تقوم الأسرة
بتدريب طفلها في يسر وسهولة وفي عفوية كاملة ، على سبل النطق والكلام.. وذلك هو نفس
ما هو مطلوب منها إزاء القراءة.. وكما يصبح الصغير (لبلبا) - أي كثير الكلام إلى حد
الثرثرة - تستطيع الأسرة أن تفعل نفس الشيء فيا مجال القراءة.. وتفصيل ذلك أن
الأسرة قامت بثلاث عمليات لكي تعلم طافلها كلمة كلب أو قط : الأولى أنها جعلته يرف
الكلب أو القط.. والثانية أنها أصدرت النباح أو المواد.. والثالثة أنها علمته كيف
يقلده. وثابرت على ذلك طويلا، وكررته ،إلى أن تحقق لهما ما تريده .. وقد يخطئ
الصغير فيشير إلى من صورة حصان على أنه كلب، وتضحك الأسرة ولا تغضب وتعاود الجهـد
إذ اختلط عليه الأمر.. وإذا ما قمنا بعملية تحليل لهذا الذي جرى وحدث فسنكتشف أن
الأسرة قد أدمجت خمسة مكونات، اتفق خبراء التعليم على أنها أساسية..
أولا : الأسرة
حددت الهدف.
ثانيا: الأسرة
وفرت وقتا فسيحا من أجل التعلم.
ثالثا: استعانت
الأسرة بأمثلة ونماذج تيسر لها الهدف.
رابعا : قامت
الأسرة بمساعدة طفلها.
خامسا: وذلك هو
المهم: إنها فعلت ذلك بعناية فائقة.
لا نظن أن الأسرة
تقدر حقيقة هذا الذي فعلته ، وهي تستطيع أن تكرره بالضبط مع القراءة بنفس المنهج
وذات الطريقة.. وهي بدلا من أن توجهه إلى نطق الكلمات تلفت نظره إليها مكتوبة وتربط
بينهـا وبين نطقها.. هذه الكلمة (كلب) مع صورة الكلب، وتقليد نباحه، تجعل الصغير
يبدأ في إدراك أن هذه الحروف رموز.. هو سرف يراها بلا جاذبية، وهذه المرحلة أشبه
بترديد الأصوات قبل النطق بالكلمات ( د ا - د ا - دا ، با - با - با، ما - ما - ما
وما إلى ذلك) ثم تشرع الأسرة - أما أوأبا - في - الإشارة إلى كلمات تحمل شحنة
عاطفية ، مثلا : حين تظهر كلمة ( كارتون) على شاشة التليفزيون سوف تجد استجابة
سريعة معه لكثرة تردداها، وسيتعرف عليها ويستقبلها بفرح.. ومن خلال كلمات كهذه،
سيبدأ حب الاستطلاع لدى الطفل وسيحاول أن يتعرف على كلمات مكتوبة من هذا اللون..
وقد يسرت لنا فنون الطباعة على المكعبات وغيرها من الأشياء استثارة اهتمام الطفل
بها ، وتعريفها له.
القراءة
للطفل
وفي تقديرنا أن
علاقة الطفل - والإنسان عامة - بالقراءة تعتمد أساسا على أسلوب تعلمه إياها
والخبرات والتي حصل عليها خلال ذلك ، وانصراف الكثيرين عنها ترجع أسبابه إلى الضغط
والقسر والقسوة التي اتبعت معهم لكي يتعلموها.. وإذا ما كانت الأسرة راغبة في إيجاد
علاقة حب دائمة ومستمرة بين طفلها والقراءة فلا بد لها أن تقدم الكتب إليه وتعرفه
بها، ومنذ المهد يجب أن تحيط به، بل والكتب المطاط والبلاستيك والقماش والخشب من
الممكن أن يصطحبها إلى حوض استحمامه. إنها تحت بصره دائما ويحتضنها كما اللعبة
والدمية.. وليس ذلك ليعبث بها لكن لكي يحس بضرورتها وأهميتها خاصة عندما نقرأ له
منها ما يطرب له ويبتهج.. وحين تصبح مصدر سعادة وبهجة، فما الذي نتوقعه منه ؟ من
هنا تأتي أهمية قراءة الحكايات والإشعار للأطفال في سن مبكرة على أن يصحب ذلك حضور
دافئ من الأب أو الأم أو الكبار من أفراد الأسرة كالجد والإخوة الكبار.. ويجدر بنا
أن نقرأ له ما يجلب المرح والفرح ملونين أصواتنا، مقلدين الحيوانات والشخصيات التي
نقرأ له عنها، منغمين الكلمات مغنين إياها أن كانت تصلح وليس أحلى لديهم من تلك
الكلمات الموقعة، التي لها جرس خاص بها حتى ولو لم تكن لها معان وشهيرة هي : (كان
فيه واحدة ست عندها اتناشر بنت) والأغاني الشعبية التي توارثناها جيلا يعد جيل (علي
عليوه ، عم يا جمال، يا طالع الشجرة). قراءة هذه الأغنيات من كتاب له أهميته ليعرف
الصغير أن الكتاب مصدر للموسيقى والغناء والابتسام والضحك.. وهو صالح للقراءة في أي
وقت، وبالذات قبل النوم.. وكثيرا ما أردد أنه مما يذهلنا أن أم شهرزاد أروع راوية
على مدى التاريخ لم تعد تروي وتقرأ القصص لأطفالها قبل النوم كما كانت تقرأ لشهريار
منقذة لحياتها وبنات جنسها بينما يصر على هذه القراءة الغربيون الذين تأصلت فيهم
هذه العادة إلى حد أنه من المستحيل أن تأخذ أما ألمانية من طفلها قبل نومه تحت أي
ضغوط.. ونحن الذين نرتل القرآن ترتيلا، لا نفعل ذلك لأطفالنا خلال اليوم وقبل النوم
ليطربوا له ، ويهشوا، ولكي تتعوده آذانهم ، ولكي يستقر في وجدانهم.. إن القراءة
للطفل في سن مبكرة ستجعل الصغير يتنبه إلى ثلاثية : هو، والقارئ، والكتاب، إلى أن
يستطيع أن يعتمد على نفسه في قراءته.. وذلك يعيننا دون شك على الإسراع في تعليمه
القراءة أي ما يحب ويتمنى أن يحققه في سن مبكرة.. وهذا ظهر لون من الكتب لاطفا ما
قبل السنة الأولى من العمر، والثانية، والثالثة، بجانب تلك التي يتداولونها في دور
الحضانة ورياض الأطفال وقبل أن يتعلموا قراءات والحروف.
لي حفيد جاءته
مجموعة كتب للحضانة من دمشق، فأريته إياها ، وسألته أن كان يريد أن يقرأ أحدها،
فضحك وقال: هذه الكتب ليست " للقراءة " فليست فيها كلمات.. إنها كتب " نشاهدها
"
توجيهات
للأسرة
وهناك توجهـات
عامة ينصح بها كل من جاكلين جروس وليمونارد جروس في كتاب ( اجعل طفلك قارئا مدى
الحياة ) فيما يختص بطفل ما قبل المدرسة ، وتدريبه وتعويده على الكلمات المكتوبة..
الكتاب ينصح بكتابة أسماء أدوات الطفل وممتلكاته عليها، كأن نكتب : " غرفة شريف"،
"حقيبة سامية " ، "سرير محمود" ... الخ ، وذلك بحروف كبيرة، يسرتها لنا الأقلام
الكبيرة الحجم التي يستخدمهـا الرسامون (فلوماستر)، و يستطيع الصغير أن يلاحظهـا من
على بعد، ويجدر بنا استخدام خط النسخ لكتابة حروف ضخمة وقد نبدأ ذلك بوضع علامة على
الشيء .. ثم تتبعها الكتابة.. وفي استطاعتنا تدريب الصغار على معرفة لافتات المحلات
خاصة تلك التي ندخلها معه.. كلمات مثل (صيدلية، حلاق ، مدرسة، مخبز .. الخ )، مدخل
طريف للعبة وتسلية تستهـدف الملاحظة السريعة و"القراءة" العابرة.. ومن المهم الربط
بين المكان والكلمة المنطوقة، والكلمة المكتوبة ومحاولة إفهامه تطابقها.
ومطلوب مع الأعمار
الصغيرة جدا تقديم أدوات الكتابة إليهم، على أن هـناك تحذيرا من محاولة تعلمه حتى
كيف يمسك بالقلم.. له أن يستخدمه بطريقته، أشد أن يستطيع ضبط مهارة تعاون اليد
والعين والقوة المنظمة المحركة التي سيحتاجون إليها لرسم أحرف.
كما أننا بحاجة
لتوفير المكعبات والملصقات التي تحمل الكلمات مع صور الأشياء وصولا إلى الحروف من
أجل أن تتعود عليه عيناه، ويراها شيئا عاديا.
والكتاب ينصح كذلك
بضرورة وجود كتب تعليم المبتدئين وإذا لم تجد الأسرة الكتاب المناسب لطفلها، فللأب
أو الأم أن يحاولا " تأليف " كتاب خاص لابنهما.. ومن اللطيف أن يشارك الكبير مع
الطفل في قص بعض الحروف من عناوين الصحف والمجلات وكأننا أمام لعبة لطيفة.. قصر اسم
الطفل إن كان يتردد نشره أو اسم أحد أفراد الأسرة أو الأماكن التي يعرفها الأطفال
وما إلى ذلك عن أن يتم توضيح استخدامات الحروف بشكل مختلف في أول الكلام وفي وسطه
وفي نهايته.. والحروف التي ترتبط بالأخرى والتي لا ترتبط.. الراء مثلا ترتبط بما
قبلها ولكنها لا تلتصق بما بعدها؟ والفاء تختلف حين تكون في بداية الكلمة عما هي في
آخرها.. وهكذا.. وإذا ما نضجت عضلات أيديهم لكي نبدأ عملية الكتابة اقبلوا عليها
لتمض متسقة متناغمة مع القراءة وتزيدهم رغبة فيها، إنه يرسم منزلا، ولا بأس من أن
نسأله أن يكتب الكلمة على الرسم ، وهكذا.
المنافسة بين الكتاب
وغيره
وكثيرا ما يسألنا
الأب أو الأم: لماذا لا يقبل ابننا على القراءة؟ ويرد البعض: هل تقرأ أنت؟ هل عندك
مكتبة؟ كل هناك غرفة مكتبة أو مكان للكتب في بيتكم ، وهل هناك رف لكتب الصغير؟ ومن
المهم أن نشير هنا إلى أن الأبوين قدوة لكن علينا أن نتنبه لشيء : أن الأب أو الأم
إذا كانا من القراء المداومين على القراءة فعليهما. أن يتوقعا أن يشب ابنهما
قارئا، مقلدا لهما دون أن يبذلا جهدا من أجل دلك.
بعد أن يتعلم
طفلك " فك الخط " - كما نقول في اللهجة الدارجة - علينا أن نساعده على تكوين مهارات
خاصة لتجميع حصيلة من الكلمات والصيغ الأدبية، وفي هذه الفترة يحتاجون من الآسن إلى
أن تواصل القراءة لهم وعليهم، لكي تنفتح شهيتهم إليها، مع الاهتمام بتوجيههم لكي
يصبحوا قراء شغوفين بالقراءة.
الطفل في هذه
المرحلة يقضي بعيدا عن الآسرة بالمدرسة ساعات طوالا.. ولم يعد ممكنا اللقاء الثلاثي
الجميل: الكتاب والطفل والأب أو الأم، ويبدأ الطفل لونا من الحياة الاستقلالية تظهر
من خلال نمط شخصيته، وهنا يجد الأبوان بعض الصعوبة ، فقد لا يتقبل الطفل أن يقرأ له
الآخرون بل وهناك مقاومة لما نتوخاه منه ، وتصبح عملية استهواء القراءة بعيدة عن أن
تكون لعبة كما كانت في الماضي ، ولا بد من تغيير التعامل معه بأسلوب واع ومبرمج ،
خاصة أن هناك منافسة حادة من التليفزيون الذي أطلق عليه "بنيامين بلوم" لقب ( لص
الوقت ) لأن مشاهدته غالبا ما تحول بين الطفل والقيام بعمل. آخر، ومن المؤكد أنه
سيقوم بتحجيم الوقت المقرر للقراءة ، لذلك فهو فترة حرجة بالنسبة له ، ولا بد من.
قرارات حاسمة لتحجيم وقت مشاهدة التليفزيون. . خاصة أن الإحصاءات تقول إن طفلنا
يجلس إليه. ما يزيد على 1300 ساعة سنويا، بينما ؟ لا يقضي في حجرة الدراسة ؟ أكثر
من نصف هذا الوقت ( المعدل العالمي الذي يقضيه أطفال البلاد المتقدمة 1238 ساعة) ،،
الطفل في حاجة إلى التدرب على اختيار ما يشاهد على الشاشة الصغيرة وغير مسموح أن
يظل التليفزيون ( بيبي سيتر) جليسا للطفل..
القراءة
الأسرية
إن علينا أن نتأكد
من المهارات والمعرفة اللتين يحتاج إليهما الطفل لكي يستمر قارئا ، ويصبح كذلك على
مدى العمر.. وهناك أمور ضرورية لتحقيق ذلك نوردها واحدة بعد الأخرى بداية لا بد من
توسيع واستثمار الاهتمامات الأدبية لدى الطفل، وهذا سوف يجعل من القراءة تجربة
مرضية تحفزه على مواصلتها لأنها تحفز ذهنه، وتثير مشاعره، وتهز عواطفه ، وتوسع من
خياله، والأطفال أن ما بين السادسة والثانية عشرة مشوفون إلى أن ترفع الستار ليروا
الحياة من خلال ما يقرأون وهم يميلون إلى اللغة الجميلة التي لها طابعها الرفيع
المستوى، ويتجهون إلى المواقف التي تهزهم : ضحكا وبكاء .
ومما لا شك فيه أن
قراءاتهم المدرسية غالبا ما تكون بعيدة عما يهمهم ويستهويهم وبدلا من القصص
المكتوبة بحساسية عالية التي يقرؤها الأبوان يجد الطفل نفسه أمام نصوص كتبت لتعليمه
" المطالعة " لموضوعات قد يراها ثقيلة الظل ، وعليه أن يجيب عن أسئلة المعلمين عنها
، مما يجعله لا يرتاح إليها ، بل قد ينفر منها فيضعف إقباله على القراءة ، ورغبته
فيها ، والسبيل لمواجهة هذا أن تضع بين يديه في البيت كتبا ترضيه عقليا وعاطفيا ،
التي تتردد أسماء أبطالها على الشاشة وبين زملائه ، وهناك قصص كلاسيكي عالمي لا بد
أن يجاري أبناؤنا أطفال العالم في قراءته ، وقد كان لنا مشروع رائع لترجمة هذه
الأعمال لكن شريرا آثما وقف بينها وبين أن ترى النور بينما هي متاحة في عشرة مجلدات
ضخمة - لدى الطبعة السادسة والخمسون منها ونشرت عام 1964 وتجاوزت الآن الطبعة
المائة وأغلب أعمالها لم تنقل مع الأسف إلى لغتنا ، وملعون في كل كتاب ذلك الذي
حال بينها وبين الوصول إلى أيدي أطفالنا ، لغرض في نفس يعقوب .
وفي هذه الفترة
يمكن للطفل أن يعيد قراءة ما سبق أن قرأه عليه الأبوان ، استهلالا للاعتماد على
النفس وربما قام بقراءتها على من هم أصغر منه لأنها غالبا ما تكون أقل من سنه
عقليا ، لكنه سيقبل عليها لأن لديه ذكريات عنها وعلى معرفة مسبقة بها .. ويحلو
للأطفال في هذه المرحلة أيضا قراءة القصص الشعبي ، الذي يبدأ " صلوا على النبي ..
عليه الصلاة والسلام . كان يا ما كان " ويختم بأن البطل تزوج البطلة " وعاشوا في
تبات ونبات، وخلفوا صبيان وبنات " .. وبالطبع لن يحب كل الأطفال القصص الخرافية ،
والجن والسحرة والديناصورات والتنين الذي له ألف ذراع ، وقد نجد أنفسنا أمام طفل
يفضل القراءة عن شخصيات حقيقة ، ولا ضمير من تهيئة هذا اللون من الكتب له
.
وكثيرا ما يقبل
الأطفال في هذه المرحلة على ( السلاسل ) أي الكتب ذات البطل الواحد أو الموضوع
الواحد .. وربما أحبوا بعض لمغامرات.. وقصص الخيال العلمي .. المهم أن يمتلئ رف أو
رفوف الكتب بألوان منها خاصة بالصغير ، عليها بطاقة تحمل اسمه ، ليختار بنفسه منها
ما يقرؤه ، أو قراءته .
قراءات
وظيفية
والأسرة مطالبة في
نفس الوقت بتوسيع الاهتمامات غير الأدبية واستثمارها ، وتفاعل تجارب الحياة مع
التجارب الأدبية سيوسع من رغبة الطفل في القراءة وتحثه عليها ، وفي هذه المرحلة
يجدر بالأبوين أن يضعا بين أيدي طفلهما كتبا تتضمن مادة مطبوعة تحقق هدفا ما .. كان
يكون عن متحف .. ويزوره .. أو عن معبد فرعوني ، أو القلعة أو محافظة ما ، أو مسجد ،
إذ إن الربط بين الكتاب والحياة يعزز رغبة الصغير في القراءة وتجمع ألوان من
المعرفة ، قد تكون محل تفوقه على زملائه .. ولدينا من المعالم الحضارية والكتب
الموضوعة عنها ما ييسر لنا هذا السبيل وبالذات في مجالي : مصر الفرعونية ، ثم العصر
الإسلامي .. ولعل حدائق الحيوان تعد كتابا رائعا ومفتوحا خاصة إذا استعد الطفل لها
بالقراءة عما رآه أو سيراه .. والحقول والزراعة - والمتحف الزراعي - فرصة أخرى ..
والحدائق العامة ، ودنيا النبات .. وما إلى ذلك .. إن هذه القراءة التي يمكن أن
تكون وظيفتها معرفية - أساسا - تجعل الطفل يدرك أن ما يراه - إذا هو قرأ عنه -
أكبر بكثير مما يراه الآخرون ، وسيعمق شعوره بالمعرفة ويتفاعل معها داخليا ، لتترك
أثرا لا ينمحي .. وهو إذا قرأ قبل الرحلة ، وكانت الأسرة معه ، فسيكون خبيرا
ومرشدا لها خلال الزيارة ، الأمر الذي يحقق فيه ذاته ، مدركا أن القراءة كانت وراء
ذلك . وهناك كتب الهوايات .. وهي متعة .. وتعين على اختيار ما يستهويه منها ، خاصة
تلك التعليمات التي تكتب من أجل ممارسة لعبة أو صنع طائرة ورقية أو شيء من هذا
القبيل .. وربما كانت كتب الطهي مساعدة له في هذا السبيل ، للولد والبنت معا
.
إن هناك أنشطة عدة
، يمكن أن يندمج فيها الطفل في هذا العمر ، والسبيل إليها هو " القراءة " والكتاب "
و " المطبوعات " .. ولسوف يدرك أنه إذا قرأ عن شيء تفوق فيه وأحب أن يمارسه :
سوف يجيد الشطرنج إذا مارس قراءة أدواره وحرك القطع على الرقعة كما يمليها عليه
الكتاب وسوف يتابع أبطال العالم في اللعبة من خلال ذلك وسيجعله هذا لاعبا قادرا على
أن يكسب منافسيه .. ومن المؤكد أن هذا أيضا يصلح لمجال الرياضة والثقافة الرياضية
قادرة على أن تمنحه أسلحة ماضية للفوز في لعبته إذا قرأ عنها ما كتبه خبراؤها
والذين تفوقوا فيها .. ومن هنا علينا أن نعرف هواياتهم وأن نوجد الكتب التي تعرض
لها وتعاون الطفل على الحصول عليها في سن مبكرة ، إذ سيكون هناك أكثر من دافع وحافز
لهم على قراءتها .. حب الاستطلاع، ومعرفة من أجاد اللعبة وسبل إجادتها
.
القراءة
الناضجة
تأتي بعد ذلك
مرحلة أخرى .. ما بعد الثانية عشرة من أعمارهم .. البعض يظن أن الأطفال إذا وصلوا
إلى هذه المرحلة من العمر وهم ليسوا شغوفين بالقراءة فلا أمل في تحبيبها إليهم ..
لأن القطار قد فاتهم .. والواقع أنه من الممكن في هذه المرحلة جذب الأطفال للقراءة
، إذا كانوا لم يقبلوا عليها بشكل نرضى عنه ، وذلك أيضا يفيد من أحبوها ، إننا
مطالبون بأن نأخذ بأيديهم إلى نوعية القراءة المتصلة بهم شخصيا ، وأن نعزز الإحساس
بالكلمة المكتوبة ، كوسيلة للمعرفة واكتساب الخبرة وإن نعينهم بقراءات تساعدهم على
مواجهة التحديات التي تقابلهم ويمكن بشيء من الصبر والأناة أن نعينهم على كسب صحبة
الكتاب سواء كان أدبيا أم معرفيا ، خاصة إننا سنجد من الصعوبة بمكان في سن
المراهقة دفعهم إلى الاتجاه الذي نريده لهم ، والمتوقع أن يمضوا عكسه ، وإذا ما
أردنا أن نمضي معهم بنفس الفاعلية ، وإن تكون كلمتنا لديهم مقبولة ، واقتراحنا غير
مرفوضة ، فعلينا أن نتعامل معهم بطريقة يرتضونها ولا تمس رغبتهم في
الاستقلال.