قبرص .. جزيرة أفروديت المنقسمة محمد المنسي قنديل تصوير: حسين لاري

قبرص .. جزيرة أفروديت المنقسمة

إنها حقا جزيرة صغيرة تختلط فيها الحقيقة بالأسطورة مأساتها أنها كانت دائما في بؤرة الأحداث ، تقاطع على أرضها خطوط الصراع بين الإمبراطوريات الكبرى ولقد دفعت لذلك ثمنا فادحا من تاريخها المضطرب واستقرارها الداخلي ، و ما زالت حتى الآن منقسمه على نفسها .

كان موعدنا مع غروب الشمس على شاطئ أفروديت حيث ولد التاريخ الأسطوري لجزيرة قبرص. الصخرة الشهيرة تتلون مع تدرجات الضوء. تدب فيها حياة غريبة كأن أفروديت توشك أن تولد أمامها من جديد. كان المكان مزدحما بالناس يتأملون زبد الموج.. نفس الزبد الذي حمل الآلهة الأسطورية منذ آلاف السنين.. هنا، تقريبا في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وقبل أن يكتب هوميروس ملحمة الإلياذة. بدأت بذور الأسطورة عندما حمل الموج قوقعة كبيرة ظل يدفعها عبر جزر البحر المتوسط حتى رست بجانب هذه الصخرة وانفتحت كي تخرج منها أجمل امرأة يمكن أن تقع عليها العين. إنها أفروديت.. أو فينوس كما تعرف عند اليونان أو عشتار كما تعرف عند البابليين.. أو إيزيس كما أخذت قناعها عند قدماء المصريين. يقال إنها قد ولدت من زبد البحر كما صورتها لوحة الفنان بوتشيللي من لقاء حار بين عناصر الطبيعة، واكتسبت شهرتها كإله للحب والعشق، وأقيم على هذا الشاطئ أول معبدلها حيث تأتي الفتيات للتضحية بعذريتهن مع أي غريب عابر. لقاء قطعة من الفضة. إنها بداية البغاء المقدس الذي لازم الكثير من الديانات الوثنية القديمة. وتقول الأساطير أيضا إن ثلاثة من الآلهة - الحريم طبعا - قد اختلفن عن أيهن أجمل من الأخرى. كانت الآلهة هن أفروديت وأثينا وفيرنا. وعندما احتدت الخلافات بينهن ولم يعد في السماء من هو قادر على المفاضلة بينهن اتفقن على أن يلجأن إلى أحد البشر. وهكذا هبطن حيث وجدن "باريس" ابن ملك طروادة جالسا عند حافة أحد الأنهار وأعطته الآلهة الثلاث تفاحة على أن يعطيها لأجمل واحدة فيهن. واختار باريس أن يعطي التفاحة لأفروديت فوهبته قلب أجمل امرأة في بلاد اليونان هي "هيلين " وغضبت الآلهتان الأخريان فنشبت الحرب والدمار لعشرات السنين بين بلاد اليونان وطروادة.. وهكذا كانت الغيرة النسائية وراء أشهر حرب في التاريخ. لقد زال المعبدالذي كانت العذارى تقصده الآن، ولكن الصخرة مازالت باقية في مكانها. ومازالت الآثار التي تحيط بالمنطقة تحكي التاريخ القديم والممتد للجزيرة. كان الجغرافي اليوناني سترابو أول من وصفها في القرن التاسع عشر قبل الميلاد بأنها أرض الخصب والخمر الجيدة وزيت الزيتون الذي لا يضاهي ومناجم الكبريت التي لا تنفد. ولقد كان هذا الخصب والموقع الممتاز هما السبب في توالي الغزاة على حكم الجزيرة طوال عقود من التاريخ.. فقد حكمها اليونان ثم الرومان والفرس والفراعنة والعرب والترك والإنجليز وما زالت بها قاعدة بريطانية في الجنوب وقوات تركية في الشمال وما زالت تحمل بصمات كل الثقافات التي توالت عليها.

جزيرة للبيع

إنه تاريخ مضطرب وطويل هذا الذي عاشت فيه الجزيرة على أرض الواقع وبعيدا عن الأساطير. لقد جعل منها موقعها في قلب البحر المتوسط طرفا في كل الصراعات التي شهدها العالم القديم والحديث أيضا. فقد شهدت ميلاد كل الإمبراطوريات وعانت من تحركات الحشود العسكرية ودفعت ثمن بزوغ عصر الملاحة البحرية واحتشدت على أرضها كل أنواع الجيوش، ويبدو أنه لم يترك لها الفرصة كي تكشف عن وجهها الحقيقي أبدا. بل لقد وصل بها الأمر أن أصبحت سلعة تباع وتشترى.

فمنذ حوالي 900 عام - وسط ظلمة العصور الوسطى وتحركات فرسان الصليب المحمومة من أجل الوصول إلى بيت المقدس - شهدت قبرص سفن الصليبيين وهي تمضي منتصرة أو وهي تعود منكسة. وجاء الملك ريتشارد قلب الأسد يمثل أقوى أفواج هؤلاء الغزاة، ولكن رحلته من إنجلترا إلى فلسطين كانت صعبة، فقد أغرقت العواصف إحدى سفن أسطوله وكان عليها عروسه "بريجريا" التي وقعت أسيرة في يد حاكم الجزيرة البيزنطي "إيزاك " الذي أراد أن ينالها رغما عنها. وعندما علم قلب الأسد بهذه الإهانة ترك الحرب مع صلاح الدين وانقض على الجزيرة فأطاح بالحاكم واستولى عليها وأنهى الحكم البيزنطي بها إلى الأبد. وحتى بعد هزيمته واضطراره لترك القدس ظل محتفظا بقبرص حتى باعها لفرسان المعبدوهم أيضا إحدى طوائف الصليبيين لقاء 40 ألف دينار بالإضافة إلى 60 ألف دينار من ريع الجزيرة وقد باعوها بدورهم إلى ملك آخر كان منهزما ويبحث عن مملكة بأي ثمن.

وقد ظلت قبرص طوال الحروب الصليبية مصدر خطر دائم على أرض فلسطين وسوريا ومصر، فقد كانت محطة دائمة لكل طوائف المرتزقة والباحثين عن المجد والمختبئين تحت راية الصليب، وحاول مماليك مصر أكثر من مرة القيام بغزو الجزيرة ولم ينجحوا في ذلك. ولكن العثمانيين فعلوها في عام 1570 حين هبطت إلى قبرص 350 سفينة تركية دفعة واحدة تحمل على متنها 16 ألف جندي انتشروا في الجزيرة كالجراد واقتحموا لارنكا وخاضوا معركة دامية في فاجوستا واستولوا على الجزيرة نهائيا.

إن بقايا الحكم العثماني مازالت موجودة ليس فقط في المشاكل الدينية الدفينة في قلوب السكان المسلمين والمسيحيين ولكنه ظاهر في عشرات المساجد المعطلة عن العمل حاليا، وسلسلة القلاع التي تحولت إلى متاحف في نيقوسيا وفي جوستا وبافوس وليماسول وكيرتيا.

لقد بدأ التنازع والفراق بين القبارصة اليونانيين والأتراك، فالذين يحكمون من الأتراك كانوا يتخلفون يوما بعد يوم بينما وجهت أوربا عنايتها ورعايتها لأبناء الجزيرة من اليونانيين وسهلت لهم البعثات التعليمية، وخاصة بعد أن وضعت بريطانيا الجزيرة في دائرة اهتمامها بسبب موقعها المهم وسط البحر المتوسط. وكان الهدف الأهم من وراء كل هذا هو القفز على قناة السويس. وأخيرا في 12 يوليو عام 1878 وصلت القوات البريطانية إلى شواطئ قبرص وانتزعتها نهائيا من يد السلطان العثماني.

عندما كنا في قبرص خرجت الجرائد الصباحية حافلة بحادث سقوط إحدى طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني وموت الطيار، في البداية حسبت أنها طائرة عابرة ضلت طريقها إلى أرض الجزيرة ولكن تبينت من التفاصيل أنها كانت جزءا من القوة الجوية في قاعدة أكروتيري البريطانية في الجزيرة، اكتشفت خطا معلوماتي السياسية وقصورها. فقد كنت أعتقد أن قبرص قد حصلت على استقلالها من الاحتلال البريطاني عام 1960 بعد كفاح قامت به منظمة أنيوس تحت رئاسة الأسقف مكاريوس، ولكن يبدو أنها كانت أثمن من أن يتركها الاستعمار البريطاني التقليدي دون قواعد. وأثناء الجولة على حافة جبل ترودوس أتيح لنا أن نشاهد أسوار هذه القاعدة وخلفها صفوف من البيوت القرميدية ذات الطراز الإنجليزي. كانت تخفي خلفها تاريخا طويلا من الاستعمار القديم الذي انتهى من كل مكان في العالم إلا من بضع نقاط قليلة منها جزيرة قبرص. قال لنا سائق التاكسي بصراحة : إننا لا نريدهم أن يذهبوا فهم يوفرون لنا العديد من فرص العمل، المسألة الآن اقتصاد ونحن نرحب بكل ما يقوي اقتصادنا.

ولكن السؤال كان يلح علي : لماذا احتفظت بريطانيا بقاعدتها في هذه الجزيرة بعد أن ذهبت إمبراطوريتها الشاسعة؟ ما هي الأهمية الاستراتيجية لها بعد أن انتهت تقريبا كل أنواع الصراعات التي كانت بريطانيا طرفا فيها؟!.

عندما احتلت بريطانيا الجزيرة في عام 1878 كانت تحاول أن تؤمن طريقها الإمبراطوري إلى الهند وتتصدى للقوة المتزايدة للأسطول الروسي في البحر المتوسط، وبعد فترة فقدت الجزيرة أهميتها حين حسم الصراع البحري لصالح بريطانيا ولم تستعد هذه الأهمية إلا خلال الحرب العالمية الثانية عندما احتلت القوات الألمانية جزيرة كريت وزحفت فصائل روميل في شمال إفريقيا فتحولت قبرص إلى ساحة لكل العمليات الحربية الموجهة لمصر وفلسطين وكل المنطقة المحيطة بها.

وبعد انتهاء الحرب وهبوب ريح الاستقلال الوطني أعلنت بريطانيا بوضوح في عام 1955 على لسان وزير خارجيتها : "لن نستطيع التخلي عن قواعدنا في قبرص.. " كان البحر المتوسط قد تحول إلى ساحة للحرب الباردة بين الغرب والمعسكر الاشتراكي وأصبحت قبرص مركزا رهيبا ومزدحما لكل أنواع الاستخبارات العالمية. المخابرات الأمريكية والسوفييتية " السابقة " والإنجليزية والإسرائيلية والمصرية، دارت في حواريها الضيقة وقراها الجبلية كل أنواع المؤامرات، من الاغتيالات إلى الانقلابات إلى الصفقات المشبوهة، وبدا كأن الشرق والغرب يتصارعان في تلك الرقعة الضيقة من الأرض ويحاول كل فرض إرادته منها على قارات بأكملها.

هل هذا هو السبب في أن بريطانيا لم تتخل عن قاعدتها فيها حتى اليوم؟، وهل يمكن أن يكون لها دور مختلف في ظل النظام العالمي الجديد؟، وهل تستطيع أن تقدم هذه القاعدة شيئا في وقت جعلت فيه الأسلحة الحديثة كل هذه القواعد تفقد أهميتها؟.

بين السفح والقمة

ولكن القاعدة البريطانية تأخذنا إلى أعلى، إلى قمة جبل ترودوس - أعلى جبال قبرص - حيث توجد قمة الأولمب. والأولمب وهو مهد الآلهة، وقد أخذ اسمه من الجبل الشهير في بلاد اليونان حيث كان يجلس الإله زيوس ليحكم العالم ، كما كان يفعل رجال المخابرات في العمر الحديث، ولكن جبال قبرص لا تنتمي إلى اليونان بقدر ما تنسب نفسها إلى جبل لبنان. وعلى حد تعبير البروفيسور جورجيوس سيزوس أستاذ التاريخ بجامعة نيقوسيا : " يكفي أن ترى أشجار الأرز على سفح جبل ترودوس وأن تتأمل الخارطة لترى أنه من السهل جدا أن تلتحم بالشاطئ اللبناني دون أي نتوءات ، لقد كانت الجزيرة ذات يوم جزءا من ذلك الشاطئ الآسيوي ثم تباعدت عبر ملايين السنين.. ولعل هذه مشكلة قبرص الحقيقية .. إننا  جغرافيا جزء من آسيا ، ولكننا في أعماقنا نتمنى أن نكون جزءا من أوربا ".

وما بين سفح جبل ترودوس وقمته وعبر هذه الرحلة الجبلية الوعرة تتجلي لنا أهم معالم التاريخ القبرصي الذي كان إلى حد كبير بمنأى عن تدخل التأثيرات العثمانية .

على السفح تتناثر المنازل والفنادق ذات الطراز الإنجليزي ، أهمها الفندق الذي أقام فيه تشرشل أثناء الحرب العالمية الثانية والذي أخذ اسمه ، ومنزل كان يملكه ملك مصر السابق فاروق ، والعديد من أغنياء أوربا. وعلى القمة تبدو دائرة بيضاء أشبه بكرة " جولف " عملاقة ، إنه أعلى رادار في البحر المتوسط تملكه القوات البريطانية وفي داخله محطة إرسال واسعة المدى تبث منها الإذاعة البريطانية برامجها الموجهة إلى الشرق الأوسط وإلى جنوب أوربا ، وعلى قمة أخرى ، يوجد قبر الرجل الذي قاد حركة التحرير في قرص .. الراهب الذي لم يرتض أن يقوم فقط بواجباته الدينية ولكنه اخترق مجال الصراع السياسي ليقف ضد أعتى إمبراطورية في التاريخ . لقد مات بعد أن شهد التقسيم الفعلي للجزيرة ، ولا أدري إن كان مات وهو يحلم بها موحدة مستقلة ؟ أم أن أخطاء العظماء عظيمة كما يقولون ؟ ، سوف نعود لهذه القصة مرة أخرى ، ولكن دعونا أولا نتأمل هذه الغابة الرائعة التي تترامى على سفوح جبل ترودوس، إنها واحدة من أروع غابات البحر المتوسط، وقد جعلتها الأمم المتحدة محمية طبيعية للمحافظة على ما فيها من ثروات نباتية نادرة.

ونحن نواصل الصعود إلى أعلى نرى جزءا من الدمار الذي أحدثته يد الإنسان. آثار رمادية كالحة وسط الخضرة الزاهية. إنها مناجم "الأسبوتس". لقد كانت هذه البقعة آهلة بالعمال يقيم فيها حوالي 100 ألف عامل، يشتغلون باستخراج الأسبوتس والكبريت ويدمرون شرايين الغابة الخضراء. ولكن اكتشاف أن الأسبوتس هو إحدى المواد المسببة للسرطان كان السبب الوحيد الذي أنقذ الغابة وحول المناجم إلى مناطق مهجورة لا تعيش فيها سوى الفئران. على قمة الجبل أيضا توجد أشهر الأديرة الأرثوذكسية في قبرص. لقد حمى الجبل التراث البيزنطي القديم للجزيرة من امتداد النفوذ العثماني فظل دير "كيكو" يحتفظ بثروة كبيرة من التحف الفنية أشهرها هي أيقونة السيدة العذراء التي يعتقد أن الرسام الشهير "لوك " قد قام برسمها. ويعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر الميلادي عندما أحضرها أحد الرهبان بعد أن تلقاها هدية من الإمبراطور البيزنطي الكيسوس الأول على أثر نجاح هذا الراهب في علاج ابنته. وإذا كان الدير قد سلم من الأتراك فهو لم يسلم من الحرائق التي كانت تندلع فيه وتنتقل إلى الغابة المجاورة، لقد أحرق الدير عدة مرات وأعيد بناؤه من جديد. ويقال إنه في القرن التاسع عشر عندما كان الفلاحون يئنون تحت وطأة الضرائب المفروضة عليهم كانوا يفضلون أن يتبرعوا بها للدير. وهم ليسوا فلاحين قبارصة فقط، ولكن من خارج قبرص أيضا، وهكذا نجد أن لهذا الدير المنعزل أملاكا في روسيا وفي آسيا الصغرى.

وزوار الدير لا ينقطعون. لقد أدهشني وجود جمع كبير من مختلف الجنسيات وهم يجوسون خلال الأروقة الصامتة، وهم يأتون بالدرجة الأولى لرؤية إيقونة " لوك " ولزيارة الدير الذي دخل فيه مكاريوس وهو يبلغ من العمر 12 عاما، ثم تركه عام 1926 ليقود الحركة الوطنية وعاد إليه مرة أخرى قبل أن يموت في عام 1977.

مدن ساطعة الألوان

المدن القبرصية ساطعة الألوان. فيها نوع من الألق الخفي لا يزول حتى بعد أن يحل الظلام. ولعل ذلك البركان الخفي الذي أبرزها من قاع البحر المظلم لا يزال يمدها بطاقة من الضوء تسري في أرجائها حتى الآن.

في شهور الصيف لا تنام مدينة ليماسول على الإطلاق. إن أفواج الشباب من فتيان وفتيات والذين يمرحون في شوارعها طوال الليل يعطونها طاقة تكفيها حتى شهور الشتاء الباردة، فهي لا تكف عن التوسع.. ولا تتوقف الإنشاءات على شواطئها، وفي شوارعها أكبر عدد من المطاعم يمكن أن تراه في شارع واحد. ويقول لنا واحد من أصحاب المحلات وهو يراجع كل أنواع العملات المالية في آخر اليوم: " إن ليماسول مدينة تعود بازدهارها إلى عاملين، الغزو التركي للجزيرة عام 1974 الذي أدى إلى هجرة أعداد كبيرة من اللاجئين والتجار اليونانيين القادمين من الشمال. وكذلك إلى الحرب اللبنانية التي جعلت العديد من رءوس الأموال العربية تنتقل من جحيم بيروت الملتهب إلى ليماسول الهادئة.. "

على الشاطئ ترقد القلعة التركية، علامة على الجزء القديم من المدينة. خلفها تبدو مئذنة مسجد شاحبة. حين ذهبنا إليها اكتشفنا أن المسجد مغلق تخيم عليه خيوط العنكبوت، وأن المنطقة المحيطة به مهجورة أيضا. منازل خالية ومحلات مهجورة محطمة الأبواب والنوافذ، كان من السهل علينا أن نستنتج أنها البقايا التركية في المدينة. لقد تسبب الغزو في حركات عنيفة من الهجرات والهجرات المضادة، انتقل الأتراك تاركين خلفهم بيوتهم ومتاجرهم نهبا للخراب.

لقد كانت المدينة القليلة السكان مجرد استراحة لجنود القاعدة البريطانية الموجودة في جنوبها، ولكنها تحولت الآن إلى ثاني أهم مدينة بعد نيقوسيا، العاصمة الأولى في مجال السياحة والتجارة. وفي مدينة "كوريون" تتراكم طبقات الأزمنة التي تعاقبت على الجزيرة. ففي هذه المدينة الصخرية التي ترتفع عن سطح البحر بحوالي 70 مترا تتجمع الآثار الهيلينستية والرومانية وبدايات العصر المسيحي أيضا. إن هناك ملامح مملكة قديمة كانت هذه المنطقة هي عاصمتها، ذكرها هيرودوت في تاريخه. لقد كانت هي المملكة التي ناصرت الإسكندر المقدوني في حربه ضد الفرس وجعلت بلاد اليونان تنهض من جديد.

ولعل أطلال المسرح الروماني البيضاوي بمدرجاته المتعددة، وأطلال معبد أبوللو ذي الأعمدة الرخامية هي خير شاهد على ازدهار هذه المنطقة في العصر الروماني ويقال إنه دارت في هذا المكان معركة شرسة بين الحامية الرومانية وجنود الفتح العربي الذين أقبلوا على الجزيرة أثناء العصر الأموي.

أما مدينة بافوس فهي تمثل بؤرة لكل عشاق الحضارة اليونانية القديمة. سببها الأساسي هو الصخرة القريبة من شواطئها والتي تقول الأساطير إن أفروديت ولدت أمامها. بل لقد أخذت أفروديت اسمها من اسم المدينة فأصبحت "البافوسية" وجاء إلى معبدها كل عبادها من العمر القديم وما زالت أرض بافوس تخفي داخلها العديد من الكنوز الأثرية.

ولعل سحر بافوس يأتي من ذلك التقابل الحاد بين الشاطئ الصخري الأصفر، والغابة الخضراء في سفوح جبل ترودوس التي تقع في الجانب الآخر منها، ولقد مثل الجبل عازلا بين المدينة وبقية أجزاء الجزيرة ولم يصبها من أحداثها العاصفة إلا القليل، وظلت تعتبر منطقة فقيرة حتى وقت قريب عندما غزتها صناعة السياحة فحولت كل معالمها إلى تنمية.

ويمكن أن نقسمها إلى قسمين : القديم منها ويسمى كاتوبافوس ويحتوي على الميناء القديم بروائح السمك النفاذة التي تنبعث من أشهر مطاعمه، والقلعة التركية القديمة. وتهبط الشوارع وترتفع لتقود إلى الجزء الجديد من المدينة، حيث تنتشر محلات وأماكن السياح من فنادق إلى منتجعات ومتاجر.

ويمكننا أن نرى نفس الملامح في مدينة لارنكا : الشارع الرئيسي، أماكن السياحة، القلعة التركية بها فيها من متحف صغير ومدافع قديمة، أضف إلى ذلك المطار الذي أصبح هو المطار الرئيسي للجزيرة بعد أن فقدت نيقوسيا مطارها الدولي وأصبح مع خط التقسيم ضمن الحدود التركية.

ألق من الشمس.. وأنفاس رطبة في المساء وعناق مستمر بين الرمل الأصفر وأمواج المتوسط التي تتحرك في انسيابية، وترغي في زبد كأنها توشك أن تلد أفروديت من جديد.

في الطريق إلى "بافوس" توقفنا عند أبواب إحدى القرى، كنا نريد أن نلتقط صورا لبعض المشاهد الريفية الحقيقية بعيدا عن ألوان السياحة الصاخبة، كي نهرب من مناظر الأجساد العارية على الشواطئ كي نبحث عن صورة حقيقية فيها معاناة الحياة ومقاومة الطبيعة. ودائما تلاحقنا صورة الحمار"القبرصي" وهو يجتاز الممرات الجبلية محملا بالأثقال تقوده امرأة عجوز ترتدي "السواد". ولكن القرية كانت خالية.. البيوت والحقول والطرقات والمقاهي الصغيرة.. كلها كانت خالية.. لا يوجد بها أي فلاح أو زائر سوانا. تحولت إلى قرية أشباح تنمو فيها الأعشاب البرية. الحقول أيضا جافة وبقايا أشجار الزيتون هي الشاهد الأخير على الحياة التي كانت تعيشها هذه القرية.. نظرنا إلى السائق في تساؤل، فقال في حزن:

ليست هذه حالة تلك القرية وحدها.. ولكن قرى بافوس كلها تحولت إلى أماكن للأشباح.

لماذا هجرت القرى؟

وعلى طول الطريق كنا نتأكد من هذه الحقيقة، بعضها كانت علامات الحياة الموجودة فيها فقط هي قطعان الماعز التي ترعى في أي مكان وتأكل أي شيء. سوساكيو.. زاهريا.. أكورسوس.. فاسيلي.. مارنوس.. أسماء لقرى كانت آهلة بالسكان ثم تحولت إلى خرائب، ومازال العديد من القرى الجبلية الأخرى ينتظر نفس المصير. أكثر من مائة قرية ضاعت، البعض منها، والذي كان على الساحل، اندثرت بيوتها تماما كي ترتفع بدلا منها الفنادق والعمارات وشاليهات المتعة والراحة، كما تنتشر الفطريات مدمرة بقايا الحياة الريفية التقليدية، أما قرى الجبال فقد هجرها أهلها للعمل في وظائف السياحة والخدمات التي تدر عائدا ضخما لا يقارن بالعمل الشاق في مجال الزراعة.

لم تكن الحياة الزراعية وسط جبال قبرص رومانسية بأي حال من الأحوال. ولقد كانت نوعا من النضال المستمر ضد تقلبات الطبيعة والأرض الصخرية. وقد تركت سنوات الشقاء العثماني آثارا متوارثة في ملامح الفلاح القبرصي الذي تعود على القهر والعمل الشاق دون أن نمتلك "دونما" من الأرض. لقد حدث أحيانا أن كان حوالي 100 فلاح يمتلكون شجرة زيتون واحدة معرضة للجفاف والتساقط في أي وقت ومع تقدم الزمن وظهور أنظمة الري الحديثة - خاصة تحت الحكم البريطاني- تحسنت أحوال الفلاحين قليلا ولكن ظروف الري الصعبة خاصة في الحقول الموجودة في أعالي الجبال ظلت تمثل صعوبات بالغة. ولقد ظل الطعام الأساسي لهؤلاء الفلاحين هو الخبز والزيتون والنبيذ، وكان الجزء الأكبر من النقود يذهب في صورة مدخرات إما من أجل تعليم الولد أو دوطة (بريكا كما تسمى باليونانية) لزواج البنت. لقد اختفى نظام الدوطة الآن لحسن الحظ.

لقد ظل النمط الريفي التقليدي سائدا حتى بداية السبعينيات. لم تكن صناعة السياحة قد عرفت بنطاق واسع في الجزيرة.

وفي عام 1974 أضاف التقسيم بعدا جديدا على التركيبة السكانية للجزيرة حين حدثت انتقالات واسعة للأتراك واليونانيين.. وفقدت منطقة بافوس وحدها عددا من القبارصة الأتراك الذين انتقلوا إلى القسم الشمالي بلغ عددهم 15 ألف شخص هاجروا في ظرف أسبوع واحد. ولم يحتل مكانهم إلا عدد قليل من المهاجرين اليونانيين لا يتجاوزون ألفي نسمة. وكانوا أفقر من أن يبدأوا حياة جديدة في تلك المنطقة.

ومع نمو حركة السياحة. وازدهار منطقة بافوس، مأوى أفروديت، ازدهرت عمليات البناء والفندقة والخدمات السريعة، وهجر الفلاحون قراهم وتركوا الحمير في مذاودها ليقودوا السيارات الفارهة وكفوا عن الحرث والغرس وتفننوا في القيام بإعداد الأطعمة، قال لنا سائق التاكسي حزينا: "نصف الجزيرة تحولوا إلى مطربين يغنون في الملاهي الليلية حتى الصباح وإذا احتاج المرء إلى حبة زيتون فعليه أن يذهب ويقطفها بنفسه ".

إن من الصعب تخيل عودة الشباب القبرصي- الذي تعود على عمل الفنادق والبارات - إلى الريف القاسي مرة أخرى، بل إن ملامح العمالة الآسيوية بدأت في الظهور في العديد من أجزاء الجزيرة.. وحتى مشاريع الري المتطور التي كانت الحكومة تتحدث عنه قد اتجهت إلى إمداد العمارات الساحلية الفاخرة بالمياه بدلا من الأرض الصخرية والنتيجة أن الحياة الزراعية في قبرص تتعرض للبوار أكثر وأكثر. "إننا لا نلوم الأتراك، ولكننا نلوم السياسيين على ما فعلوه بجزيرتنا" هكذا كانت تقول الدليلة العجوز التي رافقت رحلتنا على طول الخط الأخضر الفاصل الذي يقسم مدينة نيقوسيا. وفي الواقع كنت أحس دائما أن القبارصة لا يلومون إلا أنفسهم وأنهم قد لعبوا بالنار أكثر مما ينبغي.

نيقوسيا وخط التقسيم

نيقوسيا حارة ومزدحمة. تبدو مدينة قاحلة في وسط جزيرة يحيط بها الماء من كل جانب. لا ترى فيها تلك الزرقة المحببة، ولكن مساحات من المباني المتراصة والشوارع الأسفلتية شأن كل العواصم. الشوارع واسعة تضج بالحركة والسيارات وأزقة المدينة الخفية تأخذك بسحرها الخاص. مساجد المدينة كلها معطلة عن العمل لا يوجد إلا مسجد واحد أعادت الحكومة فتحه للجاليات العربية والإسلامية التي تتكاثر، وأخذت على نفسها مسئولية حمايته. مئذنة مسجد سليمي التاريخية تبدو بعيدة خلف خط التقسيم. والكاتدرائية الرئيسية تستقبلك بتمثال ضخم للأسقف مكاريوس. المطاعم المتناثرة في الأزقة وتحت الدرجات. القبارصة أساتذة في فن المطاعم وهي إحدى الخبرات السياحية التي يتفوقون فيها.

تشير لنا الدليل على خط التقسيم الذي يفرق المدينة.. خط ينساب كالثعبان يقسم الأحياء ويصعد التلال ويفرق العائلات.. العلم التركي مرسوم بالأحجار فوق أحد التلال.. وجنود الأمم المتحدة بالقبعات الزرقاء والحواجز التي تأخذ نفس اللون.. ممنوع الاقتراب أو التصوير.. تلك اللقطات كانت خفية من خلف زجاج سيارة مسرعة.. الشوارع هادئة تماما ولكنه الهدوء الذي يخفي ميراثا من العنف والغضب الذي كان يجتاح كل شيء.

أشهر فنادق نيقوسيا "ليدرا بالاس" تحول الآن إلى خرائب، فمن خلال غرفه وأبهائه يمر خط التقسيم ويمضي بعد ذلك إلى طريق واركون الذي سد بالحواجز المعدنية الزرقاء.. لقد زالت الحواجز التي كانت تفصل بين شقي برلين.. ولكن حواجز نيقوسيا تبدو كأنها سوف الأبد. ربما كانت المشكلة القبرصية موجودة منذ الأبد أيضا .. لقد فشل العنصران اللذان يكونان سكان الجزيرة، وأعني بهم الأتراك واليونانيين ، في أن يكونا شعبا واحدا. عاشا معا في نفس المكان وعانيا من نفس الظروف ولكن الثقافات المختلفة والعداوة التقليدية بين الدولتين الأم ظلتا حائلا دون أي تمازج . هل لعب الاحتلال البريطاني كعادته على تغذية هذا الانفصال .. شواهد الإنجليز في مصر والهند وغيرهما تؤكد ذلك .. ولكن نزعات الانفصال والتباعد لم تظهر بشكل سافر إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية . كانت كل الدول تسعى إلى استقلالها وتبحث عن هويتها . وجاء الأسقف الصغير السن المسمى مكاريوس لينشئـ منظمة " أنيوس " التي ضمت تحت لوائها معظم اليونانيين في الجزيرة ليعلن في بداية الخمسينيات أنه من الأفضل للجزيرة ليعلن في بداية الخمسينيات أنه من الأفضل للجزيرة أن تنضم للوطن الأم " اليونان " وتصبح جزاء منه . وقد رحبت اليونان بهذا القرار بالطبع وأخذت جانب قبرص في كل المنظمات الدولية وردت تركيا على ذلك بأن اعتبرت الجزيرة امتداد لأراضيها ، كان عام 1956 هو بداية الأزمة التي طرحت فيما بعد ما يسمى بالمشكلة القبرصية.

لقد كان الخطأ الذي وقع فيه الأسقف المسالم مكاريوس أنه حاول أن يطبق هذا الأمر بالقوة . وبدأت سلسلة من التفجيرات تهز شوارع نيقوسيا لتؤكد إصرار اليونانيين على الانضمام إلى اليونان وتظاهرت السلطات البريطانية بأنها ضد هذه المحاولات الإرهابية .. ولكن القشة التي قصمت ظهور كل الأباعر هي ذلك الانفجار الذي حدث في أحد مكاتب الأنباء التركية في 7 يونيو عام 1958 . كانت الشرارة التي أشعلت نيران الحرب الأهلية ودفعا القبارصة لمواجهة القبارصة واشتعلت المواجهة أكثر لتنذر بحرب شاملة بين تركيا واليونان اللذين كانا معا عضوين في حلف "الناتو" ولولا أن الولايات المتحدة خوفا من انهيار الحلف ، وضعت كل ضغوطها على أنقره وأثينا لما وصلت الحلف ، وضعت كل ضغوطها على أنقره وأثينا لما وصلت الأمور إلى حافة البحث عن حل دبلوماسي .

لقد تمخضت المباحثات التي تمت في لندن وزيورخ بين اليونان وتركيا وبريطانيا عن منح كيان سياسي هش يعمق التقسيم ولا يحله . فقد اتفق على أن تمنح الجزيرة استقلالها عن كل القوى وأن ينتخب اليونانيون رئيسا يونانياً . وأن ينتخب الأتراك نائبا للرئيس تركيا وأن تنقسم الحقائب الوزارية والشرطة والجيش بين الفئتين .

في 16 يوليو عام 1960 أعلن عن استقلال الجزيرة وأصبح مكاريوس رئيسا يونانيا . وأصبح فضيل كيوزيك نائبا للرئيس تركيا . ولكن الولاءات ظلت ممزقة .. كل وزير كان ولاؤه لجماعته العرقية أكثر من الدولة . وعلى الرغم من أن القوة السياسية لقبرص قد استقرت وأصبحت عضوا في دول عدم الانحياز فإن نيران الفرقة كانت كامنة تحت الرماد .. في عام 1963 أصر الأسقف مكاريوس على أن الحقوق التي تتمتع بها الأقلية التركية هي أكثر مما ينبغي وحاول التقليل من المناصب الممنوحة لهم في الشرطة والجيش واشتعلت الطائفة التركية وردت عليها الطائفة الأخرى وعادت حرب الشوارع مرة أخرى بأسرع مما توقع الجميع. في صيف 1964 بلغ عدد القتلى حوالي 500 فرد من الجانبين وحاولت الأمم المتحدة التدخل وإقامة الحواجز، ومرة أخرى اشتعلت المواجهات بين تركيا وأثينا.. ولكن موقف أمريكا من مكاريوس قد تغير فقد أصبحت تعتبره "كاسترو في ثياب قسيس " وأنه يريد تحويل قبرص إلى "كوبا في البحر المتوسط ".

ولم يهدأ الوضع إلا في عام 1968 بعد أربع سنوات من التقاتل والتناحر، وهدأ الموقف أيضا بين العواصم المتناحرة. ولم يعد أحد يطالب بالانضمام إلى اليونان خاصة بعد أن استولى العسكر على الحكم فيها، ولكن ريح الديكتاتورية هبت من اليونان على الجزيرة وانقلب العسكر والمتطرفون على مكاريوس في عام 1974 واضطر إلى الهرب والاختباء في القاعدة العسكرية البريطانية وعادت الدعوة للانضمام إلى اليونان ترتفع بشدة، وكان هذا كافيا لإثارة غضب تركيا فقامت بغزو الجزء الشمالي من الجزيرة الذي تسكنه الأغلبية التركية.

وعلى الرغم من كل الجهود الدولية فقد انقسمت الجزيرة الصغيرة.. وأصبحت فيها جمهوريتان أصغر وأصغر.. ورئيسان أقل قوة.. ولكن على الأقل توقف التناحر وتوقفت أنهار الدماء عن السريان.

دعوة للسياحة العربية

وعلى الرغم من كل شيء فإن الجزيرة تنتعش، واقتصادها يتحدى في قوته كلا من اليونان وتركيا. لقد أجادت استخدام مفرداتها السياحية وهي قليلة. ويحس المرء بالحزن حين يرى كيف نهدر إمكاناتنا السياحية العربية، ولا نجيد استخدامها مع غناها، ونرى تلك البراعة التي تستطيع بها قبرص أن تجذب السياح وعملاتهم إلى خزائنها كل عام. وهي لا تبيع أكثر من  الشمس الساطعة والمياه الدافئة وبعض المعالم والكثير من الراحة والمتعة والهدوء بعيدا عن المشاكل.

إنني أدعو كل وزراء السياحة العرب إلى الذهاب والإقامة في قبرص ولو لمدة أسبوع واحد لعلهم يعيدون النظر في كل السياسات العقيم التي أصابت السياحة العربية بالشلل.

 

محمد المنسي قنديل 

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية  
اعلانات




صورة الغلاف





قبرص جزيرة أفروديت المنقسمة





خريطة قبرص وحدودها السياسية





على أبواب إحدى القلاع التركية القديمة يأخذ السائحون برهة من الراحة تحت شمس قبرص الساطعة





المسرح الروماني المدرج الذي كانت تقدم عليه المسرحيات والطقوس الدينية





بقايا معبدأبوللو إله الشعر والفن





الرادار العملاق فوق قمة جبل أولمب الذي تستخدمه القاعدة البريطانية وينقل إرسال الإذاعة إلى الشرق الأوسط وجنوب أوربا





مقبرة مكاريوس أول رئيس لقبرص وبطل التحرير وواضع بذور الفرقة أيضا





السياح يزورون مقبرة مكاريوس





السياحة هي الكلمة السحرية في قبرص وهي التي حولتها من جزيرة متنازعة إلى دولة اقتصادها أقوى من تركيا واليونان





قبرص تتتميز بالتنوع والنظافة





السياحة هي الكلمة السحرية في قبرص وهي التي حولتها من جزيرة متنازعة إلى دولة اقتصادها أقوى من تركيا واليونان





القرى أصبحت خالية من الفلاحين





بيوت تسكنها الأشباح بعد أن هجرها الجميع للعمل في خدمة السياح





عجوز يعزف على نايه أغنية للزمن الماضي





وجوه قبرصية بين الماضي والحاضر





وجوه قبرصية بين الماضي والحاضر





خليط آسيوي وأوربي يذوب وسط مياه البحر المتوسط





خليط آسيوي وأوربي يذوب وسط مياه البحر المتوسط





فتاة ترتدي تي شيرت وعليه اسم  اليونان





حواجز الأمم المتحدة التي تقسم مدينة نيقوسيا





مئذنة المسجد الوحيد الذي يعمل في نيقوسيا ، كل المساجد مغلقة!وكل الصلوات ممنوعة





ما زال تمثال مكاريوس منتصبا في أهم ميادين المدينة