص على أبنائي وطلبتي وناسي من الانبهار بقاعات الفنادق وشرائح الأرقام مسقطة من الفانوس السحري على الشاشة الملونة، بغض النظر عن إحكام علاقتها بآلام الحقائق العارية وموضوعية المعرفة ؟

مراجعة

فرحت أراجع بعض كتاباتي- حتى قبل قيام النظام العالمي السالف الذكر- حين أنفعل وحيدا عقب كل مؤتمر، فأثبت بعضي على الورق هكذا :

أولا :

عقب المؤتمر العالمي للصحة النفسية الذي عقد في القاهرة في أكتوبر 1988 ، كتبت أقول :
1 - نحن نصر على المشاركة في مثل ذلك ( المؤتمر ) إلى أقصى مدى ، ونشكر من ساهم ويسهم في مثل ذلك، لكننا نصر على إدراك حدود هذا النشاط والمخاطر التي تحوطه بكل ما نملك من وعي مسئول، ويقظة حذرة .

2 - ذلك أن بعضنا، أو قل أغلبنا ( يا رب لا أقول كلنا ) قد يتصور أن العلم الرصين والقادر على مواكبة العصر، ومواجهة التحديات الحضارية التي يعيشها الناس وتنتظرهم ، ويعيشها بصورة أدق وأخطر شعبنا في مفترق الطرق ، يتصورونه فيما يدور في مثل هذه المؤتمرات .

3 - ورهط من علمائنا - قد أصبحوا يضبطون أنفسهم - فكرهم ونشاطهم وآمالهم وقيمهم - على مقاييس القبول والرفض في مثل هذه المؤتمرات ، ( علما بأنه لم يعد في واقع الأمر مجال للرفض ، ما دمت تدفع الاشتراك )، وبالتالي فهؤلاء يقومون بالأبحاث التي تتكلم اللغة السائدة، لتقاس بالمقياس المؤتمراتي السائد.

وخطورة مثل هذا أنه قد يترتب عليه أن نظل ندور في سجن منهج لا يليق بنا ، ولا يحل مشاكلنا ، ونحن مع ذلك فخورون كل الفخر بأننا مؤتمرون مثلهم سواء بسواء.

4 - والرجل العادي أصبح يتلقى هذه المؤتمرات - هنا وفي الخارج - بانبهار ملاحق ، واثقا بما يأتي منها ، وما يلقى فيها، آملا فيما تعد به وتلوح ، منتظرا منها حلا لا تملكه في واقع الأمر، والإعلام لا يبخل بالتصفيق والترحيب والتمجيد وكأن المسألة علم أو لا وقبل كل شيء.

5 - والشباب عندنا أصبح يواجه صورة محددة للتقييم في المجتمع العلمي، بحيث تصبح هذه الصورة ماثلة أمامه في بؤرة وعيه ، يوجه إليها كل نشاط معرفي أو تحصيلي أو نشري ( من النشر )، طارحا وراءه - إن أدرك أصلا - أي نشاط معرفي حقيقي، ذلك النشاط المعرفي الذي يتطلب قدرا من التقشف النفسي ، والحيرة الثاقبة ، والوحدة المستكشفة ، وكل ذلك هو رأس المال الحقيقي لمن هو عالم أو طالب علم ، مما لم يعد مطروحا في مكانه في مثل هذه المؤتمرات.

6 - ثم يترتب على ذلك التمادي في توسيع الهوة بين من هو عالم بالمقاييس الموضوعية والتاريخية ، وبين من هو عالم بالمقاييس المنصبية والاجتماعية، مما يهز- في النهاية - مضمون وقدسية كلمة علم بشكل أو بآخر.

7 - على أن تصور أن معرفة هذه المحاذير والمخاطر هو كاف للوقاية من مضاعفاتها ، هو تصور أبعد ما يكون عن الحقيقة ، فكثير من علمائنا قد يوافقون على ما ذهبنا إليه ، لكنهم يمضون في الطريق ذاته غير حاسبين مدى التشويه المنظم الذي يؤدي إلى التحولات الخطيرة داخل خلايا وجوده ، يستعملها بديلا عن لغة قومه ، ولسان أمه.

8 - ثم تأتي مخاطر استعمال الأبواب الخلفية لمثل هذه المؤتمرات والمناصب بغرض الاستيلاء على تلقائيتنا : أو غسل أمخاخنا ، ليس في مجال علمي بذاته، بل بالنسبة للموقف الوجودي والحضاري برمته.

9 - وقد يترتب على استعمال مثل هذه المؤتمرات لأغراض أخرى غير علمية - جنبا إلى جنب مع الغرض العلمي المعلن - قد يترتب على ذلك أن تتوارى القيمة العلمية في الظل بالتدريج دون أن تدري.

10 - وأخيرا تأتى قضية التمويل والتجارة ، فنحن لا نأخذ الحيطة الكافية تجاه مصادر تمويل هذه المؤتمرات، وخاصة من جانب شركات الأدوية ، مما قد ينتهي ببعض علمائنا ، فكرا وفعلا ، إلى ممارسة ما يخدم هذه الجهات الممولة بأقل درجة من الاختيار والموضوعية .

ضرورة المواجهة

ثم أعود فأقول إن كل هذا ، وبمنتهى الصدق (بقدر ما أدري )، لا ينقص من ضرورة عقد مثل هذه المؤتمرات بمنتهى الإقدام والحماس ، وبغاية الحذر واليقظة ، شريطة أن نعود دائما بعد كل مؤتمر، وحول كل مؤتمر إلي مواجهة التحديات الحقيقية، فنقيس مسيرتنا بمقاييس الإضافة المعرفية الحقيقية، ولا نكتفي بتحصيل الحاصل، أو تدشين الواصل.. إلخ.

وإلا فسينتهي كل مؤتمر بأن " يركب الخليفة وينفض المولد " ، ليغيب الوعي وتبهت الموضوعية. والشكر واجب - على أي حال - من قبل ومن بعد لكل من يخوض هذا الواقع ليخرج منه أقوى وأقدر.

ثانيا :

وفي المؤتمر قبل الأخير ، وقد عقد في البحرين ( وهو الاجتماع الإقليمي للجمعية البريطانية الملكية للطب النفسي 28 - 30 أكتوبر 1991). أهاجتني الأرقام الخاوية ، والإحصاء البراق بلا إضافة، كما أثارني استكبار الأجانب - رغم أنه يبدو أن الحق معهم بعدما حصل.

وشعرت - رغم سلامة البحرين ورقة أهلها - أنني واقف على أطلال عقولنا وليس فقط أطلال تاريخنا ولغتنا وديننا.

وفي وقفتي تلك ما بين أطلال الديار القريبة ، وأطلال العقول المنتهكة والمستسلمة ، قلت شعرا عموديا لم أقله منذ أصابني ما يشبه الحداثة منذ سنة 1959 قلت، ( وكنت قد التقيت هناك ببعض طلبتي بعد طول غياب):

قفا نبك " بحرين " التقينا بها معا

وكأسى مثقوب به الوعي ضيعا

شرائح أرقام تدق نعوشنا

ونخاس أسواق العبيد تربعا

و " مستر تشر من " هاتها ثم هاتها

وإحصاء أشلاء بأطلال أربعا

* الشرائح هي منعكس مصغر تلك الصور التي تستعمل لعرض جداول الأبحاث عادة على المؤتمرين.

* Mr. Chairmn مستر تشرمان ( سيدي الرئيس ) هو النداء الذي يتكرر في نقديم الأوراق وبداية النقاش في المؤتمرات .

ثالثا :

ثم جاء هذا المؤتمر الأخير ( القاهرة : يناير 1992 ) وكان مؤتمرا ناجحا بالمعنى السابق للنجاح ، أدى الواجب، وقام باللازم، وأكرم الضيوف، وشرف البلد.

وقد تأكدت من خلاله، وبعد كارثة الخليج، ونازلة الاتحاد السوفييتي أن المخاطر التي كانت تصلني بعد كل مؤتمر قد زادت أضعافا مضاعفة، لأن ذلك سوف يضاعف من شعورنا بالدونية ، ومن ثم بالتسليم ليس فقط لبعض المعلومات المستوردة، ولكن أساسا لطريقة التفكير التي تفرض علينا دون أن ندري ( وربما دون أن يدروا هم أيضا )، فالنظام العالمي الجديد قد ينتهي - حتى دون سوء نية - إلى أن يكون احتكارا لكل شيء بما في ذلك طريقة التفكير.

التكامل ونقيضه

وحين قدمت البحث الخاص ب " مستويات التكامل النفسي من منظور إسلامي " وأعلنت من خلاله أن ثمة طرقا أخرى للتفكير، وأن لغتنا وإيماننا ( وهو ما استوحيته من إسلامي ) يتيحان لنا أن نرى تكامل الإنسان النفسي على مستويات متصاعدة وليس على مستوى سلوكي واحد ، وهذا يتطلب الرؤية والملاحظة والبحث بأكثر من منهج قبل وبعد الأساليب الشائعة في عالمهم ،.... إلخ ، حين قدمت هذه الورقة استجاب لها الضيوف الأجانب باستطلاع وأمانة أكثر مما رحب بها - بما ليست هي - الزملاء الأقرب من أهل لغتي وديني . فقد تصور كثير منا أنها ورقة تنتمي إلى ما يسمى : الطب النفسي الإسلامي ، وما شابه ، مع أنها كانت ورقة تعلن كيف يسمح لنا ديننا وتتيح لنا لغتنا أن نتناول المسائل المعرفية من منطلق آخر، ليس بديلا بالضرورة، بل قد يكون مكملا ومناسبا ، ليس لنا فحسب، وإنما لهم أساسا.

وحين حضرت الجلسة قبل الختامية عن " كيف تكتب ورقة علمية " How to Write a scientific paper أصبت بإحباط شديد جديد ، فقد شعرت بأن عنوان الجلسة يتجاوز ما ينبغي أن يتدارس في مؤتمر عالمي بهذا الحجم ، فهي أشبه بورقة مدرسية يمكن أن تدرس للسنة الثانية لطلبة علم النفس في كلية الآداب.

كما شعرت أن أغلب المشاركين ( وليس كلهم ) قد حددوا نوعا غالبا من الكتابة العلمية دون أنواع أخرى أهم وأولى ، وأكثر تناسبا مع فرعنا من ناحية، ومع ظروفنا الخاصة بتواضع مرحلة نمونا من ناحية أخرى.

كذلك أيقنت أن استقبال أغلبنا - والأصغر خاصة - لهذه المسألة، هو أن النشر عندهم بمقاييسهم قد أصبح هدفا في ذاته : حتى يصدق القول الذي يشيعونه " إما أن تنشر أو تهلك " Publish or Perish وهو قول صحيح جزئيا، وإن خالف الحقيقة التاريخية موضوعيا .

والأهم من كل ذلك أن الذين تحدثوا في هذه الجلسة قد بدوا ، كأنهم لا يواكبون الثورة المعرفية الأعمق والأحدث ، تلك الدفعة الحضارية المنهجية المتأثرة بثورة التوصيل ، وبالتغيرات في الرياضة الحديثة ، والطبيعة الحديثة ، وقوانين المصادفة ومسألة الزمن والمكان، وموضوعية المعرفة ، والعشوائية الهادفة ، وإما أنهم يواكبون كل ذلك لكنهم يحدثوننا على قدر عقولنا .

وفي تمسكهم بضرورة التحدث بلغة واحدة ، افتقدت المسألة الأسبق ، وهي ضرورة التوجه لهدف واحد مشترك ، وشعرت بالإهانة التي أصبح لديهم ما يبررها.

واحدة بواحدة

من كل ذلك خفت أكثر فأكثر مما يجري حثيثا لإتمام مهمة تشكيل عقولنا بالصورة التي يرتضونها، حتى يصبح رضاهم ( هكذا ) - بدليل نشر بعض أرقامنا في مجلاتهم - يصبح ذلك هو غاية المراد من رب العباد، خاصة أن إعلامنا والرجل العادي والزميل الأصغر عندنا يعلي من قدر هذه الجمعيات العالمية، والمجلات الدورية شبه العلمية، حتى يكاد يقدس رؤساءها ومجالس إداراتها، وأعضاءها، ومحرريها بشكل يخشى منه على حرية تفكيرنا وإمكان إسهامنا، وخاصة فيما يتعلق بمعنى القيمة المعرفية التي تترسب في أعماقنا .

وما إن انتهت ثورة الغيظ التي ملكتني ، وما إن قلت للسيد فريمان رئيس تحرير المجلة البريطانية للطب النفسي H.Freeman على مائدة الغداء إنه كما أنك تعلمنا كيف نكتب ورقة علمية، سوف أرسل لك بحثا بعنوان: " كيف تقيم ورقة علمية " Howo to assess a scientific paper واحدة بواحدة، فتقبلها ببرود إنجليزي رائع، ما إن حدث كل ذلك حتى سارعت إلى القلم أطلق هذه الصرخة آملا ألا يكون الوقت قد فات ، اللهم فاشهد

خلاصة القول :

إنني أستشعر أننا نعيش تاريخا لم نعمل حسابه ، وأن مصيبة ما حدث في الخليج ليست أقل من مصيبة ما حدث في شرق أوربا والاتحاد السوفييتي، وأن تزامن الأحداث هكذا يلزمنا أن نتعظ ونحن نواكب الحدث، ليس بأن ندعي الاختلاف ونفخر بالنقص، وليس بأن نزداد تعصبا وننتكس إلى ماض مضي، ولكن بأن نتقن ما بين أيدينا ونحسن الرؤية من منطلق يناسبنا فنحاور ونضيف .

وسوف يكون حساب التاريخ - والحق تعالى - عسيرا عسيرا لو تنازلنا عن حقنا في أن نرى ونرصد ونفكر ونراجع ، مخترقين الوصاية والاستعلاء والإنكار والمناهج المكبلة الجامدة .

من يدري ؟ لعل في كل مصيبة خيرا لمن ألقى السمع وهو شهيد.

دعاء

اللهم إنا نعوذ بك أن نستسهل أو نطحن، من داخل أو من خارج.

اللهم واجعل عملنا خالصا للمعرفة الحقيقية ، وسامح الفرنجة المطففين ، الذين إذا اكتالوا علينا يستوفون ، وإذا كالونا أو وزنونا يخسرون .

اللهم لا تحرمنا فضلهم ، ولا توقفنا عندهم ، وألهمنا كدح السعي إلى الحق ، إليك ، لا إليهم.

اللهم لا تجعل كل همنا أن يقولوا لنا " برافو "!

ولا تكلنا إلى أنفسنا متصورين أننا أحسن منهم بمجرد حسن النية أو تعصب العمى .

وامنحنا القدرة أن نضيف إليهم ما نعرف ، بكل ما نستطيع ، وهو ليس قليلا ما دمنا نمعن النظر ، ونحاول الفهم ، ونستلهم الواقع ، ونبادر بالتسجيل ، ولا نخشى النشر ، كل بطريقته : حتى يتكامل الناس عقولا ومناهج " لتعارفوا "...