قطوف دانية أحمد السقاف

قطوف دانية

" 6 "
عنترة العبسي

إلى الذين يودون ان يتذكروا
هؤلاء الشعراء

عنترة العبسي هو عنترة بن شداد بن عمرو بن قراء - بضم القاف - العبسي، أمه سوداء اسمها زبيبة، كان قومه ينظرون إليه نظرة استخفاف حتى أغارت عليهم بعض القبائل، ونهبت إبلهم فانطلقوا خلفها، واشتبكوا معها في معارك دامية، وكان عنترة في هذه المعارك الفارس الذى لفت الأنظار، وعرف بعـد ذلك بالشجاعة والكرم، وقـد شهد حرب داحس والغبراء، واعترف له الجميع بالجرأة والإقدام، وقد قيل إنه ولد عام 525 م وتوفي سنة 600 ميلادية، وعشق في شبابه ابنة عمه عبلة، فـأبى عمه أن يزوجه إياها لسواد بشرته فصمم على أن يكون من أحسن الرجال في القتال والمروءة والجود وقـول الشعر، وجـاء شعره رقيقاً سلساً، وتحدثت العرب عن صولاته وجـولاته في الحروب، وقـد ألفت في بطولاته قصص كثيرة يتلوها المهتمون بالتراث الشعبي في كثير من الأقطار العربية، ومن شعره معلقته المعروفة التي يقول فيها:

هل غـادر الشعـراء من متردم

أم هل عـرفت الـدار بعـد تـوهم

يـا دار عبلـة بـالجواء تكلمي

وعمي صبـاحا دار عبلـة واسلمي

حلمت بأرض الـزائرين فأصبحـت

عسراً علي طلابك ابنـة مخرم

ولقـد نزلت فـلا تظني غيرة

مني بمنزلـة المحب المكـرم

إن كنت أزمعت الفـراق فإنما

زمت ركـابكم بليل مظلم

إذ تسبيك بـذي غـروب واضح

عـذب مقبله لذيذ المطعم

أثني علي بما علمت فـإننـي

سهل مخالطتي إذا لم أظلم

فإذا ظلمت فإن ظلمي بـاسل

مـر مـذاقتـه كطعم العلقم

هـلا سألت الخيل يـا ابنة مـالك

إن كنت جـاهلـة بما لم تعلمي

يخبرك من شهـد الـوقيعـة أنني

أغشى الـوغى وأعف عنـد المغنم

ومدجج كـره الكماة نزالـه

لا ممعن هـرباً ولا مستسلم

جادت يداي لـه بعاجل طعنـة

بمثقف صدق الكعوب مقوم

فشكلت بـالرمح الأصم ثيابه

ليس الكـريم على القنـا بمحـرم

يدعون عنتر والرماح كأنها

أشطـان بئر في لبـان الأدهم

ما زلت أرميهم بغرة وجهـه

ولبانه حتى تسربل بالدم

ولقـد شفى نفسي وأبـرأ سقمهـا

قيل الفـوارس ويك عنتر أقـدم

ومن جميل شعره قوله من قصيدة طويلة:

لما سمعت دعـاء مـرة إذ دعـا

ودعـاء عبس في الـوغى ومحلل

ناديت عبساً فاستجابوا بالقنا

وبكل أبيض صارم لم ينحل

حتى استباحوا آل عوف عنوة

بالمشرفي وبالوشيج الذبل

ولقد أبيتُ على الطوى وأظلّه

حتى أنال به كريم المأكل

والخيل تعلم والفـوارس أنني

فرقت جمعهم بطعنة فيصل

بكرت تخوفني الحتوف كأنني

أصبحت عن غرض الحتوف بمعزل

فأجبتهـا إن المنيـة منهل

لا بـد أن أشقى بكأس المنهل

فاقني حياءك لا أبالك واعلمي

أني امرؤ سأموت إن لم أقتل

والخيل سـاهمة الوجـوه كأنما

تسقى فوارسها نقيع الحنظل

وإذا حملت على الكريهة لم أقل

بعـد الكريهة ليتني لم أفعل

يا عبل كم من غمرة باشرتها

بالنفس ما كادت لعمرك تنجلي

ولقد لقيت الموت يوم لقيته

متسربلاً والسيف لم يتسربل

فرأيتنـا ما بيننا من حـاجز

إلا المجن ونصل أبيض مفضل

ذكر أشق به الجماجم في الوغى

وأقول لا تقطع يمين الصيقل

 

أحمد السقاف

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات