الأمهات والأبناء والإيدز سهير سيد

الأمهات والأبناء والإيدز

إنها تجربة بسيطة يتم فيها أخذ عينة من دم الطفل وبالتحديد من كعب إحدى القدمين، وتؤخذ إلى المعمل حيث يتم تحليلها، والنتيجة يمكن أن تكون مطمئنة ويمكن أيضا أن تكون علامة على الموت.

أصبح من المهم الآن في العديد من الدول أن يتم فحص دم الطفل لمعرفة إن كـان يحمل الأجسام المضادة لفيروس HIV المسبب لمرض الإيدز أم لا. ويعتبر هذا الفحص مهما جدا، إذ إنه في الولايات المتحدة الأمريكية - على سبيل المثـال- تكتشف سنويا 7 آلاف حالـة إيجابية، مما يعني أن هذه الأجسام المضـادة موجـودة في دم الأم، وقد انتقلت إلى دم الطفل أثنـاء فترة الحمل، ولا يتوقـف الأمر عند هذا الحد بل إن 25% من هؤلاء الأطفال ينتقل إليهـم فيروس المرض بالفعل أثناء عملية الولادة.

ولكن الأمر المثير للاستغراب في مثل هذه الحالات أن أنباء هذه التحليلات لا يتم إخبار الأم بها، فهي تجرى في العادة على أساس من تجهيل الاسم بحيث لا يعرف حتى العاملون في المستشفى اسم الطفل الذي تخصه هذه العينة المصابة، وما لم تجر الأم الاختبارات الأولية التـي تؤكـد إصـابتهـا بهذا المرض وتطلب بنفسها إخبارهـا بنتيجـة هذا التحليل عـن ابنهـا، فيمكن أن تذهب إلى البيت دون أن تعرف ماذا حدث بالضبط.

كيف يمكن أن يحدث هذا؟ إن السريـة التي تحيط بنتـائج فحوص الأطفال تحاول أن تقدم توازنـا بين الحاجة إلى معلومات حول الانتشار الوبائي لهذا المرض، وبين المحـافظة على خصـوصية المرضى، حيث إن نشر مثل هـذه النتائج يمكن أن يثيرهم ويدفعهم إلى مقـاضاة المستشفى المسئـول بواسطة الشركات أو المحـامين المحترفين والمتخصصين في هـذا الأمر والذي أصبح مجرد ذكـرهم يثير رعب المستشفيات والأطباء. ولكن السؤال الذي يتردد كثيرا في هذه الحالـة، إذا كنا نحـاول أن نحمي خصوصيـة الأم المصابة، فماذا عن حقوق الطفل الوليد، من الذي يملك سلطـة اتخاذ القرار نيابة عنـه؟ وهل يمكن استخـدام هذه النتيجـة كمبرر لإعطاء الطفل علاجا فوريا لهذا المرض؟ وينشأ عن هذا مسألة أخرى حول حاجة الأم لإجـراء فحص قبل الحمل، فقد ثبت أنه يمكن استخدام علاج فعـال مثل الأزت، AZT يمكن أن يمنع انتقـال " الفيروس " من الأم إلى الطفل.

هذه الأسئلة كلها ليست لها إجابة سهلة.. وما زال معظم الناس غير معتادين على القضايا التي تثيرها، ولكن الباحثين سواء في المجال الطبي أو المجـال القانوني يحاولـون تقديم حلـول عمليـة لهذه الأمـور. فبعـد أن توافرت وسـائل فحص الدم للكشف عـن الفيروس المسبـب للإيدز عام 1985 بـدأ المركـز الطبي للـوقاية من الأمراض في أمريكا تنظيم برنامج ضخم للفحص بواسطة هذه الوسائل، فالمسئولون الحكـوميـون كانوا يـريـدون أن يعرفـوا بـالضبط السرعـة التي يمكن أن ينتشر بها هذا المرض، وكان الاهتمام يتركز بالتحـديد حول النساء اللاتي في عمر الحمل واللاتي لهن القدرة على الإنجاب ولكن المشكلة أنه ما دام لا يوجد هناك علاج فعال ضد الإيدز، فإن معرفـة نتيجـة التحليل لن تكون لها أي فائدة لا على الأم ولا على الطفل الـذي تلده.

مطلوب قانون للفحص

لقد كانت استراتيجية وضع بـرنـامج عـام للفحص تبدو معقـولـة، ولكن الاعتبـارات الأخلاقية وضعت أمامها العديد من العوائق، فبينما لا يوجد علاج فعال للإيدز فإن الأطباء أصبحوا يجيـدون استخـدام المضـادات الحيوية لعلاج المضاعفات التي تترتب على الإصابة بهذا المرض.

وبالنسبة للأطفال فإن الزمن هو المفتاح الحاسم في هذا العلاج فهم يملكون جهازا للمناعة غير مكتمل يجعلهم أكثـر عـرضـة للمـرض وبمعـدل أسرع من الكبار ولهذا فإن على الأطباء بدء العـلاج مبكـرا كلما كـان ذلك ممكنا.

وللتعرف على الـوسـائل الكفيلـة بحمايـة الطفل فإن المستشفيات تحاول أن تعقد نوعا من المجلس الاستشـاري من الأطباء المتخصصين للقيام بهذا الأمـر ولكن المشكلـة تكمن في صعوبة إقنـاع الأم بأن طفلها مصاب بـالإيـدز، ففي بعض الحالات تخاف الأم مـن تـأثير معرفة المجتمع الذي يحيط بها من أنها ليست مصابة بالإيدز فقط، بل إنها قد قامت بنقل هذا المرض إلى الرضيع أيضا، وهـذا هو السبب في أن العديد من الأمهات يرفضن أصلا القيـام بهذا الفحص، وهكذا يفضلن جميعا أن يذهبن إلى المنزل دون أن يخبرن أي أحـد بهذه المشكلـة المعقدة، ويبدو أن الأمر في حاجة إلى إصدار قانون خاص يلزم الأم ليس فقط بإجراء الفحص ولكن اللجوء إلى العلاج أيضا، وسوف يشهد الأمر نتائج مشجعة لذلك، مع التأكيـد على أن دواء الأزت يمكن أن ينقـذ الطفل من المصير السيئ الذي ينتظره، فقـد أجـريت تجارب بـاستخدام هذا العلاج ووجد أن الأطفـال الذين ينتقل إليهم فيروس المرض من الأم عـددهم ثـلاثـة أضعـاف الأمهات اللاتي تلقين العلاج.

وقد عد هذا الاكتشاف واحدا في أهم الاكتشافات التي تمت في محاولـة منع انتشار الإيـدز من حوالي عشر سنوات، كـما أنه حتى الآن لم يثبت أن هذا الدواء يمكن أن يحدث مضاعفـات على الأم الحامل، وهكذا فإن هذا الأمر يمكن أن يساعد على إصـدار قانون فعال ليس في الولايـات المتحدة فقط بل في كل الدول المتقدمة يلزم الأم الحامل بإجراء هذا الفحص حتى يمكن حماية الطفل القادم من الخطر الكـامن في دم الأم.

 

سهير سيد

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




أخذ عينة من كعب طفل رضيع هل تكفي لإثبات أو نفي وجود المرض





أحيانا في عمليات نقل الدم يجد فيروس الإيدز طريقه إلى جسد المريض