الأرض ضيقة علي شوقي بزيع

الأرض ضيقة علي

شعر

الأرض ضيقة على،
بلا نوافذ غربتي،
متثاقلا يمشي الحمام على سطوح الذكريات
لكي يعيد إلي صوتك
وهو يعبر كالغيوم على الجبال
أو التفاتتك السريعة نحو نهر مر،
قاطعة صراخي
عند منتصف الحنين إليك،
مالحة هي الذكرى
وقاسية مخالبها المريرة،
وهي تسقط عن سريرك نحو حفرتها العميقة،
كم سنة؟
سأدق هذا الباب
كيما تفتح الجدران لي ضوءاً
يقود إلى جبينك،
كم جحيماً سوف يحرقني لأبلغ جنتي
متطهراً من إثم هذا الحب،
أية نافذة؟
ستقلني هذا الشتاء إلى نهار أنت فيه،
أو امرأة
يتساقط الرمان من دمها
لألثمه وأدعوه شبيهي
وأنا بعيدك
كلما انعقد السحاب على ذرى جبل أليه
وأنا غبار يديك
حين تضرجان كسروتين
غروب ماض أدعيه
لا شأن لي بالوقت إن لم تضبطيه
على عقارب راحتيك
ولا يبدد وحشتي مطر إذا لم تكمليه
تأتي إلي الذكريات
كأنني ناي يبلله الصدى بدموع شعرك
وهو يبكي مثل سنبلة
على طرف الوسادة،
كل شيء فيك يزهر كالمرايا في يدي،

ويستعيدك من دمي المهجور
فمك طافح بالشوق والقبلات،
كم تبدو الحياة ثقيلة منذ ابتعدت،
كم الشوارع مقفرة
والأصدقاء بلا ملامح واللغة
عمياء ما لم تنصتي
لدبيبها السري في الظلمات،
حيث تضيء لي مثل الأظافر غابة النسيان..
مكسورا كعاصمة من الفخار
أمشي تحت أحلام
منكسة وراء خطاك،
أرقب ما يلي قدميك من عشب،
وما ينهار خلف رحيلك القاسي من الأيام،
ألمح في البعيد خواتما زرقاء
تلمع كالكنائس تحت أجراس الهواء
وأدرعا تنحل غصتها
على قبل معراة من الأمواج،
أين تضاعفين الآن روحك
كي أعد على شبابيك الغياب أصابع الذكرى،
وأي يديك أقرب
كي أعيد سراب أيامي
إلى غمد العناق
بلا ينابيع ولا متنزهين
تكرر الأيام دورتها الرتيبة،
والشوارع لا تمل من الإطالة دون جدوى،
كل أرض مزقت أحجارها
لتعد نزفا يليق بما تهدم
من صهيلك في،
كل ظهيرة عن صحراء حامضة الحنين،
وكل شيء معتم،
لا لون يصبغ وجه أيامي
بحمرته الشديدة بعد،
لا صبار ينزع غصتي عن شوكة الماضي،
ولا مدن تحالف صرختي هذا المساء
لكي أشاطرها انكساري في غيابك،
وحدها الشرفات تشهق في الأعالي،
والرياح تطوف حافية على الأبراج
حيث ينام قلبي عاريا في الليل
مع أشباحه السوداء،
حيث أعد للكابوس مائدة انتظارك،
أي جدوى بعد في ما يكتب الشعراء من شعر،
وفي ما يمنح النعناع
رائحة النساء إذا ضحكن؟
وأي جدوى في انحدار الشمس
نحو البحر، أو طرب القصب
لضفيرة الريح الطويلة
وهي تسبح في الهواء الطلق،
بعدك لا أحد
إلا غراب نافق فوق السواد المر،
للكلمات رائع الحريق،
وما من امرأة تدلك جثة الجدران
من حولي
لتنهض ساعدي من هول وحشته،
وليس سوى الفراغ يدب في نسغ النبات
وفي اصفرار الوقت
صمت مطبق يهوي على عنق المساء
بفأسه الأعمى
وأنت بعيدة
ومضاءة مثل الشموع
على ذرى نومي الطويل
وعند أطراف الجسد

 

شوقي بزيع

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات