عزيزي القارئ

روح وعقل وجسد

          من توق الروح إلى نهضة العقل إلى الاحتفاء بالجسد, يتجول بنا هذا العدد الذي نفتتح به عامًا جديدًا من عمر (العربي), وهو العام الثامن والأربعون من هذه المجلة التي مازالت شابة. وتتوق الروح إلى اليوم التاسع من هذا الشهر عندما يقف الملايين من المسلمين على جبل الرحمة بعرفات في مشهد مهيب, داعين ومكبرين وطالبين المغفرة لهم ولنا, إنها ذروة رحلة الحج التي تتكرر منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام, ومع ذلك فهي جديدة كل الجدة, وتخلب اللب كلما شاهدناها, أو كتب الله لنا المشاركة فيها, والحج طقس روحي عذب يزيد من تلاحمنا  كمسلمين, وقد تحدثت (العربي) عنه كثيرًا في الأعوام السابقة, ولكنها تتناوله هذه المرة من زاوية الفن والإبداع, فالروح هنا تتحول إلى بوتقة تنصهر فيها الألوان, لتنتج لنا هذه اللوحات العفوية, التي نراها على بيوت القرى الإسلامية, أو توشيها أصابع الصناع المهرة على كسوة الكعبة, أو تخطها ريشة فنان تفتح قلبه للإسلام.

          أما نهضة العقل فيتحدث عنها رئيس التحرير في افتتاحيته التي يستعرض فيها كتابًا لواحد من أهم العلماء العرب هو أحمد زويل,  والكتاب الذي ظهر حديثا يحمل عنوان (عصر العلم), هذا العصر الذي مازلنا نتهيب الدخول فيه, ولكن المقال يلفت نظرنا إلى أنه بالرغم من حالة التخلف العلمي الذي نعيشه في عالمنا العربي, وبالرغم من عدم مشاركتنا في معركة الحداثة,  فإن الكتاب يحمل نظرة متفائلة بإمكان تعويض ما فات,  بل ويحدد لنا  خطة أو أسلوب عمل للوصول إلى النهضة العلمية التي نصبو إليها.

          ويتبدى الاحتفاء بالجسد في ذلك الاستطلاع الرياضي  الذي تنشره (العربي) بالمواكبة مع بطولة كأس الأمم الإفريقية, التي تحتضنها القاهرة هذا الشهر , ويشارك فيها ستة عشر فريقًا إفريقيًا منها أربعة منتخبات عربية  هي مصر وليبيا وتونس والمغرب, ولعبة كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى في العالم ونأمل أن تستقطب قراء (العربي) كما استقطبت الملايين في كل أنحاء العالم, خاصة بعد أن تطورت الكرة الإفريقية وأصبحت بمنزلة منجم للاعبين السمر الذين لايجدون ملاعب يلعبون عليها في بلدانهم, ومع ذلك يجيدون على الملاعب الأوربية.

          وتقدم (العربي) كعادتها في كل عام هدية رمزية لقرّائها, وتحتفي فيها بواحد من أشهر شعراء العربية وهذا العام هو أبو الطيب المتنبي, الذي تعد أبيات شعره من فصوص الحكم, وقد اختارت بعضا من أبياته لتقدمها في لوحة فنية, قام بتصميمها الفنان الكويتي وليد الفرهود, ونتمنى ألا تحوز هذه اللوحة إعجاب القارئ فقط, ولكن نتمنى أن تساهم في تزيين جدران البيوت العربية, وأن يتمثل أبياتها التي تحض على شحذ الهمة ومضاء العزيمة. وتضيق المساحة هنا عن التكلم عن بقية المواد التي يحفل بها عدد (العربي) لهذا الشهر, فهي كعادتها تثير قضايا الفن والأدب والثقافة التي تغني عقل القارئ وتغني روحه.

 

المحرر