التلفزيون... كيف نقي أطفالنا من أضراره?
التلفزيون... كيف نقي أطفالنا من أضراره?
(الأفضل بناء طفل بدلاً من إصلاح إنسان). يشكّل التلفاز جزءًا من الحياة العائلية, لذلك, فإننا نعتمد عليه بعد ثمانية عشر شهرًا - سنتين. هناك بعض البرامج القليلة يمكن أن تفرح الصغار. من هنا ومن واجب الوالدين (الأم أو الأب) مشاهدة البرامج التي تثير اهتمام الطفل بها. ولكن يجب إيقاف الجهاز مباشرة بعد انتهاء البرنامج.ونرى فروقات كبيرة بين الأطفال من ناحية الاهتمام بالتلفزيون, ذلك أن بعضهم ينصرفون عن التلفاز إلى ألعابهم, والبعض الآخر من الصعب أن نقتلعهم من أمام الشاشة الصغيرة, وهم يغضبون إذا قدم الراشد ملاحظة أو نقدًا, أما إذا شاهد الطفل فيلمًا حربيًا أو مشاهد عنف, فليس من الضروري أن نقلق كثيرًا من أجل ذلك. فإن الطفل يتأثر بحادث سيارة يشاهده في الطريق أكثر مما يتأثر من مشاهد الحرب على الشاشة الصغيرة. ولكن هناك بعض الأطفال الحسّاسين الذين قد يتأثرون بالمشاهد فيكون نومهم مضطربًا. لاداعي للانزعاج من ذلك, بل يجب الكلام مع الطفل عن المشاهد التي أزعجته, ومن المفيد أيضًا أن نضيف أنه يجب مناقشة أي مشاهد يراها الطفل وتوضيحها له. ولتجنب تعب العينين يجب أن نجلس على مسافة 3.50م من الشاشة العادية وعلى مسافة مترين من الشاشة الصغيرة.وحين يبلغ الطفل ثمانية عشر شهرًا وحتى سنتين ونصف السنة, فإن بعض الآباء يضعون أطفالهم أمام التلفزيون لتهدئتهم أو لتسليتهم. أعتقد بأنهم على خطأ, فإن الصور والضجة المرافقة تسيئان لنظر الطفل وجهازه العصبي. ما هو العنف? العنف ضغط جسمي أو معنوي ذو طابع فردي أو جماعي ينزله الإنسان بقصد السيطرة والانتقام. العنف هدف رئيس في الإعلام الموجه للطفل, خاصة في ألعاب الكمبيوتر. وقد جرى مسح أثبت أن 93% من الذكور و78% من الإناث يلعبون ألعاب الفيديو يوميًا, ويقضون من ساعتين إلى ثلاث ساعات لمشاهدة هذه الألعاب, وأكثر هذه الألعاب يتميز بالعنف. وقبل أن يدخل الطفل الروضة, من المحتمل أن يكون قد قضى 4000 ساعة يشاهد التلفاز, وهو أكثر من الوقت الذي يقضيه في المدرسة. وقد أكدت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال في العام 1999 أن الأطفال دون الثانية, ينبغي ألا يشاهدوا التلفزيون في هذه السن المبكرة لأنه قد يؤدي إلى نقص الانتباه لدى الطفل فيما بعد, كما أن له علاقة بالسمنة والنزعة العدوانية عند الأطفال. ويقول الباحثون: إنه كلما ازدادت مشاهدة الأطفال للتلفزيون بين سن عام وثلاثة أعوام, ارتفع خطر إصابتهم بمشكلات في قدرتهم على الانتباه والتركيز عند سن السابعة. من هنا يجب توعية الأهل بأن يحدوا من مشاهدة أطفالهم الصغار للتلفزيون, وشخّص الباحثون وجود حالات ما بين ثلاثة في المائة إلى خمسة في المائة من الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية, بأنهم يعانون خللاً في الانتباه وضعف القدرة على التركيز والسلوك المتهور. ولا تظهر هذه الصعوبات إلا عند تقدم الأطفال في العمر أو عند سن السابعة تقريبًا. وقد لفت ألبرت باندورا (1963) إلى أن أنماطًا كثيرة في السلوك يتم تعلمها من خلال ملاحظة الآخرين وتقليدهم, وقام بتجربة, حاول أن يتبين من خلالها أثر التعلم بالملاحظة في اكتساب السلوك العدواني. وفي تجربته هذه شاهد أفراد مجموعة من الأطفال بشكل منفرد أحد الممثلين وهو يضرب دمية من البلاستيك تقف في طريقه, ويتلفظ ببعض الكلمات. وقسم الأطفال بعد ذلك إلى ثلاث مجموعات. المجموعة (أ), شاهدت هذا المقطع من الفيلم, وشاهدت الممثل يحصل على مكافأة نتيجة فعلته. أما المجموعة (ب) فشاهدت الممثل يتعرض للتأنيب على ما فعله, بينما لم تشاهد المجموعة (ج) أي نتائج لهذا السلوك. ثم ذهبت المجموعات الثلاث من الأطفال إلى غرفة خاصة تحتوي على ألعاب متنوعة الشكل والحجم. وقد لاحظ باندورا أن المجموعة (أ) أظهرت سلوكًا عدوانيًا بشكل أكثر من المجموعتين الأخريين, بينما أظهرت المجموعة (ب) أقل نسبة ممكنة من السلوك العدواني. أما سلوك المجموعة (ج) فيقع ما بين المجموعة (أ) والمجموعة (ب). وبشكل عام, كان سلوك البنين العدواني أعلى من سلوك البنات العدواني. من هنا, فإن التعلم الاجتماعي يُعد من أهم وأخطر أنواع التعليم, إذا لم يتم التعامل معه بشكل سليم, ويقدم التلفاز والفيديو أنماطًا كثيرة في السلوك العدواني, مما يولد لدى الطفل الرغبة في تقليده. ويمثل الوالدان والمدرسون نماذج سلوكية حية للطفل. لذلك, يجب أن يتحاشوا القيام بأنواع معينة من السلوك أمام الأطفال, لذلك نقول: (إذا أردتم لأبنائكم ألا يقوموا بأنواع معينة من السلوك, فلا تقوموا بها أنتم). وأود في هذا المجال أن أذكر مثلاً: ففي خلال أحد لقاءاتي مع أولياء الأمور في إحدى مدارس رياض الأطفال, تقدمت مني سيدة شابة وأنيقة وقالت: (ابني في الرابعة من العمر, وهو يضرب رفاقه وتشكو منه المعلمات والناظرة بسبب هذا السلوك, وأنا أضربه حتى يُقلع عن ضرب رفاقه, ولكنه لا يتوقف عن إيذاء رفاقه, توقفت لحظة وقلت: أظن أنك إذا توقفت عن ضربه فسوف يتوقف هو أيضًا عن ضرب رفاقه, ونحن نعلم أن الأطفال الذين يتعرضون للعنف في منازلهم, يكونون عنيفين في المدرسة. أثر العنف وتكمن مشكلة العنف في أن الألعاب تسهل عملية القتل أو تفرضها للوصول إلى الهدف. مثال: قتل اللاعب لرجل ما أو شيء ما يجعله يصرخ فرحًا لأن هذا سيقربه من الهدف, ولا يعود لموضوع القتل أهمية عنده. وفي لحظات معينة, قد ينجرف الإنسان وراء هذا الإحساس, فيقتل أو يسرق بأعصاب باردة. إن من الصعب حماية الأطفال من مشاهدة العنف, حيث إن الطفل يشاهد العنف في حياته اليومية. وحتى لو نجحت الرقابة لفترة معينة, فلن تستمر, لأن الطفل يكون مستقلاً بذاته, وبالتالي, فإنه يحتاج إلى أن نربي ونطوّر قناعاته ومهاراته لتساعده على اتخاذ القرار بنفسه. والمهم أن يكون هو الحكم بما يناسب أو لا يناسب عن طريق مشاركته في حوار ونقاش هادف عن الإعلام. فكلما فهمنا طريقة تفكير الطفل, فإن هذا سيساعدنا أكثر في إيجاد تغير حقيقي في طريقة تفكيره وسلوكه. من هنا يكون مهمًا تشجيع الطفل على التعبير عن تفكيره حتى نساعده على بناء أفكار بدلاً من تقديم الحلول له, إضافة إلى تمكينه من طرق لحل النزعات بالحوار والنقاش بدلاً من العدوانية والعنف. والآن نتساءل بالرغم من كل ما ذكرنا عن الطرق التي تجعل أطفالنا ينصرفون عن مشاهدة التلفاز? دور الوالدين يتفق كثير من الآباء والأمهات على ضرورة التقليل من جلوس أطفالهم أمام التلفاز, وخاصة أن الدراسات تتراكم في ذكر مساوئ جلوس الأطفال أمام التلفاز. وقد توقعت دراسة فرنسية (2005) أن يتناقص متوسط الحياة في فرنسا, وذلك بسبب جلوس الأطفال والأكبر سنًا لمدة 19 ساعة أسبوعيًا في المتوسط أمام التلفاز, وما يؤدي إليه ذلك من تناقص في الحركة أو اللعب أو النشاط الجسدي, بالإضافة إلى تناول الأطعمة المضرة, مثل رقائق البطاطا والمشروبات الغازية, مما يؤدي إلى السمنة. ونتيجة لذلك, فإن الدراسة تتوقع انتشار أمراض السمنة بين الأجيال القادمة من مثل أمراض الجهاز الدموي والسكري, وبالتالي الانخفاض في متوسط الأعمار. وفي دراسة أجريناها (1999) في دولة الكويت تبين أن معدل مشاهدة التلفاز هو بين أربع ساعات ونصف وخمس ساعات يوميًا. ولكن قبل أن نقدم الطرق لإبعاد الأطفال عن مشاهدة التلفاز, نذكر الوالدين بما يلي: ومن هذه النشاطات نذكر: وتشكل القصص مصدرًا يستطيع الأطفال بواسطتها تحفيز خيالهم وتعلم أمور جديدة. من هنا, فإن رواية قصة للطفل هي فرصة مهمة لذلك, بالإضافة إلى أن الأطفال يعملون على التماهي بشخصيات القصة.
|