حوادث المنزل كيف تقع؟.. وكيف نتقيهـا؟ فواز مزيك

حوادث المنزل كيف تقع؟.. وكيف نتقيهـا؟

إن الحوادث التي تصيب الإنسان في المنزل تعد السبب الثالث للإصابات التي تشاهد في أقسام الإسعـاف في المشـافي بعـد حـوادث الطرق والعمل. أمـا بالنسبة للأطفـال فتعـد السبب الأول للإصابات الرضية التي تسبب الـوفـاة أو تخلف عـاهـة دائمـة.

من الاطلاع على سجلات المشافي وأقسام الطوارئ يتبين أن أكثر الحوادث داخل المنزل هي من نوع الحروق، والإصابات الناتجة عن الأدوات الحادة وحوادث السقوط، والتسممات. ثم تأتي بـدرجـة أقـل حـوادث الاختناق والصعق بالكهرباء. وسنأتي على ذكـر أسبـاب بعض تلك الأنواع من الحوادث مع أساليب الوقاية البسيطة التي يمكن تطبيقها في كل بيت.

أولا- الحروق: تأتي بالدرجـة الأولى حروق السوائل الساخنة، ثم حروق اللهب، فحروق المواد الكاوية. والسوائل الساخنة هي إما الماء المغلي للغسيل أو لتحضير الطعام، وإما الطعام المطبـوخ الساخن، وهو أسوأ من الماء المغلي للزوجته حيث يلتصق بالجلد ويسبب حـروقـا عميقـة دائما. وليست نادرة أبداً الحوادث التي رأينا فيها الطفل يسقط بكامله في إنـاء كبير للطبخ. أمـا حـروق اللهب فسببها المواقـد والأفران والقداحات والفوانيس وما شابه. وتسبب المواد الكاويـة حروقا شديدة إذا أصابت الجلد أو العين، وهـذه المواد موجـودة في كثير من المنازل كـالأحماض "حمض الحل،" والقلويات " الصـودا الكـاوية والبـوتـاس،" والمواد القـاصرة " الكلوروكس- البوروكس". إن أسوأ الأوضاع التي تمهد لحدوث كوارث الحروق هي وجـود طفل صغير مع إنـاء كبير فيـه سـائل ساخن موضوع على الأرض في مكان واحد " المطبخ عادة" - وهذا أهم سبب لحروق النصف السفلي من الجسم- والآلية الأخـرى المشاهدة بكثرة هي وجود إناء على موقد الغاز والذي يكون عادة بارتفاع كتف الطفل، فعندما يصـدم الطفل يد الإنـاء ينقلب السائل الساخن عليه- حروق الوجـه والرقبة والنصف العلوي للجسم- أما السبب الثالـث فهو الطلب مـن الطفل الصغير حمل إناء فيه سـائل ساخن أو حتى الطلب منـه أن يحضر الشاي مثلا!!- حروق الأيدي والأرجل - وغنيّ عن الـذكر أنّ هـذا التقسيم ليس مطلقاً فكل واحد من الأسباب الآنفة الذكر قد يسبب حـرق كـامل الجسم. إنّ الطفل الصغير، حديث التعلم للمشي، يسير بشكل متعثـر وغير متوازن ولا يستطيع الانتباه جيداً لما حوله وهذا يزيد من احتمال حدوث " السيناريوهات" الثلاثة المذكورة سابقـا أكثر بكثير مما يتصوره البعض، وإن وجود الأم أو الأب قـرب الطفل لا يغير من الأمر شيئـا، لأن هذه الحوادث تحدث بسرعة وغالباً ما يصاب الشخص البالغ أيضا أثناء محاولته إنقاذ الطفل.

نصائح مهمة:

1 - لا تدعي الطفل يدخل إلى المطبخ مطلقـاً "حتى وأنت موجودة ".

2- لا تضعي إناء فيـه مادة ساخنة على الأرض.

3- لا تطلبي أبـداً من طفلك تسخين الطعـام أو جلب إنـاء ساخن.

4- تجنبي الملابس المصنوعة من مواد سريعة الاشتعال "النايلون" قرب موقد مشتعل.

5- الانتباه إلى صيانة مواقـد الغاز وتمديداتها، وعدم استعمالها لدى الشك بأي عطل أو تسرب، وإقفال صنبور الغاز الرئيسي عند عدم الاستعمال.

6- وضع أدوات الإشعـال وأواني المواد الكـاوية بعيـداً عن متنـاول الأطفـال. إنّ الأمـاكن العالية ليست حـلاً لأن الطفل سريعاً ما يتعلم وضع كرسي ليصل إلى أماكن يعتقد والداه أنها ليست بمتناوله ؛ الحل هو الأماكن المقفلة.

7- عندما تشعرين برائحـة تسرب غاز في المنزل لا تستعملي زر الإنارة ، أو تنظفي السجاد قبل تهوية المنزل وذهاب الرائحة تماماً. الخطوة الأولى في هذه الحالات هي إقفال صنبور الغاز وفتح النوافذ. إهمال هذه النصائح قـد يؤدي لحدوث انفجار وحريق في المنزل.

ثانيا - الأدوات الحادة: وهذه لا تشمل أدوات المطبخ "السكاكين- المباشر- شـوك الطعام.. وغيرها" فقط، بل مجموعـات أخرى من العـدد والأدوات مثل أدوات الخياطة " المقصات- الإبر- صنانير الصـوف" أو عـدد الصيـانـة الموجودة في كثير من المنـازل "المثاقب- المفكات- المسامير". وكلها تسبب جروحاً واخزة أو قاطعة وقد تسبب الوفاة أو عاهة دائمة. وخلال خمسة عشر عاما من العمل في أقسـام الإسعـاف شاهدنا كل ما يخطر على البال من الإصابات ؛ من الطفلة ذات الستة أعـوام التي أخترق قلبهـا سيخ الشي الـذي كـانت تحمله وهي تركض ؛ إلى الطفل الذي فقد عينه بمفك البراغي الذي كان بيد شقيقه الأصغر؛ إلى الطفل الآخر الذي استخرجنا من أمعائه عدة مسامير! الوقاية الوحيدة المجدية من هذه الحوادث هي عدم السماح للطفل بالوصول إلى هذه الأدوات بالتشدد في تخبئتها والإقفال عليها.

ثالثاً- الأبواب النوافذ، الأدراج، الشرفات: إن القاعدة الأساسية بالنسبة للأبواب والنوافذ هي التأكد من عـدم استطـاعـة الطفل فتح الأبواب والنوافذ التي يجب ألا يفتحها، وعدم استطاعته إغلاق التي يجب ألا يغلقها! فباب المنزل الخارجـي الذي يؤدي إلى الشارع ؛ والبـاب المؤدي إلى الشرفـة؛ وإلى السطح؛ والنوافذ الخارجية "نوافذ الطـابق الأرضي ليست استثنـاء"، كلها مصادر خطر شديد على الطفل حيث يتعرض لخطر السقوط من شاهق أو يخرج إلى الشارع بدون انتباه الأهل ويتعرض لمخـاطره المتعددة، والحل بسيط وفي متناول الجميع وذلك بتزويد جميع الأبواب والنوافذ برتاج يثبت في أعلاها على ارتفـاع لا يصله الطفل "حتى بـاستعمال كرسي، والتأكـد من إغلاقها كلما لزم، ويمكن تزويد النوافذ بشبك واق يحمي الأطفال حتى وإن كـانت مفتوحة، هذا وتحمل الأبـواب خطراً أخـر قلما يتبادر لذهن الأهل، وهو انطباق الباب بقوة على أصابع الطفل مما يؤدي لجروح وكسـور شديـدة، وكثيرا ما يؤدي لبتر كامل لسلامية أو أكثر. والحادث الأكثر تواتراً بهذا الخصوص هو إغلاق الباب على يد طفل صغير من قبل طفل آخـر، وهـذا يحدث حتى في المدارس مع الأسف. والوقايـة أيضاً بسيطة وتكون بتثبيت خطاف على الجدار يعلق فيـه الباب.. انطبـاقه، وتوجـد وسـائل أحـدث تمنع الانطباق القوي للباب آلياً. أما بـالنسبـة لـلأدراج والشرفـات فالقاعدة بسيطة للغاية: لا تتركوا طفلكم يلعب على الدرج أو الشرفة وحيـداً أبداً. إنّ حوادث السقوط ليست نادرة وتحدث حتى بوجود الأهل أحيـاناً، ولـذلك من الضروري أن يكون حاجز الشرفة عالياً.

رابعاً- التسمم: أهم الأسباب في المنزل ثلاثة: المواد الكـاوية، الأدوية، والمبيدات، وبدرجة أندر المشتقات البترولية.

المواد الكاوية: هي إما أحماض أو قلويات أو مواد قاصرة. وهي موجودة في معظم المنازل وأخطرها القلويات، وابتلاعها يسبب تخريشاً وحروقا شديدة للفم والبلعوم والمريء، والمعـدة، وقـد تسبب انثقاب المعدة. وإذا نجا المريض من الموت فكثيرا ما يصاب بتضيقات في المريء تحتاج لمعالجات طويلة ومـؤلمة. وهنـا أيضـا يوجـد "سيناريو" شائع، ويكون بوضع هذه المواد في آنيـة الطعام " زجاجة مياه غازية أو عصير فارغة" ووضع هذه الآنية في البراد أو خزانة المؤن! وهـذا فخ محكم يقع فيه الكبـار والصغـار، فيأتي أحدهم ويفتح البراد ويتناول زجاجـة "الشراب" وقبل أن يدرك ما يحصل يكون قد ابتلع جرعـة أو جرعتين، وهذا كاف.! بالإضافة إلى أن هذه المواد تسبب حروقاً إذا أصابت الجلد أو العين، وإصابة العين بمادة قلوية خاصة خطير وغالبا ما تفقد العين نتيجة لهذه الإصابة.

والأدوية: وأخطرها المنوّمات والمهدئات وأدويـة القلب والسكري ومميعات الدم. والطفل يتناول محتويات العلبة كلها عادة وخصوصا إذا كان الدواء بشكل شراب. التسمم الـدوائى عـادة خطر جـداً ولذلك يجب أن تكون الأدويـة دائما في خزانـة مقفلـة بالمفتاح، وهناك كثير مـن الأدوية حاليا موضوعة في عبوات لا يستطيع الطفل فتحها.

المبيدات: أكثرها شيوعاً في المنازل مبيدات الحشرات وسموم القوارض وهذه أيضاً كثيراً، ما توضع في آنية الطعام الفارغة، بالإضافة إلى ذلك توجد ممارسة شديدة الخطـورة وذلك بطلاء الجلد أو فروة الرأس بهذه السموم علاجا لبعض الطفيليـات مثل القمل والجرب، ومـا لا يعـرفـه الكثيرون أن هذه السموم تمتص عن طريق الجلد وتسبب تسممات مميتة. وهناك ممارسة أخـرى لا أدري. مدى شيوعها وذلك بتناول كميـة قليلـة من سمّ الفئـران للتخلص من ديدان البطن!! وقد شاهدت خـلال ممارستي أربع حالات تسمـم بعد تناول هذا " العلا!"؛ توفي ثلاثة منهم.، لـذلك يجب على الأهل الانتباه إلى:

1 - لا تضعي أية مـواد غير غذائيـة في أوعيـة تستعمـل للأطعمة.

2- ضعي المـواد الكـاويـة وأي مواد أخرى سامة بما فيها الأدويـة دائما في خزائن مقفلة بالمفتاح.

3 - يفضل عدم الاحتفاظ بمثل هذه المواد في المنزل، وأيـة كمية زائدة منهـا بعـد الاستعمال يتم التخلص منها.

4 - لا تتناولـوا الأدوية أمام الأطفال ثم تتركوها أمامهم لأن الأطفـال يقلـدون الكبـار وسيبتلعون الدواء في أول سانحة.

خامسا:- ألعاب الأطفال: قد يتساءل القارىء أية أخطار قـد تكمن في ألعاب الأطفـال، التي صنعت أسـاسـا لتسليتهم وفـائدتهم. والحقيقـة أنّ هـذه الألعاب تحمل أخطاراً متعددة إذا لم ينتبه الأهل ويحسنوا الاختيار. فالألعاب ذات الـزوايا الحادة والأجـزاء المؤنفـة وخصوصاً المعدنية منها تسبب إصابات قد تكون بليغة، وهناك ألعاب تحوي سوائل تحوي جراثيم وملونات سامة وتكون غير محكمة فتتسرب منها هذه السـوائل. وكذلك يجب الانتبـاه إلى الألعاب التي فيهـا أربطة أو شرائط أو خيوط ثخينة يمكن أن تلتف حول عنق الطفل وتسبب اختناقه، وكذلك الألعاب التي تحتوي على قطع صغيرة حيث يمكن أن يبتلعها الطفل أو تتسرب لمجرى التنفس أو تعلق داخل قناة الأذن أو الأنف ولا ينتبه لها الأهل حتى تسبب انتانات شديدة. ومن ناحية أخرى هناك الأطفال المصابون بأمراض الحساسية أو الربو يجب عدم إهدائهم ألعاباً تحوي ملونات كيميائية أو روائح أو ذات وبر كثيف مثلا.. في إحدى المرات اشتريت لابنتي الصغيرة لعبة بريئة المظهر وتلبي كل شروط السلامة، فهي مصنوعة من البلاستيك المصقول بدون أي أجزاء حادة أو مدببة، خفيفة الوزن، لها خيط- قصير- ينتهي بكرية صغيرة من البلاستيك لكي يمسكها الطفل ويجرها، وعدت بعد فترة قصيرة لأجد الكرية في فم ابنتي وقد انفصلت عن الخيط، ومنذ فترة قريبة سجلت في فرنسا 70 حالة بتر للأصابع عند أطفال صغار بسبب لعبة على شكل كرسي غير محكم فعندما يجلس عليه الطفل ينهار تحته وتعلق أصابعه بين أرجل الكرسي المتصالبة كالمقص. هذه أمثلة عن الأخطار التي تحملها اللعب غير المدروسة لأطفالنا، وكلما صغر سن الطفل زاد الخطر.

 

فواز مزيك

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات