الحلأ النطاقي مرض الأطفال والشيوخ

  الحلأ النطاقي مرض الأطفال والشيوخ
        

          ازداد خلال العقد الماضي اهتمام الأطباء والباحثين بالأخماج الناجمة عن الحمآت الحلأية Herpes Viruses, وهي ست حمآت, ثلاث منها ذات أهمية طبية خاصة وهي: (حمة الحماق - المنطقة, وحمتا الحلأ البسيط نمط1 ونمط2).

          وتكمن خطورة هذه الحمآت عندما تصيب أشخاصا مثبطي المناعة أو مصابين بأمراض منهكة للجسم والمناعة بشدة كالخباثات السرطانية مثلا.

          الحلأ النطاقي أو ما يعرف أيضا باسم (داء المنطقة) أو (الزونا) أو (زنار النار) مرض ينجم عن حمة راشحة, وهو يصيب عادة أشخاصا مسنين أو منهكين مناعيا بسبب إصابتهم بأمراض مزمنة مدنفة أو سرطانية, أو المرضى المصابين بمتلازمة عوز المناعة المكتسب. وقد بدأت حوادث الإصابة بهذا الداء تطال الأطفال سواء في مرحلة الطفولة الباكرة أو المتأخرة مما جعل الأنظار تتجه نحوه دراسة وتحليلا.

          ويسهل تشخيص المرض اعتمادا على الموجودات السريرية والأعراض التي يشكو منها المريض, إذ يتصف المرض بوجود مجموعة من الحويصلات ذات محتوى مصلي رائق غالبا ومتوضعة على سطح حمامي وذمي, وتكون وحيدة الجانب وممتدة على مسير توزع عصبي حسي ناشئ من عقدة عصبية خلفية. وغالبا مايسبق ظهور هذه الاندفاعات شكوى من ألم وانزعاج شديدين غير معللين يليهما بعد  أيام عدة ظهور الاندفاعات الجلدية الوصفية التي قد يرافقها الترفع الحروري والدعث وتوعك الجسم.

          ويظهر الحلأ النطاقي عند الأطفال على شكل طيف واسع من الأمراض وأشهر أشكاله:

          - الحلأ النطاقي العيني: وهو ينجم عن إصابة الشعبة العينية من العصب القحفي الخامس وفيه قد تصاب كرة العين وقد يليها فقدان البصر.

          - الحلأ النطاقي الأذني: وهو ينجم عن إصابة العصبين الوجهي والسمعي.

          -الحلأ النطاقي الفموي: وينجم عن إصابة العصب الفكي العلوي مسببا ألما شديدا في الأسنان.

الحلأ النطاقي والحمل

          وفي دراسة مشتركة جرت بين مركزين للأبحاث أحدهما في ألمانيا والآخر في المملكة المتحدة بين عامي 1980-1993م على 1373 امرأة حاملاً أصيبت بالحماق (وهو مرض حموي ينجم عن الحمة الراشحة نفسها المسئولة عن مرض الحلأ النطاقي) وتمت متابعتهن إلى ما بعد الولادة, وجد أن عشرة أطفال ممن أصيبت أمهاتهم أثناء الحمل بالحماق, قد أصيبوا بالحلأ النطاقي في الطفولة الباكرة, مما يوجه نحو أهمية وقاية الأم الحامل من الإصابة بالحماق للحد من حوادث الحلأ النطاقي بين أطفالهن.

          وكانت دراسة أخرى أجريت في قسم الأطفال التابع لمشفى National Tsu في Mie في اليابان سجلت فيها 12حالة حلأ نطاقي في الطفولة الباكرة, وقد تبين أنه في سبع حالات منها كانت الأم قد أصيبت بخمج الحماق أثناء الحمل مما سمح بانتقاله إلى جنينها وبالتالي إصابة الطفل عقب الولادة بالحلأ النطاقي.

          إن الخمج بالحلأ النطاقي عند أطفال مصابين بخباثات دموية (سرطان الدم) أو الأطفال المصابين بمتلازمة عوز المناعة المكتسب, يعتبر قضية مهددة للحياة تستوجب علاجا فعالا وعناية طبية متميزة.

          وفي دراسة أجريت في قسم الطب في جامعة Cornell في نيويورك لوحظ أن تبدلات مثيرة تطرأ على نظام المناعة مع ازدياد العمر إذ ينخفض إنتاج اللمفاويات البسيطة من قبل الأعضاء اللمفاوية المركزية والغدة الصعترية ونقي العظام, مما يؤدي إلى إنقاص مختلف المستضدات النوعية المعدلة المميزة من قبل النظام المناعي.

          وهكذا مع تقدم العمر يحدث انخفاض مترقٍ في سعة النظام المناعي وفي ارتكاسه تجاه المستضدات الغريبة المترافقة مع زيادة في تفعيل المستضدات الذاتية.

          وبما أن الخلايا T النوعية لمستضدات جرثومية خاصة تنخفض مع ازدياد العمر فإن سعتها الواقية من تفعيل أخماج مزمنة خاصة كالحلأ النطاقي تتدهور, وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة تفعيل الحلأ النطاقي عند الأشخاص فوق الـ45سنة من العمر.

الوقاية باستعمال اللقاح

          ولما كانت الحكمة تقول: (درهم وقاية خير من قنطار علاج) كان لابد من اللجوء إلى الأساليب الفعالة في الوقاية من المرض, ولعل لقاح الحماق الحي المضعف سلالة Oka المطور منذ عام 1974م والذي تم اختباره على أطفال وبالغين أصحاء ومئوفين مناعيا قد ثبتت سلامته وفعاليته, وقد رخص للاستعمال الجموعي في اليابان وكوريا وللمرضى المئوفين مناعيا في أقطار عديدة أخرى.

 

عمر فوزي نجاري   

 
  




الأطفال معرضون لمرض (الحلأ النطاقي) مثلهم مثل الكبار