لا يوجد فيلم مع الحكومة عادل إمام

لا يوجد فيلم مع الحكومة

شهادات ونجوم

الغريب أنني لم أحلم يوما واحدا بالتمثيل حتى بعد أن أصبحت ممثلا في فرقة المسرح بالمدرسة.

بل لا أعتبر نفسي حتى الآن ممثلا محترفا. إنني فقط أرى نفسي على الشاشة بدلا من النجوم الكبار من أجل أن أستمتع بمشاهدة الفيلم.

في سن السابعة.. عرفت السينما..ودخلت هذا العالم السحري العجيب.. كان الفيلم.. للفنان فريد الأطرش " حبيب العمر".. وبمجرد أن ظهرت الصور على الشاشة شعرت بسعادة.. وبعدها كان خالي مرشدا لي إلى هذا العالم.. خالي كان شغوفا بالسينما الأمريكية . ..

وفي هذه السن المبكرة.. كان لقائي كل يوم خميس بالسينما.. وتقريبا كنت أشاهد كل الأفلام الأمريكية.. وكانت هذه الفترة فترة نجومية روبرت تايلور ومارلون براندو.. ومارلين مونرو.. وبراتند كستنر.. وهذا الأخير هو الذي جعلني أعشق التمثيل.. أتذكر- حتى الآن- أفلامه.. بل وأذكر مشاهد بعينها خاصة من فيلمي " القرصان الأحمر" و "الشعلة والسهم ".. في هذه الفترة.. لم أكن مهتما بالأفلام العربية.. ونادرا ما كنت أرى فيلما عربيا.. وأتذكر أنني لم أشاهدها بعد إرسال التلفزيون في مصر عام 1960.. فقد كنت شديد الانبهار بالسينما الأمريكية.. وتعلمت منها الكثير وعرفت أشياء لم أكن أعرفها.. كانت وسيلة ثقافية وكان التمثيل مجرد هواية .. وظلت الأمور هكذا حتى وأنا في سنوات الجامعة بعدما أصبحت ممثلا في فرقة التمثيل الجامعة بعدما أصبحت ممثلا في فرقة التمثيل بالكلية.

ثم كان دخولي الإستديو لأول مرة كممثل عام 1963.. وكنت لا أزل طالبا في كلية الزراعة .. وقد نجحت في مسرحية " أنا وهو وهي " وقرروا تحويل المسرحية في فيلم.. وجاء أول طلب لي في استديو الأهرام مع حضوري بالجاكيت القديم لشخصية دسوقي أفندي.. وعرفت أن الفيلم من إخراج فطين عبدالوهاب.. ولم أكن أعرفه.. وكانت هذه أول مرة أدخل الاستديو أو البلاتوه - وبالمناسبة هو نفس الاستوديو الذي أصور فيه هذه الأيام آخر أفلامي (طيور الظلام) ..

ومازلت أذكر أول يوم.. ركبت الأتوبيس من أمام باب الكلية.. لسبب بسيط وهو أنه كان يجب أن أذهب إلى الكلية كل يوم.. كنت أعشقها.. (كلية الزراعة جامعة القاهرة).. وذهبت إلى الاستديو.. وعلى الباب رفضوا دخولي إلى أن تأكدوا أنني ممثل في الفيلم "أنا وهو وهي".. ووجدت فطين عبدالوهاب على باب البلاتوه وقال لي وهو يبتسم: أهلا أستاذ عادل.. وشعرت داخلي أنه سيحدث شيء كبير بيني وبين هذا الرجل ..

وابتسم فطين ابتسامة كبيرة وقال : "أنا معجب بك.. وإن شاء الله هنعمل شغل كويس مع بعض* . كان أول مشهد بيني وبين توفيق الدقن.. وضربني بالكف بقوة على وجهي.. فصعبت في نفسي.. وبدأت اشتغل في الفيلم.. لكني لم أشعر بالتمثيل.. مثلما كنت أشعر بالتمثيل على خشبة المسرح.

ثم انطلقت.. وبدأت رحلتي مع السينما.. كانت رحلة طويلة وشاقة وعجيبة.

في هذه الرحلة ، وبمناسبة أزمة السينما حاليا ، أتذكر أزمة مشابهة.. فبعد فيلم " مراتي مدير عام " عام 1965.. ظللت عامين دون عمل.. تركت نفسي لظروف السينما.. ومرت الأزمة.. لهذا لست قلقا على ظروف السينما المصرية هذه لأيام.. " مراتي مدير عام " نجح.. وبدأت العمل في سلسلة أفلام مع فطين عبدالوهاب مثل " كرامة وحتى" و" عفريت مراتي ".. وكان فطين بمثابة أبي أو أخي الأكبر.. وقرر أن يقدمني بطلا لأول مرة.. لكنه توفي وحل مكانه نيازي مصطفى وكان فيلم "البحث عن فضيحة" .. والمدهش أنني. لم أحب هذا الدور، بالرغم من أنه أول بطولة لي في السينما.. وبعد "البحث عن فضيحة" قدمت العديد من البطولات الثانية وكانت أجمل من البطولة المطلقة التي قدمتها.

لم أهتم بالفلوس بالمناسبة.

أمران لم أهتم بهما.. الفلوس ، وترتيب الاسم بين المشاركين في أي عمل فني.. كان دائما المهم بالنسبة لي الدور.. يهمني الدور أسعد به.. كنت أحترم مهنتي.. وكنت أرفض الأدوار التي لا أحبها.. وكانوا يتهمونني بالغرور..

من الأمور التي أندهش لها.. أن الكثيرين يقولون إن السينما زمان أحسن من الآن.. وأنا أشك كثيرا في هذا الكلام.. بدليل الأفلام التي قدمت خلال السنوات الأخيرة .. بالعكس.. زمان كانت السينما تقدم لغة غير راقية .. وموضوعاتها خفيفة ..، باستثناء مخرج أو مخرجين ما صلاح أبوسيف وكمال الشيخ.. حينما بدآ يقدمان قصص أهم الأدباء والكتاب.. طه حسين.. يوسف إدريس.. إحسان عبدالقدوس.. وذلك بالطبع وسط مناخ ثقافي وفني متميز خلال هذه السنوات (الستينيات).

السينما المصرية.. طوال عمرها.. معارضة.. وظهر ذلك بوضوح خلال سنوات السبعينيات.. السينما دائما تقف في صف المعارضة وهي المعارضة الحقيقية في مصر.. السينما دائما ضد الذين يستغلون مناصبهم.. ضد الانفتاح الخاطئ.. ضد تجار المخدرات.. دائما كانت السينما مع الخير.. ومع الطبقات العريضة. . السينما كانت، ومازالت، صوت المجموع..

في هذا الإطار.. هناك أمران.. أمر شخصي وأمر عام..

الأمر الشخصي .. أنني زمان لم تكن لدي القدرة على الاقتراح كنت فقط أستطيع فعل ذلك في الدور الذي أؤديه.. أحيانا كانت لدي اقتراحات.. لكنني كنت أخاف طرحها لأن هناك من هو أقدم مني وأكثر خبرة.. وكنت أخاف أن أكون على خطا.. لكن حينما أصبحت لدي القدرة على إبداء الرأي اكتشفت أنني على صواب وذلك ساعدني كثيرا وطورني أيضا.

أما الأمر العام فهو وجود فنانين على درجة كبيرة من الوعي.. وذلك ساعدني على بلورة أفكاري وأصبحت أكثر إفادة.. ومنحني ثقة بالنفس.

لم أنفصل عن الجمهور

أهم ما يميز السينما في مصر.. أنها للجماهير.. وأنا كنت واعيا هذه المسألة.. طوال عمري لم أنفصل عن طبقتي لا في شكلي ولا في أفكاري أو حتى لغتي أو المفردات التي أستخدمها . ولا أذكر أنني . قدمت أي دور ضد الناس .. ورفضت العديد من أدوار البطولة، في وقت كنت أحتاج فيه إلي البطولة لأن الأدوار كانت غير حقيقية، كنت أشعر أنها شخصيات كرتونية.. كنت أرفضها وأرفض مناقشتها أو تعديلها.. لأننا أرى أنها شخصيات ولدت ميته.

الذي ساعد على تطور السينما، وجعلها أحسن من سينما زمان.. وجود جيل واع من المخرجين .. محمد عبدالعزيز.. أشرف فهمي.. تحديدا معهد السينما وخريجو هذا المعهد ساعدا على تطور الصناعة.. ومع إضافة أفكار جديدة مثل أفكار خيري بشارة ومحمد خان وسمير سيف وعاطف الطيب ثم شريف عرفة اكتملت للصناعة عناصر نجاحها.. لذا لا أعتقد أن السينما في أزمة .

أنا أطالب بالحفاظ "على السينما ورعايتها للخروج من الأزمة.. على الأقل ألم يسأل أحد نفسه لماذا تحاول إسرائيل تخريب السينما المصرية.. لأن إسرائيل تعرف أن السينما أحد مصادر قوة مصر.، السينما استطاعت أن توصل مصر إلى كل المنطقة العربية ..

أنا أكرر أنه لا يوجد فيلم مع الحكومة.. الأفلام مع الناس.. السينما رد فعل للمجتمع.. لها مصالح مع الناس.. ومما لا شك فيه أن الخطوات السياسية الديمقراطية.. ساعدت على ظهور أفلام جريئة جدا.. مثل قضية الإرهاب.. وجدت نفسي أسجل رفضي لهذه الظاهرة "الإرهابي" والعديد من الظواهر الأخرى مثل فساد بعض أعضاء مجلس الشعب " حتى لا يطير الدخان" وأزمة الإسكان "كراكون في الشارع ".

دائما كنت حريصا على تقديم نماذج شخصيات من لحم ودم.. شخصيات من وسط الجمهور الذبح يشاهدني "رجب فوق صفيح ساخن" "شعبان تحت ا لصفر" "الهلفوت" "المشبوه" حتى "المتسول".. أقدم شخصيات مثل الناس بالضبط في شكلهـم ولبسهم .. و" ديكور" منازلهـم .

 

عادل إمام

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




عادل إمام





فيلم جزيرة الشيطان