عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

هموم سياسية.. هموم ثقافية

عزيزي القارئ..

ليست هذه الكلمة إلا إزاحة لكلمة أخرى كنا قد قدمنا بها لهذا العدد، وأوشكت على الطبع. لكن تطور الأمور في عملية تصعيد نظام صدام للغة التهديد، وحشد الجيوش على الحدود مع الكويت، جعلنا نتذكر الهم السياسي الذي حاولنا بأقصى الطاقة أن ننحيه لصالح الهم الثقافي في هذه المجلة التي كان طموحها منذ البداية أن تكون منتدى ثقافيا عربيا جامعا تقدمه الكويت لحوار الثقافة العربية، إدراكا بأن رفعة الثقافة ترفع الأوطان، سواء على مستوى الاقتصاد أو السياسة أو أي من أنشطة الإنسان العربي من المحيط إلى الخليج ومن البحر إلى الرمل.

أردنا لهذا العدد، قبل أن نتبين نذر الشر الصدامي، أن يكون دعوة متجددة للحوار الصحي مع الآخر، سواء بالرفض أو القبول، فكانت الاستطلاعات تركز على الحوار مع الآخر داخل حدود الوطن الواحد مثلما في استطلاع "قبرص.. جزيرة أفروديت المنقسمة على نفسها"..، وموضوع "بيروت.. عاصمة عربية تولد من جديد". وكان كثير من المقالات يصب في هذا الاتجاه، وكما في "الطهطاوي ناقدا للحضارة الغربية"، و"العرب، الإسلام وأوربا"، و"تاريخ.. أم تحريف سينمائي للتاريخ؟".

أما وقد فاجأتنا - من جديد - فظاظة صدام، الذي يحل مآزق نظامه المتداعي - أمام شعبه الذي اكتوى كثيرا بنار عسفه ومغامرات جنونه - بالتطلع العدواني خارج حدوده وصوب الكويت خاصة، فلم يكن هناك بديل للحديث عن الهم السياسي، وهو هم منشؤه الحقيقي هم آخر هو ثقافي وحضاري بكل تأكيد. فلو أن هناك رؤية ثقافية وحضارية لدى طاغية بغداد، لأدرك أن الديمقراطية والتنمية والتحديث هي دعامات أكثر قوة وأطول بقاء لاستقرار الأنظمة السياسية، بينما بهلوانيات قرقعة السلاح وتكميم الأفواه وحشو السجون ليست إلا سعيا باتجاه الانهيارات السياسية للأنظمة المستبدة، التي لا تجد مخرجا أخيرا لمنتهى أزماتها إلا بالعدوان، وهو عدوان - هذه المرة إن تهور وتقدم - فسيكون أكثر كارثية على نظام بغداد نفسه.

ألم تكفنا - كعرب - وجميعا - كوارث صدام؟

بلى.. كفانا... ولعل هذا يكفي من راهنوا على "إعادة تأهيل" هذا النظام الذي لن يكف عن العدوان أو النزوع إليه.. كفانا، فنحن أحوج ما نكون إلى معالجة همنا الثقافي. وهي معركة حضارة، أولى بخوضها من كل معارك طغاة السياسة (الأعداء الحقيقيين للثقافة).

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات